مواضيع اليوم

العالم الخفي .. عالم الجان .


اعرفه منذ زمن ، يوصف بأنه جزيرة صامته ، صامت ، غير مشارك أو مبال بكل ما حوله ، ليس له ما يهتم به ،ليس له أصحاب دوني ، وليس له من يخبره غيري ، ربطتنا علاقة قربى بعيدة ، لكن بطبعي النشط والمشارك وبحبي للآخرين ، وتعاطفي معه ضد من عاداه ، أصبحت أهم من والاه من البشر .. بل كنت بمثابة الصدر الحنون الذي يلجأ إليه عند الشدائد ..

وكنت القلعة التي يتحصن بها ضد الأخطار التي تتهدده ، في عائلته التي أخذ ت كل منهم دروب ومشارب شتى ، والتي ذهب منهم فيها كل إلى غايته ، وانشغل كل منهم بهمه الخاص ، وأغلق عليه بابه دون الدنيا بما فيها .. وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا .. وأنهم بهذا يحمون أنفسهم ... تركوه بلا أخ أو صديق أو ملجأ يلجأ إليه وقت الشدة ..

عاش في هذا الكون الواسع الشاسع الممتد وحيدا ، متوحدا .. تتجاذبه العواطف والأفكار ... تأخذه مرة يمينا ومرة يسارا .. تتقاذفه كريشة في مهب الريح .. أصبح الخجل مرضا .. وأصبحت العزلة حلا ...فما العمل .. لم يتزوج ولم يبادر إلى طلب الزواج .. لم يسعى احد لمساعدة للخروج من قمقم الذات الذي دخل فيه واقفل على نفسه بابه وبات حبيس مسجونا في بئر مظلم عميق سحيق ..

قبل أيام جاءني وهو في حالة نفسية يرثى لها ..قال ورأسه مطأطأ إلى الأسفل :
تقول .... إن الحجاب في البيت .
قلت أي حجاب ؟
قال الحجاب الذي عملته أمها .
لماذا ؟
لا اعرف ..
مضت أيام وجاءت أيام حتى غدا يكلم نفسه .. وهو يتوهم أن هناك من يتبعه ..وان هناك من يتهكم عليه ويتجسس عليه ..

بالأمس قال لي أنهم يأتون إليه في الليل ... يطيرون في السماء يحلقون حوله .. ينظرون إليه بعيون حمر كأنها الجمر .. يلوحون بأيد كأنها الرماح من نار .. مرة يتشكلون على شكل أقزام صغيرة ..ومرة عمالقة أجسادهم تعانق السحب .. ومرة على شكل أفعى طويلة ومرة قصيرة .. مرة يظهر الأموات .. أشخاص يعرفهم يجوبون السماء ليلا ونهارا .. ومرة يأتون إليه في النهار يجلسون إليه بين من يجلس معهم ... ينظرون إليه ... بصمت ينظر يسمع تحاورهم .. ويسمع شكواهم منه وله وعليه ..
كل يوم تتجدد الصور، بالأمس قال لي رأيت أفعى كبيرة على شباك المسجد ، هي الأفعى ذاتها التي رأيتها في السابق في بيتنا ، كانت الصورة أمامي ،كأنها سينما ، التفت حول خصري ، تلاشت الصورة ليحل مكانها أفعى هذه المرة برأس كبيرة ، فتحت شدقيها وابتلعت راسي .. أمام عيني..
سألته أما خفت .. أما أصابتك الرعبة والرهبة ؟
قال طبعا وهو يرتجف .

ذهبت به إلى شيخ يقرأ الرقية .. شرح له ما يجد وما يكابد ... هز الشيخ رأسه ... وقال هذا تلبس من الجن .. وسحر .. وعمل معمول له .... وقرأ الرقية الشرعية .. ثم ناوله كيسا من الماء الذي قرء القرآن عليه .. ليشرب من ويستحم به ..وأعطاه كيسا من الزيت ليمسح به صدره وبطنه وعموده الفقري ..ومجموعة من أشرطة التسجيل الصوتي للقرآن والرقية ليسمعها ..وورقة فيها تعليمات عليه أن يتبعها .. وينفذها ..وموعدا بأن يأتي إليه بعد أسبوع ليرى حاله وما صار إليه مآله ..

خرجنا ونحن نسبح ونحمد بعد جلسة الرقية ...وتواعدنا على موعد اللقاء التالي ..بينما كان صديقي يهلوس بكلمات لم افهمها ...

حالما عدت اتصلت هاتفيا بصديق ، اسأله إذا كان يعرف طبيبا نفسيا ... جاءني وهو يحمل الجواب .. فذهبنا إلى زوج أخته الطبيب النفسي وشرحت له حالة صديقي وما فعلنا وما حدث معنا..

قال الطبيب : هذه هلوسات ... وأنكر وجود الجن وتأثيره على الإنسان ... واستهجن فكرة السحر .. واستبعد أن يكون معمول له عملا .. أي سحر ..

وقال يجب أن يحضر بنفسه إلى العيادة لغايات الكشف .. والاستماع .. والبدء في برنامج العلاج ...بصورة علمية وطبية .. بعيدا عن الشعوذة والترهات .. والجهالة ...
للحق لم اقتنع بكلام الطبي ولم اقتنع به كشخص .. رأيته مهزوزا مرتبكا .. غير متماسك .. كلامه يفتقر إلى العلمية والمنطقية ... يحفظ كلمات عن ظهر قلب .. ردد أمامي أكثر من مرة خلال الجلسة ( هيك أخذنا بالكلية ) هذه كانت كفيلة بأن يسقط من عيني ويفقد ثقتي ..

تذكرت ابن الجيران الذي ذهب إلى الطبيب النفسي ، بعدما كان يتوهم انه رجل مباحث ..مهم وبرتبة ضابط كبير .. كيف أصبح من متوهما انه ضابطا معتزا بنفسه إلى معتوه يدور في الشوارع بعدما خرج من البرنامج العلاجي عند الطبيب النفسي ... مما دفع بالجيران والأهل إلى أن يقولوا أن الطبيب ( جننه ) بعد أن كان يصرف له باستمرار علاجات كانت جميعها مهدئات .. تحثه على النوم .. وتدفعه إلى الخمول .. حتى أصبح اليوم مجنونا من أشهر مجانين المدينة ..يخلع ملابسه في وسط الأسواق ويدور هكذا عاريا ..

قد يسال احدنا وما العمل .. أنا لا اعرف ما العمل الشواهد على فشل الكثير من الأطباء النفسيين في علاج الكثير من الحالات العقلية والنفسية كثيرة .. ففي مدينتا أكثر من عشر حالات ...ثم ما مصير المرضى في المصحات النفسية ؟ لا اعرف من دخلها مريضا إلا وخرج مجنونا ..
انتظر تعليقاتكم ولنفتح هذا الملف ...


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !