قال ابن خلدون متحدثا عن طبائع العرب:” ان العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة او ولاية او اثر عظيم من الدين جملة, والسبب في ذلك انهم لخلق التوحش الذي فيهم اصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض للغلظة والأنفة وبعد الهمة والمنافسة في الرئاسة فقلما تجتمع اهواؤهم. فإذا كان الدين بالنبوة او الولاية كان الوازع لهم من انفسهم وذهب خُلق الكبر والمنافسة منهم فسهل انقيادهم واجتماعهم”./ انتهى
هذه الطبائع التي يمتاز بها العرب تناقض أهم أسس الديمقراطية : قبول الرأي الآخر. لأنهم ببساطة ليسوا بأهل رأي، وإنما قوم غلبت عليهم عقلية القبيلة والقطيع، فلا يؤمنون بفكرة وإنما بشخص.
مسخت الديمقراطية عندنا و تحولت من اختيار بين أفكار وأطروحات إلى صراع بين أشخاص ومصالح دون برنامج ولا إيديولوجيا كصراع ذكور على قيادة قطيع لا غير، إلى أين وكيف ؟ لا يهم، المهم من يقود.
كل هذا ليس نتاجا لظروف اليوم، وإنما لتاريخ طويل من الاستبداد وشخصنة الدول، فالذي فتح الأندلس شخص واحد اسمه طارق بن زياد، ومن حرر القدس شخص واحد اسمه صلاح الدين الأيوبي...
أما الأفكار التي دعا إليها هؤلاء الأشخاص والتي مكنتهم من تحقيق هذه الإنجازات فلا تكاد تجد لها في كتب التاريخ وجودا.
وانتقلت شخصنة الدول إلى الأحزاب والمنظمات، فصار حزب فلان ونقابة علان....
فإن تفاهم قائد هذا الفصيل مع شيخ تلك الطائفة صارت الأمور سمنا على عسل، وإن حصل صراع شخصي بينهما اندلعت فتنة لا تبقي ولا تذر.
فالعقل العربي لا زال عاجزا عن التخلص من عقلية القطيع ولم يستطع أن يستوعب فكرة ويؤمن بها بمعزل عن الشخص، وأن يرقى بنفسه إلى مرتبة الإنسان المفكر وأن يتخلص من الوصاية التي يفرضها على نفسه كأنه لا زال طفلا قاصرا، وبالتالي قاصرا عن فهم الديمقراطية وممارستها.
التعليقات (0)