لا أعرف ، كما كثير من المغاربة لماذا الإصرار على هذا التحول الخطير كل سنة؟..
إنه خطير فعلا، فبمجرد إقراره إلا و تجد الجميع يعبر عن سخطه من القرار،ويعدد مساوئه التي لا حد لها على صعيده الشخصي ، وتأثيره المدمر على مشاغله و أعماله..
حكومتنا الموقرة جدا ، تختار عنوة كل سنة ،أن تزيدنا بدل كل ما نتمنى فيه الزيادة ساعة تغزو منبهاتنا معلنة أن لا إمكانية لمزيد من النوم أو الراحة..تضيف ساعة فتختل عاداتنا كلها..
نستفيق متأخرين او على وشك ، نجد أنفسنا نجري في سباق مع الزمن كي لا نتأخر عن أعمالنا ،أو اغراضنا الادارية..تختلط علينا الساعات فلا ندري إن القديمة هي ما نتبع أم الجديدة..حين تذهب لإدارة تكتشف أن الموظفين ناقصي نوم ..وحين تذهب لارتشاف قهوتكا الصباحية تفاجأ بأن المقهى الذي اعتدت افتتاح نهارك لم يفتح أبوابه بعد..أنت تعمل وفق الساعة الجديدة،و المقهى وفق الساعة القديمة !!
وحدها الديكة ، لا تناقش الموضوع و تظل على عاداتها و أوقات صياحها...
تقع كثير من الحوادث الزمنية-نسبة إلى الزمن ذاك- بسبب هذه الزيادة المربكة التي يصح عليها قول مغاربة قدماء"الزيادة من راس الأحمق"..
حين تريد إصلاح ساعتك مثلا ،وتذهب بها إلى الساعاتي ، فإنه يردها إليك مضبوطة حسب توقيته:الساعة القديمة..وحين تذهب بخبزك إلى فرن الحي ، تجده لم يضع الفحم بعد ..فهو يعمل بساعته القديمة.. فيبقى خبزك المسكين يختمر و يعود عن ذلك،وحين ينضج و تتناول غذاءك تجد أن وقتك رغما عنك مشى في درب صاحب الفرن و الساعاتي و نادل المقهى...
حتى المنبهات و الساعات في البيت الواحد تتفاوت ،فساعة الحائط الكبيرة تعلن توقيتا بينما ساعة يدك تعلن أخرى ،وتصدح دقات بيغ بن بتوقيت آخر..ويختلط عليك وقت حليب رضيعك ،أو وقت قيلولتك ..فتقول كما يقول جدك حين يغضب ،وقد سمع آذان صلاته وقد وصل سجدته الأخيرة، بلهجته البدوية "الساعة لله"..
إرباك ما بعده إرباك !!
مصرة هي حكومتنا على إضافة هذه الساعة ، لا تبرير لها إلا اقتصاد استهلاك الطاقة !! نحن لا نرى أي اقتصاد..الأضواء تضيء في نفس الوقت بالساعة القديمة،ومحطات الوقود لا دخل لها في الموضوع وتعمل بعقاربها القديمة..والمعامل لازالت تعمل ليلا و نهارا ،ولم تضف ساعة كي يعمل عمالها أقل أو أكثر بساعة...
نشرات الأخبار التي تعودناها ،أصبحنا نتأخر عنها بساعة،وبرامجنا المفضلة تعمل وفق توقيت غرينتش الأقل بساعة و توقيت مكة الأكثر بثلاث ساعات التي أصبحت اثنيثين وقس على ذلك.. و المعلمون أضافوا إلى التدريس مهمة أخرى هي إفاقة التلاميذ الناعسين.. !
سؤال المرحلة هو متى نتعشى و ننام لكي نستفيق مرتاحين و نشطين؟..
وحدهم المحتالون من الناس المستفيدون ، فكل من أراد التملص منك أو من غرض يتعذر بكونه ضرب لك موعدا في وقت أسأت فهمه،فإن واعدته بالساعة القديمة قال أنه ظن الإتفاق بالساعة الجديدة..
أخطأت الحكومة ، فهي تعلم الناس التملص !!
وكما أن الحكومة مصرة على زيادة الساعة ،فإن أغلب الناس مصرون على الاستمرار بالتوقيت القديم..يمكننا أن نتخيل إذن حكومة تسبق مواطنيها بساعة ، كيف يمكنهم اللحاق بها؟ !.. لكنها مع ذلك أم لها من الحنو و الحنان الكثير ، فهي التي تعود حين يقترب رمضان،لأن وقت الحريرة على مائدة الإفطار لا يقبل الجدل بساعة قديمة أو جديدة...
إنه أول عصيان ينجح حتى قبل أن يبدأ..عصيان المغاربة لتوقيت حكومتهم..
هو عصيان زمني..
التعليقات (0)