مواضيع اليوم

العلاقة بين الدين والسياسية

فارس ماجدي

2010-05-01 10:38:16

0

دين ودولة

كيف تتبدى لنا العلاقات بين الدين والسياسية في القرآن وفي عمل النبي ؟ من أجل أن نجيب على هذا السؤال فإنه سوف يكون من مناسبا أن نشير الى العقبات التي تراكمت منذ أن فرض الاسلام الرسمي داخل مرحلته الأرثوذكسية القاسية والذي اتبع من قبل الاستشراق التقليدي وأقصد بالاستشراق التقليدي كل تلك الدراسات التي ظلت خاضعة تماما للنمط الكلاسيكي في البحث الذي اتبع اساسا من قبل المدارس التاريخية الإسلامية المعروفة ، اتبع تعريفاته الدوغمائية بطبيعة الحال، وبما أن جميع السلطات السياسية التي ظهرت في أرض الإسلام منذ عام 632 م كانت قد نسبت نفسها الى تعاليم القرآن والنبي وادعت المسؤولية العليا الى حماية هذه التعاليم، فإن ذلك قد ادى الى تشكيل نظرة اجبارية تقول بأن الإسلام دين ودولة ـ عالم دنيوي ـ لاينفصمان.
يعبر الاستشراق الحديث عن هذه المللغمة بتكراره أن الاسلام كان قد خلط منذ البداية بين الروحي والزمني، الديني والدنيوي . استخدم هذا التعليل المبتذل من قبل اختصاصي الاستشراق والصحفيين الذين يتحدثون اليوم عن ممارسات يومية تجري في بعض البلدان الاسلامية.
من المعروف أنه لا الخطاب المدرسي الأرثوذكسي ولا الخطاب الاستشراقي الذي هو منبثق عنه ومشتق منه يسمحان بتبيان كيف أن التراث الفكري والنظام المعرفي المؤسسين منذ القرن الثاني الهجري كانا قد اشتغلا كشاشة عاكسة وكحجاب في الوقت نفسه : أي في الحالة الأولى كسطح تسقط عليه كافة التصورات والتشكيلات المنطقية الاستطرادية أو أنواع المعارف والعلوم التي ظهرت في السياقات الاجتماعية ـ الثقافية والسياسية المختلفة ، وفي الحالة الثانية كحجاب راحت سماكته تزداد باستمرار مع الزمن وتمنع بالتالي رؤية الأحداث الفعلية والمكونات الأولية للتجربة التأسيسة كما حصلت بالفعل.
من أجل التوصل الى الى فهم الحقيقة التاريخية والاجتماعية والنفسية والثقافية لهذه التجربة الكبرى، فإنه ينبغي اختراق هذا الحجاب السميك من المفردات والتشكيلات التيولوجية والحكايات التاريخية المثيولوجية والممارسات الشعائرية ثم المؤسسات التي أدت تدريجيا الى ولادة الإسلام السني والشيعي والخارجي بكل تلويناتها الحنفية والحنبلية والشافعية والزيدية والاسماعيلية الخ .
لنتذكر هنا أنه منذ أن غاب النبي الرئيس المهاب للأمة فإن نموذج العمل التارييخي الإسلامي كان قد فرض نفسه بالشكل الكافي من الوضوح والرسوخ على جماعة المعتنقين للدين الجديد لدرجة أنه قد أتيح لعقل دولة ما ، متجاوزا للروح القبلية أن ينتصر تحت اسم الخلافةعلى النظام القديم للعصبية واللأنساب العربية . أتيح لهذا الأخير ـ نظام العصبية القبلية ـ أن يؤكد نفسه من جديد من جراء مقتل الخلفاء الثلاثة الأخيرين في المدينة ، ثم بواسطة الأنتصار السياسي للفرع الأموي على الفرع الهاشمي . مهما يكن من أمر فإن الأمويين ، في الوقت الذي اعتمدوا فيه على تحالفاتهم التقليدية القبائلية ، كانوا قد شاركوا في تقوية وتوسعة مجال التساند والترابط العملي ما بين : دولة مركزية وموحدة وكتابة عربية تحولت تدريجيا الى أداة للسلطة السياسية والثقافية ، ثم أخيرا السياق الديني المحدد الذي فرض عن طريق القوة.
هكذا وبعد أن تعرضنا للقضية من منظور مزدوج ـ الاعتماد على السيكولوجيا التاريخية من جهة والانتربيولوجيا السياسية من جهة ثانية ـ فإن مسألة الروابط بين الإسلام والسياسية تتبدى لنا مضاءة من جديد ، وبشكل جديد تجهله الرؤيا الإسلامية التقليدية التي لا تزال مهيمنة ، كما ويجهله المنهج الاستشراقي الذي تسيطر عليه الفكرة الدوغمائية القائلة بأن قضية الفصل بين الروحي والزمني قد تحققت تماما في الغرب من الجملة المشهورة أعطوا ما لقيصر لقيصر ....
يجب أن نؤكد على جملة التصورات أو المحددات التاليه حتى نوضح كيف تم بلورة المفاهيم التدشينية للعلاقة القائمة بين الديني والسياسي في البنية العميقة لنسق الخطاب برمته:
ـ إن التصور الشامل لإله متعال محرك للتاريخ البشري وفاعل فيه على السواء موجود عند أولئك الذين يسميهم القرآن أهل الكتاب.
ـ إذا كانت الحداثة تعرف بأنها الانتقال من حالة الوعي الديني الذي لا يتجزأ ، أي الذي يفترض بأن العامل الميتافيزيقي يشمل ويحتضن ويؤسس ويكون جميع الكائنات المحسوسة ، إلى حالة الوعي الإيجابي الواقعي الذي يرى أن التعالي والاسطورة والرمز .. ليست إلا وسائل لانجاز الأنظمة الدلالية ، فهي إذن تصورات عن الواقع التجريبي الملموس ، إذا كان ذلك هو تصورنا فعلا للحداثة فإنه ينبغي الاعتراف بأن حداثة كهذه هي الآن اشكالية اكثر من أي وقت مضى. إنها اشكالية ضمن مقياس أن جميع السلطات السياسية الراهنة هي في حالة بحث عن سيادة أو شرعية تتكئ عليها ولكنها غير موجودة، فيما وراء كل المقالات التقليدية المدبجة عن العلاقات بين الدين والسياسة ، فإنه يمكن القول بأننا نعيش الآن بلغات وتصرفات مختلفة ـ إحدى الحالات المحدودة لوضعنا البشري .
ـ إن التجربة التأسيسية قد استخدمت مقولات التصور ذاتها كالتحالف مع الكائن المطلق ـ انتظار النجاة ـ المطالبة بالعدالة ... الخ وذات قوى الديالكتيك التاريخي ـ الاجتماعي ،
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !