مواضيع اليوم

العقير.. ورحلة الغياب

nasser damaj

2009-08-01 23:04:24

0

العقير.. ورحلة الغياب
بقلم: خليل إبراهيم الفزيع

يعانقكِ الحلمُ
تموج على مقلتيك المنى
وسيلُ الذكرياتِ أسرَجَتْ خيلَها
تنتزعُ من خاصرةِ المجْدِ الذي قد عفا
عليه الزمن
سلاحاً ماج في عواصفِ الصخب
وهذا الهدوءُ وهذا الغضب
هذا الهديرُ من الموج حيناً
يُضاجعُ تلك الرمال الظماء
على الشاطئ..
والهةً لارتشافِ رحيق الوصال
وقد غادَرَ المولعون بحبِّ الجمال
ارتجَّ في كيانها عنفوانُ الدلال
تُنادي وتسألُ.. لا من يجيبُ السؤال
أيا ومضة المجدِ حين تذوب
ألا تسمعينَ أنينَ الرمال
وبوحَ الجراح التي نزفتْ
وفاضتْ بما لا يقال؟
وسيل الحكايا عن الغوص(1)
تفوقُ حدودَ الخيال
فكيف يجورُ الزمان
على من تحدَّى مخاضَ المكان
وأين سَفينُ (ابن يامن)(3)
يحطُّ الرحال
وأين ابن (ماجد)(3) نحو المحال يقودُ الرجال
على سفن الغوص كان اشتدادُ العذاب
نداءً من (اليامال)(4) تشدو به
حناجرُ تاقتْ ليوم الإياب
تناجي على البُعدِ طيفاً نأى
به الدهرُ حين امتدادِ السفرْ
تتوقُ إلى صَـبْوةٍ مـن هَـوَى
وقـد باعدتهـا صروفُ القدرْ
رعى اللهُ تلك الـديار التي
على سـاعديهـا يَنام القمـرْ
وتغفو الحـبيبةُ في خِـدْرهـا
هنيئاً ووحدي أعاني السهرْ
تنادي.. وتجرحُ صمتَ الليالي لطولِ الغياب
وفي القلبِ تنمو حُرقةُ الارتياب
وتسألُ كلَّ الشواطئ حين هطول ضياءِ القمر
وحين يطيبُ السمر
وتسألُ كلَّ النوارس حين انبثاق الضياء
وما من جواب
وتلك النبوءةُ تُبْدي عروسَ البحار
تُعاقِرُ كأساً مُندَّى بفيض العطاء
تجودُ بتلك اللآلئ
حين تحيط رقابَ الحسان
تخبئها
خزائنُ كسرى
وحين تلوذ بفيءِ الرحيل
وترنو إلى المرفأ
حين يلوحُ الفضاء
العقيرُ.. العقير
ذاتُ الجمال المثير
حديثُ المحافل
إليها تحثُّ خطاها القوافل
تنوءُ بأحمالها من ثمار (هَجَر)
ومنها تغادرُ نحو أقاصي البلاد
ومهما يطولُ البعاد
تؤوبُ إلى حضنها
وتعلنُ أن الولاءَ لها
ويمضي الزمانُ
على صدره لوحةٌ من أمل
تلوِّنها سَعفةٌ من نخيل
تقاومُ شهوةَ الانتحار
إذا الجدبُ حلَّ بكل الديار
وموجٌ من الليل حين سَجَى
يُطاردُ ضوءَ النهار
وفي عتمةِ القهر ذابتْ..
قوافلُ كانت تجوبُ الفيافي
وتعرفُ أقسى القفار
وتغفو العقيرُ على ذلك المجد
الذي ودَّعَتْهُ الجفون
طليقاً بها الحلمُ
يجوبُ الشواطئ
ويرجو انجلاءَ القذى عن زوايا السكون
ويُوقِظُ ما قد غفا عَبْرَ طولِ السنين
وحين تعانِقُ تلك الشكوكُ مسارَ اليقين
تُـكَـذبُ فيها الظنون
وتأبى العقيرُ العقوقَ..
وتأبى الزمانَ الخؤون..
____________
(1) الغوص: البحث عن اللؤلؤ في مياه الخليج العربي، وهي مهنة كانت مزدهرة قبل ظهور النفط.
(2) إشارة إلى قول طرفة بن العبد:
عَدَولية أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ يَجورُ بِها المَلاحُ طوراً وَيَهتدي
(3) أحمد بن ماجد: ( 836 - 904 هـ / 1432 - 1498 م ) أسد البحر، من كبار ربابنة العرب ومن علماء فنّ الملاحة وتاريخه، وهو الربان الذي أرشد قائد الأسطول البرتغالي فاسكو دي غاما في رحلته من ساحل إفريقية الشرقية إلى (كلكتا) في الهند سنة 1498م، فهو أحرى بلقب مكتشف طريق الهند. ولد بنجد، وصنف كتباً منها: ( الفوائد في أصول علم البحر والقواعد ) وأرجوزة سماها ( حاوية الاختصار في أصول علم البحار ) ورسائل أخرى.
(4) اليامال: من أهازيج الغوص التي كانت تردد في رحلات البحث عن اللؤلؤ في الخليج العربي.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات