مواضيع اليوم

العلاقات اليابانية - الامريكية النشأة والتاريخ-الحلقة الاولى

عبدالكريم صالح

2011-08-28 03:43:36

0

اليابان عباره عن مجموعة من الجزر"ارخبيل من الجزر" اكبرها جزر"هونسشوHonsho" و "هوكاديو Hokkaido" و "شيكوكوShikoku " و "كيوشو Kyushu" بالاضافة الى جزر أخرى صغيرة لايمكن احصاء عددها فهي تمتد على طول شاطيء شرق اسيا مكونه قوساَ طوله 1500 الف وخمسمائة ميل ويحد اليابان من الشمال بحر "اوكتسك  Okhotsk" وخليج " لابيروز La Perouse Strait " الذي يفصلها عن جزيرة "سخالين Sakhalin Island " ويحدها من الشمال بحر اليابان وخليج كوريا ومن الجنوب الشرقي بحر الصين الذي يفصل اليابان عن الصين ويحدها من الجنوب ومن الشرق المحيط الهادي ،ارض اليابان بشكل عام ارض جبلية لاتزيد الاراضي الصالحة للزراعة عن 16% من اجمالي مساحة اليابان .

اليابانيون يصنفون ضمن الجنس الاصفر ويعتبرون من ضمن العائلات البشرية الكبرى "الهندو- أوربية"نتيجة توجه الغزاة الاوائل بعد رحيلهم من مناطق "الهملايا"وهضاب "الهندوستان "باتجاه اليابان ليمتزجوا مع عنصر "الاينو Aino" العنصر السلالي الاصلي في جزر اليابان وهم بذلك يعتبرون خليط من الملايو والكوريين والصينيين والمغول .
تعتبر ديانة "الشنتو  Shinto " والتي تعني طريق الالهه من اقدم الديانات القائمة في اليابان والتي تقوم على عبادة الطبيعة والاسلاف سواء من الحكام السابقيين او الابطال الوطنيين بالاضافة الى الاعتقاد بألوهية الامبراطور ،ودخلت كذلك الديانة البوذية التي وصلت اليابان من الهند ثم دخلت اليابان الديانة "الكونفوشيوسية " الصينية التي قامت على الطاعه البنيوية فأستوعبها اليابانيون على خلاف الديانه المسيحية التي دخلت اليابان على يد القديس "فرانسيس اكزافييهFrancis Xavier  "في عام 1549م حيث تم رفضها وعدم قبولها من اليابانيين "باستثناء طائفة قليلة محدودة العدد "بسبب خشيتهم من وجود اهداف سياسية تكمن وراء هذه الديانه لذلك اصدرت الحكومة اليابانية ويأيعاز من الامبراطور أمراَ في العام 1587م  تقرر فيه انزال العقوبات بمعتنقي الديانه المسيحية والامر بمغادرتهم البلاد وفي العام 11614م فقد اتخذت العديد من التدابير التي حرمت الديانه المسيحية باعتبارها اجنبية وقد طرد معتنقوها من اليابان.

ان التنظيم الاجتماعي في اليابان تمثله القبيله وهو مرتبط ارتباطاَ قوياَ بالسياسة حيث اخذت القبائل القويه نهاية القرن الاول الميلادي تدعوا الى اقامة سياده دينية سياسية وبدأ الصراع فيما بينها من اجل السيطرة على القبيلة الامبراطورية وبعدها جرت العديد من المحاولات من اجل تعزيز وتقوية سلطة الحكومة المركزية وذلك من خلال الغاء نظام القبائل واقامة نظام الحكم البروقراطي وملكية الدولة للاراضي الا ان هذا النظام لم يدوم طويلاَ حيث استعاد نظام الوراثه وجوده وتم توزيع المناصب واستولى الزعماء على تلك المناصب وعلى مساحات الاراضي الكبيرة العائدة الى الحكومة فقد انتشرت الملكيات التي كانت من الناحية القانونية بعيدة عن السلطة المالية والادارية للموظفين المحليين ،مالبثت ان اصبحت هذه الاراضي ملكاَ لكبار نبلاء البلاط الامبراطوري فنشأت طبقة من الذين استخدمهم كبار ملاك الاراضي من اجل رعاية مصالحهم الخاصة في كل اقليم من اقاليم اليابان.

ان استمرار التنافس ومحاولة انتزاع السلطات من الامبراطور ادت الى ظهور ازدواجية الحكم خلال الرن الحادي عشر الميلادي بعد ان سيطرت أسرة "ميناموتو Minamoto Clan"على السلطة واصبح الامبراطور يملك ولايحكم في الوقت الذي تولى زعماء اسرة "ميناموتو Minamoto Clan" منصب الدكتاتور العسكري في اليابان الذي يدعى "الشوجونShogun  "ويعني القائد الاعظم وهو لقب القائد العسكري العام في اليابان الى جانب الامبراطور وقد حكم الشواجنة بين السنوات 1192م-1867م واصبح هذا اللقب وراثياَ ثم استمرت الخلافات بين الأسر وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي اصبحت الحرب بين هؤلاء الامراء امراَ واقع حتمي لامفر منه من اجل الحصول على السياده على اليابانواستمرت الاحوال خلال المدد اللاحقة وظهرت شخصيات بارزة خطت في سبيل توحيد البلاد فمنذ القرن السادس عشر الميلادي ظهر ثلاثة قادة عسكريين مهمين هم "اودا نوبو ناجا Oda Nobunaga" و "تيوتومي هيديوشيTuotoma Hideyoshi " و "توكوجاوا ابياسو Tokugawa Leyasu" على التوالي وقد حاول كل واحد من هؤلاء القادة توحيد اليابان عسكرياَ الا ان اخرهم تمكن من احراز انتصار حاسم عام 1600م في معركة "سكجاهزا " واصبح اعظم بارونات الاقطاع العسكري قوة في اليابان واتخذ عام 1603م لقب القائد العسكري العام "الشوجن"ليكون لقباَ وراثياَ لأسرته،ولمنع حدوث اي خرق او تغيير قد يؤدي الى القضاء على حكم" توكوجاوا Tokugawa "فقد سعوا الى تحقيق امرين مهمين الاول هو انشاء نظام وراثي متشدد تمثلت اعلى طبقة فيه هي طبقة "الساموراي " وهم المحاربون من حملة السيوف التي ينتمي اليها العسكريون جميعه من اتباع "الشوجن" وعرفت حكومة "الشوجن" ب "الباكوفو  " طوال مدة حكم "التوكوجاوا " التي استمرت لمدة قرنيين ونصف القرن من الزمن "1600م-1868م" فاصبح المجتمع الياباني انذاك مجتمعاَ طبقياَ هرمياَ وكان هناك الامبراطور على قمة النظام الهرمي وسادة الاقطاع"الدايمو " وحملة السلاح التابعون لهؤلاء السادة الاقطاعيين اي "الساموراي" ثم الطبقة الكادحة المتألفة من الفلاحيين والحرفيين والتجار وبذلك اصبح نبلاء الاقطاع يتحكمون بمساحات واسعة من اراضي اليابان اما الامر الثاني فتمثل باعلانهم "سياسة العزلة " حيث اغلقوا بلادهم بوجه الاجانب باستثناء الهولنديين والصينييم الذين سمح لهم بالتجارة عن طريق ميناء مدينة "ناكازاكي " وتحت رقابة مشدده حيث فرضت اليابان خلال المدة من عام 1635م ولغاية 1639م سياسة غلق الابواب بوجه الاجانب حيث اصدرت ثلاثة قوانيين كان الاول في عام 1635م ونص على تحريم بناء السفن التي يكون بمقدورها الابحار في اعالي البحار وان الهدف من اصدار هذا القانون تحقيق امرين هما قطع الاتصالات بين العناصر السياسية المنشقة داخل اليابان وبين رجال "الساموراي"الذين طردوا خارج البلاد ومنع الارساليات المسيحية من دخول اليابان بعد ان تم اعتبارها مؤامرة لتمزيق وحدة اليابان وارضه ولذلك فرضت رقابة شديدة على نشاط التجار ،اما القانون الثاني فصدر في عام 1636م حيث حرم على اليابانيين جميعهم مغادرة البلاد اما القانون الثالث الذي صدر عام 1639م فحرم على الاجانب دخول الموانيء اليابانية باستثناء السفن الصينية والكورية والهولندية ولكن تحت رقابة شديدة .

ان الدافع الحقيقي لهذه السياسة التي يطلق عليها سياسة العزلة  هو خشية حكام"التوكوجاوا"من المسيحية التي قد تحدث نوعا من الانقسام في الولاء لهذا النظام الذي كان يعاني ازمات داخلية اقتصادية وثقافية كالتضخم النقدي واللجوء الى القروض بالاضافه الى الدعوه لدراسة "الكونفوشيوسية " واستيراد الكتب الاجنبية وترجمتها فكان ثمن استقرار اليابان اكبر بكثير من التجاره المربحه مع الغرب الا ان سياسة العزلة لم تدم طويلاَ  بفعل محاولات الغرب المتكرره لكسر تلك العزله من اجل توسيع نفوذهم الاستعماري في منطقة الشرق الاقصى.

والحقيقة ان عدم امكانية استمرار سياسة العزلة يعود الى عاملين مهمين ففي الوقت الذي ظهرت فيه بوادر الازمه في البنيان الاجتماعي السياسي الداخلي كانت سياسة العزله تنتهي شيئاَ فشيئاَ حيث بدأت الضارة الغربية بمظهريها العلمي والفني تتغلغل في اليابان من خلال وصول البضائع المستوردة عن طريق ميناء مدينة "ناكازاكي"فتكونت طبقه من اليابانيين معجبه بهذه الضارة وطالبت بفتح اليابان اما حضارة الغرب بالاضافة الى المحاولات المتكرره للدول الغربية وبالخصوص الولايات المتحدة الامريكية التي بدأت تمارس ضغطاَ متزايداَ على اليابان من اجل اقامة علاقات تجارية بينهما عن طريق عقد مجموعة من المعاهدات معها ومع بقية الدول الغربية وبدأ نظام "التوكوجاوا" مع بدء تلك المعاهدات يفقد توازنه ومقدرته على التكييف مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها اليابان وبالخصوص بعد حدوث الكوارث الطبيعية وازدياد المصاعب الاقتصادية في وقت كان فيه الغرب يطرق ابواب اليابان بشدة الامر الذي اثار القيادات الثورية الداخلية التي كانت تحركها دوافع الولاء للامبراطور وكراهية اسرة "التوكوجاوا"وعندما ادرك اركان نظام "توكوجاوا"وحلفائهم ان القيادات الجديدة تستهدف القضاء عليهم لجأوا الى استخدام السلاح فكان ذلك ناقوس الخطر بوقوع الحرب الاهلية التي ادت الى الاطاحة بالنظام القائم فبدأ عهد جديد في اليابان عرف بعهد "الميجيMeiji  "في العام 1868م الذي جاء ليضع الاسس الشامله لبناء دولة قومية حديثة ودعا الامبراطور "ميجي" الى انهاء سياسة العزلة والسعي باتجاه بناء مجتمع عصري قادر على مجابهة الغرب وعلى كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية فبدأت حركة تحديث واسعة في اليابان وقام الامبراطور "ميجي" بجمله من الاصلاحات شملت كل مناحي الحياة داخل المجتمع الياباني ،من هنا نلاحظ ان قادة اليابان في عهد "الميجي" دفعوا ببلادهم الى السير في برنامج التجديد والتصنيع في محاولة اللحاق بالغرب ومنح اليابان القوه كي تحمي نفسها من ان يجتاحها الاستعمار الغربي الذي سيطر على مناطق واسعة في الشرق الاقصى وقد سعى قادة اليابان الى اقامة صناعات حديدة واحداث تنمية شامله بعد كسب الخبرات الغربية من خلال اتباع سياسة جديدة في تعاملها مع الدول الغربية حافظت فيها على وحدتها وفي الوقت نفسها تحدت القوى الاجنبية .

وبالرغم من انتهاء عزلة اليابان الطويلة وانفتاحها على العالم الخارجي فقد نجحت بالحفاظ على وحدة اراضيها وتماسكها الاجتماعي حيث استفادت اليابان من تجربة الصين بعد" حرب الافيونFirst Opium War"في الاعوام "1839م-1842م"والاخرى في الاعوام"1856م-1860م" مع بريطانيا والنتائج التي تمخضت عنها بالتوقيع على مجموعة من المعاهدات المذلة مع الدول الغربية لذلك سعت اليابان الى تحسين علاقاتها مع تلك الدول والحفاظ على وحدتها الداخلية بالاستفاده من تجارب الغرب وبالخصوص من تجارب الولايات المتحدة بعد محاولاتها العديدة لكسر تلك العزلة من اجل توسيع نفوذها الاستعماري في منطقة الشرق الاقصى حيث قامت الولايات المتحدة الامريكية بعد حرب الاستقلال الامريكية التي انتهت في العام 1783م وبسعي من حكومتها الى تكوين نظام سياسي مستقل استند الى عناصر وقوى اقتصادية واجتماعية في تحقيق نفوذها داخلياَ وخارجياَ ،ومن الحق القول ان هناك عدة عوامل ادت الى تحقيق المصالح الاقتصادية الامريكية والتي تمثلت بخلفية الارث البريطاني وماتبقى من كوادر ادارية بنيت على الاساس الفكري البريطاني بالاضافة الى وجود تجار ومستثمرين امريكيين نشطين فاستغلت الادارة الامريكية الظروف الدولية في مطلع القرن الثامن عشر لممارسة النشاط التجاري والاستثماري في المناطق التي تعتبر بعيدة عن السيطرة الاوربية مما جعلها تبحث عن مناطق نفوذ جديدة ومن بينها مناطق الشرق الاقصى ذات المساحات الشاسعة التي تعتبر ملتقى الامتداد الجغرافي للولايات المتحدة الامريكية التي لايفصلها عنها سوى المحيط الهادي اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الانتصارات التي حققتها امريكا في حربها مع المكسيك في الفتره مابين العام 1846م والعام 1848م والذي حصلت بمقتضاها على ولاية كاليفورنيا ونيومكسيكو وتكساس ومحاولتها بالطرق السلمية كسر عزلة اليابان في العام 1853م وتوسعها شمالاَ وشرائها لمنطقة "الاسكا" من روسيا في العام 1867م وحاول الساسه الامريكيون ضم امريكا الشمالية كلها ثم اعلنوا الحرب على روسيا في سهول منشوريا بحثاَ وراء السيادة في منطقة الشرق الاقصى  الا انهم لم يفكروا بشكل جدي في تغيير السياسة الايجابية المتمثلة ب "مبدأ مونروMonroe Doctrine "حتى العام 1890م والذي نستطيع تلخيصه بانه مبدأ تم التعبير عنه في رسالة رئيس الولايات المتحدة الامريكية "جيمس مونروJames Monroe " الى الكونغرس الامريكي في الثاني من كانون الاول من عام 1823م يهدف ضمان استقلال الامريكيين من اي غزو او استعمار اوربي ودعا هذا المبدأ الى عدم تدخل الدول الاوربية في شؤون الامريكيتين مقابل عدم تدخل الاخيره في شؤون الدول الغربيه، عندما نادوا بتدخل فعال في قضايا آسيا واوربا واعلنوا بتحويل الولايات المتحدة الامريكية الى قوة عالمية كبرى في وقت كانت فيه بريطانيا العظمى تسير في طريق الاستعمار والتوسع بخطى واسعه ونهمكة في بناء الاساطيل الكبيرة والضخمه وحشد الجيوش والاستيلاء على مساحات شاسعة في اسيا والمناطق الاخرى الأمر الذي اثار حماسة الولايات المتحدة الامريكية وكان عليها بناء اسطولاَ بحرياَ ضخماَ وتستولي على مستعمرات وقواعد بحرية وان ترغم الاسواق البعيده في البقاء مفتوحة امامها خصوصاَ وانها بدأت تنتج بضائع زراعية وصناعية اكثر مما تستهلك بسبب الثورة الصناعية في امريكا وعليها ان تكون منافساَ قوياَ للقوى الاوربية وهنا وجد السياسيين الامريكيين في التوجه الاستعماري وسيلة جديدة وضرورية من اجل السيطرة وانتزاع المستعمرات من ايدي منافسيها وان التوسع الاستعماري سيوجد اسواقاَ افضل للفلاحين لتصريف منتوجاتهم الفائضة باسعار افضل ويقدم عملاَ للعمال الصناعيين باجور افضل وهكذا اتبعت الولايات المتحدة الامريكية ان سياسة التوسع الاستعماري وبالخصوص في منطقة الشرق الاقصى وسيلة لتصريف منتوجاتها ويمكن ان تحقق طموحاتها التوسعية وظهورها كقوة عالمية كبرى.

