قد أكون كاذبة أو غير دقيقة اذا قلت أنني أعرف بالضبط ماهو شعور العراقيين و هم يستذكرون يوم احتلال بلادهم، وخاصة أن هذا الإحتلال لم ينتهي بعد.
أنا واعية أن العديد سيحاججني بأنه لم يكن احتلالا بل "تحريرا"، فلكل أولئك أقول و كنقطة نظام منذ البداية "الله يهنيكم بتحرركم" و بالتأكيد أنا لا أتوجه اليكم.
اذا بالتأكيد لا أستطيع أن أصف شعور الإنسان العراقي اذا كنت أصلا لا أستطيع أن أصف شعوري و أنا التي لست عراقية و أبعدعنه جغرافيا آلاف الكيلومترات.
عندما شاهدت منذ أيام الرئيس الأمريكي و أثناء زيارته الفجئة كما العادة و هو يجتمع بجنوده في أحد القصور الرئاسية، فكرت يا ترى كيف يشعر العراقي و هو يرى أحد رموز سيادته و هي تنتهك من طرف الأمريكي كيف ما شاء و وقت ما شاء؟؟؟؟؟؟؟.
و قد أواصل في التساؤلات "البلهاء" عندما أريد أن أعرف كيف يفكر العراقي و هو من بلد شرد أكثر من أربعة ملايين من سكانه في الداخل و الخارج، بلد فيه أكثر من خمسة ملايين يتيم و أكثر من مليون و نصف المليون أرملة، بلد سرقت من متاحفه أكثر من 170 ألف قطعة أثرية، هذا بالإضافة الى أكثر من مليون و مائتي ألف ضحية حسب الإحصاءات الرسمية العراقية و الأمريكية.
و لكن ماهو أمر من كل ذلك، حسب رأي، هو ذلك الشرخ العميق الذي أصاب النسيج الإجتماعي العراقي و الذي لاطالما كان متناغما و متشابكا و قويا، فأنا واحدة ممن كنت لا أعرف أنه يوجد في العراق أناس اسمهم "سنة" و آخرون اسمهم "شيعة"، كنت أعرف فقط أن ذاك هو العراق و فيه مواطنون اسمهم عراقيون، أصلا أنا لم أكن أعرف أنه يوجد مسلم "سني" و مسلم "شيعي"، لكن"البركة" في "الديموقراطية الأمريكية" فتحت عيوننا "الله ينور عليها".
عندما أرى كل ذلك و أستمع الى كل ذلك يحترق قلبي على العراق، فمابالك بالعراقي الذي رباه العراق و تاريخ العراق و أمجاد العراق، العراقي الذي تعلم من شارع "المتنبي" و فيه بعضا من دم هارون الرشيد و أفكار حمورابي المتقدمة على عصره، و هو البلد الذي أنجب الرئيس الراحل صدام حسين شاء من شاء و أبى من أبى.
صحيح أن صورة الإنسان العراقي العربي الشهم و القوي و البطل و المتعلم التي كانت ترافقنا عندما نتحدث عن العراق و العراقيين قد اهتزت قليلا خاصة بعد تلك الصور التي تناقلتها التلفزيونات العربية و الغير عربية يوم احتلال العراق، صور لصوص قالوا لنا انهم عراقيون و هم ينهبون ممتلكات الدولة العراقية تحت أنظار المحتل و سمعه و بسبب تلك "الشلة" الحاكمة الآن و التي تصور لنا أن العراقي انسان طائفي ملئ بالحقد و بشعور الإنتقام و هو انسان عميل لمن يدفع أكثر و لمن يمنحه المناصب.
و لكن أعلم أنه اهتزاز مؤقت و غير دائم، لأن الإنسان العراقي هو الذي يقاوم الآن لإخراج المحتل من أرضه و يقاوم تلك "الحكومة" و الساسة الطائفيين.
فلكل عراقي يحترق قلبه على العراق، لن تكون هذه الفترة الا نقطة سوداء ضد "أبطالها" الذين سوف ينتهون عندما تنتهي مسببات وجودهم العرضي.
التعليقات (0)