من الأمور المهمة والمؤثرة في بناء القوة العسكرية في دول العالم تحديد العقيدة العسكرية ومفاهيمها الإستراتيجيةلجيوشها بصفتها الإطار الشرعي الذي يحدد الغاية من إعداد القوات المسلحة وآداب القتال وغير ذلك من المسائل ذات الصلة بالعمليات الحربية،ولقد صارت الدول قديما وحديثا في محاولة التعرف علي أسرارها وأساس ومناط نجاحها وفعاليتها.
.
ولن أخوض كثيراً في تلك المحاولات التي قتلت بحثاً، وإنما سأحاول في هذه الصفحات أن ادخل مباشرة حول هذا الموضوع الشائك، عسانا نقف في نهاية الأمر على ملامح وأبعاد العقيدة العسكرية الذي إذا حاولنا أن نحذو حذوها حققنا النجاح والفلاح لمجتمعنا ،رغم أن بعض القادة في عالم المسلمين لا يزالون يعتقدون أنه لا صلة للعقيدة بالنصر ، يحسبون أن النصر للآلة الفاتكة، ويهملون شأن الذي يحرك الآلة، وينسون أو يتناسون أن الطائرات والدبابات والأسلحة لا تخرج عن كونها كتلاً من الحديد صنعها البشر لاستخدامها في الحروب، ولا يزال الإنسان هو المسيطر عليها، وبدونه لا قيمة لكل سلاح وعتاد، وبدون عقيدة تحقق عنده إرادة القتال، وتوحُّدِ الصف، وتحقُّقِ الانسجام. ولو نظر هولاء القادة الى الكراسات العسكرية الغربية التي يدرسونها ويدرسونها لوجدو ان العقيدة هي المحرك الاول لكل مافي عقلياتهم وافكارهم واهدافهم في تنفيذ خططهم وتدريب جنودهم .
.
إن الذين يحسبون أن النصر للآلة، ويهملون شأن الإنسان، إنما يضعون المقدمات الخاطئة التي سوف تسلمنا إلى نتائجها الخاطئة حتماً، وهي أن الغرب وإسرائيل يمتلكون التفوق التكنولوجي والآلة الفاتكة ونحن لا نملكها، فلم يبق أمامنا إلا الهزيمة والاستسلام لعدونا مهما حاولنا تسمية الأمور بغير أسمائها، وينسون أننا نمتلك التفوق الاستراتيجي، وأن ادعاءهم هذا مدفوع باستقراء الواقع البشري والجغرافي والاقتصادي، ومدفوع أيضاً ببعض النماذج الخيرة المؤمنة التي أبلت بلاءاً حسناً ولم يصبح السلاح عبئاً عليها.
.
لابد من إغناء تصورنا، وذلك بقراءة العقائد في مختلف دول العالم كجزء من العقيدة العسكرية وثمرة لها، حتى نتمكن من مد الرؤية الصحيحة والحكم على الواقع المتجدد من خلال منظور إسلامي، ذلك أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يتحصل هذا إلا بقراءة العسكرية العالمية، ثم مقارنتها بالعقيدة العسكرية الإسلامية جزء من التصور الإسلامي والعقيدة الإسلامية بشكل عام، ويخطئ كل الخطأ من يظن، أو يلبس عليه، أنه بالإمكان أن يكون العسكري مسلماً ويحارب بعقيدة عسكرية غير إسلامية، والواقع المهزوم دليل ذلك، وباستقراء التاريخ نرى أن المسلمين لما تخلوا عن تطبيق العقيدة العسكرية الإسلامية تخلى عنهم النصر، ذلك أن دراسة العقيدة العسكرية الأجنبية والالتزام بمصطلحاتها، وإهمال العقيدة الإسلامية يصيب الدارس بقدر من الهزيمة النفسية يحطم معنوياته ويلغي شخصيته، ويشعره دائماً بعقدة التفوق لدى أعدائه. وسوف يكون موضوعنا في هذا البحث احدث الدراسات العسكرية هو منبعي في بحثي عسى أن ينتفع به كل من يطلع عليه.
.
يقول (مونتجمري) في كتابه الحرب عبر التاريخ تحت هذا العنوان المسلمون قوم لا يُقهَرون. (في غضون مائة سنة امتدت الدولة الإسلامية من بحر الأورال إلى أعالي النيل، ومن تخوم الصين إلى خليج بسكاي، ولم تكن هناك سوى قوة واحدة لديها القدرة على مقاومة المسلمين في ذلك الوقت وهي الإمبراطورية البيزنطية بالرغم من فقدها الجزء الجنوبي الشرقي من إمبراطوريتها، وفي عام (636م) حشد الإمبراطور البيزنطي جيشاً مكوناً من خمسين ألفاً ليقاتل به العرب، وكان جيشهم نصف عدد الجيش البيزنطي وبقيادة خالد بن الوليد، والتقى الجيشان عند اليرموك، وقد أسفرت المعركة عن هزيمة الجيش البيزنطي،وتشتت صفوفه ولاقوا حتفهم على أيدي أهل الصحراء، وأدى هذا إلى تقلص جبهة البيزنطيين حتى وصلت جبال طوروس، كما سقت الإسكندرية في قبضة عمرو بن العاص..) وفي موضع آخر يقول (مونتجمري): (كان العرب يندفعون نحو القتال، تحركهم أقوى دوافع الحرب ألا وهو الإيمان والعقيدة. كانوا يؤمنون إيماناً راسخاً بالدعوة الإسلامية ويتحمسون لها ويغارون عليها، ويعتنقون مبدأ صلباً هو الجهاد في سبيل الله، وقد تغلغل في قلوبهم..). ( )
حرر 1/3 /1421هـ
تفضل رابط الكتاب
http://www.4shared.com/document/ylEuz497/____2.html
.
التعليقات (0)