كثيرا ما كنت أسأل عن مجال دراستي، وعندما كنت أجيب أخصائية علاج طبيعي يكون الرد المباشر "يعني مساج؟". حتى وقت قريب كان الفهم العام لاختصاص العلاج الطبيعي في مجتمعاتنا هو المرادف لكلمة مساج، وهذا الفهم كان يقلل من أهمية هذا التخصص بين التخصصات الطبية المختلفة، وبسبب عدم الوعي الكامل لإمكانيات هذا التخصص في الكثير بل بمعظم مجالات الطب حتى من قبل الكثير من الأطباء، لم يكن من السهل إقناع المرضى بالحاجة لإجراء جلسات العلاج الطبيعي.
عبر السنوات القليلة الماضية تطور فهم هذا المجال، فبدأ إدراك أهمية هذا التخصص كمكمل للكثير من الإجراءات العلاجية للمرضى، حيث أنه يساعد على إعادة تأهيل المريض وتوجيهه وإعادته لحياته الطبيعية بأسرع وقت ممكن.
والعلاج الطبيعي كما يتبين من اسمه، هو احد روافد الطب التي تستثمر القدرات الذاتية الموجودة والمتبقية عند حالات العجز لدى المريض دون أن يتسبب ذلك بأي ضرر أو تاثير جانبي على صحة المريض. بل على العكس فإنه يزيد من فرص الشفاء، وللوصول لهذه الغايات فإنه تتم استخدام العديد من الوسائل المساعدة والتي تندرج جميعها تحت مسمى العلاج الطبيعي والذي يأتي كما اسلفنا من استثمار القدرات الموجودة عند المريض وتطويرها لتعويض العجز، وتلك الأدوات والأجهزة يكون تأثيرها فيزيائي بحت.
ومنذ نشأة العلاج الطبيعي تطورت الوسائل المستخدمة لتحقيق الغايات آنفة الذكر، حيث استخدمت مصادر الحرارة والبرودة من خلال الكمادات، وكان قدماء المصريين يعالجون بعض الحالات بالدفن في الرمل الدافئ أوالساخن، كما استغلت في كثير من الحالات مصادر المياه المعدنية الساخنة كشلالات ماعين في الأردن على سبيل المثال لا الحصر، حيث أن هذه الأساليب اعتمدت على الحث الداخلي للقدرات الطبيعية للجسم، ومن ثم تطورت الوسائل العلاجية بتطور الزمن، وزادت الحاجة لهذا الاختصاص مع زيادة الحروب حيث أدت الى مضاعفة أعداد المعاقين الذين يحتاجون إلى المساعدة في استرجاع ولو جزء من قدراتهم المفقودة فتطورت الأساليب والوسائل بتطور الحاجة، فكانت الطرق التي اعتمدت على المساج، والعلاج بالتمارين، وتحت الماء، ومن ثم ادخلت مجالات التنبيه الكهربائي العضلي والعصبي، وطورت المصادر الحرارية إلى استخدام الموجات الصوتية والموجات تحت الحمراء، البنفسجية، القصيرة، ومن ثم أضيفت أمواج الليزر وغيرها من الوسائل المتطورة.
ومما سبق نستنتج أن العلاج الطبيعي بتعريفه هو أكبر مما يراه ويحصره الكثير في كلمة مساج، بل هو جزء مهم من العلوم الطبية المختلفة والتي تعمل جميعا بترابط على مساعدة المريض للخروج من حالة الضعف، واستعادة نشاطه وحياته.
التعليقات (0)