العرب والذهب
أصبحت الرياضه اليوم من الميادين المهمه التي تشير الى رقي وتقدم الأمم والشعوب وذلك لاثرها المباشر على الصحه البدنية والعقلية للفرد.. ولدورها الكبير في تحقيق التنميه وبناء مجتمعات قويه يسودها العدل والسلام.. حتى باتت الرياضة تنافس السياسة وتتفوق عليها. فابطال الرياضه فاقوا السياسيين سمعة وشهره.. وذلك بسبب سمو الرياضه وترفعها عن كثير من سلبيات السياسة... وما حققه الرياضيون لبلدانهم يفوق ما حققه السياسيون.. فهناك الكثير من البلدان التي يحقق السياسيون فيها فشلا ذريعا ... بينما يقدم الرياضيون من ابناءها عزاءا ومؤاساة لشعوبهم من خلال انجازاتهم الرياضيه الرائعه .
وقد شارك العرب في مختلف ميادين الرياضه سواء كانت اقليميه او دوليه او اولمبيه ...حيث تتنافس شعوب العالم من خلال رياضييها في كافة مجالات الرياضه حاملين معهم إصرارهم وأمال وأماني وتطلعات شعوبهم لتحقيق الفوز.
وكان عدد الميداليات التي حصلت عليها الدول العربيه مجتمعه في الالعاب الاولمبيه اعتبارا من دورة امستردام عام 1928 الى دورة الالعاب الاولمبيه في بكين عام 2008 فقط 82 ميداليه.
والملاحظ على المشاركات العربيه وخاصة في الدوره الاولمبيه الاخيره التي اقيمت في العاصمه البريطانيه لندن 2012 نجد ان تمثيل الدول العربيه افريقيه كانت او اسيويه لا يتناسب وحجم هذه الدول من الناحيه التاريخيه والحضاريه وان مشاركاتها كانت خجوله سواء في هذا الالمبياد او فيما سبقه ... واللافت للنظر ان الرياضيين العرب ما ان تبدأ المنافسات حتى يبدأ تساقطهم في المراحل الاوليه .. غير أبهين بذلك وكأنهم يشعرون بان مجرد المشاركه في هذه الميادين العالميه هو انجاز بحد ذاته..متناسين الاموال التي انفقت والجهود التي بذلت من اجل إعدادهم . واحلام الشعوب التي تنتظر من هذا او ذاك ان يحقق انجازا يسر الخاطر و( يبيض الوجه) ويعوضها عن الامها وماسيها في ما تعانيه نتيجة الاخفاقات السياسيه وتردي الوضع الامني والخدمات .
علما بان الانسان العربي وكما هو معروف بطبيعة تكوينه وتاريخه وبيئته الصحراويه القاسيه وبناءه الجسمي والنفسي قادر على الصبر والتحمل وبامكانه ان يحقق انجازا جيدا اذا توفرت له الرعاية والدعم .
اذن... التقصير كبير في المجال الرياضي.. ومطلوب من القيادات ان تجري مسحا شاملا لاختيار العناصر البشريه التي لديها القدرات اللازمه للنجاح والقيام برعايتها وتوفير بيئات حاضنه لها لإعداد جيل من الشباب متسلح بالمهارات الضروريه لمواجهة التحديات التي سيتعرضون لها في حياتهم والقيام بادوار قياديه داخل مجتمعاتهم المحليه والابتعاد عن العلاقات الشخصيه والمصالح في اختيار الكوادر الرياضيه....فرب فلاح يمكن ان يحقق انجازا في مجال السباحة او الرمايه او رب عامل يحقق ارقاما جيده في المصارعه او رفع الأثقال وغيرها... وفي احدى الدورات الاولمبيه جاءوا براعي غنم افريقي بعد ان تم اعداده وتدريبه فحقق نتائج جيده وكان يتسابق في الملعب حافي القدمين ...
نعم .. هكذا هي الشعوب الحيه .. دائما تبحث عن المبدعين في الزوايا المعتمه وتسليط الضوء عليها ورعايتها لانها ثروات وطنيه يمكن ان تسهم في رفع اسم البلد في المحافل الدوليه .
فمطلوب ايجاد قيادات رياضيه حقيقيه ووطنيه فاعله وواعيه لما تعمل.. ووضع ستراتيجيه للحركه الرياضيه في البلد .. فالكثير من الابطال العالميين كان يتم اعدادهم في سن مبكره وفي السنوات الاربع الاولى من حياتهم.ويناءا على ذلك يجب الاهتمام بالرياضه في المدارس وخاصة الابتدائيه من خلال تهيئة المستلزمات الرياضيه والساحات واعداد المعلمين... لان المدرسه هي الحاضنه الطبيعيه للطاقات والابداعات العلميه والفنيه والرياضيه... علما بان دروس الرياضه اهملت في المدارس منذ سنين...! كذلك على الدوله العمل على دعم ورعاية الحركه الرياضيه في البلد والمحافظه على استقلاليتها وعدم تسييسها لان البلدان تبنى بالطاقات المتجدده والمتنوعه .
كما ندعو كافة وسائل الاعلام والقنوات الفضائيه التي اقتصرت نشاطاتها على البرامج الرياضيه الاخباريه واصبح شغلها الشاغل استضافة الشخصيات السياسيه التي لم تقدم للبلد لحد الان أي شىء سوى الوعود الكاذبه وتبذير الثروه الوطنيه..ندعوهم الى استضافة كوادر رياضيه عربيه واجنبيه يمكن ان تسهم في بناء نهضه رياضيه حقيقيه في البلد.
ونحن نطمح الى ان يكون عطاء السياسي كعطاء الرياضي... عندما تتفجر طاقاته وابداعاته في ميادين المنازله لتحقيق افضل النتائج..
فما انبلها تلك الدموع التي تذرف من عيون الفائزين على منصات التتويج عندما ترفرف رايات بلدانهم خفاقة عاليه بين رايات الأمم .
نشر هذا المقال في جريدة الزمان العدد/4322 في 6/10/2012
طارق محسن حمادي
التعليقات (0)