مواضيع اليوم

العشائرية الأردنية وقانون الإنتخاب

sulaiman wwww

2012-07-16 04:30:46

0

 

من المغالطات السائدة في الخطاب السياسي الأردني ، لدى قوى المعارضة بشكل عام وعلى رأسها الحركة الإسلامية ، أن العشائرية ، والتي يتم إتهام فانون الإنتخاب القائم على الصوت الواحد بتكريسها ، هي مصدر كل المشكلات والسلبيات التي يعاني منها الوطن من فساد وعنف مجتمعي وغيرها من المشكلات . في السطور التالية ، نتناول موضوع العشائرية من عدة جوانب ، ومن ضمنها المنظور الشرعي الإسلامي ، وهو أحد أهم مكونات الثقافة الاردنية .
في الحديث الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم أن هرقل لما سأل أبا سفيان عن صفات رسول الله ، (ص)، ومن ذلك سؤاله حول حسبه، قال :" كذلك الرسل تبعث في أحساب قومها ". ومعنى ذلك أن الرسول يبعث في عز من قومه ومنعة من عشيرته . وكم من قوم ممن أرسل اليهم رسول خاطبوه بقولهم (لولا رهطك لقتلناك)، أي لولا قومك وقبيلتك . وينسجم مع ما سبق قوله (ص ) في الحديث الصحيح "الأئمة من قريش".كما روى البخارى ومسلم حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم ورد بألفاظ متقاربة جاء فيها أن الناس تبع لقريش ، وأن الأئمة يكونون منهم.
وفي كتابه (السلطة والمعارضة في الإسلام) ، يشير الدكتور زهير هواري إلى أن أحد أهم الأسباب التي دفعت أهل المدينة الى نصرة الرسول بعد هجرته هو أن بني النجار من الخزرج ، هم من أخوال والده ، ونقرأ في السيرة النبوية أن والد الرسول (عبد الله ابن عبد المطلب) أرسله والده ، جد رسول الله، الى المدينة لشراء التمر من عند أخواله ، فتوفي عندهم بعد أن مرض هناك .كما وأنه عندما إندلع خلاف بين عبد المطلب ونوفل بن عبد مناف ،وذلك قبل مولد الرسول (ص) جاءه الخزرج مدججين بالسلاح من المدينة إلى مكة لنصرته . وقد تفسر العلاقة السابقة حقيقة أن 9 من 12شخصا ممن بايعوا الرسول في البيعة الاولى كانوا من الخزرج. ما تشير إليه الوقائع والأحاديث السابقة ، هو الدور الكبير للأحساب في نصرة الإسلام في فجر التاريخ الإسلامي ، وأن الإنتماء إلى القبائل والعشائر الكريمة من الخصائص الإيجابية والتي تُنظر في ولاة الأمر ومن يتولون شؤون الحكم.
ولا يمكن ، إلا لحاقد أو مفتر، أن ينكر أصالة وكرامة منبت العشائر العربية الاردنية في كافة أرجاء الوطن ،أو يدعي أنها تغرس في أبنائها ، وخصوصا من تقدمهم لخدمة الوطن ،أوتورثهم بذور تلك المشكلات التي تنسب لإنتماءاتهم العشائرية زورا وبهتانا ، وذلك من قبيل الفساد والإفساد أو العنف المجتمعي الذي أصبحت العشائرية لازمة تتكرر في تفسيره وذلك لغايات معلومة في نفوس من يحاولون ترويج تلك التفسيرات الباطلة.
قد لا يعلم هؤلاء بأن غالبية العشائر الاردنية ، والتي حملت لواء بناء الوطن وقدمت التضحيات في سبيل رفعته ونهضته وذلك منذ بدايات الدولة، تقوم بإختيار أبنائها الذين تقدمهم كمرشحين لعضوية المجالس المنتخبة من برلمان أو بلديات عبر وسائل ديمقراطية تمثل قدوة تفتقر إليها العديد من الأحزاب التي تريد ديمقراطية مفصلة على مقاسها ، وقد لا تعلم جماعة الإخوان المسلمين ، والتي نرى أنها الأكثر إحتياجا لربيع إصلاحي ، بأن العشائر الاردنية تسمح لابنائها ممن بلغوا سن 18 عام المشاركة في انتخاباتها الداخلية ، وذلك على النقيض من الجماعة التي تحرم أعضائها ممن هم دون سن 25 عاما من المشاركة في إنتخاباتها الداخلية ، كما وتحرم النساء بالمطلق من المشاركة بتلك الإنتخابات.
كما ويمكن لأي عشيرة أردنية ، أن تقدم قائمة بأسماء العشرات ، بل والمئات من أبنائها الذين كانوا من بناة الوطن ورجاله الأوفياء ( ونشير هنا إلى اللفتة الجميلة التي قدمها الزميل إبراهيم الغرايبة في أحد مقالاته حول أكبر الأحزاب الاردنية والجماعة التي توجهه حين تساءل عن الاسباب التي تدفع كوادر وقيادات ذلك الحزب وتلك الجماعة إلى الحديث عن عمر بن الخطاب في معرض حديثها عن إنجازاتها أو أهدافها كما لو كان الفاروق عضوا في الحزب أو الجماعة ! في حين تتجنب الحديث عن تجارب رجالاتها الفاشلة في الحكومات والمجالس النيابية والتي تغرش عنها كما يقول الزميل احمد ابو خليل: كما هو الحال بالنسبة الى المشاركة في حكومة مضر بدران مطلع التسعينيات و وزارة التربية والتعليم في العقود السابقة ).
رغم ما سبق ، نقر بوجود حالات إستثنائية غير مقبولة ، لا تعبر عن العشائر الاردنية وذلك في سياق إختيار وترشيح أبناءها لعضوية المجالس المنتخبة أو ضمن من شغلوا بعض مواقع المسؤولية . ولكن ما سبق لا يبرر اللغة السلبية المستخدمة في الحديث عن العشائرية ، كما لا يبرر المطالبة بإعتماد القائمة النسبية بنسبة 50% ضمن قانون الإنتخاب في المرحلة الحالية حيث أن الانتماء القبلي يطغى على الانتماء الحزبي ، وبما يعزى إلى فشل تلك الاحزاب في إقناع المواطنين بالانتساب الى تلك الاحزاب (وقد يكون من المنطقي تبني قائمة نسبية بنسبة مكافئة لنسبة المواطنين المنتسبين الى الاحزاب ، وهي المعادلة التي يقود تبنيها إلى تقليص عدد مقاعد القائمة النسبية في قانون الإنتخاب إلى ما دون 27 مقعد) . أما بالنسبة إلى عزو العنف المجتمعي إلى العشائرية فتلك مغالطة اخرى يتوجب تجنبها ، لأن السبب الأساسي لتلك الظاهرة كما نرى ، هو المبالغة في تشويه صورة النخب الاردنية وإستخدام التعميم المضلل في ذلك ، مما دفع بالبعض من الأشخاص غير الناضجين أو السفهاء ، وضمن أجواء الحرية التي رافقت ما يسمى بالربيع العربي خلال العامين الماضيين ، إلى النظر الى المساواة بينهم وبين تلك النخب التي تم تشويهها على أنها تقترن بعدم الخضوع للقانون بما يتضمن ممارسة العنف والسلوكيات العدوانية.
العشائر الاردنية ، إذا تم النظر إليها بعين الإنصاف ، تشكل قدوة حسنة يمكن لجماعة الإخوان المسلمين اتباعها وخصوصا في إصلاح آليات الإنتخاب الداخلية لديها لتمكين الأعضاء ممن بلغوا سن 18 عام من المشاركة في الانتخابات،وكذلك الحال بالنسبة للنساء اللواتي لا يجوز أن يستمر حرمانهن من حق المشاركة في إنتخابات الجماعة وإستخدامهن مجرد دروع بشرية في المسيرات والمظاهرات كما عبرت عن ذلك مجموعة من الإخوات المسلمات في اللقاء الذي كشف عن تفاصيله الاستاذ ماهر ابو طير ، وذلك من الأمور التي لا يمكن لأي عشيرة اردنية اللجوء إليه مهما كانت المكاسب المترتبة على ذلك.
لذلك نقول ، نعم لتكريس العشائرية الاردنية ، والتي تشكل الضمانة الأساسية لعدم تمرير مشروع الوطن البديل وإنشاء دويلات إسلامية المظهر ،ومخالفة للشرع في أهدافها وغاياتها ، إلى جانب دولة يهودية باتت خيارا غير مستبعد بعد فرض واقع دويلة حماس "الإسلامية" وإسقاط خيار المقاومة الذي يتناقض مع ضمان الإستمرار بالجلوس على كرسي السلطة المغوي.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !