(مقالي الأسبوعي في صفحة نت كافيه بجريدة الوفد يوم السبت 30 يناير 2010)
نشرت مجلة "business" على موقعها تقريرا كتبه " Samer Batter" عن انطلاق معرض "ألف اختراع واختراع" يوم الخميس 21 يناير في متحف العلوم بلندن، متضمنا العديد من الاختراعات التي قدمتها الحضارة الإسلامية للعالم، منها اختراعات ما زلنا نستخدمها في حياتنا مثل القهوة التي نتناولها فتبعث فينا النشاط والتركيز، وكان أول من تناولها راعي غنم عربي لاحظ تأثير نبات القهوة على خرافه بعد تناولها إياه، فلم يحرم نفسه من هذا النبات وقدم للبشرية شرابا يتناوله كثير من الناس. ومن الاختراعات التي تركها العرب الأسطرلاب الذي يحدد مواقع النجوم والكواكب. وربما تكون مفاجأة لنا أن نعرف أن واحدا من العلماء العرب هو الذي اخترع الكاميرا، يقول كاتب التقرير: " ويبرز في المعرض –أيضا- أن ابن الهيثم هو الذي صحح مغالطات الإغريق عن أن العين ترسل أشعة تشاهد العالم من خلالها بتوضيحه أن الضوء هو الذي يدخل إلى العين وتتولد الرؤية، وذلك في القرن العاشر، حين كان أول من ابتدع الكاميرا التي اشتقت من كلمة عربية بمعنى الغرفة المظلمة أي القمرة".
وجد المعرض صدى في الصحف البريطانية، اعترف كتاب بريطانيون بفضل الحضارة الإسلامية العربية على الغرب، قالت صحيفة "الجارديان" عن العلماء العرب إنهم " هم من أعطونا نظام الأرقام ومن بنى أول جامعة وتركوا لنا أسماء معظم النجوم التي نراها في الليل، ونظموا استخدام الصفر في الجبر"، وأشارت إلى أنهم "أرخوا أعمال الإغريق القدماء والصينيين مع تطوير خبراتهم في الجراحة والماء والبصريات والزراعة وغيرها الكثير".
وقدم موقع "بي بي سي" تقريرا عن المعرض كتبه توفيق السهلي، نكتشف من خلاله العديد من الاختراعات التي قدمها العرب للعالم؛ ليضعوا لبنة مهمة من لبنات الحضارة الإنسانية، ومن هذه الاختراعات الساعات، فعلى باب المعرض نموذج طوله ستة أمتار ونصف المتر لساعة مائية من اختراع العالم العربي "الجزَري" عبارة عن فيل هندي يحمل هودجا فوقه تنين صيني، فوقه عنقاء مصرية، وتحتهما آلة صب ماء يونانية، إضافة إلى سائق الفيل الروبوتي الخشبي الذي يرتدي الزي العربي التقليدي.
التقى كاتب التقرير في المعرض البروفيسور سالم الحساني أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة مانشستر وعضو الشرف في رابطة العلوم البريطانية ورئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة ورئيس تحرير كتاب "ألف اختراع واختراع: الميراث الإسلامي في عالمنا اليوم"، والذي أكد أن المعرض لاقى إقبالا كبيرا من الجمهور الغربي، وأكد أن الجمهور "أصيب بدهشة لا توصف لدى اطلاعه على الحقائق التي كانت بالنسبة إليه أغرب من الخيال وأكبر من أن تصدق لتجاهل معظم مناهج التدريس في الغرب للدور الثري والحيوي للحضارة الإسلامية في إثراء الحضارة الإنسانية عموما والغربية خصوصا".
كان هذا بعض ما قدمه أسلافنا، فماذا قدم العرب من أبناء القرن الواحد والعشرين "قرن الانفجار المعرفي"؟ قدموا نموذجا غير مشرف لقوم يعيشون في فوضى غير متناهية، يتقهقر قطارهم إلى الخلف، ولا يتصلون بعصرهم إلا من خلال قشرة الحضارة، يركبون السيارات الفارهة ويتناولون أكلات "التيك أواي" ويجلسون إلى الإنترنت للهو وتزجية أوقات الفراغ، ويتباهون بلغة ممسوخة، يحشون في كلامهم كلمات إنجليزية يلوون بها ألسنتهم للدلالة على المعرفة، لكنها معرفة سطحية، دون أن يضيفوا شيئا للمعرفة العالمية، إلا ما ندر لدى أفراد قلائل، مثل أحمد زويل ومجدي يعقوب ومصطفى السيد وغيرهم.
إبراهيم عبدالمعطي
iadelmoaty@gmail.com
التعليقات (0)