كان يا ما كان في قديم الزمان بلاد تطل على البحر الازرق الجميل وفي تلك البلاد حديقة واسعة وكبيرة تكثر فيها الاشجار مثل البرتقال والعنب والتين والزيتون وبين اغصان تلك الاشجار كانت تعيش عصافير جميلة فرحة ومرحة تاكل من ثمار االشجر وتشرب من النهر وهي تعمل طيلة اليوم مغردة مزقزقة ثم تعود لاعشاشها ليلا ترتاح بعد مشقة النهار وتغط في سبات عميق راضية مرضية.
وذات يوم من ايام الخريف الكئيبة والعصافير مختبئة من زوابع وعواصف هذا الفصل الغابر ومحتمية من برده وريحه العاتية اسرابا اسرابا بين الاشجار.اذ تعالت اصوات الزقزقزة والتغريد فلا بد ان شيئا قد حدث؟؟؟؟؟؟؟ وما هي الا لحظات حتى عرف السبب وبطل العجب...انه طائر غريب.. ليس من طيور هذه البلاد لكنه كان مبللا من مياه البحر يسير ببطء شديد يحاول ان يطير لكنه لا يستطيع .وبحاجة للمساعدة
قررت العصافير انقاذه مهما كلف الامر وحملته الى مكان امن بحديقتها ثم اخذت تتناوب باحضار الطعام والشراب اليه والحراسة عليه ليلا ونهارا وما هي الا اياما معدودة حتى اخذت صحة هذا الطائر تتحسن وجناحيه تقوى ..وبعد شهر من خدمة العصافير له وعلاجه عاد الطائر كما كان بل اقوى من ذلك بكثير .فرحت العصافير لانقاذها الطائر ومساعدتها له واقامت له بيتا دائما في الحديقة يعيش فيه لاخر العمر فالطائر كان قد ابلغ العصافير بانه كان يسكن في بلاد بعيدة وباردة مع طيور اخرى من بني جنسه فتعرضت الى هجوم من طيور جارحة مات فيها الكثير من بني جنسه وهرب الباقي من العذاب الشديد الذي لحق بها وهاهو الان يسكن في امان واطمئنان وفي ارغد عيش واهنا حياة عكس ما حدث له عبر البحر في تلك البلاد البلاد البعيدة والتي هرب منها وهو لا يصدق بالنجاة
عاش الطائر الغريب بين العصافير كواحد منها رغم شكله المختلف وحجمه الكبير لكنه كان كسولا لا يخرج للعمل وياكل الطعام الذي تقدمه له العصافير بنهم شديد ويشرب ضعف ما تشرب
سكتت العصافير ولم تطلب منه العمل ومساعدتها في الاعمال كي لا نهين ضيفها لكن الطائر لم يكترث ولم يهتم وبادلها الاحسان بالاساءة واخذ ينام كل يوم في مكان مختلف ويخلق المشاكل والفتن بين العصافير ويخرب الاعشاش ويكسر البيض
حزنت العصافير حزنا كبيرا على افعال الطائر التي انقذته من الموت ولسان حالها يقول لا تصنع المعروف في غير اهله..وتعبت من افعاله الشريرة وكيف بادلها الخير بالشر
وكان لا بد لهذه العصافير ان تطالبه بالكف عن هذه الاعمال الشريرة ..والعيش في هذه الحديقة الكبيرة فالمكان واسع والخير كثير والعصافير كريمة جدا معه.بعد لجوءه اليها من الظلم والظلمات
ويا للعجب من رد الطائر على طلب العصافير فقد غضب جدا ورفض كلام العصافير وصاح بصوت مخيف :لن اسمع كلامكم ايتها العصافير الحقيرة الصغيرة:
فهذه الحديقة لي كل شئ لي الماء والفاكهة كل شئ فاغربي عن وجهي وطيري من حديقتي..
صمتت العصافير وهي في ذهول غير مصدقة..لكنها لم تخافه رغم قوته وقالت بصوت واحد هذه حديقتنا وانت لاجئ وقد اكرمناك وحميناك وشفقنا عليك ..وانت تعمل الشر بدل الخير الذي قدمناه لك بعكس ما حدث لك ولبني جنسك في بلاد عبر البحر
وكررت العصافير طلبها مرار وتكرار ان يكف الطائر عن اعمال الشر .ولكنه وللاسف غضب هذه المرة ايصا واخذ يهاجم العصافير ويقتنها لكبر حجمه وصغر حجمها صم طار الى مكان قريب من البحر ويطلق اصواتا غريبة فلم تدر العصافير الا وبمجموعات كثيرة على شاكلته تهجم على الحديقة وتطرد وتقتل وتجرح الكثير من العصافير الجميلة الصغيرة
ونزحت اغلبية العصافير من الحديقة خوفا من البطش والقتل وسكنت في حدائق مجاورة .تعيش في ذل وحزن وامل ان تعود يوما الى حديقتها وتعيش مع جميع الطيور بسلام وامان
وما زالت هذه العصافير الصغيرة المسكينة تغرد با صوات جميلة
وتطالب بحق العودة لحديقتها المغتصبة الجميلة
التعليقات (0)