مواضيع اليوم

العلاقات الباكستانيه- الامريكيه النشأه والتحالف المضطرب

عبدالكريم صالح

2012-01-14 21:05:07

0

الجمهورية الإسلامية الباكستانية كما تعرف رسمياً، هي دولة في جنوب آسيا، انفصلت عن الهند البريطانية على أساس ديني، حيث اعتبرت أنها دولة المسلمين الهنود والهند دولة الهنود الهندوس، وهي دولة نووية. وكلمة "باكستان" تعني الأرض النقية أو الأرض الطاهرة.

تقع باكستان ضمن شبه القارة الهندية التي تحدها من الشمال سلسلة جبال الهملايا ومن الغرب جبال هند كوش وسليمان وافغانستان وايران ثم تمتد الهند الى الجنوب في شبه جزيرة يقع بحر العرب في غربها وخليج البنغال في شرقها وسريلانكا في طرفها الجنوبي ويتجه الاقليم الشمالي منها الى الشرق حيث جبال آسام، وتفتقد الهند وحدة الجنس واللغة والدين، فهي وطن لأمم عديدة متباينة فالسلالات العرفية واللغات والديانات تختلف بعضها عن بعض، ويرجع اصل سكان شبه القارة الهندية الى أصول سكان سومطرة واستراليا وسريلانكا ولغاتهم القديمة في أصولها لغات سكان جزر المحيط الهادي والمحيط الهندي،وقد احصى "جريرسون Grierson" اللغات واللهجات التي يتكلمها هؤلاء السكان فبلغت نحو مائتين وخمس وعشرين لغة ولهجة اكثرها لا يكتب بحروف، وبالرغم من هذا التنوع فلا تكاد تكون في الهند لغة واحدة تستطيع ان تفرض نفسها على بقية اللغات الاخرى.

في مستهل القرن العشرين بدأت حركات التحرر والاستقلال بالقوة وكان من أهمها حزب المؤتمر الوطني الهندي"في سنة 1885م تأسس حزب المؤتمر الوطني الهندي بموافقة السلطات البريطانية وهو هيئة غير رسمية، ومؤسسه شخص انكليزي يدعى "الان اوكتوفيان هيوم Alan Octovian Hume" كان موظفاً في حكومة الهند وهدفه توطيد الروابط بين الهند وبريطانيا، وتحرك الحزب من اجل توفير تمثيل اكثر للهنود في المجالس الاقليمية والمركزية، وطالب بتحسين فرص العمل للهنود في الخدمة المدنية والعسكرية. وتطور الحزب فاصبحت له فروع محلية ولجان عامة، ومع ان الحزب كان مشرعاً لكل الهنود الا أنه كان ذا طابع نخبوي في سنواته الاولى وعضوية محددة بطبقات معينة، فأولئك الذين انضموا للمؤتمر كانوا اساساً هندوس ومسلمين هنود في المستوى الاجتماعي نفسه مع بعض الاستثناءات المهمة، وبقي المسلمون منعزلين بضياع الهوية الاسلامية في حركة حزبية يتفوق فيها الهندوس عدداً على المسلمين بنسبة كبيرة" الذي جمع في بداية عهده العديد من زعماء الهند المسلمين والهندوس كمحمد علي جناح وأحمد خان وجواهر لال نهرو إلا أنّه سرعان ما تكشّف لزعماء المسلمين نوايا بعض القيادات الهندوسية لحزب المؤتمر الوطني الهندي من خلال عدة أمور كان أبرزها معارضتهم إبقاء اللغة الأوردية اللغة الرسمية في الادارات الحكومية والمحاكم والمدارس في المناطق الشمالية الغربية من الهند والتي يتكلم غالبية سكانها لغة "الأوردو" وعلى هذا الأساس حثّ" أحمد خان" المسلمين على عدم الاشتراك في حزب المؤتمر الوطني الهندي، وقام بتأسيس المؤتمر التعليمي الإسلامي الذي انبثق عنه لاحقاً في العام 1906 م حزب الرابطة الإسلامية الذي أخذ على عاتقه قيام دولة خاصة للمسلمين، كما قررّ محمد علي جناح أن يقطع علاقته بحزب المؤتمر االوطني الهندي نهائياً في العام 1920 م بعد أن شغل منصب سكرتير رئيس الحزب ليترأس حزب الرابطة الإسلامية وليبدأ مطالبته بتشريعات تضمن للمسلمين حماية دينهم ولغتهم، ثم صعّد مطالبه في اجتماع للرابطة بمدينة لاهور عام 1940م دعا فيه إلى تقسيم شبه القارة الهندية إلى كيانين هما الهند وباكستان على أن تضم الأخيرة كل مسلمي الهند، عُرف هذا الإعلان فيما بعد بإعلان لاهور، لقي هذا الإعلان تأييداً واسعاً من قبل المسلمين، كما وقعت العديد من المصادمات بين المسلمين والهندوس في أواسط الأربعينات، مما جعل بريطانيا إضافة إلى حزب المؤتمر القومي الهندي يوافقان على إجراء عملية تقسيم الهند. أما "المهاتما غاندي" صاحب فلسفة اللاعنف فقد وجّه له جناح رسالة يبرّر فيها موقفه ويدعوه إلى احترام فكرة أن المسلمين الهنود يشكلون أمة بكل مقوماتها ولابدّ لهم أن ينشئوا كيانهم المستقل، ردّ عليه المهاتما غاندي بمحاولة إقناعه بالعدول عن توجهاته كما اقترح على جناح منصب رئيس أول جمهورية في الهند المتحدة لكن جناح رفض ذلك. لم يستسلم غاندي فأخذ يدعو إلى الوحدة الوطنية بين الهندوس والمسلمين طالباً بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة لكنه لم يفشل فحسب وإنما قادت دعواته هذه – أيّ الدعوة إلى احترام حقوق المسلمين - أحد المتعصبين الهندوس إلى اغتياله بتهمة الخيانة العظمى في العام 1948 م.

وكان لانتصار الافغان بقيادة امان الله " ولد عام 1899م في كابل، اصبح اميراً على افغانستان بعد مقتل ابيه حبيب الله في شباط سنة 1919م، قاد الحرب ضد القوات البريطانية في ايار سنة 1919م وكان النصر حليفه فاضطرت بريطانيا الى منح بلاده الاستقلال، اصدر دستوراً للبلاد سنة 1923م. اندلعت الحرب الاهلية في البلاد سنة 1924م واستطاع اخمادها، اصبح ملكاً على افغانستان سنة 1926م، وفي سنة 1928م قام برحلة ترفيهية الى اوربا وبعد عودته الى البلاد حاول الاصلاح على النهج الغربي، حيث وقف ضد رجال الدين الامر الذي ادى الى اندلاع شرارة الحرب الاهلية مرة ثانية يوم 28 تشرين الثاني سنة 1928م، وتنازل عن العرش لاخيه عناية الله في 14 كانون الثاني سنة 1929م "على البريطانيين سنة 1919م وحصولهم على الاستقلال اثر كبير في ظهور مقاومة الهنود للبريطانيين وقد ادى ذلك الى قيام البريطانيين بدراسة مشروع عرف باسم "اصلاحات مونتاجو- تشيلمسفوردMontague -Chelmsford Reforms " تضمن أدخال تعديلات على صلاحيات وزير الهند ومجلس الهند واحداث وظيفة جديدة بعنوان "مفوض الهند" يكون مركزها لندن، وتشكيل مجلسين الاول، مجلس الدولة ويضم 60 عضواً منتخباً ومعيناً، والثاني، مجلس تشريعي يضم 150 عضواً منتخباً. ويعد هذا المجلس الاول من نوعه في شبه القارة الهندية اذ يمارس فيه حق الانتخاب. والتحرر وهو اول من نادى بدولة خاصة بالمسلمين في اجتماع حزب العصبة الاسلامية في مدينة لاهور سنة 1940م. استمر بالنضال حتى حصول باكستان على استقلالها في 15 اب 1947، فأصبح اول رئيس للدولة: توفي في الحادي عشر من ايلول/سبتمبر سنة 1948م.

أصبحت باكستان في 14 آب/أغسطس من عام 1947م دولة مستقلة من دول رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث)، كما حصلت الهند على استقلالها في اليوم التالي لهذا التاريخ، وقد أصبح "محمد علي جناح" الذي يعتبر مؤسس دولة باكستان أول رئيس حكومة في باكستان. يرى الكثير من مؤيدي فكرة استقلال باكستان عن الهند أّنها خلّصت المسلمين الهنود من تعصّب الهندوس الأعمى وتحكمهم في رقاب المسلمين ويأتي في مقدمة هؤلاء شاعر الإسلام محمد إقبال الذي كان يحلم بإنشاء وطن للمسلمين في شبه القارة الهندية، ولكنه لم يعش حتى يرى ما كان يتمناه ويحلم به حقيقةً، إذ توفي سنة (1357هـ- 1938م) قبل أن تظهر دولة باكستان، أثمرت جهود الجماعة الإسلامية في العام 1956م بكتابة دستور للبلاد يراعي في بعض بنوده تطبيق الشريعة الإسلامية كما أخذت الدولة حينها اسم "جمهورية باكستان الإسلامية" وكان اللواء "اسكندر ميرزا" أول من تقلّد منصب رئيس الجمهورية، وبدأت باكستان في تلك الفترة بإنشاء العديد من المشاريع التنموية الضخمة.

لقد اتضحت زيادة اهتمام الولايات المتحدة الامريكية بمنطقة الشرق الاوسط من خلال التصريحات التي ادلى بها المسؤولون الامريكان من مختلف المستويات. فقد اكد الجنرال "دوايت ايزنهاورDwight Daivd Eisenhawer" في حملته الانتخابية عام 1951 م على اهمية الشرق الاوسط اذ قال: "اما فيما يتعلق بالاهمية السياسية لهذه المنطقة فليست هناك منطقة في العالم لها اهمية من الناحية الاستراتيجية اكثر مما للشرق الاوسط"، على الصعيد الدولي خرج حلفاء الولايات المتحدة الامريكية وبشكل خاص بريطانيا من الحرب ضعفاء اقتصادياً وعسكرياً حتى ان سيطرة بريطانيا على مستعمراتها بدأت تتزعزع إن لم نقل انهارت، ومن هنا جاء المقترح البريطاني لانشاء "منظمة الدفاع عن الشرق الاوسط "في تشرين الاول/اكتوبر سنة 1952م حين قام رئيس وزراء تركيا "عدنان مندريس" بزيارة الى لندن لمناقشة الموضوع، وتمخضت تلك الزيارة عن مقترح بريطاني تركي بضرورة انضمام العراق لمثل هذه المنظمة، وكان الموضوع قيد النقاش عبر المراسلات الدبلوماسية خلال الاشهر شباط واذار ونيسان سنة 1953م بين كل من العراق وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية. ومن بين المقرحات التي تقدم بها وزير الدفاع العراقي نوري السعيد ان تكون للمنظمة ابعاد سياسية لا عسكرية فقط وان لا يعطى للدول العربية فيها موقع ادنى. ولكن هذه المنظمة لم تر النور في واقع الحال رغم كثرة ما دار حولها من نقاشات، الامر الذي جعل الولايات المتحدة الامريكية تتبنى المشروع في اطار ستراتيجية امريكية جديدة تجاه المنطقة. كما أن وزير الخارجية الامريكي "جون فوستر دالاس John Foster Dulles" اكد في الوقت نفسه على ممارسة السياسة التي يدعو اليها وهي تطويق الاتحاد السوفيتي قائلاً "اذا سقطت هذه القلعة ]المقصود هنا الشرق الاوسط[ بيد الروس يترتب على ذلك اختلال في توازن القوى ينتج عن سيطرة الروس على سائر طرق المواصلات بين الشرق والغرب وبين آسيا وافريقيا". وان منطقة الشرق الاوسط تستحق اهتماماً خاصاً من وجهة نظر السياسة الامريكية ففيها مجال او فراغ تستطيع الولايات المتحدة الامريكية ان تملأه خصوصاً وان لها في المنطقة مصالح طائلة.

ويتضح اهتمام الولايات المتحدة الامريكية بالشرق الاوسط ايضاً من خلال احاديث المسؤولين الاخرين عن السياسة الامريكية الذين اكدوا ان هذه المنطقة عصب حياة الولايات المتحدة الامريكية. واصر هؤلاء الساسة على ضرورة دخول الولايات المتحدة الى منطقة الشرق الاوسط، وعلى حد تعبير السفير الامريكي في الكيان الصهيوني "جيمس مكدونالد MC Donald James" ان الولايات المتحدة الامريكية لا تستطيع ان تجلس في المقاعد الخلفية عند بحث شؤون الشرق الاوسط فالخطر الشيوعي يتزايد وبريطانيا غير قادرة على تحمل المسؤولية كاملةً لحماية مصالح الدول الغربية في المنطقة وعلى الولايات المتحدة ان تتحمل قسطاً اكبر من الاعباء.
نجحت هذه الدعوات في حمل وزارة الخارجية الامريكية على التحرك الدبلوماسي تجاه الشرق الاوسط ، ففي ربيع سنة 1953م قام وزير الخارجية الامريكي جون فوستر دالاس برحلة حول العالم استهلها بزيارة الشرق الاوسط بادئاً بالقاهرة بوصفها مفتاحاً سياسياً وحجر الزاوية بالنسبة الى المشاريع الامريكية. وفي زيارته هذه طلب من الحكومة المصرية الانضمام الى مشروع الدفاع عن الشرق الاوسط، لكن جوبه برفض صريح.

المعارضة التي واجهها دالاس من الحكومة المصرية اثناء زيارته لمصر ترتب عليها وضع أسس ومقترحات اخرى تبناها دالاس واخذت السياسة الامريكية تطبقها فيما بعد وهي فكرة "الحزام الشمالي" الذي تقرر اقامته في مواجهة الحدود السوفيتية على ان تكون ركيزته تركيا وايران وباكستان.

العلاقات الباكستانيه - الامريكيه مرت بثلاث مراحل مهمه ، المرحلة الاولى هي مرحلة التأسيس التي جاءت بعد استقلال الباكستان في العام 1947م حيث كانت الباكستان تبحث عن قوى عظمى تقف معها حتى تساعدها في تخطي عقبات وصعوبات بداية الاستقلال هذا من جانب ومن جانب اخر كانت الولايات المتحده الامريكيه تخطط لتطويق الاتحاد السوفيتي بدوله خليفه لها من هنا فقد رحبت الولايات المتحده الامريكيه باقامة علاقات مع باكستان ، إلا أن العلاقة فريدة في طبيعتها. فعلى مر التاريخ، لم يواجه حليف للولايات المتحدة هذا الكم من مختلف أنواع الحظر الأمريكي مثلما واجهته وتواجهه باكستان، وينبع ذلك في الأساس من كون العلاقة معتمدة على اهتمامات استراتيجية بدلاً من كونها شراكة حقيقية. فقد أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع باكستان في العام 1949م، على وجل في البداية،وإلا أنه منذ إدارة أيزنهاور، بدأت باكستان والولايات المتحدة في تطوير علاقات أكثر دفئاً. وقد كان كانت المصالح الاستراتيجية في ذهن كل من الطرفين، فالولايات المتحدة أصبح في مقدورها تأمين مصالحها السياسية عبر باكستان، بينما حصلت باكستان على المعونات المالية، وهي الدولة المترنحة على شفا الإفلاس دوماً بسبب سلسلة من الحكومات العسكرية. نموذج العلاقة كان يشبه "الاستعانة بمصادر خارجية outsourcing", حيث تصدر الولايات المتحدة مهمة مكافحة الإرهاب إلى الجيش الباكستاني ومقابل ذلك تدفع للحكومة الباكستانية. الاتفاقية الأمريكية لإمداد باكستان بالمعونة الاقتصادية والعسكرية وشراكة باكستان في حلف بغداد، سنتو CENTO وسياتو SEATO قوت من عرى العلاقة بين البلدين. وفي ذلك الوقت، كانت علاقة باكستان بالولايات المتحدة وثيقة للغاية وحميمة لدرجة أنها وُصفت بأنها أحلف حلفاء "most-allied ally" الولايات المتحدة في آسيا. الباكستانيون شعروا بالخذلان وعدم المكافأة على المخاطر التي تجشموها في تأييد الولايات المتحدة. - وبعد أزمة قاذفات القنابل U-2 عام1960م، هدد الزعيم السوڤييتي نيكيتا خروشوڤ بمحو مدن باكستانية من الوجود. إيقاف الولايات المتحدة المساعدة العسكرية أثناء الحرب الهندية الباكستانية عام 1965 أثار شعوراً واسع النطاق في باكستان بان الولايات المتحدة ليست بالحليف الذي يمكن التعويل عليه. وبالرغم من أن الولايات المتحدة قد أوقفت المعونات العسكرية لكل من البلدين الضالعين في النزاع، فإن الإيقاف كان ضرره على باكستان أشد وقعاً وبلاغة. بالتدريج، تحسنت العلاقات وتم استئناف بيع الأسلحة في 1975م. ثم في أبريل 1979م، قطعت الولايات المتحدة المساعدة الاقتصادية عن باكستان، عدا المعونات الغذائية، حسبما تطلب تعديل سيمنگتون لقانون المعونات الخارجية الأمريكية لعام 1961م، بسبب مخاوف حول برنامج باكستان النووي.

والمرحله الثانيه هي مرحلة التقارب والتحالف حيث كانت تطلعات الولايات المتحده الامريكيه لأدارة الحرب البارده في مواجهة الاتحاد السوفيتي واحتواء الشيوعيه العالميه مما ادى الى قيام سياسة الاحلاف الامريكيه التي عملت على جذب الباكستان صاحبة المشكلات المختلفه مع الهند اليها للدخول في عدد من الاحلاف العسكريه منها اشتراكها مع الدول المؤسسه لحلف جنوب شرق اسيا ،ثم الدور الامريكي في قيام حلف بغداد وفي انضمام باكستان اليه وقدمت الولايات المتحده الدعم العسكري خلال فترة التقارب والذي شهد افضل فترات تلك العلاقه حتى عام 1960م ونهاية حكم الرئيس ايزنهاور.

الغزو السوڤييتي لأفغانستان في كانون الاول/ديسمبر1979م أظهر الإهتمام المشترك لباكستان والولايات المتحدة في سلام واستقرار جنوب آسيا. وفي عام 1981م، وافقا الولايات المتحدة وباكستان على برنامج مساعدة عسكرية واقتصادية قدره 3.2-بليون دولار يهدف لمساعدة باكستان على التعامل مع الخطر المتزايد على الأمن في المنطقة ولمتطلباتها في التنمية الاقتصادية. وبمساعدة الولايات المتحدة - في أكبر عملية سرية في التاريخ - سلحت باكستان ودعمت المجاهدين في أفغانستان في قتالهم ضد السوڤييت،الأمر الذي أدى في النهاية إلى هزيمة السوڤييت، وانسحابهم في 1988م.

آخذاً في الاعتبار اعتبارات الأمن القومي وتأكيدات باكستان بأنها لم تكن تـُعنى ببناء سلاح نووي، ولذلك فقد أزال الكونغرس قيود (تعديل سيمنغتونSymington Amendment ) على المساعدة العسكرية للباكستان. وفي اذار/مارس 1986م، وافق البلدان على ثاني برنامج متعدد السنوات (س.م. 1988-93) بمبلغ 4 بليون دولار للتنمية الاقتصادية والمساعدات الأمنية. إلا أنه في 1 تشرين الاول/اكتوبر 1990م، أوقفت الولايات المتحدة جميع المساعدات العسكرية والمعونات الاقتصادية الجديدة إلى باكستان حسب" تعديل پرسلر"، الذي اشترط على الرئيس الأمريكي أن يقدم شهادة سنوية أن باكستان "لا تملك جهاز متفجر نووي." وقد عبر عن ذلك بشكل واضح في 2 كانون الثاني/يناير سنة 1954م السناتور "وليم جي نولاند William J. Noland" زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ بقوله "ان باكستان تعد من بين اقطار العالم المهمة وأَحد المنافذ ذات الصلة الوثيقة بالدفاع ضد الاتحاد السوفيتي". ولم يقتصر الامر في هذا المجال على" نولاند" وحده بل أن الكونكرس الامريكي كان مسانداً للحكومة في التقرب من باكستان وضمها الى سياسة الأحلاف الدفاعية لمواجهة أي خطر شيوعي يهدد المصالح الغربية في الشرق الأوسط والمحيط الهندي.

لم يكن للموقف الاسيوي المعارض تاثير سلبي على التقارب الامريكي – الباكستاني ففي 4 كانون الثاني/يناير عقد الرئيس ايزونهاور مع وزير الخارجية دالاس ووزير الدفاع ولسن ومدير العلاقات الخارجية في البيت الابيض "هارولد ستاسين Harld Stassen" اجتماعاً كرس لموضوع المساعدات الامريكية لباكستان وتم في هذا الاجتماع اتخاذ قرار الموافقة على المساعدات . وصادق الكونكرس من جانبه على المساعدات في 14 كانون الثاني/يناير سنة 1954م، بعد ان شدد دالاس على اهمية ذلك للمحالفات الدولية للولايات المتحدة الامريكية.

لقد اعلم المسؤولون الامريكان القائد الباكستاني بان الولايات المتحدة الامريكية تسعى الى اقامة حلف عسكري، وهذا ما اكده ايوب خان نفسه بعد عودته الى كراتشي عندما اخبر حكومته بان الولايات المتحدة الامريكية عازمة على اجراء مناقشات رسمية مع الحكومة الباكستانية لاقامة حلف عسكري في الشرق الاوسط تكون باكستان احد مرتكزاته الاساسية . وكان ذلك الاساس الذي تمحورت حوله كل الاتصالات التي جرت بعد ذلك بين الجانبين.

تعمق التواصل الدبلوماسي بين البلدين اثر الزيارة التي قام بها حاكم باكستان العام "غلام محمد" الى واشنطن في "تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1953م، اذ التقى الرئيس "ايزنهاور" وكلاً من وزير الخارجية والدفاع "دالاس" "وتشارلس" وتركز الحديث في هذه اللقاءات على ضرورة تطوير العلاقات بين البلدين والمساعدات العسكرية الامريكية لباكستان.

اخذت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان تتطور على مختلف الصعد فقد تم في 16 كانون الثاني سنة 1954م عقد معاهدة صداقة وتجارة بين البلدين لاتخضع لقيود، وكان على كراتشي بموجبها ان تمنح الرعايا الامريكان الحقوق نفسها التي يتمتع بها الرعايا الباكستانيون في الولايات المتحدة، كما عقدت الحكومة الباكستانية اتفاقية مع شركة ستاندر فاكيوم للبحث عن النفط في منطقة مساحتها 20.000 ميل مربع. وبموجب هذه الاتفاقية ستتحمل باكستان 35% من تكاليف البحث عن النفط وتتحمل الشركة المذكورة القسم الباقي من التكاليف. ووقفت الصحف الامريكية الى جانب الحكومة وعبرت عن ذلك صحيفة نيويورك تايمس حين كتبت في 14 شباط سنة 1954 تقول "ان اهمية ادخال باكستان في موضوع الدفاع عن الشرق الاوسط اكبر من اهمية الحفاظ على العلاقات مع الهند"في هذه الأثناء أبرمت باكستان اتفاقية للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية, وانضمت إلى "معاهدة منظمة دول جنوب شرق آسيا" ثم إلى "حلف بغداد" الذي يضم -إضافة إلى إيران والعراق- كلا من المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وخلال انعقاد القمة الافرو-اسيوية في باندونغ في اندنوسيا خلال شهر نيسان سنة 1955م اصر محمد علي بوكرا على عدم توجيه الانتقاد الى حلف جنوب شرق اسيا واطلق تسمية الامبريالية على الروس وليس على الغرب،لكنه من ناحية اخرى حاول تهدئة الصين بالتأكيد لرئيس وزارئها "شوان أين لاي Chou-En-Lai" بان بلاده تسعى الى اقامة علاقات ودية مع بكين على الرغم من انضمامها الى حلف جنوب شرق اسيا وعقدها معاهدة امنية مع الولايات المتحدة الامريكية. وكان لهذا الموقف صداه لدى رئيس وزراء الصين الذي صرح بعد هذا اللقاء قائلاً "نحن حققنا تفاهماً متبادلاً رغم اننا ما نزال ضد ابرام حلف جنوب شرق اسيا".

وخلال المؤتمر السنوي التاسع لمعهد الشرق الاوسط في الولايات المتحدة الذي انعقد خلال شهر ايار سنة 1955م استغل انور علي ممثل باكستان وجود المؤسسات الدولية المشاركة في المؤتمر وطالب باقامة احلاف دفاعية الى جانب الولايات المتحدة الامريكية.
وفي 5أذار/مارس1959م أبرم البلدان اتفاقية للتعاون العسكري أقامت بموجبها الولايات المتحدة قواعد عسكرية لها في ضواحي مدينة بيشاور لمراقبة التحركات العسكرية السوفياتية. ووفقا لهذه الاتفاقية فإن الولايات المتحدة تتدخل عسكريا لنصرة باكستان في حال تعرضها لأي عدوان خارجي.
عند نشوب النزاع الحدودي بين الهند والصين عام 1962م قدمت الولايات المتحدة الأميركية مساعدات عسكرية للهند دعما لقدراتها الدفاعية. هذا الدعم اعتبرته باكستان مخلا بالتوازن العسكري في المنطقة, الأمر الذي سبب فتورا في العلاقات بين البلدين. وأثناء حرب عام 1965م بين الهند وباكستان واستنادا إلى الاتفاقية العسكرية المبرمة بين البلدين, طلبت باكستان من الولايات المتحدة النجدة لرد العدوان الهندي, إلا أن هذه الأخيرة فضلت معالجة المسألة عبر الأمم المتحدة, وفرضت حظرا على بيع الأسلحة لكلا البلدين المتنازعين.

وفي عام 1971م لعبت باكستان دور الوساطة في تأمين اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر والوزير الأول الصيني شو ون لاي, الأمر الذي أعاد الدفء إلى العلاقات بين البلدين وأدى إلى استئناف تزويد باكستان بالأسلحة.

وكانت المرحله الثالثه هي مرحلة تدهور العلاقات الباكستانيه الامريكيه والتي بدأت تأخذ طريقها مع تغير الظروف الدوليه حيث اشتعل النزاع الهندي الصيني ونظراَ لخوف الولايات المتحده الامريكيه من انتصار للشيوعيه وقفت الى جانب الهند مما اغضب حليفتها الباكستان والتي حاولت التقارب مع الصين رداَ على التقرب الامريكي للهند،واستمر التدهور في العلاقات بينهما حتى غذت الأزمات المتلاحقة التي شهدتها العلاقات الأميركية - الباكستانية مؤخرا التوترات داخل إدارة الرئيس بارك أوباما حول نوعية العلاقة بين الدولتين والجهة التي ينبغي أن تضطلع بهذه المهمة. وقد أعاق التدهور في العلاقات الباكستانية - الأميركية محاولات إدارة أوباما تحسين العلاقات الهشة بين باكستان وأفغانستان، ففي حديثه لمجلة "دير شبيغل" الألمانية عشية اجتماع بون أشار إلى أنه يعتقد أن أقرب جيران كابل يحاول تخريب فرص مفاوضات للسلام.

ويرى كثير من دبلوماسيي الخارجية الأميركية في النزاع الحدودي، أحدث الأمثلة على الانفصال بين ما وصفه أحد مسؤولي وزارة الخارجية بالأهداف الأمنية قصيرة المدى والأهداف الدبلوماسية بعيدة المدى. فقد وسعت الطبيعة العالمية للحرب ضد "القاعدة" والمنظمات الإرهابية من وجود الجيش الأميركي وعملاء الاستخبارات في دول وسفارات أميركية إلى حد زيادة أعدادهم وإنفاقهم على نظرائهم المدنيين، الذين تتضمن مهامهم أعمالا تتجاوز المهام الأمنية التي تدربوا عليها. ويقول مسؤول بوزارة الخارجية، الذي تحدث عن المخاوف الدبلوماسية "لقد تحولت الدبلوماسية من نواح عدة إلى مفارقة تاريخية".

هذا الخلل يتضح بجلاء في باكستان، حيث تحاول إدارة أوباما دعم الحكومة المدنية الضعيفة في الوقت التي تمول وتنفق فيه بسخاء وترعى الجيش العنيد وتشن عمليات مكافحة للإرهاب عبر وجود استخباراتي موسع وهجمات بطائرات من دون طيار. وعلى الرغم من نفاد صبر الخارجية الأميركية والبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية وعدم ثقتهم في الباكستانيين، فإن الدبلوماسيين الأميركيين أشاروا إلى أن المظاهر والمفاهيم ربما تشكل أهمية بقدر التحركات الرامية إلى تحقيق الأهداف الأميركية؛ خاصة أن أحدها إقناع المعادين بقوة الولايات المتحدة أن أميركا ترغب في تقديم العون، لا الإضرار بباكستان.

ويبدوا ان العلاقات الباكستانيه – الامريكيه ستستمر بالتدهور خصوصاَ اذا ماعرفنا بانها من ضمن الدول التي ستطالها يد التغيير والتقسيم يوماَ ما بالرغم من انها من الدول التي وقفت مع الجانب الامريكي في مايسمى الحرب على الارهاب لكن المصالح الامريكيه تبقى هي الاساس لسياستها الخارجيه وعلاقاتها الدوليه غالباَ ما تكون مرحليه فهي قائمه مادامت مصلحتها قائمه وهي متدهوره مادامت مصالحها قد انخفض مؤشرها ولاننسى المقوله الامريكيه "فأما معنا او مع الارهاب" .

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !