العفريت....

لن أتكلم في السياسة !!! إنها زئبق يتحرك في حيرة بين اليمين والشمال في حركات عصبية مضطربة....اليوم هنا وغدا هناك بعيدا جدا!!! وما زال الشارع عندنا في بلدتنا الصغيرة كما هو والبيت في مكانه والناس قد مات منهم عدد قليل وولد في نفس الوقت مواليد جديدة...ما الذي حدث عندما حاكموه؟ أعدموه؟!! لا فرق عندي بين موته وحياته....ماذا حدث عندما حلوا مجلس الشعب أو ربطوه أو علقوه؟ ماذا حدث عندما خلا منصب الرئيس؟ ما زال التكتك يمشي مزاحما الناس ومهددهم بالدهس!!! ما زالت الأصوات الصاخبة المزعجة تخرج من نفافير الشاحنات كأنها صيحات يوم القيامة ...إنها تصرع السامع وتلقي الماشي على قدميه طريح الأرض من هول صخبها....إنها تجعل زجاج البيت يهتز مصدرا أزيز الشكوى والخوف ...إنها توقظ الصغير النائم في هدوء في فزع وهلع...ماذا أحدثت الثورة في بلدتنا النائية؟ لا شيء على الإطلاق....ها قد عدت إلى السياسة...سوف أخرج منها سريعا ...ولكنها تطاردني وكما يقول كامل الشناوي تطل من رأسي وتشد أذني ولطالما باركت كذبها ولعنت ظني ولكني الآن ألعنها هي.... ألعن السياسة ...بعوضة العصر التي لا تموت بالمبيد ولا تمنعها الشباك الدقيقة من التسلل حين نفتح الباب....إنها تهجم علينا في التلفاز وفي الحاسوب ...إنها بكمان الحياة وعفريت الإعلام وشيطان اليقظة وكابوس النوم....تقول كيف نفر منها؟ ...لو كنت أعلم ما أشركتك في البحث عن حل لمصيبتي التي تطاردني ليل نهار وكلما سلكت طريقا سدته على...وكلما شغلت نفسي في أحوال البشر سألني أحدهم في السياسة فأعادني إلى سجنها القاسي المظلم....ألا أيها السياسة ابتعدي قليلا حتى أتنفس ساعة في جو صحي بعيدا عن أدخنتك وعوادمك والذين أعدمتيهم وبدلتيهم وجئت بالذي هو أسوأ ....أغيثونا يا رفاق بقصة طريفة أو مزحة تنسينا هذه المدعوة ....سياسة