مواضيع اليوم

العربية والمسكوت عنه: الأردن يحرس والسعودية تطنش.. الجزيرة وعمّان حبايب هذه الأيام

منير مصطفي

2011-07-26 13:36:39

0

يمكن بدون عناء ملاحظة محطة العربية وهي تتجاهل تماما ملفات وأحداث مهمة تحصل أو حصلت في الأردن وعلى رأسها موضوع الكازينو الذي أثار ولا زال يثير عاصفة من الجدل السياسي على المستوى العربي وليس الأردني فقط.
ولعل الزملاء في العربية يمتلكون تصورات مهنية تتفوق على نظيرتها في سي إن إن الأمريكية فالمحطة الكونية تحدثت مرتين على الأقل عن موضوع الكازينو الأردني ووحدها العربية مع رفيقها تلفزيون الحكومة الأردنية تجنبا الحدث والموضوع.
ويمكن أيضا رصد كاميرا العربية وهي محطة يوجهها الشقيق السعودي الأكبر الذي لا مجال لإغضابه أو إزعاجه وهي تتجنب أي إشارة من أي نوع لملف سحب الجنسيات مثلا رغم ان الموضوع طرح عبر عشرات المحطات من بينها الجزيرة وبي .بي .سي العربي وغيرهما.
.. معنى ذلك ببساطة بان الزملاء في العربية وتحديدا في مكتب عمان لا يعترفون بوجود المشكلات التي يثيرها الإعلام المحلي والعربي والكوني في الساحة الأردنية.
ولذلك مبررات عبقرية على الأرجح تبقى مفهومة في عالم الإلتصاق الروحاني بين فضائيات النظام الرسمي العربي وتلك التي تدور في فلكها فحتى خبر فيضانات جدة الشهيرة لم يحظ بأي عناية من أسرة العربية رغم أنها فيضانات من عند الخالق الجبار ولم تكشف عورة البنية التحتية في المملكة السعيدة بسبب مؤامرة صهيونية أو جراء مؤامرة ديمقراطية للإعلام الذي يعادي دوما وأبدا الشقيقة الكبرى.

مجاري الأمن الاستراتيجي

وقد كنت أتصور بأن الحديث إعلاميا عن مشكلة (المجاري) لا يمس الأمن الإستراتيجي للأخوة في الرياض ولا يقلص حصة النفوذ الكونية للسعودية إلا إذا كان تناول أزمة تصريف مياه جدة مثلا يوهن جسد الأمة ويستهدف الإسلام ونهب ثروات الأمة العربية والتلاعب بمصير الشعب تقليدا لكلمات المذيع اللامع الذي يطربني كل مساء على شاشة التلفزيون السوري الرسمي.
ثم يستهدف زعزعة الأمن والإستقرار ومساندة الإرهاب الأصولي وتنظيم القاعدة الذي يمكنه إستغلال قصة المجاري لمهاجمة النظام الرسمي وتوفير موطيء قدم لكل من يشكك بالمؤسسات التي ينبغي أن لا تخضع لأي تشكيك فقط لسبب واحد ويتيم ومقنع وهو أنها مؤسسات كلفتها السماء بخدمة وحماية الحرمين الشريفين .
وأغلب التقدير أن العربية مثلا ومعها حزمة من المحطات السعودية التي تغني ليل نهار للإسترخاء والاستقرار والرفاه لا تريد التورط بهذا المخطط الجهنمي والشيطاني .. لذلك تتجاهل تماما الخبر الصحفي عندما يتعلق بأمطار ومجاري جدة أو أزمة الكازينو في الأردن.
وعلى ذكر سيرة المياه والمجاري لم أعرف بعد أسرار وأسباب إصرار الأخوة في الشقيقة الكبرى على تعطيل وعرقلة مشروع جر مياه حوض الديسي المشترك لسقاية العطاش في الأردن الجاف.
قد يدخل ذلك أيضا في سياق الحرص على مصالح الأمة العربية رغم أن المياه من ألله وحوض الديسي مشترك بين الشعبين وهو بكل الأحوال موضوع يطالبنا الرسميون في عمان يوميا بأن لا نتطرق إليه بسبب حساسية الطرف الأخر الذي يقال أنه ضم الأردن للخليج حتى يتجنب تصدير ما تيسر من الديمقراطية والإنفتاح والأفكار الإصلاحية للسوق المحلية مما يفسر مظاهر الحنان ورسائل الشوق المرسلة من الرياض للأردنيين قيادة وشعبا وهي بكل الأحوال ترسل بالقطارة أو بنظام القطعة والأقساط.

تأديب الطماطم!

ووفقا لهذا النظام أفرج الأشقاء في المملكة السعيدة برسالة مودة للشعب الأردني بقرارهم رفع الفيتو عن الطماطم الأردنية بعد مقاطعتها نحو 21 عاما وأحد الخبثاء من خبراء الزراعة يؤكد بأن الطماطم الأردنية كما هي لم تتغير ولم تختلف مواصفاتها حسب إشتراطات الشقيق السعودي لكن المطلوب كان (تأديب) الصحافة الأردنية التي نشرت قبل 21 عاما خبرا يفيد بتلوث الخضاء المحلية ففعلها السعوديون على النحو التالي: تريدون صحافة حرة .. لكم ذلك لكن اطباقنا ستخلو من خضاركم بعد اليوم.
حصل ذلك لأن صحيفة أردنية معارضة هي التي نشرت الخبر والحادثة بقيت دوما قانونا مكسوت عنه فيما يخص حريات الإعلام الأردنية فكل صحفي يخطط أو يحلم بإزعاج الرياض يلطم بواقعة البندورة وعلى أساس تقديم أدلة عملية على (ضيق صدر) الشقيق السعودي فيما يخص كلمة حريات المشطوبة من قاموس النظام الرسمي في مملكة الحرمين.
دبلوماسي أردني رفيع المستوى قال لي مرة في جلسة أنس وشفافية أن بقاء الأردن ضعيفا ومحتاجا وفقيرا وعلى الحافة من الأسس الرئيسية في عمق الإستراتيجية السعودية.. أما أنا فتساءلت: لماذا؟.. فلو كنت مرتاحا لفضلت أن يكون جاري كذلك ويتمتع قليلا حتى لا أرى أطفاله يتقافزون بفضول أو بهدف التخريب فوق أسوار منزلي.
وما أعرفه شخصيا ان الأشقاء في مملكة خادم الحرمين الشريفيين دفعوا ويدفعون عشرات المليارات من الدولارات لشركات أمريكية لتأمين حدودهم مع العراق بكل ما أنتجه العالم من تقنيات إلكترونية للحراسة والتفتيش.
لكنهم لا يدفعون ما يذكر مقابل الإنضباطية الرفيعة التي يضمنها الجار الأردني لحدودهم الاوسع وهو يمنع عبور ولو ذبابة يمكن ان تنغص على الأشقاء رفاههم فالحدود الأردنية مع السعودية هي الأكثر أمنا وآمانا في المنطقة والعالم بسبب تقاليد الأردني في إحترام الجار والسهر على راحته الأمنية.
سألت مرة مسؤولا بارزا في عمان: لماذا لا يقدر السعوديون ذلك ويصرون على الدعم بنظام التنقيط والتقسيط؟.. ولماذا لا يدفعون على الأقل ربع كلفة الحماية الأمنية التي يوفرها النشامى؟...الرجل أجاب: لا أعرف فهذا السؤال نطرحه نحن دوما.
لاحقا عاجلته بالسؤال الثاني: لماذا لا تعترضون إذا وتطالبون على الأقل بكلفة الحراسة كما تفعل الشركات الأمريكية؟.. الجواب كان على شكل نظرية بائسة تشير لمجموعة عقد قديمة في العلاقة مع السعودية مع التركيز على أن عمان تقوم بواجبها وفقا لمقاييسها وإخلاقيات الجوار على أمل أن تتبدل الإستراتيجية المقابلة.
لكن الإستراتيجية لا تتبدل في الواقع بدليل حرص الفضائية السعودية على بث رقصة السيف الشهيرة كلما بثت خبرا عن لقاء قمة أردني- سعودي قبل الخبر وبعده مقابل إصرار شقيقتها الفضائية الأردنية اليتمة على إظهار دفقات الحنان والمودة كلما بثت خبرا عن السعودية خصوصا بعدما إحتفلت بقصة الطماطم.
ولعل حزمة الحساسيات المعقدة المشار إليها هي التي تمنع فضائيات النفط السعودي من متابعة الأخبار التي تحصل في الأردن كما تفعل العربية وهي تبث سلسلة برامج وتغطيات تصلح لدائرة علاقات عامة بائسة في عرعر.
لكن على الجبهة المقابلة يمكن الترحيب بموجات الود والوداعة المفاجئة التي إجتاحت بقرار سياسي واضح العلاقة بين الأردن الرسمي ومحطة الجزيرة القطرية فقبل أيام قال لي أحد كبار المسؤولين الأردنيين (إحنا والجزيرة حبايب هذه الأيام).. بكل الأحوال يسعدني ذلك فعلاقة حب مع الجزيرة حتى لو كانت مرسومة أو تكتيكية او زائفة تعني عند بعض المحللين بأنه لا نسخ منتجة من الربيع العربي تخص الشارع الأردني على النار.
وتعني لاحقا بان موجات الإعتصامات المفتوحة التي يهدد الحراك الشبابي بإستئنافها في عمان على الطريقة المصرية يوم 15 تموز لن تحظى بأكثر من خبر أو تقرير على شاشة الجزيرة ولن تؤدي- لا سمح الله- إلى تكليف جيش من تقنيي الجزيرة بإعداد مشاهد وإسكتشات خاصه بالأردنيين كتلك المهداة لليمن ومصر وليبيا ومؤخرا لسوريا.
.. إذا الأردن في مأمن من قصف الجزيرة المقلق وخططها ومراسل الجزيرة الذي عاد وإستقر في بلاده يستمتع بالعمل في ظل الصفقة السياسية التي نضجت مؤخرا بين عمان والدوحة لأسباب تعلمها القيادة.
وهذا بحد ذاته خبر سعيد آخر لولا أن صديقي المسئول الذي تحدث عن الحب مع الجزيرة طالبنا لاحقا- نحن معشر المناكفين والباحثين عن تأزيم بأن (نطلع منها) قائلا: إحنا والجزيرة حبايب بس إطلعوا أنتم منها .
لذلك أقول : ماشي يا صديقي بنطلع منها وإن شاء ألله تعمر وتبقى عمرانة.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !