الله خلق الملائكة بلا غرائز والحيوان بلا عقل,وجعل الإنسان ما بينهما.
فأقام له الجنة وأعد له النار,ثم خيره بينهما.
الاختيار في جوهره هو امتحان لإدراكنا ووعينا.وإلا لما كان للجنة و النار أي مسوغ أو معنى.
والاختيار هو ابتلاء انزله الله على الجن والإنس من العباد,ورفعها عن الملائكة والحيوان.
وتعالى جلاله على كل اعتراض وانتقاد.
وما دام هناك اختيار فلا بد من متناقضين ليؤخذ بشأنهما القرار,ألا وهما ,,العقل والغرائز.
ليست كل الغرائز خطايا,إن لم تتجاوز الأهداف وتتخطى الحدود.
ولا كل العقول سجايا,وإن بلغت مرادها وأملها المنشود.
فغريزة الجوع تدفعنا لنأكل حتى نعيش,,لا لنعيش كي نأكل.
وغريزة البقاء تدفعنا إلى حب الآخرين,,لا لنقتل الآخرين لنحيا.
وغريزة الجنس تجعلنا أمهات وآباء,,لا رواد بيوت دعارة وبغاء.
والعقل يعلمنا أن الحاجة هي أم الاختراع,,لا أن نخترع لنولد الحاجات.
العقل اطلعنا على قوانين الحياة لننعم بالسلام والحرية,,لا لنتمرد عليها ونهوي في جحيم الظلم والعبودية.
العقل أوصلنا إلى الحكمة والمعرفة الألهيه لتكون نفوسنا متوازنة,اجتماعية غيرية.
لا لنسلم بضعفنا ونتناهى إلى الفردية والصوفية.
إن أطعنا العقل صرنا ملائكة,,والله لا يريد بنا ذلك.
وإن تبعنا الغريزة تحولنا إلى بهائم,,والله لا يريد لنا ذلك.
إن الصراع الدائم بين العقل والغرائز في داخل النفس البشرية يؤدي بها إلى التشتت والضياع,وإنكار الذات الإنسانية.
ولأن الله رحيم وعادل وحكيم,صاحب الحق والميزان.
خلص الإنسان من عدائه لنفسه وقوض له عدواُ خارجياُ,سماه الشيطان.
ومن المعلوم أيها السادة بأن كل أخطاء البشر سببها الشيطان.
إن العقل مهما ارتقى لا يمكنه أن يلغي الغرائز أو يعطلها.
فالغرائز هي الحاجات التي تضمن البقاء,والعقل نفسه يحتاجها.
إلا أنه يسيطر عليها ويتحكم بها ويوزع أدوارها.
فهو لا يكبت أو يثبط غريزة إلا ليحفز وينشط غيرها,تبعاُ للظروف والأحوال والمرجو منها لخدمة المصلحة العليا.
فالطالب قبل الامتحان يكبت الكثير من غرائزه ليفسح المجال أمام غريزة النجاح والشهرة.
وغريزة الأمومة تطغى على كل الغرائز عند المرأة.
وكلما ارتقى العقل في الإدراك والمعرفة,زادت براعته وحكمته في تشغيل الغرائز المختلفة.
حتى تسمو النفس البشرية بأوصافها المشرفة.
وهنا يبرز دور الأسرة والمجتمع في صناعة عقول تجيد قيادة أجسادها
إلى محاكم الأخلاق وعدالة الضمير وقانون الحق والخير والجمال.
والمجتمع الذي يسوده اللصوص ويحكمه الفساد وتستبيحه الجريمة.
ما هو إلا غياب العقل وهيمنة الغرائز وتفشي الجهل.
وفي بعض الأحيان أيها السادة تتمرد الغريزة على الإرادة وتنفلت من حبال العقل.
فنخضع لها صاغرين أذلاء,,ذلك هو الإدمان.
ويتدخل الله ثانية رحمة بعبده الإنسان.
ويخبره بأنه ليس مطالب ولا هو قادر على قتل الشيطان.
والله لا يكلف نفساُ إلا وسعها
ووسع النفس هو الاستطاعة,والاستطاعة هي القدرة,والقدرة هي المعرفة,والمعرفة هي العقل.
الله خلق العقول شتى,متباينة في مستويات الذكاء والإدراك والأداء.
خلق عقولاُ من كل صنف ولون,لينسجم الإنسان مع تفاصيل هذا الكون.
فأنار عقولاُ وأظلم عقول,,ليوجد الخير والشر.
وأعلم عقولاُ وأجهل عقول,,ليوجد العدل والظلم.
وفتح على عقول وختم على عقول,,ليوجد المحبة والكراهية.
وهدى عقولاُ وأضل عقول,,لأجل الجنة والنار.
العقل والغرائز هما الكفتان في ميزان الضمير.
وهذا في داخل كل إنسان,مهما كان,غنياُ أو فقير,صعلوكاُ أو أمير.
ويجب أن تتساوى كفتا هذا الميزان ليحقق الإنسان إنسانيته كإنسان.
ويتدخل تعالى ثالثة وينزل كتب الأديان.
فأحكم أيها الإنسان ضميرك في كل شؤونك ولا تتبع خطوات الشيطان.
لتكون بحق إنسان وتشعر من أعماق نفسك بالراحة والأمان.
وتبلغ شاطئ الأمان,وتفوز برضى الرحمن,لتنعم في الآخرة بالجنان...
اللهم إن كنت قد أخطأت فأنت الذي لا يخطئ.
وإن كنت قد أصبت فأنت الذي يجزئ..
التعليقات (0)