مواضيع اليوم

العراق والبلقان وليبيا التغيير بعبق اليورانيوم المنضب

عبدالكريم صالح

2011-06-12 23:18:52

0


لم تمر الإنسانية ببشاعة مؤلمة مثلما تمر بها في هذا العصر الراهن حيث طغى التفرد والهيمنة وفرض المعتقدات والأفكار والإرادات بالقوة وباستخدام أبشع واعتى أنواع الأسلحة فتكاَ ببني البشر وبيئتهم وكوكبهم الجميل الذي أراد له الله ان يكون جميلاَ يعمره الإنسان وجعله الخليفة فيها، فصار هؤلاء يستهترون ويعبثون بكل النواميس التي فلق الله بها الأرض وفطر الناس عليها لقد انتزعوا إنسانيتهم ورموها خلف ظهورهم إمام شهوة القوة والثروة والامتلاك وفتكوا بالشعوب بدأ من اليابان في هيروشيما ونكازاكي وليس أخيرا في ليبيا وشعبها مروراَ بالعراق والبلقان ،ترى هل يمكن ان نصدق من اجل حماية المدنيين ونشر الديمقراطية يقومون باستهداف المدنيين وبيئتهم أم ان هذا الامر لايعدوا سوى غطاء لأهداف تتعدى ذلك بكثير فالهدف هو احتلال الدول التي حباها الله بالثروات والموقع كي يسيطروا على مقدراتها ونهب كل خيراتها والفتك بتاريخها وحضارتها وكأن الأرض خلت الا منهم مهما تكن الأسباب والمبررات فهي لاتدعوا الى استخدام هذا النوع من العبث بالخلق والخلق والذي يدعونه السلاح النووي او أسلحة اليورانيوم المنضب او المستنفذ فالتسمية واحده لسلاح فتاك مقيت أنها الفوضى الغير خلاقة الفوضى المدمرة التي يعدونها بها تحت مسميات مجافية للحقيقة فالفوضى هي الفوضى ولاتوجد فوضى خلاقة الا من نظرتهم الاستعمارية وفرض إرادتهم على الشعوب ويرتكبون كل هذه الجرائم تحت تسمية تحرير الشعوب وجلب الديمقراطية هذه الديمقراطية التي ينادون بها أنها الديمقراطية المنضبة والمستنفذه من الأخلاق والقيم أنها الديمقراطية المسرطنة يبشروننا بها فماذا نفعل بها وابنائنا وأجيالنا يهلكون وتاريخنا وحضاراتنا وحرماتنا تنتهك.


بعد حرب الخليج الثانية و"حرب البلقانBalkan War " أصبحت البحوث والدراسات حول مادة "اليورانيوم المنضب"Depleted Uranium اكثر أهمية وغزارة فقد أعلن مختبر كنولس للطاقة النوويةKnolls Atomic Power Laboratory-KAPL وكذلك البحوث التي جمع جزء منها مركز النشاط العالمي في نيويورك New York International Action Centerوتم طبعها في كتاب تحت اسم"معدن اللاشرف ،كيف عرض البنتاغون الجنود والمدنيين لإشعاعات اليورانيوم المنضب"Metal Of Dishonor,DU:How The Pentagon Radiates Soldiers And Civilians With DU Weapons" ان أضرار اليورانيوم المنضب وأسلحة اليورانيوم المنضب هي أسلحة ملوثة ومضرة للبشر والبيئة، اليورانيوم المنضب كما يؤكد الفيزيائي والمستشار الأمريكي السابق في برنامج سلاح اليورانيوم "دوغ روكيه " Doug Rokke ، وكلف من قبل البنتاغون بتنظيف ونقل دبابات أمريكية الى الولايات المتحدة، أصيبت بالخطأ من قبل "قوات صديقةFriendly Forces " بذخيرة اليورانيوم المنضب، فأنجز وفريقه المهمة، ولم يكن يعلم أحد منهم بتلوثها باليورانيوم، فأصيب شخصياً بجرعة إشعاع 5000 مرة أكثر من الحد المسموح به، نتجت عنها أمراض عديدة خطيرة، وينتظر حتفه بين يوم وأخر.وقد توفي العديد من فريقه بالسرطان ونقول كنتم ترتدون الأقنعة الواقية وقد تعرضتم لإشعاعات سببت إصابتكم بمرض السرطان ،فكيف من يتعرض لتلك الإشعاعات من سكان المناطق ولم يرتدي أي شيء يقيه. وأكد الطبيب الأميركي دوغلاس روكDouglas Rock ،الذي عمل مع قوات التحالف الدولي إبان حرب الخليج عام 1991م،حيث شهدت استعمال ذخيرة اليورانيوم المنضب لأول مرة، بأن 20 % من الفريق الذي كلف بإزالة الدبابات التي دمرت بذخيرة اليورانيم المنضب، قد توفوا، بينما يعاني البعض الآخر منهم من مشكلات صحية خطيرة. وأتهم البنتاغون بإخفاء المخاطر الصحية لليورانيوم المنضب، والذي كان على علم بها منذ مدة طويلة. وأضاف روك بأن السجلات الطبية الخاصة بالأشخاص الذين أصيبوا بهذه الأمراض أخفيت.وقال: إن استعمال هذا النوع من السلاح جريمة في حق الإنسانية.


