بعد تونس، فرحة الإسلاميين تصل إلى المغرب، و التوقعات بمصر كذلك، إنه ربيع الإخوان المسلمين و الحركات الإسلامية، مع أن استعمال مصطلح الإسلامية فيه إجحاف لباقي التيارات السياسية و إجحاف كذلك لرمزية الإسلام، غير أن الإعلام طبع في ألسنتنا و في عقولنا مصطلح أحزاب إسلامية مقرونة مباشرة إما بمعتدلة أو متطرفة.
ربح البيع أصحاب بنكيران، و يكاد يبلغ الحزب مبلغا لم يصله حزب من قبله، قرابة 100 مقعد أو أكثر إن تم فرز نتائج اللوائح الوطنية، لم يكن الحزب يتوقع أن يحصد مثل هذه النتائج، حتى استطلاعات الرأي لم تبالغ في إعطاءه مثل هذه النسبة التي حصل عليها، لا ننسى أنه و في انتخابات 2007 منحت إستطلاعات الرأي الصدارة لحزب المصباح، و بالغ العثماني في التوقع و تحدث عن إمكانية الفوز ب 70 مقعدا، غير أن الإستحقاق كذب التوقعات و ظل الحزب رهين مكاسب 2002 أي الأربعين مقعد وبضع مقاعد.
الآن فازت العدالة، و فشل التحالف العظيم ج 8، و تكسرت معه أحلام الوافدين الجدد، مزوار قائد الحركة التصحيحية في حزبه الأزرق ومن معه من وزراء الإختصاص، و الوافد الأكبر حزب الجرار الي اكتفى بمقاعد قد لا تتجاوز الخمسين بشكل نهائي، خسارة التحالف أكبر من تعداد الأرقام، فقد خسر الحكومة ولم ينفع رداء الحداثيون الجدد ( مزيج من الليبراليين و اليساريين و بعض المحسوبين على التيار الإسلامي و رجالات المخزن...) في إقناع الشارع المغربي بأنهم البديل ضد قوى بعينها، فكان التحالف ضحية من ضحايا الربيع المشرق، خسران سيجعله إن ظل في المعارضة كتلة نيابية إما قوية قادرة على إحراج الحكومة و عرقلة مسيرتها، هذا بالإفتراض إن ظل التحالف متماسكا و منظما في عمله، و يبقى العكس و هو بالتخمين على أن مجموعة الأحزاب الثمان تحالفت و في مخيلتها الفوز بحصة الأسد و تشكيل حكومة قوية، الأمر الذي جعل مزوار يسارع بأحلامه ويطلق تصريحات نارية ضد العدالة و الجزم بأن المغرب ليس تونس و مصر، و بالتالي فقد يتشتت شمل التحالف و ينهار مع سباق البحث عن حقائب وزارية داخل حكومة العداليين المغاربة.
فائز آخر و هي الدولة في حد ذاتها و النظام الملكي، فعلاوة على النسبة التي جاوزت سقف 37 في المئة المسجلة سنة 2007، فوز العدالة و بنسبة عالية، يعني أن الإنتخابات نزيهة و أن السلطات لم تتدخل للجم هذا الحزب و منعه من الترشح في مدن معينة أو في محدودية تغطيته لكامل المراكزالانتخابية كما حصل في انتخابات سابقة، هذا المؤشر يعطي للدولة ثقة عالية في تسويق نموذجها الإصلاحي ومشروعها الديمقراطي الشفاف و النزيه و الذي جعل من حزب معارض كانت عليه تحفظات كثيرة يفوز الآن و بدون أي اعتراض.
الرهان القادم لحزب العدالة هو تشكيل الحكومة، مع من سيتحالف الحزب؟ توقعات تفيد بأن الكتلة ( الإستقلال و الاتحاد الاشتراكي و التقدم) الأقرب لمشاركة الحزب في تكوينه للحكومة، في هذه الحالة، كيف سيوفق الحزب بين وعوده ببرنامج يقوم على محاربة الفساد و التدبير الرشيد لمختلف مناحي الشأن العام.. وهو المتحالف مع أطراف شاركت في حكومات متعاقبة فشلت في تدبيرها لملفات كبرى و اتهمت بالفساد و التقصير.... و كيف ستتعامل الجهات العليا مع مرشحي الحزب؟ و هل ستكون هناك لوائح منع ضد قيادين من الحزب بعينهم لعدم الترشح للإستوزار؟ وماذا لو فرض على الحزب أشخاص بعينهم؟ وكيف ستحمل الحزب مسئولية وزارات سيادية مثلا كالداخلية إن سمح له بذلك؟ وهل سينجح وزراء الحزب في فرض تصوراتهم داخل وزارات و إدارات يسيطر عليها أشخاص و شبكات حزبية و عائلية أشبه بالمافيا؟ أسئلة كثيرة و لربما عقبات كثيرة قد تجعل من مشوار الحزب في تشكيل الحكومة و قيادة العمل الحكومي مشوار صعبا و مكلفا للحزب، فهل سينجح الحزب في الإحتفاظ برصيده حتى نهاية الفترة التشريعية الحالية ؟
التعليقات (0)