العقل كوكتيل عربي

العقل العربي عقلُ مختلف عن غيره فهو لا يخرج عن ثلاثة أنواع، الأول متدين موغل في التدين لدرجة التشدد والثاني ليبرالي مع الأصدقاء يبحث عن ملاذته ويسافر من أجلها متدين مع أسرته بشكلِ يشعرك أنك أمام عابد زاهد من الرعيل الأول والثالث علماني ليبرالي اشتراكي شيوعي مخلوط كعصير كوكتيل لكنه لا يعترف بالاديان خصوصاً الدين الإسلامي.

لكل عقل طريقة تكوينه وظروفه البيئية التي وجد بها، فمن نشأ في بيئةِ متدينة فإنه في الغالب سيكون متديناً ومن عاش وسط بيئة يغلب عليها طابع الانفتاح سيكون منفتحاً وداعياً إلى ذلك، العقل البشري يحتله الأسبق إليه وهذه حقيقة يجب أن تُدرس وتُقال، في ثقافتنا العربية يتم التعامل مع العقل وفق المنظور الجاهلي القديم الذي يراه عبارة عن صفه أخلاقية فقط كالمرؤه والشهامة الخ، أما العقل من الناحية الفلسفية ومن الناحية الدينية والنصوص المقدسة وتحديداً في القرآن الكريم عبارة عن الربط بين الأسباب والمسببات الطبيعية بمعنى أن العقل هناك يعني التأمل والتفكر والتدبر والبحث والتنقيب والتساؤل الخ، العقل العربي وليد بيئة إلغاء العقل فالعقل العربي ليس العقل القرآني بل هو العقل الجاهلي الذي تمت إعادته للعصور القديمة..

ليس عيباً أن ينتقل العقل من محطة فكرية إلى أخرى لكن المعيب أن يبقى ذلك العقل حائراً وغير قادراً على القيام بوظيفته الأساسية التي من أجلها خُلق؟ 

الليبرالي العربي ليبرالي ينتقي القيم الليبرالية حسب احتياجاته وكذلك المتدين يصنع لنفسه كوكتيلاً اسلامياً يناسبه ويحاول تطبيقه بشتى الطرق والعلماني يتعلمن لأنه كاره لكل الاتجاهات وليس لأنه مؤمن بالعلمانية كفكرة إنسانية لها مالها وعليها ما عليها كغيرها من الأفكار الإنسانية. 

نحنُ لسنا بحاجة لأجيال قادمة تزدري العقل أو تعطله، فيكفينا قرون مضت والعقل تايهُ حائر، لكي نتخلص من عقدة الخوف من تناسل الا عقلانيون فإن الطريقة الوحيدة لإعمال العقل وتحويله من عضو خامل ممتليء بما لُقن به هو تركه يطرح التساؤلات ويبحث عن الإجابات ويربط بين الأسباب والمسببات مثلما علمنا القرآن الكريم في القصص القرآنية التي هي تاريخ نقف عليه ومرآه نرى من خلالها أنفسنا، والبداية الحقيقية والفعلية من الأسرة فالاسرة هي الأساس ولكي تقوم بوظيفتها فإن ذلك يتطلب عملية تربوية تعليمية تضع في سلم أولوياتها العقل السليم ليس في الجسم السليم فحسب بل في البيئة السليمة بتفاصيلها الدقيقة ..