ان اليورانيوم المنضب عبارة عن نفايات اليورانيوم الطبيعي المستعمل لاستخلاص مادة اليورانيوم التي تستخدم لصناعة القنبلة الذرية او التي تستخدم لأغراض توليد الطاقة الكهربائية فهو السلاح المدمر لشفرة الحياة وموقع أسرار معانيها فان طاقة أشعاع اليورانيوم تؤثر تأثيرا كبيراَ على تصميم الحامض النووي "DNA" في مواقع الموروثات الجينية في الخلايا وهو يؤثر في الصفة او الصفات الوراثية والذي يؤدي الى ولادات مشوهه وممسوخة وهو ماحصل لمواليد المجندين من البريطانيين والأمريكيين ولمواليد الأطفال العراقيين وفي البلقان فهو بالأساس يستهدف الحامض النووي للخلية الحية في اضعف إشعاعاته فهو يتسبب في العديد من الأمراض السرطانية التي من أهمها سرطان الدم. كما انه يسهم في تدمير البيئة وزيادة الاحتباس الحراري الذي تعاني منه الأرض وهو يؤدي ايضاَ الى زيادة مساحات التصحر وقلة الأمطار وشدة الجفاف والتغيير المناخي والتصحر ونتيجة لهذا التصحر الذي أصاب الأراضي العراقية نلاحظ اليوم تعرض العراق الى عواصف ترانبية تدوم لأيام لم تمر على العراق مثلها وبهذا الشكل طيلة تاريخه..
تميزت أحوال العراق في السنوات التي أعقبت الحرب بأنواع من الأمراض السرطانية وتشوه الخلقة للولادات وظاهرة الإجهاض للحوامل والموت المفاجئ وتدهورت أحوال الطفولة وهو مايشير الى ان العراق قد تعرض الى تلوثاَ وبائياَ تعرضت بيئة العراق له وانتشرت بين الناس أمراض لم يكن العراقيين قد عرفوها او تعرضوا لها من قبل بهذا المستوى من الانتشار .


قام مركز النشاط العالمي "International Action Center" والبروفيسور الألماني الدكتور "سيكويرت غونتر Dr.Siegwart Gueter" في القيام ببحث من اجل تشخيص سبب انتشار أمراض السرطان وتكرار الإجهاض وتكاثر الولادات الناقصة وانتشار الأوبئة المجهولة وتوصلا في تشخيصهما الى أنها حصلت جميعها بسبب أشعاع اليورانيوم المنضب الناتج عن استعمال السلاح الأمريكي والبريطاني في حرب الخليج عام 1991م ومن ثم في" حرب البلقانBalkan War " عام 1995م وعام 1999م وقد شارك عدد أخر من الفيزيائيين والكيميائيين في البحوث التي نشرت في الدوريات الطبية العالمية وفي الصحف والفضائيات وسنتناول بعض هذه البحوث من اجل الاستدلال بها على اثر اليورانيوم المنضب في نشر "الأوبئة السرطانية "Cancer Epidemiologyفي العراق وبين جنود القوات المشاركة في عاصفة الصحراء وبين جنود حفظ السلام من الأوربيين في حرب حلف الأطلسي في يوغسلافيا سابقاَ او حرب البلقان وقد قام بعض هؤلاء العلماء بفحص أثار اليورانيوم المنضب في مواقع القصف الأمريكي- البريطاني داخل العراق في عام 1991م وفي البوسنة والهرسك وكوسوفو في عام 1995م و1999م أمثال البروفسور الميجور "دوغ روكيه Doug Rokke"الرئيس السابق لمشروع اليورانيوم المنضب في البنتاغون والذي أصيب بمرض السرطان وأصبح داعية لتطهير أماكن استعمال السلاح المصنوع من هذه المادة،حيث انتظم معه آخرون واخذوا يدعون معاَ الى تخليص أجيال البشر من سموم أضرارها ،كان روكية والناشطون معه يدعون الى تطهير مواقع انفجارات الأسلحة والتي بدون ذلك التطهير ستبقى لآلاف السنيين مادة قاتله في تلك المواقع ،ورغم كل هذه الحملات الا ان امريكا وبريطانيا قد اعتمدتا أسلوب التجاهل والتظليل بل راحوا الى اكثر من هذا وأنكروا كل النتائج التي تثبت ان سلاحهما المنضب سبب المآسي الإنسانية بين أطفال العراق وادى الى هلاك الجنود الأمريكيين والبريطانيين بسبب وباء حرب الخليج "Gulf War Syndrome"وكذلك جنود حفظ السلام في كوسوفو من الأوربيين وقد كشف العلماء والباحثين اذا كانت الولايات المتحدة تنكر وتتجاهل أثار اليورانيوم المنضب فلماذا كل هذه الإجراءات الاحترازية التي طالما يعلن عن اتخاذها في المؤسسات النووية لمنع تأثير الإشعاعات سواء من المفاعلات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية او في مختبرات البحوث النووية والرعب الهستيري الذي انتاب المختصين والناس عامه بسبب انفجار المفاعلات النووية في "تشرنوبلChernobyl " ،ويؤكد البروفيسور"دوغ روكيه "ان اصطدام كل قذيفة منه بالدبابات تؤدي الى تحويل 40% من كتلتها الى غبار نووي دقيق يمكن استنشاقه او تناوله،وهو منتج ينشأ نتيجة معالجة اليورانيوم الخام الذي يدخل في أنتاج الأسلحة النووية او يستخدم وقوداَ لمحطات الطاقة الكهرو- نووية وقد بدأ خبراء الأسلحة في السبعينات إدخال اليورانيوم المنضب في صنع السطح الخارجي من رؤوس الصواريخ والقنابل وطلقات الرصاص العادية لتزيد من صلابتها او طاقتها على الاختراق وبالنظر لكثافته "الثقل النوعي"الكبيرة التي تبلغ 1.7 أضعاف كثافة الرصاص فقد يمكن استعماله بعد تحويله الى معدن لتصفيح القذائف كي تخترق الدبابات والدروع بسهولة وقد وضح هذا المعنى "المحرر العسكريDefence Editor" في جريدة "التايمز اللندنية "The Time في 10 كانون الثاني/يناير 2001م حينما قال:ان مايسمى "بالقنبلة الفضية "Silver Bullet المصنوعة من نفايا اليورانيوم الطبيعي "نظير 238"لها فاعلية اختراق الهدف مايجعلها أقوى الأسلحة للقضاء على المدرعات والدبابات المصنوعة من صفائح هذه المادة ثم يواصل قوله ليقول :ان قذائف الدبابات عيار 120mmتحتوي على عشر أرطال من اليورانيوم المنضب DUالقابل لانتشار جزيئاته عند الانفجار كالغبار المتطاير في الجو ويشرح المقال فاعلية أشعاع الجزيئات المتطايرة نقلاً عن " الكولونيل جونثان باو "Lieutenant- Colonel Jonathan Powe قائد" كتيبة الفرسان الملكية "The Kings Royal Hussarsاثناء شرحه للصحافة عن أخطار سلاح اليورانيوم المنضب فيقول :ان قذائف اليورانيوم المنضب اشد فاعلية من فذائف ذات" الطاقة الحركية"The Kinetic Round وقذائف" الانفلاق الرأسي الشديد HESH-High Explosive Squash-"Head Roundولهذا فان قذائف اليورانيوم المنضب هي الأكثر فاعلية في تدمير الدبابات.


