مواضيع اليوم

العرب والديمقراطية

mos sam

2011-10-15 21:56:41

0

التنافس بين العرب على الحكم ليس جديدا وإبن خلدون كان أصدق عربي للأعتراف بذلك ، فهم في رأيه متنافسون في حب الرئاسة وقل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره . ومنذ  إنتهاء حكم خلفاء الراشدين نسى العرب تعاليم القران وأمركم شورى بينكم وفسروها بما يتمشى وأهوائهم وعادوا إلى نظام الحكم الدكتاتوري والورائة كما هو جاري في بقية دول العالم الذي كانوا يعيشونه أنذاك في العصور المظلمة  والوسطى في أوربا . وليس صحيحا ما يقال أن العرب كان لهم حكم عادل ديمقراطي في وقت من الأوقات . فكل الحكام العرب كانوا ديكتاتوريين أحتلوا ممالك وتوسعوا وساهموا في تقدم الحضارة والعلوم حفا ولكن كل ذلك تم في عهود حكام عرب ديكتاتوريين وقتلة قمعيين . وقد تغيرت شعوب العالم الأخرى وتاروا على الدكتاتورية والكنيسة وفرضوا الديمقراطية ، وبقى العرب عبيدا لحكامهم رغم محاولات الأنعتاق من حين لأخر في شكل إنتفاضات شعبية تنتهي بأنقلاب وتعود الأمور إلى ما كانت علية بوجوه جديدة . والربيع العربي الذي بعث الأمل بأن عهود الدكتاورية والظلام العربية قد إنتهت لن يكون مختلفا عن غيره . أطلقنا على الأنتفاضات الشعبية العربية الأخيرة إسم الثورات العربية مجازا، وفعلا بدأت كثورات شعبية ولكنها إنتهت أو في طريقها إلى أن تتحول إلى إنقلابات ومجرد تغيير وجوه للحكام . قال لي البعض إني متشائم  ولكني درست السياسة وعملت في السياسة والدبلوماسية طوال 60 ستين عاما وأعتقد إني أعرف رغبات وامالها شعوبنا العربية البريئة وصدقها وتطلعها ألى الحرية والحياة الكريمة ، وأعرف أيضا تصرف وسلوك الساسة العرب ورؤساء وملوك ووزراء العرب  وحبهم للتمسك بالحكم .. الانتفاضة العربية في تونس بدأت بثورة شعبية وأنتهت بهروب بن علي الأضطراري أونتيجة مخطط وخديعة من زمرته وأستولى على الحكم  زملاؤه والجيل القديم من حكام تونس ،  ولا أعتقد أن هؤلاء الساسة القدامى سيسلمون الحكم إلى ممثلي الشعب التونسي بسهولة ، فهم عرب والساسة العرب لا يسلمون الحكم لغيرهم  وسيستمرون بعد الأنتخابات كالعادة كما أعتقد .  وكذلك الحال في مصر بدأت الانتفاضة الشعبية بثورة شعبية عارمة وأنتهت بتنحي مبارك الذي سلم الحكم ألى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدلا من ان يطلب منهم قمع الثورة وهكذا حول الانتفاضة الشعبية المصرية إلى إنقلاب بتسليمه السلطة لزمرته وزملائه العسكريين .  ولا أعتقد أن جنرالات الجيش المصري رغم دعمهم لثورة الشباب ظاهريا. وهم أكثر المستفيدين من حكم ميارك سيسلمون الحكم لحاكم مدني ويرجعون إلى ثكناتهم ، وإذا حصل هذا فسيعينون بانتخابات صورية رئيسا كبوتفليقة مع جنرالات الجزائر.  وقد يختصرون الطريق فيرشحوا رئيس المجلس العسكري الجنرال طنطاوي للرئاسة وينجح طبعا ويستمر الحال كما كان عليه .
والديمقراطية العربية لا تعرف المبدأ السياسي الأساسي للديمقراطية وهو تبادل السلطة بشكل حقيقي وليس صوريا. فرئيس وزراء بريطانيا إذا خسر الأنتخابات يغادر مقره الرسمي في نفس الليلة التي تعلن فيها نتيجة الأنتخابات ، وقد لا يراه البريطانيون بعد ذلك إطلاقا . وهذا هو الحال في كل الدول الغربية  . في ليبيا الثورة الشعبية كانت عارمة لم تؤدي إلى سقوط القذافي فقط بل إلى سقوط نظامه أيضا ، والفضل كله كان للشباب الذي واجه الموت بشجاعة في سبيل الحرية ولكن بعض رموز القذافي المنشقين ومعارفهم تولوا الصدارة لاستلام الحكم . .وألف  هؤلاء النفر مجلسا إنتقاليا ومجلسا تنفيذيا ليحل محل حكم الفذافي . ولكن وضع ليبيا يختلف عن وضع تونس  فالذي تولى الحكم فعليا في المدن ليس هؤلاء النفر ولكن الثوار الليبيين ورؤسائهم ، رغم انهم لا تربطهم زعامة واحدة ولهذا أصبحت السيطرة عليهم صعبة المنال .  في  الحقيقة أريد أن اقترح أن  يكون حكامنا من شبابنا المتعلم من ثوار المعارك الذين ضحو وجرحوا وسجنوا وشتت شملهم وهم سيسهل عليهم التفاهم من اخوتهم الثوار لتكوين الحكومة .إريد هؤلاء الثوار أن يحكموا  ولا نريد أن يحكمنا أدباء ومحامون وكتاب وأساتذة جامعة متخصصين  . شبابنا الثوري سيتحول الى كتاب وساسة ودبلوماسيين ووزراء ووكلاء ومدراء  بالممارسة . إنهم يملكون التعليم والأرادة والتضحية . إنه جيلهم ونحن من أجيال قديمة ندعو لهم بالنجاح والتوفيق . كل حكومات العالم أصبحت من الشباب ، والشباب الليبي حقق حرية الوطن بيديه وصدور عارية للرصاص  ، وليس بفضل الناتو الذي نشكر له حظر الطيران  وقصف مخازن سلاح وقواعد كتائب القذافي. لكن التحرير الحقيقي تم بأيادي شباب ليبيا  وليس المستر فوكس وزير الدفاع البريطاني المستقيل الذي كتب عنه في الصحافة البريطانية اليوم بأنه حرر ليبيا دون أن يفقد جنديابريطانيا واحدا . ومن حق شباب ليبيا اليوم  أن نجربه في الحكم  وإذا كان لا يعرف فسيتعلم كما تعلمنا وساعدوهم بالرأي والنصيحة إذا كنتم من أصحاب الكفاءات  كما تقولون .
ورغم أتفاق كلمة الجميع في ليبيا على المستشار مصطفى عبد الجليل كرئيس للمجلس الأنتقالي وهو رجل طيب عرف بوقوفه الى جانب الحق في عهد حكم الطاغية . إلا أنه متواضع . وإعلانه عدم ترشحه للرئاسة فتح الباب أمام اصحاب الطموح للأستعداد للقفز على الحكم .  ورغم عدم إنمام عملية التحرير يتسابق هؤلاء اليوم الى التعريف بانفسهم للشعب عن طريق الأعلام وإنشاء الاحزاب وربط علاقاتهم بالدول التي شاركت في عملية التحرير . فهل سينجحون ؟ انا لا أعتقد إن المسئولين في المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية سيحدون حدو المستشار عبد الجليل في الأنسحاب من الحكم بعد إتمام عملية التحرير والفترة الانتقالية وقبول مبدا ضرورة تبادل السلطة لتحقيق الديمقراطية ومشاركة الجميع في الحكم .  فكراسي الحكم لها مغناطيسية جدب والعرب لا يستطيعون مقاومتها ، وسنرى في ليبيا نفس الوجوه بعد التحرير وبعد الفترة الانتقالية ، وللساسة العرب براعة وطرق عديدة للاستمرار في الحكم وتمييع الأنتخابات، فوعودهم بالتخلي عن الحكم لا تصدر عادة من القلب وإنما للمراوغة ، وعند حلول موعد تخلي الحاكم يقوم الأنصار والمستفيدون بحملة أعلامية ومظاهرات مصطنعة ومطالب شعبية منظمة لمطالبته بالاستمرار في الحكم ، فيتنازل عن وعده أمام مطالب الشعب ويقبل الأستمرار في الحكم ليسير في نفس الطريق الذي وجده كل الحكام العرب السابقين مفتوحا ومشوا فيه  وهو الرئاسة مدى الحياة والتوريث .انا لا أريد أن اطبق هذه القاعدة على المستشار عبد الجليل فقد يكون قراره بترك الحكم بعد أنتهاء الفترة الأنتقالية صادقا وعن حسن نية وله القدرة على مقاومة محاولات الأنصار ومساعديه باقناعه بالاستمرار لدواعي المصلحة العامة ، كما حدث مع بعض الحكام العرب الذي حاولوا أما مناورة أوالظروف صحية الأستقالة ولكنهم أجبروا على البقاء في الحكم بأسم الشعب لأستمرار حكم المستفيدين وأزلام النظام . وقد يكون بقاء المستشار عبد الجليل  للفترة البرلمانية الأولى أمرا مفيدا لليبيا وحريتها وإستقرارها ولكن إستمراره بعد الفترة الأنتقالية سيساعد كثيرين على الاستمرار أبضا بدلا من أن يحدوا حدوه  ويتخلون عن مناصبهم لغيرهم  . وأعتقد حتى لو ترك فعلا المستشار عبد الجليل الرئاسة بعد الفترة الأنتقالية فسيجد زملاؤه الذين إختارهم وأنصارهم خليفة له ويستمرون في الحكم بعد الانتخابات كغيرهم من الساسة العرب ، ويتم الالتفاف حول الثورة الليبية كما تم الالتفاف على الثورتين التونسية والمصرية الذي أصبح واضحا للعيان . ألا أن الثورة الشعبية الليبية لم يتقرر مصيرها بعد ولا زال القذافي حيا وهو لن يسكت ما دام حيا في داخل أو في خارج ليبيا لاستعادة كرسيه وعرشه المنهار.  وإستمرار الأوضاع الليبية على حالة الفوضى التي تعيشها البلاد الان لن يساعد على الأستقرار ، وقد تحتاج الثورة الليبية لمزيد من الوفت لمعرفة إتجاهها الصحيح وهل ستنتهي كنهاية ثورتي مصر وتونس .
                                                                                                             


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !