من عجائب الزمن أن يدفع المواطن ثمن سياسات خرقاء ماضية ولاحقة , فعهد نظام البعث الدموي يعود بوجه جديد صنعه وشكله ذلك النظام الفئوي الطائفي الدموي المتسلط , فكل ما يجري بالعراق حالياً هو ناتج طبيعي لعقود من الظلام والعنصرية والطائفية التي صنعها صدام ونظامه .
بعد سقوط نظام صدام حاول العراق أن يتخلص من تركات وتراكمات خلفها وخلقها نظام البعث البائد , فأنتهج العراق نهج الديموقراطية المنسجمه مع تركيبته الفكرية والثقافية والدينية والعرقية والمذهبية , فولدت من رحم التحالفات وتراكمات الماضي ديموقراطية عرجاء سيطرعليها وصوليين وفاسدين ومتعصبين متناسين أن العراق للجميع بلا إستثناء فأخذوا يشحنون الناس بشعارات طائفية تارة وحقوقية تارة أخرى , بل تمادوا في الشحن والتعبئة الجماهيرية حتى ولدت مجاميع مسلحة مؤدلجة تخدم الطائفة وتنشر الإرهاب والدمار وولدت من رحم الشحن والتعبئة أحزاب وحركات ذات توجهات طائفية ودينية مؤدلجة تخدم الطائفة ولا تخدم الوطن الذي هو للجميع , فالأحزاب مؤسسات مدنية وجدت لأجل الأوطان وليس لأجل أهداف وأدلوجيات معينة وفشلها مرهون بالطريق الذي تسلكه والشعار الذي ترفعه .
يعيش العراق حرباً ضروس مع تنظيمات غفل عنها وحاول دمجها تحت شعار الصحوات تاره والمواطنة تارة أخرى , وأقترب العراق حكومة وشعب من نفق الدخول في حرب طائفية فكل طائفة بدأت تجهز قواتها لدحر تحرك الحكومة العراقية التي هي في الأساس متورطة في الإحتقان الطائفي الذي يعيشه العراق حالياً .
مليشيات كثيرة سنية وشيعية كردية وعربية علمانية وغير دينية وأحزاب وحركات دينية متطرفة تواجهها الحكومة بحملات عسكرية مكثفة قتالية , 60 ستون تشكيل مسلح تابع لتيار أو حزب أو تنظيم يسرح ويمرح بالعراق ويلقى دعم سياسي وعشائري وديني في كثير من الأحيان , تفجيرات وأغتيالات وقتل على الهوية , والهدف زعزعة العراق وضرب وحدته وتعايشه وتعددة المذهبي والفكري والعرقي والديني , دخول الحكومة في صراع مع تلك التنظيمات والحركات والتشكيلات وهي مثقله بالهموم والفشل خطأ لأن تحركها سيصوره البعض ضد فئة معينة وهنا تكمن المشكلة فالوضع معقد والظروف الأقليمية ملتهبة ولا ينقصها ذلك التصوير الخاطيء والفئوي لأن من حق أي دولة الحفاظ على أمنها شريطة عدم الإخلال بحقوق الإنسان وحرياته الدينية والفكرية والسياسية !
على الحكومة العراقية إعادة قراءة الواقع وتقييم الموقف والبحث عن خطط لتفكيك تلك المجاميع قبل البدء بالحل العسكري الذي يعد خياراً مكلفاً وطنياً , الحكومة العراقية وقعت في فخ الطائفية والعنصرية والمذهبية فأنتهجت نهج الإستبداد وأقصت بعض الرموز المحسوبة على التيارات الوطنية وكرست دستور طائفي قائم على المحاصصة وهنا مربط مشاكل العراق فالعراق كٌتب عليه إعادة إنتاج الإستبداد وتكريس الديكتاتورية بأوجه متعددة ومتغيرة !
التعليقات (0)