مواضيع اليوم

العرب وخدعة الشيطان العظمى

زين الدين الكعبي

2009-10-31 10:00:48

0

 

لا يعقل أن يكون السيد وزير الخارجية هوشيار زيباري جاهلا بوجود مئة وسبعين الف جندي من جنود أقوى جيش في العالم على أرض العراق ، أضافة الى آلاف العناصر من مرتزقة الشركات الأمنية . فما معنى مطالبة السيد الوزير بدعم أكبر لوقف العمليات الأرهابية اللتي تضرب في العراق كل يوم ؟ .

قصص القدرات الهائلة للمخابرات الأمريكية واللتي تعتمد على تكنلوجيا لم تعرف لها البشرية مثيلا منذ أن نزل سيدنا آدم الى الأرض أصبحت تملأ الكتب ووسائل الأعلام ، فأجهزة التنصت والأقمار الأصطناعية وطائرات التجسس اللتي بطيار ومن دون طيار واللتي تحمل كاميرات ترصد النملة على الرض , وأجهزة الأستشعار الأشعاعي والحراري والكيميائي وغيرها يمكنها مراقبة مايحدث فوق الأرض وتحتها وما فوق سطح البحر وما تحته بل وحتى ما يحصل في الفضاء .

أما عملائها فهم الأعلى تدريبا في العالم ، يساندهم جيش من العلماء والخبراء في كل أمر من أمور الحياة ، من علماء التاريخ والأجتماع والنفس ، الى علماء تكنلوجيا النانو .

حتى باتت صورة المخابرات الأمريكية عند الكثيرين كصورة الآلهة اللتي تعرف كل شيء عن هذه الدنيا . فكيف فشلت الولايات المتحدة وحلفائها أذا برصد الأرهابيين المنسلين عبر الحدود العراقية السورية واللتي لا تتجاوز الستمئة كيلومتر وهي اللتي رصدت بابلو اسكوبار في غابات كولومبيا وخالد الشيخ في شقته في راولبندي بباكستان ؟ .

أمتنع نواب الأحزاب الكردية في البرلمان العراقي يوم امس من حضور الجلسة المخصصة لمناقشة قانون الأنتخابات الجديد للضغط بأعتماد رؤيتها حول كركوك الغنية بالنفط ، مما ادى الى خلق ازمة ستؤدي كما تدل كل الشواهد أما الى تأجيل الأنتخابات البرلمانية القادمة ، أو أعتماد القائمة المغلقة ، واللتي اصبحت مطلبا كرديا ومطلبا للقوى الخائفة من نتائج الأنتخابات القادمة وعلى راسها المجلس الأعلى اللذي سارع زعيمه عمار الحكيم بأعلان مساندته الكاملة للرؤيا الكردية .

المطالب الكردية بكركوك ستنهي كافة التجهيزات لأعلان الدولة القومية الكردية حالما تصبح الظروف الدولية والأقليمية مؤاتية لذلك . والمساندة اللتي أعلن عنها عمار الحكيم ورائها أطماع مشابهة لخلق أقليم طائفي جنوبي يحكمه آل الحكيم قد يتحول الى دولة أسوة بالأقليم الشمالي . كما أفرزت هذه المشكلة معطيات جديدة على الساحة العراقية حملت الحكومة الأمريكية للتلويح بتأجيل سحب قواتها من العراق نهاية العام القادم . امور قد تجعل العراق يعود الى المربع الأول الدامي والمقيت .

أذا ما تذكرنا مشروع الشرق الأوسط الجديد ، واللذي أعلن عنه أذبان فترة حكم الأدارة الأمريكية اليمينية المتطرفة السابقة ، "وهو المشروع الغير بعيد ابدا عن شعار أسرائيل من النيل الى الفرات" ، فسنجد أن هناك شواهد كثيرة تدل على سير المنطقة الحثيث نحو تنفيذ هذا المشروع .

فالأنظمة العربية المحمية من الغرب، وعن طريق القمع والتنكيل والعشائرية والطائفية اللتي تتصرف وفقها تقوم بواجبها في قتل الروح الوطنية والقومية والأسلامية لدى الشعوب على أتم وجه ، حتى بات الأنفصال وفك الأرتباط بالوطن مطلبا للكثيرين . واصبح الأستقواء بالأجنبي والجيوش الغازية والأرهاب والتدخلات الدولية جزء من الحل لمشاكل المنطقة ومصائبها . فالعضو المريض اللذي لا امل من شفائه لابد من بتره . وما فعله نظام صدام بالمجتمع العراقي خير دليل على ما نقول .

وها هو العراق يمر بأكبر تهديد لوحدته وسلامة أراضيه منذ نشأته نتيجة بطش وسياسات هذا النظام الأرعن السابقة . واللتي شجعته عليها الولايات المتحدة اولا ومن ثم عاقبته عليها بحصار اقتصادي قتل الروح الوطنية في نفوس الكثير من ابناء الشعب المطالبين بالأنفصال هنا وهناك. وها هو الأرهاب القادم من دول الجوار ، واللذي تدعي الولايات المتحدة الأمريكية عدم قدرتها على ظبطه يقوم بالدور الباقي .

الطائفية والعرقية تضرب في كل دول المنطقة من غير العراق . سنة وشيعة في سوريا والسعودية واليمن والبحرين . مسلمين ومسيحيين في مصر ولبنان والسودان . كرد وعرب في سوريا وتركيا . عرب وافارقة في السودان . اليمن يسير الى أن يصبح يمنين مرة اخرى .

نحن كشعوب يجب أن لا نرفع المسؤولية عن انفسنا في ما وصلت اليه امورنا من تدهور وتخلف . بل يجب أن لا نلوم ألا أنفسنا على هذا الخنوع للأنظمة الديكتاتورية اللتي تحطم دولنا بمعولها كل يوم . الا أن أنكار دور الصهيونية في استغلال ظروف المنطقة لتفتيتها والتخلص من تهديدها الى الأبد يعتبر سذاجة ما بعدها سذاجة .

يقول كثيرون بان الجيش الأمريكي ومخابراته ليسوا بالقوة اللتي يتصورها العالم . فها هي الولايات المتحدة تفشل في افغانستان والعراق أمام طالبان وسوريا وأيران وهي دول متخلفة علميا وتكنلوجيا ، فماذا ستفعل أذا فيما لو قامت دول مثل روسيا والصين بتهديد مصالحها القومية غدا ؟.

ولكن اذا ما فكرنا قليلا فأننا لابد وأن نتسائل . هل حقا فشلت الولايات المتحدة بأيقاف الأرهاب في العراق والمنطقة مع كل قدراتها العسكرية والتكنلوجية الهائلة . أم أنها تحاول الأيحاء بذلك ؟ .

ليس الجيش الأمريكي وال(CIA) الهة قادرة على كل شيء ، هذا صحيح كما ثبت عمليا . ولكن تبقى القدرات العلمية للمخابرات الأمريكية والصهيونية قادرة على خلق اجواء سياسية وأجتماعية تتكفل لها بتنفيذ مخططاتها دون أن تثير أي ريبة أو شك في نفوس شعوب المنطقة المقموعة والجاهلة والجائعة .

وأحيانا حتى بدون علم الأدوات اللتي تنفذ هذه المخططات . بل أنها قادرة على أن تجعل من أهدافها مطلبا للشعوب ذاتها في بعض الأحيان .

أن من أعظم خدع الشيطان في اغواء الأنسان هي أن يجعله يصدق بأنه غير موجود .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات