ان صعوبة قراءة المقصد السياسي للمناهج والاستراتيجيات التي تحكم العلاقات الدولية الراهنه ومهما زعمنا اننا استوعبنا مايحدث تحت سطح هذه العلاقات فانه يكتشف عندما يطلع على الدراسات والبحوث والمقالات بان هناك المزيد من المستويات التي لم نتوصل اليها بعد ،ان قراءة المعنى السياسي للأحداث والتداعيات "الخصومات والتحالفات" يظل أمراَ يعني الناس على كافة المستويات مما يجعل الباحث في إرباك دائم بسبب المتغيرات السريعة وشدة وضوح اشتباك الجيوسياسات بالاقتصاد. .
تعود العلاقات الروسية الصينية تاريخياَ الى العام 1640م عندما اتصلت الصين وروسيا مباشرة لأول مرة في أقصى شرق سيبريا . ومنذ العام 1640م وحتى العام 1729م تطورت بشكل تدريجي العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين "ونعني هنا العلاقات الثنائية بين جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي" والتي بدأت باتصال الصين وروسيا مباشرة لأول مرة حوالي سنة 1640 م في أقصى شرق سيبريا. ومنذ 1640 م وحتى 1729 م طورتا تدريجياً علاقات دبلوماسية وتجارية متأرجحة ولكن متينة وقد تأزمت علاقاتهما بعد عام 1858م عندما ضمت روسيا حوض نهر أمورAmur River"وهو نهر يقع في شرق سيبريا تشكل بانضمام نهري "الأرجوان"Argun River ونهر"الشيلكا "Shilka "River ويبلغ طوله 4416كم يجري باتجاه الشرق على طول الحدود الصينية بين الشرق الأقصى الروسي وشمال شرق الصين ويعتبر تاسع اطول نهر في العالم ويصب في المحيط الباسيفيكي وهو يرسم الحدود بين الصين وروسيا ومدينة فلاديفوستوك"Vladivostok " وهي احدى مدن روسيا في الكيان الفيدرالي الروسي بريمورسكي كراي Primosky Krai . وتعتبر اكبر مدينة وميناء في الشرق الأقصى وعاصمة اقليم بريموريه" وبانضمام نهر امور الى مدينة فلاديفوستوك بدأت أزمة الحدود بين البلدين وهي الأزمة التي أصابت العلاقات بينهما بالتأرجح وعدم الاستقرار .
أقيمت العلاقات الدبلوماسية في العصر الحديث بين الصين والاتحاد السوفياتي في 2 تشرين الأول /أكتوبر عام 1949م أي بعد يوم واحد من تأسيس جمهورية الصين الشعبية أصبح الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف بالجمهورية الوليدة وسادت هذه العلاقة الكثير من المنعطفات والتقلبات والقوه والفتور وفي 27 كانون الأول/ديسمبر من عام 1991م وقعت الدولتان ميثاقا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي،ً حيث اتفقت روسيا على مواصلة العلاقات الدبلوماسية السابقة مع الصين، في عام 1996م صاغت الصين وروسيا شراكة للتعاون الاستراتيجيCooperation Strategic Partnership ، وفي عام 2001 م وقعت الدولتان معاهدة تعاون حسن الجوار والتعاون الثنائي الودي حيث تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين وتكثفت الاتصالات بين قادتهما. واجتمع الرئيس الصيني جيانغ تسه مين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ثلاث مرات في عام واحد بالاضافة الى الاتصال الهاتفي بينهما ست مرات. وقننت معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي بين البلدين التي وقعها رئيسا البلدين في عام 2001م والبيان المشترك الذي أصدره في نفس العام، قننت مفهوم الصداقة المتوارثة من جيل الى جيل وعدم المعاداة الى الأبد.
في عام 2008 م نجحت الدولتان في حل القضية الحدودية بينهما، ماوضع أساساً صلباً لتنمية شراكة التعاون الاستراتيجي التي قامت على أساس حسن الجوار والمساواة والثقة المتبادلة والتعاون المتبادل والتنمية المشتركة .
ومن المفيد التذكير ان كلا البلدين شهد الإطاحة بالملكية في العقد الثاني من القرن العشرين فأسرة " جينك" الصينية زالت في عام 1912م اثر ثورة "شينهايXinhai Revolution " وتسمى ايضاَ "ثورة سينخاي Hsinhai Revolution " وانتهت بإنهاء الملكية في الصين وخلع" الامبراطور بوئيEmperor Puyi ". وفي عام 1917م زالت "الإمبراطورية الروسيةRussian Empire " اثر" ثورة شباط/فبراير The Russian Revolution "1917.
بعد ان تجاوزت المنعطفات والتقلبات التي شابت العلاقة بين البلدين تعيش العلاقات الصينية- الروسية اليوم أزهى عصورها، وأصبحت شراكة التعاون الاستراتيجي الناضجة والمستقرة والصحية بين الصين وروسيا والتي وقّعت في عام 1996 م إحدى أكثر العلاقات حيوية وتأثيراً في العالم.
لقد شهدت العلاقات الروسية الصينية تحسّنًا منذ العام 1992 م حين أكّد الرئيس الروسي السابق" بوريس يلتسين "Boris Yeltsinخلال زيارته لبكين في ديسمبر من عام 1992م على أهمية التوازن في السياسات الخارجية الروسية بين التوجّه الغربي والتوجّه الآسيوي باعتبار أن روسيا دولة اورو آسيوية. ثم جاءت قمة بكين في نيسان أبريل العام 1996 م لتعطي دفعة قوية للعلاقات بين البلدين وإرساء دعائم المشاركة الاستراتيجية بينهما بعد النجاح في تسوية مشاكل الحدود بشكل نهائي، وذلك بعد الاتفاقيتين المتعلّقتين بالحدود الشرقية عام 1991م، والحدود الغربية العام 1994م. وقد اتخذت العلاقات الروسية الصينية عدة أبعاد أهمها موقف البلدين من السياسة الامريكية ورفضهما هيمنة القطب الواحد "امريكا"على النظام العالمي ومعارضة مشروع الدرع المضادة للصواريخ Anti-Missile Shield Project التي تنشئها الولايات المتحدة الامريكية وتعتبرها روسيا والصين تهديداَ للأمن العالمي وتجديداَ لسباق التسلح من هنا فهما يطالبان بالتمسك بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة البالستيةTreaty On The Non-Proliferation Of Ballistic الموقعة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية في عام 1972م ويعتبرانها الأساس في الاستقرار العالمي ،كذلك التعاون في المجال العسكري حيث تعتبر الصين من اكبر الأسواق للاتحاد السوفيتي وكذلك التنسيق الأمني بين البلدين في منطقة أسيا الوسطى بهدف مكافحة تهريب الأسلحة والإرهاب والمخدرات والتصدي للنزعات الانفصالية والتأكيد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرف الآخر واحترام الوحدة والسلامة الإقليمية حيث اعتبرت الصين وبشكل مستمر ودائم على ان قضية الشيشان هي من الشؤون الداخلية التي تتعلق بوحدة الأراضي الروسية كما التزمت روسيا تفادي إقامة أي علاقات مع تايوان وأعلنت ان التبت جزء لايتجزأ من الصين وفي الحقيقة هذا جزء بسيط مما يوضح عمق المشاركة الاستراتيجية بين روسيا والصين وعدم اقتصارها على الجوانب العسكرية والأمنية بل تعدت ذلك في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية وكافة الجوانب الأخرى.
تسعى كل من الصين و روسيا إلى تشكيل تحالف إقليمي ليكون المصد القوي في وجه الاختراق الأميركي للمنطقة، وخصوصاَ المناطق التي كانت واقعة تحت ظلال الاتحاد السوفيتي السابق والتي تناثرت اثر تفككه و قد عمدت الدولتان إلى تأسيس بعض المنظّمات الإقليمية و تفعيل البعض الآخر لهذا الغرض و من أهم تلك المنظمات والاتفاقات هي منظمة شتغهاي للتعاون The Shanghai Cooperation Oorganisation-SCO وهي منظمة دولية عاملة بصورة دائمة، حيث نشئت في العام 1996م تحت تسمية مجموعة شنغهاي الخماسية والتي ضمت الصين وروسيا وطاجكستان وكازاخستان وقيرغيزستان ثم مالبثت ان انضمت اليها أوزبكستان وقد تأسست في محافظة شنغهاي الصينية وفي العام 2001م تمّ توسيع المجموعة لتكون منظمة دولية تحت تسمية منظمة شنغهاي للتعاون بعد دخول أوزبكستان إليها، ففي بيترودفورتيس بضواحي سان بطرسبرغ في موسكو جرت اعمال قمة رؤساء بلدان مجموعة شنغهاي الخماسية وأقرت هذه القمة ميثاق منظمة شنغهاي للتعاون ويعتبر هذا الميثاق هو الأساس القانوني لهذه المنظمة الدولية. و تهدف هذه المنظّمة إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء و مناقشة عدد من المواضيع المهمة بشكل دوري وتعزيز الثقة المتبادلة وحسن الجوار ودعم التعاون الفعال في المجال السياسي والاقتصادي والتجاري والعلمي – التقني وكذلك في مجال التعليم وصناعة الطاقة والنقل والسياحة وحماية البيئة والعمل سوية على دعم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والمضي قدماَ نحو أقامة نظام سياسي واقتصادي دولي جديد ديمقراطي وعادل ورشيد ، من جانبه اعتبر الرئيس الروسي توقيع ميثاق المنظمة انجازا كبيرا يحدد الأهداف الرئيسية واليات العمل التي تكفل تنشيط العلاقات بين مؤسسات بلدانها. وقال ان توقيع الوثيقة التي تحدد قوام المؤسسة الإقليمية المناهضة للإرهاب، والتي صارت احدى هيئات المنظمة، يعتبر قسطا هاما من المنظومة الإقليمية لمكافحة الإرهاب الدولي. وأعرب بوتين عن تأييده لاقتراح الرئيس الصيني حول اعتبار بكين مقرا للسكرتارية الدائمة للمنظمة وكذلك مبادرة رئيس قيزقزستان عسكرعكايف بشأن اعتبار بيشكيك عاصمة بلاده مقرا للهيئة الدائمة لمناهضة الإرهاب،بينما تتمتع الهند وإيران ومنغوليا وباكستان بصفة مراقبين فيها اما أفغانستان فتشارك في عملها تحت أطار مجموعة منظمة شنغهاي للتعاون- أفغانستان وتبلغ المساحة الإجمالية للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون حوالي 30 مليون و189 الف كيلومتر وعدد سكانها مليار ونصف المليار نسمة أي ربع سكان الكرة الأرضية.
ان منظمة شنغهاي للتعاون لا ترغب التحول إلى حلف عسكري وجاءت المفاجأة مؤخراً على لسان الناطقة الصحفية باسم السفارة الأمريكية في بكين "سوزان ستيفينسونSuzanne Stevenson " بأن الولايات المتحدة طلبت من منظمة شنغهاي للتعاون الموافقة على حضور مراقبين عسكريين أمريكيين لمتابعة تدريبات "مهمة السلام-2007 Peace Mission 2007" التي تجريها المنظمة على الأراضي الصينية والروسية، انطلاقاً من مدينة اورومتشي الصينيةUrumqi ، وجرت فعالياتها الرئيسية خلال الفترة من 11 ولغاية 17/8/2007 في منطقة "تشيباركولChebarkul " "بتشيليابينسك الروسية"Chelyabinsk. وشارك فيها نحو 6 آلاف عسكري من القوات المسلحة لبلدان منظمة شنغهاي، منهم: حوالي 2000 عسكري من روسيا، و1700 عسكري من الصين، والبقية من الدول الأعضاء الأخرى: قازاقستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، بالإضافة لأكثر من ألف آلية عسكرية. وكانت هذه التدريبات الثانية بعد المناورات المشابهة التي جرت في الصين عام 2005. ونعتقد أن هذا الرفض يتماشى مع القرارات التي سبق واتخذتها المنظمة في هذا الشأن.
وفي نفس الوقت تقريباً أكد رئيس إدارة ديوان العلاقات الخارجية للمجلس العسكري المركزي في الصين العقيد تسي غوفي، بأن منظمة شنغهاي للتعاون لا تنوي إجراء أية تدريبات بالتعاون مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي، لأن منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم: أرمينيا، وبيلاروسيا، وقازاقستان، وقرغيزيا، وروسيا، وطاجكستان، وأوزبكستان، هي منظمة عسكرية تعمل على أراضي رابطة الدول المستقلة، بينما منظمة شنغهاي للتعاون تضم: روسيا، والصين، وقرغيزيا، وكازاخستان، وطاجكستان، وأوزبكستان. وبصفة عضو مراقب: إيران، ومنغوليا، وباكستان، والهند، وهي ليست منظمة عسكرية.
