شاءت الأقدار أن تقدم حركة العدل و الإحسان أول ضحايا مظاهرات الأحد الماضي و ما شابها من رد أمني وصف بالعنيف، كمال العماري نشاط في حركة 20 فبراير بمدينة آسفي توفي بعد إصابته بجروح خطيرة بعد تعرضه للضرب من طرف رجال الأمن الأحد 28 ماي، السلطات الرسمية نفت علة الوفاة كما روجت الحركة مؤكدة أنه توفي على إثر نوبة قلبية و ضيق في التنفس لمرض رئوي فيه......
العدل و الإحسان نعت " شهيدها"، كما نعته حركة 20 فبراير، لتظهر الجماعة على واجهة الإعلام كأحد مكونات الحركة، أمر تستهويه السلطة لتقتلع صفة الحيادية عن الحركة الشبابية "20 فبراير"، وهو أمر ليس بالخفي، فمنذ بداية نشاطات الحركة، كان يروج دائما أنها خليط من اليسار ( النهج القاعدي و شبيبة الطليعة) زيادة على شبيبة العدل و الإحسان، لكن من الحيف أن نقزم الحركة في مكونات سياسية كانت في الساحة و معروف أن بعضها ليس له قاعدة شعبية تمكن من تأطير و الدفع بمظاهرات تعم أنحاء المغرب، كما أنه و رغم أن للجماعة ( أي العدل و الإحسان) إمتداد شعبي كامن، لكن ليس في كامل التراب الوطني أيضا، 20 فبراير و من يخرج معاها من شباب و مواطنين فيهم من ليس له إنتماءات سياسية بالمرة و هذا حال الدول العربية الأخرى التي شهدت بداية شرارة الثورات، و لعل تهمة الفايسبوكيين التي ألصقت ببعضهم ( و هم النواة ) عنوان لكونهم شباب أراد التغيير لأنه سئم واقعا ينافي حياتهم الإفتراضية المثالية و تطلعاتهم لمستقبل يريدونه أحسن و أفضل من واقع اجتماعي و اقتصادي مظلم ( بطالة فساد سوء تسيير تعليم سيء صحة سيئة......)، هؤلاء الشباب وجدوا في الشبكة المعلوماتية ما لم يجدوه في الواقع، إنها حرية التعبير و التأطير و ممارسة السياسة في مجال لا تؤطره قوانين رادعة و لا تمنعه أجهزة أمنية و مخابراتية ، إضافة إلى سرعة المعلومة تبليغا و نشرا، و هذا استثمار لتكنولوجيا العصر في ممارسة التعبير بعيدا عن البيروقراطية و تأطيرات الأحزاب و مؤتمراتها و بياناتها......
بالعودة إلى حركة العدل و الإحسان، قد يمثل الأحد القادم تحديا لهل للخروج علنا، و هو امتحان صعب فهل ستستمر في التستر بغطاء حركة 20 فبراير حتى تضمن عدم استغلال الدولة لظهرورها العلني فهي الحركة المحظورة التي تريد قلب النظام و ترسيخ الخلافة ( كما يتصور البعض من عامة المواطنين)، حتى حركة 20 فبراير يمثل ظهور العدل و الاحسان على السطح إعلاميا عبئا عليها، فهي أي 20 فبراير تسعى جاهدة لإثبات أنها حركة شاملة متعددة المشارب لا تتبع أي جهة سياسية معينة قد يعتبرها النظام متطرفة، رغم ذلك فالحركة تستفيد من الجماعة و خاصة شبيبتها كهيئة منظمة لها وعاء شبابي مهم و لها تجربة في العمل الإحتجاجي السلمي.
من المنطقي أن تضم حركة 20 فبراير كل الرافضين للواقع السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي حاليا، ومن تخلف عن ركب الرفض يحسب على الجانب الآخر أو يحسب من المتفرجين المتعاطفين، ولعل مع تقدم الأحداث و إن ظلت الدولة تمارس نفس سياسيتها القمعية التي شهدتها مظاهرات الأحد الماضي و الذي قبله، فإن مساحة الرفض ستكبر لتضم فئات شعبية أكثر و ربما سياسية و حزبية.
التعليقات (0)