العقـلُ والعبــادة !

على ضوء الحوار المُغلـق الذي جرى بين طفل وأبيه ، إرتأيت الرد على الطفل البريء ، و تطوعت (لوجه الله)  للإجابة عن سؤاله الأخير الذي عزف كاتب الحوار ، أو والد الطفل عن الإجابة عنه ، لأسباب لن نبحث فيها لأهمية السؤال الطفولي التي تفوق أهمية الدوافع الشخصية وراء الموضوع ! ..
فالله خلق الإنسان للعبادة نعم ، لكن العبادة لاتقتصر على الركوع والسجود فحسب ، بل هي أيضا في التأمل والتدبر، وفي إحكام العقل في شتى الأمور الدينية والدنيوية .. ورغم عبودية الإنسان إلا أنها لم تسلبه كرامته بقدر مازادتها ، ولم تجعل منه آلة تعمل وفق كتالوج من المصنع .. لذلك مُنح عقلا ليعرف به ربه حق المعرفة بالملاحظة وبالبحث وبالتمحيص ، وليعبده حق العبادة ، بل إن العبادة لا تصلح بغير العقل ! ..
جاء في الحديث : ( رفع القلم عن ثلاثة ، الطفل حتى يبلغ ، والمجنون حتى يعقل ، والنائم حتى يستيقظ ) ، يعني أن الملائكة الكتبة لايكتبون حسنات وسيئات الإنسان في تلك الحالات الثلاث لغياب شرط العقل في تحمل مسؤولية الأفعال حتى ولو كانت نتائجها كارثية في حق النفوس والمحيط ، ما يعني أيضا أن الإنسان يملك كامل الحرية في القيام بأعمال إما حسنة وإما سيئة بحسب إختياراته ، التي لايؤخذ بها إلا في حالة حضور العقل كدليل على وجود القدرة على التمييز والإختيار ! ..
وأيضا جاء في القرآن الكريم ما معناه : لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ، لأن حقيقة العبودية أن تكون طواعية وعن قناعة ، وبخشوع تام  ، وكل ذلك لايتأتى إلا بالعقل .
فهل عرف ذلك الطفل المسكين لماذا تحتاج العبادة إلى عقل ؟ .. حتى وإن لم يفهم فنحن مستعدون للإجابة عن تساؤلاته بما أمكن ! .
ــــــ
تاج الديــن : 09 ـ 2010