وبالإضافة الى منظمة شنغهاي للتعاون تأتي معاهدة التعاون وحسن الجوار المشتركة والتي اشرنا اليها فيما سبق والتي وقعت في عام 2001م فأنها تحوي 25 بنداَ تركزت أهمها على المعارضة المشتركة لبرنامج الدفاع الصاروخي الأمريكي ورفض المفهوم الغربي "التدخل الإنساني " والذي تبناه حلف الناتو في كوسوفو عام 1999م ومعارضة الخطط الامريكية بالتوسع العسكري والتي لايمكنها الا ان تضر بمصالح الأمن العالمي والدعم الروسي لمفهوم "صين واحدة "والاعتراف بان تايوان جزء لايتجزأ من الصين.
و مجموعة " بريك "BRIC وهي المجموعة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين واسمها مأخوذ من الأحرف الأولى لكل دولة(Brazil Russia India China ) أصبحت آلية مهمة لبناء نظام عالمي جديد وان مواقف الدول المشاركة فيها متطابقة حيال معظم القضايا الدولية .
يُلاحظ في السنوات الأخيرة نشوء تعاون وثيق بين روسيا والصين. وإن مواقف البلدين في منظمة الأمم المتحدة وخاصة في مجلس الأمن غالباً ما تكون متطابقة أو متقاربة. فكلاهما تدعوان إلى عالم متعدد الأقطاب وإلى تعزيز دور الأمم المتحدة في حل النزاعات القائمة بالطرق السلمية وتقفان ضد انتشار السلاح النووي. الكيان وإقليمي، ومستويات عالية من التجارة.
ففي العام 2006م ذهب مليوني سائح روسي الى الصين وقام حوالي مليون صيني بزيارة روسيا مما يعني انتعاش العلاقة بين البلدين الى حد بداية نهضة التنشيط السياحي بين البلدين في الوقت الذي كانت السياحة بينهما لاتشكل ارقاماَ تذكر كما وصل حجم التبادل التجاري الصيني الروسي في عام 2007م الى حوالي 48 بليون دولار أمريكي صاعداَ من مبلغ 5.7 بليون دولار أمريكي في العام 1999م مما يجعل من الصين ثاني اكبر شركاء روسيا الاقتصاديين بعد الاتحاد الأوربي(ألمانيا بالخصوص) وفي العام 2009م تم أبرام صفقة طاقة صينية-روسية والذي تحصل بموجبها شركة "روز نيفت Rosneft " اكبر شركات البترول الروسية المملوكة للدولة وشركة "ترانس نيفت Transneft " الشركة الروسية المملوكة للدولة المتخصصة بانابيب نقل النفط على 25 بليون دولار أمريكي من بنك التطوير الصينيChina Development Bank مقابل تزويد الصين بحوالي ثلاثمائة ألف برميل من النفط يومياَ في الأعوام مابين 2011م و2020م أي مايبلغ مجموعه 2.2 بليون برميل،سوف يتم تخصيص الأموال الصينية لتساهم في استكمال أنبوب البترول الذي سوف يمر من شرق سيبريا الى المحيط الباسيفيكي مع ذهاب فرع منه الى "داكنغ " لخدمة السوق الصينية وسوف يقوم الأنبوب المقترح بزيادة حصة روسيا من مستوردات الصين من البترول الى حوالي 8% صاعد من نسبة 4% الحالية.
كما بدأ العمل يوم السبت الأول من يناير / كانون الثاني2011م بأول أنبوب للنفط بين روسيا التي تعتبر اكبر منتج للنفط في العالم والصين التي تعتبر اكبر مستهلك للطاقة، ويربط الأنبوب ما بين مصافي نفط في سيبيريا ومدينة داكنغDakeng الى الشمال الشرقي من الصين. ومن المتوقع ان ينقل الأنبوب، الذي يمتد من مدينة سكوفورودينوSkorovodino الواقعة في أقصى الشرق الروسي الى مدينة داكينغDakeing مخترقا الحدود في منطقة موخهMohe ، مئة وعشرة ملايين برميل من النفط الخام في السنة لمدة عشرين سنة قادمة. بعد ان كان في السابق النفط الروسي يصل الى الصين عن طريق السكك الحديدية. قام ياو وى المدير العام للفرع المعنى بمشروع خط الأنابيب فى شركة "بترو تشايناPetroChina Company Limited " الصينية للنفط بالضغط على زر التشغيل فى محافظة موخهMohe الواقعة على الحدود بين الصين وروسيا فى مقاطعة هيلونغجيانغ Heilongjiang Province ليبدأ التشغيل الرسمي بعد شهرين من التشغيل التجريبي. وتعد شركة "بترو تشايناPetroChina" هى مشغل القسم الصيني من خط الأنابيب. وقال ياو وى إن "تشغيل خط أنابيب النفط الخام بين الصين وروسيا هو بداية مرحلة جديدة من التعاون الصينى - الروسي فى مجال الطاقة" وكان العمل على مد خط الأنابيب قد بدأ في العام الماضي ويمكن مراجعة موقع" شركة بتروتشاينا www.petrochina.com.cn"على الانترنيت لمعرفة تفاصيل اكثر حول هذه الشركة.
تزود روسيا الصين بحوالي 95% من احتياجاتها العسكرية بما في ذلك غواصات "كيلو-كلاس Kilo-Class Submarines"ومدمرات "سوفيرمني-كلاسSovermenny –Class Destroyer " فبعد أحداث حركة ميدان تيانانمينTiananmen Square في العام 1989، فرض الاتحاد الأوربي حظراً على بيع الأسلحة للصين. وفيما تقدمت روسيا لتملأ الفجوة وتبقى الصين مستهلكاً شغوفاً وتواقاً للتقنيات العسكرية الروسية. وعلى ضوء مبادئ "عدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف دول أخرى" عززت الصين وروسيا تعاونهما في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجية والعسكرية وغيرها من المجالات.
لقد كتب الدكتور "بوبو لو Dr.Boboo Lo" الدبلوماسي الاسترالي السابق في موسكو ومدير البرامج الصينية الروسية في مركز الإصلاح الأوربي في لندن واحدة من أفضل التحليلات عن واحدة من اكثر العلاقات الثنائية أهمية في العالم وجاء فحصه الدقيق لتركيبة العلاقات الصينية –الروسية والتي في الحقيقة يساء الى وصفها باعتبارها "علاقات إستراتيجية" جاء ليكشف النقاب عن كامل قوة إستراتيجية الصين الكونية وموقع قوة روسيا الحقيقي في عالم اليوم حيث وصفها بأنها "علاقات مفيدة للطرفين"ويذهب الى حد اعتبار علاقات موسكو المحسنة مع بكين "أعظم انجاز حققته السياسة الخارجية الروسية في كامل الحقبة مابعد السوفيتية " .
في 5 يونيو 2011م طرح وزير الدفاع الصيني "ليانغ قوانغ Liang Guanglie " أربعة مبادئ للتعاون الأمني الدولي خلال كلمته التي ألقاها في" حوار شانغري ــ لا Shangri-La Dialogue"في سنغافورة وتشمل المبادئ الأربعة أولا الاحترام المتبادل والتعامل المتساوي والاهتمام بالمصالح الجوهرية والمخاوف الهامة لكل طرف وثانياَ التفاهم المتبادل وتعزيز الثقة وإتقان الرغبة الاستراتيجية بصورة شاملة ودقيقة وثالثاَ المنفعة المتبادلة والفوز المشترك وعدم الانحياز العدائي تجاه طرف ثالث ورابعاَ الانفتاح والتضامن والتعاون والترحيب بإسهام دول العالم في امن أسيا والباسفيك.
وقال :ان الصين وروسيا ستواصلان الحفاظ على التفاوض والتنسيق الوثيقين حيال الشئون الدولية والإقليمية للارتقاء بالعلاقات الثنائية الى مستوى جديد.ولدى اجتماعه مع نائب رئيس الوزراء "سيرغي ايفانوف "Sergei Lvanovعلى هامش الدورة الـ10 من حوار شانغري ــ لا ، التى يستضيفها المعهد للدولي للدراسات الاستراتيجية في سنغافورة، قال ليانغ ان العام الحالي يصادف الذكرى الـ10 للتوقيع على معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي بين الصين وروسيا, والذكرى الـ15 لاقامة علاقة الشراكة الاستراتيجية الصينية ــ الروسية.
وأكد ليانغ على ضرورة ان ينتهز كلا الجانبين هذه الفرصة لتعزيز إيديولوجيا السلام عبر الصداقة الثنائية من جيل الى جيل وتعزيز الصداقة التقليدية للشعبين. وأشار الى ان العلاقات بين الجيشين تحافظ على قوة دفع جيدة، حيث يتم إثراء محتوى التعاون بشكل مستدام ويجرى توسيع وتعميق مجالات التعاون. وأضاف وزير الدفاع الصيني ان الجانبين حققا نتائج مثمرة في مجالات مثل تبادل الزيارات رفيعة المستوى والتعاون التقنى العسكري والتشاور الاستراتيجي بين إدارات الأركان العامة وحوار العمل بين وزارتي الدفاع. ولفت الى ان الصين وروسيا تنفذان على نحو سلس الاتفاق بشأن إبلاغ بعضهما البعض بعمليات اطلاق الصواريخ البالسيتية والمركبات الفضائية. وأعرب ليانغ قوانغ ليه Liang Guanglie عن أمله في ان يتمسك الجيشان بالاتفاقات المشتركة التي توصل اليها زعماء البلدين من اجل مواصلة تعزيز التعاون العملي من منظور استراتيجي طويل الأمد.
بدوره، قال ايفانوف ان روسيا والصين صديقان تقليديان ويلعبان دورا هاما في الحفاظ على السلم والاستقرار الإقليميين. وأضاف ان الجيشين يتمتعان بتبادل وتعاون واسعين، متمنيا ان يواصل البلدان والجيشان تقوية التشاور والتعاون في مختلف المجالات لدعم التنمية السلمية والمستقرة للوضع الدولي والإقليمي.
وهذا يعود بنا لمفهوم "الصعود السلميPeaceful Rise " في السياسة الخارجية الصينية فقد برز في التسعينات نظام الأحادية القطبية الذي تمثله الولايات المتحدة الامريكية كقوة عظمى "Super Power"فقد برزت العديد من التنظيرات في الداخل الأمريكي بعضها يقترح التحضير لمواجهة الخطر الأخضر "الاسلام" وبعضها يقترح الاستعداد لمواجهة الخط الأصفر "الصين" وقد انشغلت القيادة الصينية فترة التسعينات من القرن الماضي بالبحث عن وسيلة لمواجهة تلك التنظيرات حتى ظهرت نظرية الصعود السلمي للصين في العام 2003م وصاغها آنذاك الاستراتيجي الصيني المستشار السياسي "زينغ بيجيان "الذي ورد اسمه في المرتبة 44 في قائمة أفضل 100 مفكر عالمي التي أصدرتها مجلة فورين بوليسيForeign Policy في ديسمبر /كانون الأول 2010 لقد حاول "زينغ بيجان "من خلال طرحه لهذا المفهوم تطمين المجتمع الدولي الى ان عودة الصين الى الساحة العالمية لاعباَ أساسيا لن تغير من هيكل النظام الدولي او تهدد أمنه واستقراره كما يحصل في العادة عند بروز قوى دولية جديدة او عودة قوى قديمه.
ثم أعيد استخدام هذا المصطلح نفسه من قبيل كل من الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني "هوجينتاو Hu Jintao"ونائبه رئيس الوزراء "وين جياباوWe Jiabo " في العام 2004 مقترحين ان يكون مفهوم "الصعود السلمي "مكوناَ رسمياَ من مكونات سياسة الصين الخارجية في عدة مناسبات ابرزها دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في مارس/اذار من العام 2004م.
لذلك نعتقد بان العلاقة الروسية الصينية سوف تمر بمراحل ازدهار وتنمية كبرى خلال العشر سنوات القادمة مما يجعلهما في موقع الصدارة الإقليمية والدولية المؤثرة على مجريات الأحداث في العالم،ونعتقد ايضاَ ترابط ورصانة المثلث بإضلاعه الثلاث التي ستكون متماسكة وهم روسيا والصين والهند وسيشكلان مرحلة نهاية القطبية الواحدة المتفردة والمهيمنة على العالم في الوقت الحاضر.
التعليقات (0)