alquds.co.uk/index.asp رابط المشاركة على موقع القدس العربى
كنت فى مرحلة الثانوية العامة وأتذكر أنه وبعد فوز الأديب نجيب محفوظ بجائزة نوبل أن دعت أسرة كبيرة فى قريتنا - القريبة من قرية الأديب الكبير يوسف إدريس - عن طريق صحفية وناقدة مرموقة بعضاً من النقاد والصحفيين والفنانين لعمل إحتفالية بقريتنا لهذا الفوز ، وكانت إحتفالية كبيرة وجاء الخبر فى الصحف وحضرها المحافظ وأناس مرموقين كثيرين وأتذكر حضور "سى السيد " بطل الثلاثية الفنان الكبير يحيى شاهين تلك الإحتفالية ، ولم ينغص علينا الإحتفال سوى صحفى لمَّاح تساءل فى عموده الصحفى عن سبب تلك الإحتفالية مع أن محفوظ لا يمت لتلك القرية بأى صلة ، وأن هذه القرية لن تجد فيها شخصاً واحداً قد قرأ أىٍ من قصص محفوظ ، ولأننى قرأت ما كتبه كانت صدمتى كبيرة لأننى وجدت كلامه صحيح تماماً .
وما حدث منذ أكثر من عشرين سنة فى قريتنا أراه يحدث الآن فى بعض من بلادنا العربية ، فها هى تقام بطولات عالمية لألعاب رياضية مثل التنس لم نسمع عن إنتشارها على الأرض العربية وتقتطع لها جوائز بملايين الدولارات بخلاف التكاليف الباهظة الأخرى ، لدرجة أننا نرى دول بدأت تعمل فى السمسرة الكروية بحيث تستضيف أو تستورد فريقين أجنبيين ليلعبا على أرضها ، وكذلك نرى مهرجانات للسينما تجتاح أكثر من دولة خليجية تتكلف ملايين أُخرى رغم أننا لم نسمع عن وجود إنتاج سينمائى فى تلك الدول ، وهذه المهرجانات تستخدم للتطبيع فما من مهرجان سينمائى أو رياضى يُقام إلا ونقرأ بعده عن حضور من يمثل الدولة العبرية ، وبدأت تلك المهرجانات بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر لتبييض وجه العرب ولكى يرى العالم صورة جديدة من العرب المحدثين (!) ، وهذا خطأ جسيم حيث أننا لن ننال إحترام العالم إلا بإحترامنا لعاداتنا وثقافاتنا ، وهى عادات أصيلة ومشرفة فى حقيقتها ، ولكن يحلو للبعض التشبه بالحياة والثقافة الغربية بما لا يتناسب مع وضعنا الداخلى ثقافياً وإجتماعياً ، فلم ينل نجيب محفوظ جائزة نوبل إلا بسبب خصوصيته فى تشريحه للحارة المصرية المحلية فى فترة من الفترات وتشريحه للحياة الإجتماعية والسياسية لفترة الستينات ، فليست بالمهرجانات تتحسن صورتنا ولكن فقط بتغيير رداء الديكتاتورية البالى برداء الديمقراطية الناصع ، وسيؤدى ذلك لإحترام خصوصيتنا .
وعندما يرى أى شخص فيه ذرة من عقل أن يتعجب مما ينفقه العرب من ملايين طائلة على أشياء لا طائل منها ثم يراهم يتعامون عما يحدث للقدس من تهويد بسبب قلة تبرعاتهم ، والدول العربية التى إستقر فيها كرسى الحكم أصبحت مرتعاً للمهرجانات الفنية والكروية ونرى الدول الأخرى فيها مهرجانات سياسية ، فتجد فى بعضها مهرجانات للتوريث وفى الأخرى مهرجانات للتقسيم ، والمشكلة أن كل تلك المهرجانات تنجح وتؤدى غرضها إلا أقدمها وهو مهرجان لعبة السلام الضائع فمنذ ستة قرون وما زال يُعرض على خشبة المسرح دون أن نراه حقيقةً فى الواقع !!.
التعليقات (0)