تحاول إيران أن تتزعم العالم الإسلامي عبر تسويق مشروعها الذي يستخدم الإسلام السياسي الذي يتزعمه ولي الفقيه كنموذج للإستدلال بأنّه ولي أمر المسلمين جميعاً. ولأنّ تركيا والدول العربية يعتبران القطبين الرئيسيين في العالم الإسلامي ؛ من هذا المنطلق يتمتع كلٌ من الأتراك والعرب بمكانة خاصة في الإستراتيجية الإيرانية وذلك بسبب الموقع المؤثرالذي يحظى به هذان الطرفان في العالم الإسلامي. تركيا وبسبب دعمها للإخوان المسلمين وكذلك علاقاتها القوية مع بعض الدول العربية في مقدمتها قطر و أيضاً قوتها العسكرية المؤثرة في المنطقة تمتلك رصيداً كبيراً من التشابك الإستراتيجي مع إيران بكعس الدول العربية التي تفتقد لاستراتيجية معينة في التعاطي مع النفوذ الإيراني في العالم العربي إلا أنّ تركيا تحتفظ بموروث تاريخي و سياسي مؤثر في التعامل مع الملف الإيراني و تحاول أن تستخدمه كقضية لمعاكسة العرب للوقوف بجانبها.
أنقرة بدورها تتلقى تعاملاً مختلفاً من قبل طهران رغم أنّ الأخيرة تنظر اليها بنظرة الندية وذلك بسبب الأجندة التركية و الوحدة الإستراتيجية لهذا البلد إلا أنّ ايران لا تتعاطى مع القضايا العربية ككتلة موحدة بل بصورة مجزّأة .فعلى سبيل المثال إنّ تعامل طهران مع دول الخليج العربي يختلف عن تعاملها مع اليمن وسوريا والعراق و تعامل الإيرانيين مع مصر يختلف عن تعامل هذه الدولة مع الأردن.من هنا يصعب قياس السياسة الإيرانية حيال الدول العربية بصورة سلّة واحدة من التعاملات.
ففي الملف اليمني تنظر الحكومة الإيرانية الى هذه الدولة على أنها الحديقة الخلفية لطهران فرغم أنّه يوجد الكثير من التباين الأيديولوجي بين صنعاء و طهران لكن بعد الثورة اليمنية تحديداً استطاعت إيران أن تكسبت ودّ الحوثيين و تحوّلهم الى حلفاء رغم أنهم لا يؤمنون بولاية الفقيه و لديهم اشتراكات كثيرة إثنية وعقائدية مع الدول العربية أكثر منها من طهران إلا أنّ ضعف التعامل العربي أفقد هذا المكوّن ووضعهم في أحضان طهران عن قصد أو دون قصد.تبعاً لذلك استطاعت إيران أن تدخل اليمن من بوابة القضايا المتشابكة بين اليمن والسعودية وتمكّنت من توظيف هذا البلد جيواستراتيجياً خدمة لمصالحها القومية.
فيما يتعلق بسوريا التي تعتبر ممراً إيرانياً الى البحر الأبيض المتوسط استطاعت السياسة الإيرانية أن تدخل هذا البلد بسبب دعم نظامه في مواجهة خصومه الأتراك والعرب و استطاعت أن تحوّل سوريا الى حلقة قوية في معادلاتها الإقليمية. بنفس الدرجة استطاعت إيران أن تستثمر نفوذها لدى القوى الموالية لها و التي امسكت الحكم في العراق بعد الإحتلال. فقد إخترقت إيران أحزاب إسلامية عربية و تركية لتوسيع رقعة نفوذها في هذه المنطقة وتمكنت من تحقيق بعض المكاسب المهمة فيما يقارب أربعة عقود مضت ليصبح العرب والأتراك الحلقة الأهم في المعادلة الإيرانية.
التعليقات (0)