تنتشر في الثقافة الدينية الشعبية فكرة القرين، فلكل انسان قرين من الجان يلازمه طوال حياته يكون بمثابة النسخة اللامرئية منه . . حتى انه يساق “كقرينة” نفي لفكرة تحضير أرواح الموتى حيث ان ما يستحضر وفق أقوالهم القرين وليس روح المتوفى.
وفكرة القرين لا تقتصر على هذا الميدان بل موجودة في الرياضيات والفيزياء التقليدية وحتى النووية فلكل عدد موجب قرين سالب يماثله بالقيمة المطلقة ويخالفه بالإشارة ولكل نقطة نظير يقابلها . . ولكل جزيء في الطبيعة قرين يقابله وهكذا.
ربما هذا يعطينا يقينا ان فكرة القرين ما هي إلا قانون كوني يسري على جميع الموجودات بما فيها الشعوب والمجتمعات، ولأكون صادقا فأنا لم أكتشف هذا القانون ان صح التعبير من الملاحظات السابقة وانما من خلال وسائل الإعلام العربية على اختلاف أنواعها التي جعلته “بعناوينها” و “تصريحاتها” كضلع مكسور في صدري يندغني مع كل سحبة نفس/تصريح ليقول انتبه أنا “قانون” .
فالعلاقات السورية اللبنانية علاقات تاريخية ومثلها العلاقات اللبنانية السعودية والكويتية اليمينة والمغربية والمصرية . . . الخ من العلاقات التاريخية التي تربط الأشقاء بين بعضهم البعض وهنا حالهم لا يختلف أبدا عن حال من يضيء فانوساً في وضح النهار.أ نا أيضا وأخي تربطنا علاقات تاريخية عميقة!
وعلى سيرة الفانوس فأي زعيم من الزعماء المنثورين على امتداد جثة الوطن العربي يخطب خطابات تاريخية سواء كانت تدور حول ترشيد تشغيل الفوانيس وعبثية اشعالها في النهار او كانت تدور حول المرحلة التاريخية التي تعصف بنا جراء جشع وبشاعة الرأسمالية الإمبريالية أو خشبية وطوبايوية الأفكار الثورية و”القومجية” أو عن خطورة الهجمة الشرسة والغزو العلماني الذي يجتاح مجتمعاتنا والتهديد الذي تتعرض له هويتنا لذلك علينا ان نقف وقفة تاريخية حتى تمر هذه اللحظة التاريخية.
بما أن الخطابات تاريخية فبالتأكيد كل القرارات والمراسيم تاريخية بل تاريخية جدا حتى لو كانت تدور حول قرار يقضي بتنظيم حارات السكن المخالف في عاصمة يفترض بها ان تكون في الألفية الثانية بعد الميلاد، فما بالك لو كانت تتحدث عن قرار يقضي بالتبادل الدبلوماسي.
لأن العلاقات تاريخية والخطابات تاريخية والقرارات تاريخية فحكماً ومنطقاً لا تصدر كل هذ السلسلة التاريخية إلا عن أشخاص تاريخيين . . وعقلاً هؤلاء التاريخيين لم ينبتوا في الهواء ولم يخرجوا من صفحات التاريخ ليؤرخوا كل هذه اللحظات/السنين بل هم أبناء لهذا الشعب.
من هنا أستطيع الجزم وفقا لعلاقة التعدي والمنطق التسلسلي والصوري وكل أدوات وطرائق الاستنتاج والاستنباط أن الشعب العربي شعب تاريخي . . . تاريخي بما فيه الكفاية لينجب هؤلاء القادة التاريخيين وكل الشجرة التاريخية السابقة.
مسكين طالب التاريخ في جامعاتنا العربية فلديه منهاجٌ تاريخيٌّ بكمِّ الشخوص والأحداث التاريخية.
وأخيرا وليس آخراً أظن أننا أكثر الشعوب انتاجاً للدراما والفانتازيا التاريخية
وأكثر الشعوب حديثا عن التاريخ وبطولاتنا وانجازاتنا التاريخية
وأكثر الشعوب حديثا ومحافظة على الإرث التاريخي من عادات وتقاليد
ويرحم إيام زمان . . . ومسكين انت أيها التاريخ/القرين.
http://3bdulsalam.wordpress.com/
التعليقات (0)