في العام 1851م ظهرت في الولايات المتحدة الامريكية مايسمى ب "حمى الذهب " في كاليفورنيا وظهرت معه الاحلام بمد خطوط سكك الحديد على عرض القارة الامريكية وفتح قنوات سميت "بقنوات سمث" وظهرت هناك تطلعات من اجل تحقيق ارباح في اسواق اسيا الامر الذي زاد من الضغوط على الرئيس الامريكي " ميلارد فلمورMillard Filmorr " مما جعله يقوم بارسال بعثه بقيادة العميد البحري "ماثيو بيريMathew Perry " الى اليابان وصلت البعثه في الثامن من تموز عام 1853م مع قوه بحرية قوامها اربع سفن وقد رست عند خليج "ايدو" وكان العميد "بيري" يحمل معه رساله من رئيس الولايات المتحدة الامريكية "فلمور" ورفض "بيري" مقابلة موظفين يابانيين الا من يكون ارفع مقاماَ ولم يرحل الى "ناكازاكي" كما طلب اليه فاضطر "الشوجن" الى ارسال مندوب عنه ليتسلم الرساله التي بعث بها الرئيس "فلمور" وبعد اتمام مراسيم تسليم الرساله اعلن "بيري"عن نيته العوده في السنه القادمة للمفاوضه في عقد معاهده يطلب فيها الحصول على امتيازات تجارية وانشاء محطات للتزويد بالوقود اللازم وحماية البحارة الامريكيين الذين تتعرض سفنهم للغرق ثم عاد ووعد بالعودة في السنه القادمة وبقوة بحرية اكبر ليتلقى الرد ،ناقشت الحكومة اليابانية محتويات رسالة الرئيس "فلمور" بعد ان تم ترجمتها وعرضها على الساسه والمفكرين ومعتنقي الديانه الكونفوشيوسية لكي يقوموا باسداء المشورة والرأي فكانت النسبه الاكبر تؤيد فتح ابواب اليابان امام التجارة الغربية وكانت نسبة اخرى لاتستسيغ فكرة التجارة مع تجنب فكرة الحرب ضد الاجانب بينما البعض الاخر رفض طلبات العميد "بيري" رفضاَ باتاَ عندها اضحت الحكومة اليابانية في موقف حرج وحير للبون الشاسع بين القدرات العسكرية اليابانية والامريكية المتفوقه عليها فاذا ما اقدمت اليابان على الحرب فسيكون الخسارة من نصيبها لسهولة فرض الحصار على سكان العاصمة من اي اسطول معادي ويعود ذلك للكميات الكبيرة من الطعام التي تحتاجها العاصمة والتي ترد من الشمال والغرب عن طريق البحر وقد ادركت الحكومه اليابانية المتمثله "بالشوجون الأعلى ورئيس مجلس المستشارين الكبار في اليابان"آبي ماساهيرو Abe Mashiro  " هذه الحقيقه الصعبه فقد كانت وجهة نظره ان الضغط الاجنبي الخارجي يجب معارضته وبذلك ستكون اليابان اما خيارين اما الاستسلام او التدمير الشامل وبذلك ستكون اليابان في وضع استعماري لأكثر من دولة من الدول الغربية بالأضافه الى ان اليابان قد اخذت درساَ من الحرب الصينية-البريطانية في "حرب الافيون الاولى "وما تمخضت اليها تلك الحرب ،وبعد مداولات ومناقشات كثيرة تم التوصل الى قرار نهائي من شخص "آبي ماساهيرو" تجسد في وثيقة اصدرتها الحكومة اليابانية جاء فيها :"ان الكل اشاروا بان اليابان لاتمتلك اسطولاَ بحرياَ متمكناَ ،وان سواحلها تفتقر الى الحاميات الدفاعية وفي الوقت نفسه فان الامريكيين سيكونون هنا في السنه القادمه ،وان سياستنا يجب ان تتسم بعدم تقديم ايه اجابة مطلقة لطلبهم المرسل من رئيسهم وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بعلاقة سلام ،وسنكون مع ذلك على استعداد لمجابهة اي عنف محتمل ولأجل الامر الطاريء يجب ان نعد انفسنا لكي لايتعرض البلد الى اية اهانة او مذلة لهذا يجب بذل كل جهد ممكن للدفاع عنه" ،عاد العميد البحري "بيري" في السنه التالية الى اليابان في شباط 1854م بسبع سفن وتم التوقيع بين الطرفين على معاهدة "السلام والصداقه" في الحادي والثلاثين من اذار عام 1854م في مدينة "كاناكواKanagawa " لذلك عرفت "بمعاهدة كاناكوا" والتي نصت على ان كلا من حكومة الولايات المتحدة الامريكية وامبراطورية اليابان ورغبة كل منهما في تأسيس صداقه مخلصه وراسخه وابدية بين شعبيهما وفتح مينائي "شيموداShimoda " و"هاكوداتيHakodate "  لتزويد السفن الامريكية بالمواد الغذائيه والفحم الحجري اللازم مع تحديد اسعار التعرفه الكمركية من الموظفين اليابانيين وتحديد نوع العمله من الذهب والفضه في التعامل التجاري وتقديم المساعدة اللازمه للسفن الامريكية التي تتحطم على مقربة من سواحل اليابان ومنح الحرية لمواطني البلدين في اراضي البلد الاخر مع الاشاره الى انهم سيكونون عرضه للقوانيين السائده في ذلك البلد مع تحديد المسافه المسموح بها للتجول داخل اليابان بالنسبه للمواطنيين الامريكيين وذلك بمسافه سبعة اميال يابانية من جزيرة صغيرة واقعة بالقرب من ميناء "شيمودا"وتسوية المشاكل التجارية عن طريق المباحثات بين الطرفين مع السماح بتبادل العملات الذهبية والفضية عن طريق المقايضة مع تعهد الحكومة اليابانية بمنح الولايات المتحدة الامريكية الامتيازات نفسها التي تمنحها اليابان لأية دولة اخرى ،وتعيين قناصل ووكلاء امريكيين في "شيمودا"مع تعهد اليابان بمنح الولايات المتحدة الامريكية لقب "الدولة الاولى بالرعاية "وتعتبر هذه المعاهدة البداية لكسر ابواب اليابان المغلقة وانتهاء لمرحلة سياسة العزلة التي دامت قرنين من الزمن ، ان الولايات المتحدة الامريكية تمكنت من خلال هذه المعاهدة من تعزيز وجودها في الشرق الاقصى وان هذه المعاهدة كانت الخطوة الاولى لها حيث بدأت تمارس ضغطاَ اكبر على الحكومة اليابانية للحصول على المزيد من الامتيازات وهي نقطة البداية لمزيد من المعاهدات الجديده ،اما المحاولة الامريكية الثانية فتمثلت بوصول الدبلوماسي الامريكي "شاوزند هاريس " الى "شيمودا" في آب عام 1856م طبقاَ لمعاهدة "كاناكوا" وحال وصوله جرت مفاوضات لأقناع الحكومة اليابانية بالموافقة على اقامة علاقات تجارية مع الولايات المتحدة الامريكية    وحاول الدبلوماسي الامريكي "هاريس"تهديد اليابان بشكل مبطن وغير مباشر من خلال تحذيرها على ان افضل طريقة لتجنب المصير الذي لاقته الصين هو الدخول في معاهدات صداقه مع الولايات المتحدة الامريكية ونجح"هارس" في التوقيع على معاهدة لتنظيم الاتصالات بين الولايات المتحدة الامريكية وامبراطورية اليابان في السابع من حزيران عام 1857م التي نصت على فتح ميناء "ناكازاكي" امام السفن الامريكية لغرض اجراء الاصلاحات اللازمه والتزويد بالمواد الضرورية ومنح الاقامة بشكل دائم لمواطني الولايات المتحده الامريكية في مينائي "شيمودا" و "هاكوداتي" واجراء تسوية منظمة للحسابات المالية من خلال تحديد قيمة المال الذي سيدفعه الامريكيون بالعملة اليابانية من الذهب والفضه وسيتم محاكمة الامريكيين الذين يرتكبون جرماَ في اليابان من القنصل العام الامريكي في اليابان وعلى وفق القوانيين الامريكية فضلاَ عن منح القنصل العام حرية الذهاب لمسافة تتجاوز سبعة اميال يابانية من مركز اقامته والحقيقه تعتبر هذه المعاهده هي اول معاهده بين البلدين تحدد صلاحيات القناصل بين الطرفين كما منحت هذه الاتفاقية حق الاقامة الدائمه وحرية اكبر بالتجول داخل المدن اليابانية مع تحريرهم من قيود القوانيين اليابانية لم يكتفي "هارس" بذلك حيث نجح في التاسع والعشرين من تموز عام 1858م بعقد معاهدة "الصداقة والتجارة"مع اليابان والتي بموجبها تعيين ممثلين دبلوماسيين عن البلدين كلاهما مع منحهم حق السفر بحرية وتخويل رئيس الولايات المتحدة الامريكية بالتوسط لحل اي خلاف قد يحدث بين اليابان والدول الاوربية ،لقد كان لعقد هذه المعاهدات اثر سلبي على اليابان حيث اضعف مركز حكام اليابان من "الشوجن" بسبب ان النبلاء والسموراي كانوا جميعا يعارضون فتح البلاد للاجانب ولاسيما ان الامبراطور نفسه كان معارضاَ لهذه السياسة وظهرت حركة معارضة قوية بعد توقيع المعاهدات من "الشوجن" حيث اشتدت حركة المعارضة للاجانب وبرز تياران في اليابان متعصبان ضد الاجانب وتيار نادى بأعادة السلطة للأمبراطور وتحطم نظام "الشوجن" ونتيجة لذلك وقعت اعتداءات عديده على القنصليات الاجنبية وعلى المبشرين وفق شعار "مجدوا الأمبراطور واطردوا البرابرة"ففي مطلع العام 1863م اقدمت المعارضه في مقاطعة "جوشو" بحرق مبنى المفوضية البريطانية في المدينة ثم اعقب ذلك اطلاق نار على السفن الهولندية والامريكية واطلقت النيران ايضاَ على زورق حربي فرنسي الامر الذي اثار الامريكيون وجعلهم يردون بالمثل مما اغرق السفن اليابانية فقام الزورق الفرنسي بقصف القرى الساحلية وفي العام 1864م قام اسطولاَ من السفن الغربية مكون من سبعة عشر سفينة اندفعت متهه الى مضائق "شيمونسكي " الواقعة بين مضائق البر الياباني وبر جزيرة "كيوشو" حيث قامت المدافع اليابانية بأسكات نيرانها ،بالاضافه الى قيام بعض الاقطاعيات اليابانية بين الاعوام 1864م-1866م بالتمرد على السلطة الحاكمة "الشوجن" التي حاولت احتواء الامر من خلال الحل العسكري الامر الذي ادى الى قيام حروب اهلية في العام 1868م انهار على اثرها نظام "التوكوجاوا " مما ادى الى اعادة السلطة للعرش الامبراطوري ليبدأ عهد جديد في اليابان هو عهد"الميجي" حيث ادركت اليابان بعد تلك الاوضاع ضرورة بناء اليابان الحديثه الذي سيؤدي الى استقلالها وتطويرها فنادت بشعار "دولة غنية وجيش قوي " ومن هنا نجد ان حركة اصلاح كبيرة قد بدأت في اليابان على جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعلم قدر المستطاع من الغرب والتي ساهمت في موضوع نهضة اليابان وبما ان للولايات المتحدة دور كبير في انهاء سياسة العزلة اليابانية وكان لها الفضل في فتح ابواب اليابان على العالم وبما ان القارة الامريكية جارة اليابان فقد اضطلعت الولايات المتحدة الامريكية في الدور القيادي بتحويل اليابان الى دولة تعتمد على النظام الغربي فقد اتجهت اليابان نحو الولايات المتحدة الامريكية في تلبية كافة احتياجاتها مما ادى الى تطور العلاقات اليابانية الامريكية بشكل كبير .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !