يعيش العراقيين حالة من الموت اليومي وبشكل ممنهج, وبصورة تظهر أنه أعد وخطط ونظم له, حتى أصبح العراقيين مهددين بالموت في كل لحظة وأي وقت ومن كل الجهات والإطراف, فكما يقال " تعددت الأسباب والموت واحد ", فأينما يولي العراقيون وجوههم فان الموت ملاقيهم لا محال, موت يقدمه لهم المسؤولين – ساسة ورموز دين – على شكل جرعات منتظمة, فهذا يقدمهم كأضاحي وقرابين لأطماع ونزوات شخصية ضيقة ويسلمهم للعصابات والمنظمات الإرهابية والمليشياوية, وذاك يفتي باستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم, وفي كلا الحالتين الشعب يموت بحجة محاربة الإرهاب الذي أصبح الذريعة الأولى لقتل الشعب وإبادته.
ولنا في مأساة أهل الانبار خير شاهد ودليل, فهؤلاء الأبرياء بعد أن تركوا منازلهم ومدنهم وأموالهم ومصدر رزقهم هربا من نقمة وبطش وإرهاب تنظيم الدولة " داعش " إلى – حسب تصورهم – الملاذ الأمن والحصن الحصين الذي سيجعلهم لا يشعرون بأنهم مهجرين أو نازحين في بلدهم, لجأوا إلى من قال " إنهم أنفسنا " والى المسؤول الذي يتباكى من على شاشات الإعلام والفضائيات عليهم, لكن مالذي وجده هؤلاء النازحين ؟!...
وجدوا إن البيوت التي تحتضنهم وتستقبلهم هي بمثابة مجازر لهم, ومقاصل مهيأة لقطع رقابهم !! فقتل من قتل منهم لأنه نازح من أهل الانبار ؟؟!! هذا مصير من تجاوز أسوار بغداد وبقية المحافظات التي باتت عصية عليهم بعد إن قدم للمسؤول " ضامن " يضمن بأنه ليس إرهابي ولا مجرم ؟؟!! وأما من بقي في داره وبيته ولم يمت من القصف الحكومي أو من هجمات داعش, فانه يعاني ترقب الموت بين اللحظة والأخرى, ومن فَضَل مخيمات اللجوء والنزوح فأنه يعاني الموت البطيء بسبب انعدام الخدمات الصحية وسوء التغذية والإهمال الممنهج والمنظم الذي اتفق عليه المسؤولين.
والأدهى والأمر من ذلك كله إن هؤلاء المسؤولون يرفضون وبكل شدة كل يد تمد لمساعدة هؤلاء النازحين أو ذويهم, ويسعون في قطعها, ولا يقبلوا بان تكون لدى أهل الانبار أي قوة يدافعون بها عن أنفسهم, وما رفض مشروع قرار تسليح أهل السنة إلا خير دليل على ذلك, فأغلبية المتصدين لصناعة القرار السياسي وحتى الديني الآن يرفضون أن يسلح أهل السنة, لكنهم يمضون ما يتعرض له أهل الانبار من موت ومعاناة يومية ؟؟!! وكأنهم يريدون أن يباد الشعب العراقي الانباري عن بكرة أبيه, بل إنهم يريدون ذلك فعلا وإلا فلماذا هذا الرفض ولماذا الصمت عن كل ما يتعرضون له من قتل يومي وبشكل ممنهج في مخيمات النزوح وفي بغداد وبقية المحافظات التي دخلوها ؟!.
فما يجري الآن في العراق وخصوصا في المناطق الساخنة, ما هو إلا دليل على وجود إبادة جماعية يتعرض لها الشعب العراقي, ومرتكبي هذه الجرائم هم المسؤولين – ساسة ورموز دين – من جهة, وتنظيم الدولة " داعش " من جهة أخرى.
ومن هذا المنطلق نضم صوتنا لصوت المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في المطالبة بتشكيل لجان قانونية وحقوقية تطالب بتقديم المتسببين في تلك الإبادة التي يتعرض لها الشعب العراقي في ديالى وصلاح الدين والموصل والانبار, تلك المبادرة التي أطلقها سماحته في جواب على استفتاء رفع له بعنوان " نعم نعم للتسليح .. لوحدة العراق" ....
{...ثالثا: المعترض ممن بيده السلطة والمؤثر فيها يكون متهما بجريمة الإبادة الجماعية لشعب اعزل مظلوم فالسلطة لا تسلحهم ولا تقبل أن يسلحهم احد فلا يبقى أمامه إلّا الموت فان بقوا في بيوتهم ماتوا بعمليات الثأر والتصفية والقصف والاشتباكات، وان نزحوا من ديارهم ماتوا على أيدي الغدر والخيانة، ومن هنا أدعو كل شرفاء العراق والعالم من أهل الاختصاص أن ينتصروا للمظلومين العراقيين بتشكيل لجان قانونية وحقوقية لجمع الأدلة والبيانات وتقديمها للمحاكم الدولية والمنظمات الإنسانية والحقوقية من اجل إدانة ومحاكمة كل من تسبب في إيصال العراق والعراقيين إلى جحيم التقاتل والموت وسفك الدماء وتهجير وتجويع الشيوخ والنساء والأطفال وترويعهم ...}.
فالمسؤول والمتصدي ومن يؤثر على قراره من جهات أخرى سياسية ودينية هم المسؤولين عن تلك الإبادة التي يتعرض لها الشعب العراقي, فهم اتفقوا على تصفية هذا الشعب من خلال الإمضاء والسكوت وغض الطرف عما يتعرض له النازحون من إبادة يومية من قبل العصابات الإرهابية المليشياوية التي تعمل تحت غطاء حكومي وديني, وكذلك رفضهم لتسليح الشعب لمواجهة الموت الداعشي والوقوف بوجهه, فالعراقيون يبادون بشكل يومي ويسحقون بمطرقة المسؤولين وسندان الإرهاب الداعشي والمليشياوي.
بقلم :: احمد الملا
التعليقات (0)