صدر القسم الأول من تقرير الجمعية الملكية البريطانيةThe Royal Society عن اليورانيوم المنضب في 22 أيار/مايو 2001م وكان بعنوان "المخاطر الصحية لأسلحة اليورانيوم المنضب-القسم الأولThe Health Hazards of Depleted Uranium –Munition Part-1" ويظهر من التقرير ان الجمعية الملكية تؤكد استعمال هذه المادة المشعة في حرب الخليج 1991م وتؤكد ايضاَ استعمالها في حرب البلقان في أواخر التسعينات من القرن الماضي،ونشرت الجمعية الملكية تقرير في 1 آب/أغسطس 2001م جاء بعنوان "ربما يسبب أشعاع اليورانيوم المنضب مخاطر أعظم للإصابة بسرطان الرئة لبعض العسكريين Depleted Uranium May Cause Higher Risk of Lung Cancer for Some Soldiers" وجاء على لسان البروفيسور" براين سبراتProfessor Brine Spratt"رئيس اللجنة التي أعدت التقرير "ان الحكومات التي ترغب في استعمال أسلحة اليورانيوم المنضب تتحمل مسؤولية إدراكها بالمخاطر التي يتعرض لها جنودها في ميادين استعمال السلاح وكذلك مسؤولية إدراكها بتعرض المدنيين في البلاد التي تقصف بتلك الأسلحة" من المعروف ان القوات المسلحة الامريكية وجيوش دول حلف الأطلسي واسرائيل تمتلك أسلحة يدخل اليورانيوم المنضب في صناعتها ولم يسجل اي كشف لأستعمال هذه الذخيرة القاتلة في عمليات حربية قبل التسعينات الا ما نشر في عام 2001م عن استعمال اسرائيل لهذه الأسلحة المشعة في حرب شبه جزيرة سيناء عام 1967م وعام 1973م ولكن ماقد تم استعماله خلال حرب الخليج الثانية كان على نطاق أوسع واكبر وتبين ان القوات الامريكية أطلقت نحو 944 ألف قذيفة منها على العراق بينما اعترفت بريطانية أنها لم تستخدم سوى 88 أطلاقة مصنوعة من مادة اليورانيوم المنضب واعترفت وزارة الدفاع الامريكية- البنتاغون- في مطلع عام 2001م تحت ضغط النقد العالمي حيث وجهت لها اغلب الدول وبالخصوص الأوربية التهم بأنها تتستر على استخدام هذه المادة المشعة المميتة في العراق والبوسنة وكوسوفو ومما زاد الضغط على امريكا هو ان جيوش الحلف الأطلسي أطلقت على مدى 87يوم 31 الف قذيفة مصنوعة من هذه المادة على أهداف صربية في الضربات الجوية التي شنتها على يوغسلافيا في عام 1999م لأرغام الجيش اليوغسلافي على الخروج من كوسوفو كما اعترف البنتاغون ايضاَ بأن طائراتها ألقت 10 ألاف قذيفة على أراضي البوسنة عامي 1994مو1995م مالبثت ان اعترفت للمرة الثالثة مناقضة لقولها السابق فأعلنت ان عدد القذائف قد بلغ 18 الف قذيفة . وقد اتهمت القوات الامريكية ايضاَ بإطلاق ذخائر محتوية على يورانيوم منضب خلال تمارين تدريبية أجريت في مختلف أنحاء العالم ،وهي الأنباء التي جعلت الاعلام يعتبر امريكا وحلفائها من الأوربيين بأنهم اتخذوا من العنصر البشري حقل تجارب للأسلحة السامة والمشعة القاتلة . ان لدى امريكا اكثر من " اربعم450"مليون كيلو غرام من مخلفات اليورانيوم المنضب تريد تخزينها او التخلص منها بأمان من قبل وزارة الطاقة وباعتبار فترة عمر" النصف للنشاط الإشعاعي Half Time Period" لليورانيوم المنضب هو أربعة ملايين ونصف سنه فهو يدوم بفعالية الى الأبد وبسبب وفرته والحاجة الى الخلاص منه تقدمه الحكومة الامريكية مجاناَ الى مصنعي الأسلحة بدلاَ من التفتيش عن مدافن له ولعل إنسانية امريكا جعلت حكومتها تقدم هذه المادة هدية حربية تحت شعار حفظ السلام العالمي ومكافحة أسلحة الدمار الشامل ونشر الديمقراطية ومكافحة الدكتاتوريات وحماية المدنيين .


اليورانيوم المنضب المشع هو معدن كثافته 1.7 مرات أثقل من الرصاص. وعندما تصيب قذيفة ذات رأس من اليورانيوم المنضب إحدى الدبابات أو ناقلة جنود مصفحة فإنها تشعلها بشدة وتصهر حرارتها معدن الفولاذ وتستمر مخترقة الدبابة مهما كانت درجة تصفيحها، وتحرق جميع من بداخلها فورا. إن الحرارة الشديدة الناجمة تقوم بتحويل اليورانيوم المنضب لغبار مكون من جزيئات دقيقة سامة لأكسيد هذا المعدن الثقيل، وهذه الجزيئات ذات نشاط إشعاعي. يمكن لهذا الغبار أن ينتقل بواسطة الرياح لمئات الكيلومترات. وعندما يدخل هذا الغبار إلى الجسم سواء عن طريق التنفس أو الأكل فإنه يسبب ضررا ناجم عن التسمم الكيماوي والإشعاعي في كل من القصبات والشعب الهوائية بالرئة وأيضا ضررا للكلى والكبد والعظام.


لم يتح تجربة تلك الذخيرة بشكل تام وعلى الطبيعة في المعركة حتى 1991 م عندما بدأت الدبابات الأمريكية وطائرات وارثوجWorthog A-10 تستخدم هذه الذخيرة لتخترق دباباتT-72 الروسية وتفجرها وتحرق من بداخلها. لم يتوقف الامر عند العام 1991م، بل انه ووفقا لمنظمة الصحة العالميةWorld Health Organization-WHO شهدت خمس محافظات في جنوب العراق في عام 2003 م خلال الغزو الاميركي، انتشارا ملحوظا للإصابة "بسرطان الدم"Leukemia ، بينما قرع الاطباء ناقوس الخطر في جنوب العاصمة بغداد عندما أصبحت الإصابة بأمراض سرطان الدم تمتلك بعدا وبائيا وبحلول عام 2009 م أكدت الاحصاءات على إصابة الآلاف من الناس سنويا بهذا المرض الخبيث، ما دل على استخدام الجنود لقنابل مشعة.


وفي حملة "الصدمة والرعب Shock and Awe " على العراق، ألقيت اكثر من 1500 قنبلة وصاروخا على بغداد وحدها. وقد قال الخبراء أن الجناح الجوي الثالث للمارينز Air Wing III Marine وحده القى أكثر من "500 ألف طن من المقذوفات" كلها برؤوس يورانيوم منضب. كما أطلقت لقوات الأميركية 200 طن من المواد المشعة على المباني والمنازل والشوارع والحدائق في بغداد. وقام مراسلون أجانب باستخدام" عداد جايجر "Geiger Counter وهو نوع من العدادات التي تقوم بالكشف عن الإشعاعات النووية ويقيس مستوى تلك الإشعاعات على أجزاء مقصوفة من بغداد التي قصفت بكثافة فوجدوا ان مستويات الاشعاع اكثر بنحو 1000 الى 1900 مرة عن الاشعاع العادي في المناطق السكنية. وإذا ما حسبنا ان نفوس العراق كانت 26 مليون فإن الولايات المتحدة القت قنبلة بزنة طن على كل 52 مواطن عراقي او 40 رطل من المتفجرات على كل مواطن، وكل هذه القنابل المشعة خلفت تداعيات صحية خطيرة مستمرة حتى اليوم.


في حديث لي مع الدكتور جواد كاظم العلي وهو المتخصص في الأمراض السرطانية في المستشفى التعليمي في محافظة البصرة يقول بأنه عالج 380 حالة سرطانية مقارنة ب 80 إصابة لكل سنة من السنين الماضية قبل عام 1991م اي ان الإصابات السرطانية تتكاثر في العراق اكثر من 400% بالقياس لماقبل الحرب ويقول بأنه أجرى إحصائية تأكد فيها من ان الإصابات بالوباء السرطاني استهدفت أبناء سكان مدينتي البصرة والناصرية وهما المدينتان المجاورتان لموقع معركة الدبابات التي دارت بين الجيش العراقي والقوات الامريكية في شباط/فبراير عام 1991م وقد تأكد بما لا يقبل الشك ان التلوث النووي في تلك المنطقة كان سببه السلاح الأمريكي الذي استخدم في تلك المعركة.


وفي عام 1999م بدأ حلف شمال الأطلسي باستخدام اليورانيوم المنضب في هجومه على يوغوسلافيا للمرة الأولى ووجد ان عدد من سكان يوغوسلافيا الذين أصيبوا بأمراض سرطانية وأعراض اخرى جراء مواد نووية مشعة، وقد حدد الخبراء هناك أربع مناطق في يوغوسلافيا يتجاوز فيها النشاط الإشعاعي الحد المسموح به. حيث تأثر جنود حلف الشمال أطلسي بذلك، قتل أكثر من مائتان وخمسون جنديا ايطاليا بمرض السرطان بسبب الإشعاعات. اما فيما يتعلق بالسكان المدنيين فمجرد مثال يوضح فداحة الامر: قبل الهجوم الأطلسي باليورانيوم على يوغوسلافيا كانت حالات الإصابة بسرطان الدم للرضع أقل من واحد لكل ألف مولود، والان ازدادت هذه النسبة لتصل بين 10 الى 15 حالة لكل ألف مولود. وهو أمر يوضح مدى تغلغل المواد المشعة التي تسبب السرطان وأمراض مميتة اخرى بين السكان.


في ليبيا وخلال أول أربعة وعشرين ساعة فقط من الهجوم عليها، أسقطت طائرات بي -2 45 قنابل بزنة طنين. وهذه القنابل الهائلة مع صواريخ كروز التي أطلقت من الطائرات والسفن البريطانية والفرنسية كانت كلها تحوي رؤوسا من اليورانيوم المنضب الذي يتحول خلال انفجار القنبلة، إلى غاز سام يمكن أن يتسبب في إصابة الإنسان بالسرطان، كما ان من تسمم بهذه الغازات لا يقدر على إنجاب أطفال سليمين.
تستخدم اليوم في ليبيا الصواريخ الطوافة من نوع "كروز وتوماهوكTomahawk Cruise Missile " الأميركية، ومن طراز "ستورم شادو Storm Shadow" البريطانية التي تطلقها طائرات "تورنادوTornado" المقاتلة، وصواريخ "رافالRafale " الفرنسية، ولا سيما طراز "سكلالب إي جي" وما شابهها، فضلاً عن صواريخ أخرى عالية التدمير. وهذه تتضمن كل المواد "السريعة الانتقال المخصصة للقتل العشوائي والسيطرة الدائمة على الأرض" كما يطلق عليها بلغة التخطيط العسكري. باختصار فأنها تحتوي على اليورانيوم المنضب.


كما حذر الخبراء من اتساع حجم القصف الجوي والصاروخي على ليبيا والاستعمال المفرط للقوات الأميركية والغربية للأسلحة التي تحمل مواد مشعة كاليورانيوم المنضب، والتي تستخدم في العادة لاستهداف الاستحكامات الخرسانية والدروع وملاجئ الطائرات والأفراد المنتشرة.


ان"الإشعاعات النووية في حال حصولها، ستكلف المزيد من مرضى السرطان والولادات المشوهة والتشوهات الخلقية لمواليد بشرية وحيوانية وأنسال نباتية وانتشار التلويث البيئي واسع النطاق الذي يتجاوز حدود مناطق الإشعاع وساحات العمليات الحربية والمنشآت المستهدفة"وإذا كانت شرعية قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1973، الذي دعا إلى استخدام القوة ضد الجيش الليبي من أجل حماية المدنيين في ليبيا، مستمدة من عشرة من أعضاء مجلس الأمن الدولي، فإن الأسلحة المستخدمة في حد ذاتها محرمة دولياً بموجب بروتوكول 1925م لاتفاقية جنيف. عدا عن أنها تعرض سلامة المدنيين الليبيين أنفسهم وسواهم لأخطار حياتية فتاكة تتعارض جوهرياً مع الغاية من القرار الدولي.


ومع هذا فأن برنامج الأمم المتحدة للبيئة Programme of the United Nations Environment- UNEP لم يحرك ساكناً تجاه الكارثة البيئية في العراق وفي البلقان،الناجمة عن استخدام ذخائر اليورانيوم المنضب في عام 1991م. ولم يقم بأية خطوة حتى عقب إعلانه، بأسم الأمم المتحدة، توصله، في أواخر كانون الثاني/يناير 2001م، إلى أدلة أولية على وجود نشاط إشعاعي في ثمان مواقع والتي تعرضت لغارات حلف الناتو في كوسوفو عام 1999م، من بين أحدى عشر موقع تعرضت للقصف بذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب وأجرى فيها اختبارات. وقد حذرت الأمم المتحدة موظفيها من المخاطر المحتملة للتعرض لذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب على الصحة. وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية "فريد ايكهاردFred "Eckhard ، في 17كانون الثاني/يناير2001م، بان رسالة في هذا المعنى أوصتهم بعدم ملامسة أي حطام للقذائف.وكانت التوصية موجهة الى عناصر الأمم المتحدة الذين خدموا او يخدمون في مناطق النزاع حيث استخدمت هذه الذخائر. وكتب "مكتب أدارة الموارد البشرية" في الرسالة: " في جميع الأماكن التي استخدم فيها اليورانيوم المنضب يطلب من الموظفين ان لا يلمسوا أي حطام أسلحة اياً كان الظرف". وأضاف المكتب بأن "برنامج البيئة و"منظمة الصحة العالميةWorld Health Organization-WHO " شرعا بأجراء دراسة حول الموضوع " لكن دون أية نتائج سوى تقارير اعلامية هنا وهناك .


أنها بحق جريمة كبرى بحق الإنسانية لكننا نتسائل هل المجتمع الدولي في غيبوبة ولم يعلموا بكل هذه الجرائم أم ان المجتمع الدولي يرى بعينيين احدهما تختلف عن الأخرى وأين العدالة الدولية التي يتبجح بها هؤلاء الحفنة من مجرمي العصر الذين يسفكون الدماء ويهدمون الاوطان باسم الحرية والسلام أولم تتأكد الأمم المتحدة ومجلس أمنها بان الأسلحة التي تستخدمها امريكا وبريطانية واسرائيل وحلف الشمال الأطلسي في الحرب ضد الشعوب هي من أسلحة الدمار الشامل .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !