مواضيع اليوم

العدو في الداخل

عبد الوهاب الملوح

2009-01-13 13:43:01

0

العدو في الداخل

عبد الوهاب الملوح

وهذه طعنة أخرى تصيب الجسد العربي ؛ طعنة تضربه هذه المرة في الصميم وتنال من كيانه المهدود أصلا فتمزقه قطعا من الداخل ؛ تتشرذم أعضاؤه وتتقطع أوصاله ؛ إنها طعنة أعمق و أشد من كل الطعنات السابقة  وليس ثمة ما هو أقسى من ضربة موجعة من الخلف تأتي ممن هو أولى بحراسة هذا الخلف .

هل يُمكن أ، نتحدث في هذا الظرف العصيب ؛ الوقت أشد محنة عند العرب ؛ هل يمكن الحديث عن هزيمة ؟المفروض ومن أجل رفع المعنويات ومن أجل سد الثغور والمزيد من التعبئة  والتعلق بأسباب الأمل ؛ المفروض إرجاء الحديث عن النتائج وكشف الحسابات طالما إن الحرب مازالت قائمة وطالما إن العدو مازال يحاول أ، يتقدم  فلا يفلح ويستعمل جميع الوسائل المحرمة دوليا وتاريخيا وإنسانيا  وقد استنفذ جميع الوسائل  بما في ذلك وسيلته الأولى وورقته الأغلى ألآ وهي رص صفوف حكام المنطقة لتشريع وتسويغ  ما يقوم به ؛ لا يمكن الحديث عن هزيمة مع العدو  ولكنها هزيمة  الحكام الذين هم في الحقيقة جنرالات حرب متقاعدين  ينالون مكافآتهم من عند عدو عمل وللأسف على تجنيدهم ضد شعوبهم فيؤمِّنوا له قلة العدد فيما سيواجهه من مقاومين وسد الجبهات والدعم اللوجيستي والمعنوي ؛  من هنا جاءت الطعنة هذه المرة ؛أقسى وأشد ليست أول مرة  غير إنها الآن أكثر من طعنة إنها تطهير وإبادة ومحو شعب كامل لم يقدر على القيام به الآخر في الخارج فها هو من هو في الداخل ينجز ذلك ؛ العدو في الداخل وليس من الخارج .

العدو في الحرب على غزة ليست إسرائيل ؛ إسرائيل يد مدمرة آلة حربية  حسابات سياسية ضيقة والعدو بالأساس هو السياسة العربية ودبلوماسيتها الخارجية التي تتحرك وفق استراتيجية الأمن الداخلي فقط وليس الأمن الخارجي ؛ هذا الأمن الداخلي الذي من أولى مهامه الحفاظ على المصالح الغربية  التي يقوم على رعايتها وحراستها الحكام العرب في المنطقة وليس من سبيل للمحافظة على هذه المصالح بجميع أنواعها إلا بقمع كل حركات المقاومة  وعدم تلبية مطالب الشعوب العربية الحيوية والتي هي بالأساس الحرية والكرامة ورد الاعتبار وحتى الخبز ليس مهما أحيانا .

لقد غضب الإنسان العربي من لمحيط إلى الخليج وغضبه كان من أجل ما يحدث في غزة  وما يحدث في غزة تطهير وإبادة انضاف إليه شعوره بالقهر والذل والدونية وما تلبسه من عار وخزي ؛ هو شعور لم يتولد فقط من هيمنة الغرب لكن من ديكتاتورية الحاكم الذي جاء أداؤه في الرد على ما يحدث للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية  مخيبا لكل الآمال مطعونا طاعنا مدعاة للإحساس بالعار والخزي وماذا يمكن أن يحسه مواطن عندما يتيقن أنه أعزل وفي العراء وليس ثمة من يحميه من أي شيء وانه بلا سند وبلا غطاء جوي أو ارضي وووو...الخ الخ .

على مدى سنوات الحصار إلى  العدوان وأيامه المشؤومة لم يتم الرد  رغم إن الفرصة مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى .

فلإدارة الأمريكية السابقة سيئة الذكر ذاهبة بلا رجعة  وما عاد  لديها ما يمكن أن تفعله أكثر مما فعلته والإدارة الجديدة لم تكتمل بعد ولن تفعل شيئا قبل  استلام الأمور ويا الله كم يلزمها من وقت  للتدخل ؛ والاتحاد الأوروبي منشغل بمشاكله الداخلية ومهتم بتأمين مدخراته من الغاز و التفاوض لأجل ذلك من اجل شعوبه – يا للمفارقة – وما يحدث في غزة لا يهمه بشكل مباشر ولئن تدخل فمن قبيل إسقاط الواجب و’’حز العراك’’ . والأزمة النقدية على أشدها وتزداد استفحالا  والضغط الجماهيري يزداد  كل هذه العوامل مشجعة لقول كلمة فصل وشد زمام الأمور واتخاذ قرارات نابعة من المصالح العربية العربية وليس من المصالح الغربية .كل هذه العوامل تعطي لأي حاكم عربي وخاصة في منطقة الشرق الأوسط تمكنه من هامش تحرك أكثر من المعتاد لقلب الموازين وخلق منطق سياسي جديد لن تستطيع الإدارة االامريكية الجديدة إلا أن تتعامل معه ومع متغيراته وفي جميع الأحوال لن تجد نفس الأساليب  المعتادة في العمل التي كرسها النظام السابق حين فرض التبعية لقراراته .

لقد فوَّت العرب عليهم فرصة لن يكررها الزمن مرة أخرى إلا إذا كانت هناك نوايا عالمية  لمذبحة أكثر إبادة وتطهيرا ؛ فوَّتوا عليهم فرصة ان يقولوا كلمتهم وفق ما تمليه عليهم مصالح شعوبهم في حين أثبتت المقاومة الفلسطينية رغم عزلتها وقلة سلاحها والحصار المفروض عليها أثبتت إنها الأجدر من كل الأنظمة الرسمية بترساناتها العسكرية  وأساليبها الديبلوماسية . سنة 67 استطاعت إسرائيل أن تحتل 3بلدانعربية في 6 أيام في 2003احتلت القوات الأمريكية بغداد في 6 أيام واليوم وبعد أكثر من 20يوما لم تستطع إسرائيل وبعد قصف جوي مكثف وغارات لا تتوقف أن تكسر شوكة ا لمقاومة وكان على الجهاز الرسمي أن ينحاز إلى صف المقاومة على الأرض دون أن يبحث عن أسليب ديبلوماسية هي ألاعيب سياسية ثبتت لا جدواها .

الحرب على غزة أثبتت مرة أخرى هزيمة الأنظمة العربية وتآكلها وانتصار الشعوب رغم محاصرتها وعمليات إبادتها  

 عبد الوهاب الملوح


التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !