مواضيع اليوم

العزف على اوتار الريح

فارس مشعل تمو

2009-03-24 23:04:05

0

 لازلنا نعاني من الغموض, وانعدام الشفافية, والالتفاف حول الفكرة . نراوح في المكان, في ذات الدائرة , ندور حول الصفر . عيوننا لا ترى ما لا نريد, وترى ما يناسب مقاس افكارنا ومعتقداتنا. على الرغم من اننا الجيل الذي يتوسط جيل الماضي وجيل المستقبل , ولابد لنا من رؤية وضوح الامور, والمفاهيم كما هي على حقيقتها. كالمبادئ التي نمتهن المطالبة بها (العلمانية , الديمقراطية , المجتمع المدني , حقوق الانسان) . نكتب وندافع عنها. ولكن بشكل مجتزأ . بتفضيل بعضها, وتهميش بعضها الاخر . نختار منها الايسر الذي يناسب معتقداتنا, ويعطينا فسحة للحركة, دون المساس بالقوانين الوضعية, القوميات, والاديان السماوية, والمذاهب, والطوائف, والاعراف الاجتماعية. في النهاية تبقى نظرتنا للامور ناقصة, وغير موضوعية , وبعيدة عن النزعة الانسانية, لانها تصطدم بمنبتنا وارثنا السلفي. العلمانية مثالا. في شرقنا الدول التي تدعي الديمقراطية والعلمانية, نجدها تقنن دين الدولة هو الدين الاسلامي دستوريا, وفي البرامج السياسية لمعارضيها تاكيدات على ان دين الدولة هو الدين الاسلامي, وتعتمد في تنظيم قوانين الاسرة والمجتمع على تعاليم الدين الاسلامي . وهنا لابد من توضيح . العلمانية هي أن أي سلطات تشريعية أو تنفيذية في الدين تتدخل بحياة الفرد فهي مرفوضة. فالدين في العلمانية ينتهي عندما يخرج الفرد من المسجد أو من الكنيسة. هي حركة اجتماعية، تهدف الى تنمية النزعة الإنسانية, والتضامن الاجتماعي بين مواطني الدولة بمختلف انتمائاتهم سواء كانت دينية, اوطائفية, او قومية, دون النظر إلى الدين. وهي تحمي مواطنة الفرد في الدولة كأنسان يتمتع بكامل الحقوق والواجبات, وتحمي معتقداته الدينية والمذهبيه, وعلاقته بربه. فالانسان كائن متغير ومتطور باستمرار ومتلائم مع تغيرات الازمنة. لذا ينبغي أن تكون الأحكام التي تنظم حياته مرنة قابل للتجديد ومتغيرة وفق متغيرات حاجات المجتمع المدني، فلا تصلح له شريعة جوهرها الثبات, واخضاع الاحكام الناظمة لحياة الفرد في الدولة المدنية لثبات الشريعة, مما يعني الحجر عليه , والحكم عليه بالجمود الأبدي. على المستوى السياسي العلمانية هي أيديولوجيا تشجع المدنية والمواطنة في الدولة, ضمن مجتمع مدني علماني قائم على اساس تمتع الفرد في الدولة بكامل حقوقه المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان, ومن ضمنها حماية حرية الفرد بما يعتقد به من معتقدات دينية, وتحرر هذه المعتقدات من تدخل الحكومات والأنظمة، وذلك بفصل الدولة والسياسة عن أية معتقدات دينية أو غيبية، وحصر دور الدولة والاحزاب السياسية في الأمور المادية فقط. وترفض الدين كمرجع رئيسي للحياة السياسية, لان السياسة ترتكز على ما هو مادي ملموس من المطالب السياسية للمواطنين وليس على ما هو غيبي، وترى أنّ الأمور السياسية يجب أن تتحرر من النفوذ الديني، ولا تعطي ميزات لدين معين على غيره، وتفسر ذلك من الناحية الفلسفية أن الحياة تستمر بشكل أفضل ومن الممكن الإستمتاع بها بإيجابية عندما نستثني الدين والمعتقدات الإلهية منه. وهي تذهب إلى ان الدين ليس له مكان في الحياة العامة. وتؤكد على ان اي ممارسات حزبية سياسية معينة او مؤسسات مجتمع مدني ينبغي ان توجد بمعزل عن الدين او المعتقد الديني, وينبغي أن تستند إلى الادله والحقيقة بدلا من التأثير الديني. وهي في ذات الوقت تحمي حرية الاديان ، والاعتقاد الديني وتحرره من تحيز الدولة لدين على اخر, وتطالب بان تتخذ الدولة موقفا محايدا على مسائل العقيدة ، و لا تعطي امتيازات للاديان. وهذا لا يعني بانها تنهى عن إتباع دين معين أو ملة معينه بل هى تنادى فقط بأن يتم فصل الدين عن السياسة و الدولة و بأن تكون الأديان هى معتنق شخصي بين الإنسان و ربه. يستشهد العلمانيون بأوروبا في العصور الوسطى بفشل النظام الشمولي لما بلغت إليه أوروبا من تردي عندما حكمت الكنيسة أوروبا وتعسّفها تجاه كل صاحب فكر مغاير لها. لذلك فهم يرتؤون أن الكنيسة لا يجب أن تخرج من نطاق جدران الكنيسة لتتحكم في قوانين الميراث فقط. كما يستشهدون بانتهاء دولة الخلافة الاسلامية بعد حكم أربعة خلفاء فقط وانتقال الدولة الإسلامية إلى نظام ملكي شمولي، والتمييز ضد غير المسلمين تحت حكم الدول الإسلامية المتعاقبة، وتطور الدولة الإسلامية وصولاً إلى الدولة العثمانية وانهيارها أمام الفكر العلماني. dostocan@gmail.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات