مع بداية كل عام دراسي جديد تنشغل العوائل العراقية بتهيئة خطوط نقل خاصة لأطفالها والذين عدّوها الحل الامثل لتأمين سلامتهم عند نقلهم من والى المدارس ، ولكنها بدت تؤرقهم خصوصاً من لديهم أبناء في أكثر من مرحلة دراسية بسبب المبالغ المرتفعة التي يطالب بها سوّاق النقل الخاص سنوياً وهم بامس الحاجة الى تلك المبالغ لتمشية بعض الامور المعيشية، ربما يكون الوضع الامني غير المستقر لسنوات مضت المسبب الرئيس لانتشار هذه الظاهرة ولكنه اضحى في الوقت نفسه أمراً لا تستطيع غالبية العوائل الاستغناء عنه مهما كانت الظروف.فمتى سيعيش رب الاسرة العراقية مرتاح البال على اطفاله عند ذهابهم الى المدرسة ؟ وهل ستسهم الجهات الحكومية في تخصيص خطوط نقل خاصة بالطلبة وباسعار مخفضة ؟ ومن المسؤول عن هذا الهدر المالي الذي تدفعه العوائل شهرياَ الى سوّاق خطوط النقل من اجل سلامة ابنائهم ؟ . (بلادي اليوم) تحدثت من بعض المواطنين حول الموضوع . امين عبد الله محمود (والد لثلاثة اطفال في المرحلة الابتدائية) يقول: انا وزوجتي موظفان وكانت معاناتنا عند بدء العام الدراسي مع سواق النقل الخاص من اجل ايصال اطفالنا الى المدارس حيث تمثلت تلك المشكلة بالمبالغ المطلوبة التي اصبحت مبالغ مرتفعة سنوياً ولا نعرف ما هي الاسباب ؟ ومع هذا فان كانت تلك الامور تحل بالمال فانه اهون من عملية ايصالهم الى المدرسة ومن ثم انتظارهم على ابواب المدارس عند انتهاء الدوام وبما اننا موظفان انا وزوجتي فلا نستطيع ان نقوم بهذه المهمة وتركناها لسواق نقل الخاص كي يأخذونهم صباحاً ويعودون بهم الى باب البيت ممّا رفع عن كاهلي هماً كبيراً كنت افكر به في العطلة الصيفية . أما حسناء مهدي عامر (موظفة) فتقول: حاولت في بداية العام الدراس ان اضع ولدي وبنتي مع احد سوق نقل الطلبة ولكني لم اتمكن من دفع المبالغ المطلوب بسبب ارتفاعها وقد استفسرت مني جارتي عن الامر فشرحت لها الظروف التي نمر بها من ارتفاع الايجار وعدم تمكن زوجي من ايجار فرصة عمل نستطيع من خلالها ان نسد ولو شيء بسيط من متطلبات العائلة اليومية ما حدا بجارتي ان تبادر وهي ربة بيت ان تأخذ اطفالي معها يومياً مع اطفالها والعودة بهم، فشكرتها على سعيهاً ولم استطع ان ارفض لانني مضطرة ولولا جارتي لترك اطفالي هذه السنة من دون تعليم . وذكر تحسين مجيد علاوي (معلم): لم تسجل حالات انتظار الاطفال لدينا بعد انتهاء الدوام الا في حالات قليلة جداً والذي جاء نتيجة حرص العوائل العراقية على اطفالهم في ايصالهم الى المدرسة ومن ثم العودة بهم، وقد أكدت ادارة المدارس في كل عام خصوصاً على اولياء أمور الطلبة من الموظفين بان يضعوا خطوط نقل للاطفالهم بسبب ان موعد انتهاء دوام المدرسة في الساعة الثانية عشرة ونصف ودوام الموظفين ينتهي الساعة الثالثة وهذا يعني ان هناك فارقاً في اوقات انتهاء الدوام وهذه مسؤولية تقع على اولياء أمور الطلبة وعلى ادارات المدارس في الحفاظ على الطلبة خاصة في المراحل الاولى والثانية من الدراسة الابتدائية . وأشارت حمدية خالد عبد القهار (ربة بيت) الى ان المسؤولية الكبرى تقع علينا نحن الامهات لان غالبية النساء يكون ازواجهن موظفين ما ينعكس ذلك الامر على متابعتهن للاطفالهم عند بدء الدوام والانتظار قبل موعد خروجهم بنصف ساعة على ابواب المدارس من اجل اخذهم الى البيت بكل راحة واطمئنان من دون تركهم يعودون الى البيت وحدهم . وناشدت سلوى عباس محمد (طالبة جامعية) الجهات الحكومية بتخصيص خطوط نقل حكومية تقوم بنقل الاولاد على الاقل الى المنازل عند انتهاء الدوام بسبب ان أكثر العوائل العراقية لا تمتك المبالغ المناسبة لدفعها الى سواق نقل الطلاب جراء الارتفاعات المستمرة للاسعار ان كانت غذائية أم ملابس أم حاجيات ضرورية . بينما قال مهدي عبد الجليل احمد (سائق كوستر): كنا سابقاً نمتهن نقل المواطنين على وفق الخطوط التي نعمل عليها في المناطق ذهاباً واياباً بصورة يومية ولكن كثرة السيارات التي استباحت الشوارع وشراء اغلب السواق من الشباب سيارات (كوستر وكيا) الذين لا يمتلكون حتى اجازة سواق من جراء البطالة ودخولهم الى هذه المهنة ساهم بشكل كبير في البحث عن مصدر رزق آخر يساعدنا على المعيشة التي لا ترحم، فكانت خطوط نقل الطلاب من بيوتهم ومن ثم اعادتهم إليه مكسباً لا نستطيع ان نتخلى عنه لان غالبية الطلاب هم من المناطق القريبة من المدرسة وصرفيات الوقود عادة ما تكون قليلة قياساً لما نقوم به في الشوارع عند نقل المواطنين من منطقة الى اخرى، أما ما نطلبه من مبالغ فان ارتفاع الاسعار وايجارات البيوت وغلاء اسعار الملابس هو من ساهم في زيادة اجور نقل الطلاب في كل سنة ولا ذنب لنا في ذلك. ويعيش سلمان جميل معلة (صاحب محال لبيع المواد الغذائية) حالة من الارهاق عندما يقوم بغلق المحال عند ايصال ابنائه الى المدرسة والعودة بهم الى البيت بعد انتهاء الدوام إذ قال: لا استطيع ان اعتمد على احد غيري في ايصال ابنائي الى المدرسة ومن ثم العودة بهم الى البيت بكل أمان، غير ان هذه العمل اليومي والمضني أثّر على عملي بشكل كبير عندما اقوم بغلقه من اجل ايصال اطفالي الى المدرسة ومن ثم العودة الى محالي من اجل كسب لقمة العيش لاعيش حالة من التوتر وانا انظر الى ساعتي عندما يقرب موعد خروج أطفالي من المدرسة كي أغلق المحال مرة ثانية للوقوف أمام المدرسة كي اخذ اطفالي والعودة بهم الى البيت ومن ثم اذهب الى محالي لفتحها ثانية والعمل به الى وقت متأخر من الليل ما اتعبني كثيرا وانا امارس هذه الهواية سنوياً واتمنى من الله سبحانه وتعالى ان يعطيني الصحة والعافية حتى استطيع ان ارى اطفالي يحصلون على الشهادات العليا كي لا يذهب تعب السنين سدى . وتذكرت هدية حسين خليل (ربة بيت) موقفاً مع بنتها وهي في المرحلة الثانية لا تستطيع ان تنساه بقولها: في يوم من الايام اصبت بوعكة صحية ألمّت بي لم استطع ايصال ابنتي الى المدرسة فارسلتها مع جارتي صباحاً حتى اجلبها عند انتهاء الدوام ولم اشعر بمرور الوقت وانا نائمة من شدة المرض حتى طرقت جارتي الباب لتقول لي بان ابنتها قد شاهدت ابنتك تنتظر على باب المدرسة وقد طلبت جارتها ان تأتي معها ولكنها ذكرت بان امي سوف تأتي لتأخذني فهرعت مثل المجنونة في الشارع الى المدرسة فرأيت ابنتي وهي تبكي والمعلمة تريد عنوان بيتها حتى تأخذها اليه وبعد وصولي بكيت وحضنتها حينها تلقيت تأنيباً شديداً من المعلمة على تصرفي هذا ولم ينفع مرضي عندما ذكرته للمعلمة فكان التأنيب درساً لم أكرره مرة ثانية ابداً.
التعليقات (0)