في الوقت الذي تترفع فيه موجات السخط الشعبي إثر تدهور واقع الخدمات في عموم العراق..من كهرباء وماء وما إلى ذلك من علامات البؤس الذي يكاد يغطي هذا البلد من أقصاه إلى أقصاه.
كشف رئيس أركان العراقي "بابكر زيباري" عن عدم قدرة الجيش العراقي على تسلم الملف الأمني من الاحتلال الأميركي، الذي يحزم حقائبه استعداداً لمغادرة العراق –على الأقل القوة القتاليّة الرئيسيّة-.
"زيباري" أعطى أمد أبعد مما تصوره أو كان يصوره البعض الذي روّج خلال الآونة الأخيرة لارتفاع معدل كفاءة قوّات الأمن العراقيّة من جيش وشرطة، وجاهزيتها لبسط الأمن في العراق.
(أن الجيش العراقي لن يتكامل تسليحه حتى عام 2020، بالتالي فنحن بحاجة للإبقاء على القوات الأميركية حتى هذا التاريخ)، يقول زيباري.
تصريحات "رئيس أركان الجيش" لم ترق للكثيرين، لاسيما المقربون من رئيس الحكومة العراقيّة "نوري المالكي"..وبادر الناطق الرسمي للحكومة "علي الدباغ" بالرد واصفاً تلك التصريحات بأنها (جهة نظر شخصية)..رغم أن "زيباري" هو الأكثر دراية بالشأن "العسكري" من أي شخصٍ في هذا الوقت.
الدباغ استبعد العسكريين نهائيّاً عن قرار الانسحاب، مؤكداً أن (أن القرارات يتخذها السياسيون رغم احترام وجهة نظر العسكريين)، حسب تعبيره.
اتجاه تصريحات عناصر "الحكومة العراقيّة" جاءت منسجمة مع الطرح الأميركي، الذي يكاد يضع اليوم "الخروج من العراق" ضمن أولى أولويّاته.
يقول المتحدث باسم قوات الاحتلال الأميركي في العراق "ستيف لانزا" إن (قوات الأمن العراقية قادرة تماماً على توفير الأمن الداخلي)، مضيفا أن (العراق يبني بسرعة قدرات دفاعية أيضا ضد التهديدات الخارجية).
تصريحات المتحدث الرسمي باسم الاحتلال الأميركي جاءت منسجمة مع تصريحات رئيسه "أوباما" الذي ما انفك يبدي رضاه للتقدم الحاصل في العراق، بصورة (تتيح للقوات العراقية تسلم المسؤولية الأمنية بحلول نهاية الشهر).
بعض المسؤولين حاول الإمساك بالعصا من الوسط، فهو من جهة يؤيد التصريحات التي تتحدث عن "عدم جاهزيّة" قوّات الأمن العراقيّة..لكنه يرى بأن الجيش العراقي قادراً على إدارة الملف الأمني بعد الانسحاب الأميركي، وهذا ما أكده المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع "محمد العسكري".
إذاً العسكر اليوم لديهم رؤية وتصور، فيما للسياسيّين رؤيتهم في موضوعٍ عسكري صرف، بل إن "رئيس أركان الجيش" بيّن أنه لم يسأل في قضيّة الانسحاب الأميركي من العراق، وجاهزيّة الجيش العراقي حتى.
أما صاحب الكلمة الطولى ضمن هذا الشأن –الاحتلال الأميركي- فهو يمض اليوم بإستراتيجية قوامها (الهرب من العراق)، مهما كانت النتائج، فمن الواضح أن قرار الانسحاب الأميركي يأتي اليوم في ظل تراجع أمني خطير، ومأزق سياسي بالغ الشدة.
التعليقات (0)