العائدون إلى أرض الوطن
صفقة رابحة أم خاسرة؟
إدريس ولد القابلة
منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي اعتمدت مجموعة من قادة جبهة البوليساريو ومسؤوليها بمخيمات تندوف معارضة قيادتهم، وبعد فترة التحقوا بأرض الوطن تلبية لندان الملك الراحل الحسن الثاني "الوطن غفور رحيم". قلّة منهم احتلوا مواقع مهمة في الدولة والإدارة العمومية، والباقي لم نعد نسمع عنهم شيء كأنهم أصبحوا في خبر كان.
إذا كان الرعيل الأول من العائدين يُعدّون على رؤوس الأصابع، قد التحقوا بأرض الوطن في أوج عطائهم وتألقهم في مواقعهم، فإن الرعيل الثاني من العائدين، لم يلتحقوا بالوطن إلا بعد أفول نجمهم بقيادة البوليساريو أو بعد إبعادهم أو تهميشهم، ماعدا بعض الاستثناءات مثل حالة كجمولة بنت أبى. وهذا من بين التساؤلات الكبرى التي ظلت تشغل العديد من المتتبعين إلى يومنا هذا.
بخصوص العائدين - الذين لم يعد يظهر لهم أثر ولا نعاين أدنى تحرك أو مبادرة أو مساهمة من قبلهم في خدمة القضية الوطنية الأولى أو دفاعا عنها، علما أنها من المفترض أن تكون هي القضية التي أقنعتهم بالرجوع ، والقناعة بها هي التي قادتهم إلى العودة إلى أحضان الوطن الأم بعد مراجعة أنفسهم – قد سبق وأن قال قائل : " الطيور تتوارى وتختبئ عن الأنظار لتحتضر وتموت".
من هم هؤلاء العائدون؟ وماذا قدموا للوطن بعد أن غفر لهم واحتضنهم من جديد كأن شيئا لم يكن؟ وماذا يفعلون الآن؟ وهل عودتهم وتوبتهم كانت صفقة رابحة بالنسبة للمغرب والمغاربة أم العكس؟ ولماذا لم ينم استخدامهم لمواجهة جبهة البوليساريو وتوابعها وللتصدي لبرر الانفصال في الداخل والخارج في إطار نصرة القضية الوطنية الأولى التي عادوا من أجلها؟ أم أن القائمون على تدبير ملف الصحراء لم يضعوا ثقتهم فيهم بعد لذا اعتمدوا سياسة الإبعاد والتهميش بخصوصهم في هذا المضمار وغيره؟ وهل فعلا كان من الممكن أن يلعب هؤلاء العائدون من مخيمات الحمادة دورا في التصدي لمخططات قصر المرادية وصنيعته البوليساريو المحاكة ضد المغرب وحدته الترابية؟
إنها أسئلة مازالت تُؤرق الكثير من متتبعي الشأن السياسي الداخلي والخارجي للمغرب.
في تدبير ملف العائدين إلى أرض الوطن
ظل تدبير ملف العائدين إلى أرض الوطن بيد وزارة الداخلية التي تولت، منذ البداية، تفعيل النداء الملكي "إن الوطن غفور رحيم". وقد استجاب الكثيرون لهذا النداء الملكي السامي.
فالملاحظ على امتداد سنوات عديدة أن تدبير وضعية العائدين الملبين للنداء الملكي، سيما في شقيها الاجتماعي والاعتباري، ظل مقرونا ومشروطا بمدى حظوة العائد عند الطرف الآخر وتموقعه في المسؤولية السياسية أو العسكرية أو الدبلوماسية في صفوف جبهة البوليساريو. وتكلفت مصالح عمالات العيون وبوجدور والسمارة والداخلة التابعة للداخلية الموكول لها تدبير شؤون العائدين وقضاياهم بإحصائهم والعمل على إدماجهم في النسيج المجتمعي، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا في الاضطلاع بهذه المهمة، مما أنتج انعكاسات سلبية تفاقمت مع تراكم الأخطاء والانحرافات إلى أن وصل الأمر إلى وضعية من الصعب تدبيرها دون إعادة النظر كليا في النهج المعتمد.
لم يسبق أن سمعنا عن أحد العائدين اضطلع بمهمة مرتبطة بملف الصحراء، إن استثنينا إبراهيم حكيم في البداية، وعمر الحضرمي. وقد سبق وأن قيل أن خليهن ظل يدافع على اعتماد تدبير سياسي في التعاطي مع هذا الملف، في حين دافع الحضرمي على اعتماد مقاربة أمنية ليس إلا.
كما أنه إنما يؤاخذ على مختلف الحكومات المتعاقبة منذ 1990 بخصوص تدبير ملف العائدين إلى أرض الوطن هو، استمرار افتقارها لرؤية وتصور واضحين تنبثق عنهما منهجية فعالة لإدماج العائدين، وجعلهم فاعلين في المجتمع عوض دفعهم للرضا بوضعية الإتكالية. وقد زاد الطين بلة حينما دخلت رئاسة الكوركاس على الخط باعتماد الارتجالية الاستفراد في اتخاذ القرارات والتي غالبا ما كانت انعكاساتها سلبية وعكسية بالتمام والكمال لما كان متوخى منها.
وفي ظل هذا الارتباك العام أضحت إشكالية العائدين إلى أرض الوطن مرتبطة بالأساس بالحصول على امتيازات واكراميات وعلى السكن و"كارطيات الانعاش" والتوظيف دون القيام بعمل "يُبرّد الأجر" كما يُقال، واللهث والهرولة وراء المزيد من العطايا ولو باعتماد طريقة لي ذراع الدولة أو المساومة والتهديد بالعودة إلى الارتماء في أحضان الانفصاليين ونصرتهم، هذا دون أدنى اكثرات بروح المُواطنة في خدمة الوطن الذي أحسن لهم أكثر مما أحسن لأبناء الأقاليم الجنوبية الوحدويين الذين ظلوا متشبثين بمغربيتهم ولم يفكروا برهة في الإساءة إليه، وهذا ما جعل القائمين على الأمور في إحراج وفي وضع صعب عليهم تبريره منطقيا ووطنيا ومن وجهة المُواطنة أو تدبيره بعقلانية.
ورغم أنه تم تسجيل مبادرات ملكية في هذا المضمار إلا أن القائمين على تدبير ملف العائدين إلى أرض الوطن أصروا على تأكيد فشلهم الذريع، وبقي نهج إدارتهم للملف يشكل عائقا في وجه تكريس المنظور الملكي لإدماج العائذين في النسيج المجتمعي بطريقة سديدة.
ومن هذه المبادرات الملكية يمكن ذكر:
- في 23 شتنبر 1999 تم إصدار التعليمات الملكية السامية بإنشاء لجنة ملكية لمتابعة شؤون الصحراويين لتتابع وتهتم الأقاليم الجنوبية،
- في 4 أبريل 2001 صدر أمر ملكي بإحداث صندوق لإدماج العائدين من مخيمات تندوف وذويهم إلى المغرب،
- في 4 دجنبر 2001 ترأس جلالة الملك بالديوان الملكي بالرباط جلسة عمل خُصصت لإعداد مخطط للتنمية المندمجة للأقليم الجنوبية،
- في 6 مارس 2002 عيّن جلالة الملك عبد اللطيف الكراوي مديرا لوكالة الجنوب،
- في 6 نونبر 2002 أمر جلالته في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء بعقد المجلس الإداري لوكالة الجنوب،
- في 10 فبراير 2003 عيُن جلالة الملك أحمد حجي مديرا عاما لوكالة الجنوب،
- في 30 دجنبر 2007 أعطى جلالته تعليماته السامية من أجل الحفاظ على استقلالية تسيير وكالات تنمية أقاليم الشمال والشرق والجنوب،
- في 6 نونبر 2009 دعا جلالة الملك محمد السادس في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء إلى مراجعة عمل وكالة تنمية أقاليم الجنوب، لتتولى تسيير ظروف العودة لكل التائبين ودعم إدماجهم،
- في 3 يناير 2010 تم تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية برئاسة عمر عزيمان.
فهل قام المسؤولون فعلا بترجمة هذه المبادرات الملكية على أرض الواقع؟ هذا هو السؤال.
وبالرجوع إلى مسار ونهج تدبير ملف العائدين، نلاحظ، باستثناء حالات نادرة جدا ومنها حالة عمر الحضرمي، أن أغلب العائدين – المصنفين من العيّار الثقيل – تم إدماجهم بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون أو بمصالحها الخارجية في باريس ومدريد ولندن والجزر الخالدات وبعض الدول الإفريقية وغيرها. وحسب مصدر مطلع، في البداية كان السعي حثيثا لجلب "العيارات الثقيلة" في صفوف البوليساريو للعودة إلى أرض الوطن، لكن منذ اعتماد خطة "بيكر" الرامية إلى إيجاد حل نهائي، غيّر المغرب إستراتيجيته، وعوض جلب تلك "العيّارات الثقيلة" للالتحاق بالبلاد، أضحى يفضل بقاءها هناك بغية التأثير من الداخل ، سيما في مجرى المفاوضات، ولماذا لا التفاوض معها لاحقا.
لكن يكاد يجمع العائدون الملبون لنداء "الوطن غفور رحيم" الموصوفين بالأمس القريب بـ"العيارات الثقيلة" على القول إن التعامل معهم تأسس على غياب الثقة واعتماد الإقصاء والتهميش، هذا رغم بروز أهمية توظيف العديد منهم في الحرب الدبلوماسية ضد مافيا جنرالات الجزائر ودميتها البوليساريو.
وقد سبق ما مرة للبشير الدخيل أن أثار الانتباه إلى الاختلاف الحاصل في التعاطي مع العائدين إلى الوطن، سواء العائدين تلبية للنداء الملكي "الوطن غفور رحيم" أو العائدين من المنفى الذين كانوا منا وئين للنظام الملكي على امتداد ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. فبالنسبة للأوائل، يقول البشير الدخيل، لازالوا ينعتون إلى حد الآن بالعائدين أينما حلوا وارتحلوا، أما الآخرين فقد فُتحت أمامهم كل الأبواب على مصراعيها واندمجوا في الحياة السياسية وغيرها بامتياز كبير.
ففي البداية تم إحداث خلية للاضطلاع بمشاكل العائدين، لكن سرعان ما فشلت هذه التجربة وراكمت أخطاء مازالت انعكاساتها قائمة إلى حد الآن. لقد غابت الخطة والبرنامج من أجل إدماج العائدين إدماجا حقيقيا ومجديا، إن على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو المجتمعي أو الثقافي، وعوض ذلك تم اعتماد الارتجال و"البريكول" والزبونية وغيرها من الطرق والسبل الملتوية.
وتناسلت المشاكل مع ارتفاع عدد العائدين إلى أرض الوطن، فإلى حدود النصف الثاني من السنة الماضية (2010) كان المعدل هو عودة ما بين 10 و15 شخصا، وقد فاق عدد العائدين تلبية للنداء الملكي "الوطن غفور رحيم" 7 آلاف فرد، وهذا نسبة مهمة من ساكنة مخيمات الحمادة من أصول صحراوية مغربية.
وفي السنين الأخيرة ظلت وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية خارج التغطية بخصوص هذه القضية، وذلك رغم أن الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء سنة 2009 نص على الدور الحيوي لهذه الوكالة في إدماج العائدين إلى الوطن إدماجا مجديا ومُواطنا وتشاركيا في النهوض بالأقاليم الجنوبية وخدمة القضية الوطنية الأولى.
عموما يبدو أن القائمين على أمور العائدين قد سُجّل عليهم أكثر من فشل. كما اتضحت رداءة تدبير هذا الملف منذ 1989 ، آنذاك كان موكولا قصرا لوزارة الداخلية، عندما كانت أم الوزراء تحت إمرة إدريس البصري وزمرته، الذين اعتبروا هذا الملف ضرع حلوب عضوا عليه بالنواجد.
وقد سبق لمحمد سعدبوه، أحد العائدين والمؤسسين السابقين للمنظومة التعليمية بمخيمات تندوف، التأكيد على أن أخطاء أقترفت وهفوات أرتكبت في التعاطي مع ملف العائدين. وقد حظي بعضهم دون سواهم بعناية خاصة وحفاوة، سيما أولئك الذين التحقوا بالوطن بواسطة العامل صالح زمراك والحاجب الملكي وقتئذ والمديوري وإدريس البصري وبعض الشباط من أصول صحراوية. كما أشار محمد سعدبوه أن بعض الوساطات أجهضت التحاق بعض الأشخاص الوازنين بالمخيمات وذلك لسوء التدبير.
مسار العودة
إذا كانت رحلة العودة إلى الوطن حاليا دون تفكير طويل في التخطيط والإعداد، فإنها من قبل كانت عملية عويصة ومعقدة جدا، تستوجب الدراسة والتمحيص والإعداد المتقن والتخطيط المحكم وتحين الفرصة السانحة.
بخصوص العائدين الأوائل، كانت رحلة العودة تخضع لجملة من الترتيبات والإجراءات الخاصة وقد تتطلب وقتا ليس بالقصير. كان أوّل ما يتم القيام به هو إعداد جدادة أو بطاقة معلومات خاصة بالشخص المستهدف، غم اختيار الشخص المناسب للقيام بدور الوسيط. وكذلك الأمكنة التي ستتم فيها اللقاءات، وغالبا ما كانت إحدى البلدان الأوروبية، ثم تبدأ مرحلة التفاوض، فإعداد سيناريو العودة إلى أرض الوطن بدقة، سيما إن تعلق الأمر بالموصوفين بــ "العيار الثقيل".
إن مسار العودة إلى أرض الوطن يختلف من عائد إلى آخر، إلا أن مسار أطر "البوليساريو" قبل 2001 كاد يتشابه، إذ أغلب تلك الأطر التي عادت إلى المغرب بعثت بإشارات عبر أفراد عائلتها المتواجدين بالداخل، وما إن تصل إلى المخابرات تضطلع وزارة الداخلية بالأمر، إذ كان ادريس البصري يقف على كل "شادة وفادة" بخصوص العائدين آنذاك. وتبدأ الاتصالات ويختار الوسيط الذي غالبا ما كان يضخم من حجم المتفاوض معه وغن كان ورقة محروقة وتبدأ المفاوضات حول الامتيازات والمكاسب وضمانات العيش الكريم وهلم جرا. خلال هذا المسلسل استفاد عدد من المسؤولين ماديا، إذ كانت المبالغ المالية المرصودة للعائدين قبل دخولهم إلى الوطن، يغترف منها قبل بلوغها لصاحبها، وغيرها من الممارسات التي كان يستغلها البعض للإثراء غير المشروع.
إذا كان أغلب العائدين إلى أرض الوطن في السنوات الأخيرة، قد رجعوا عبر مدينة الزويرات الموريتانية، فإن هناك البعض منهم سلكوا مسالك قادتهم نقط مراقبة عسكرية في الكرارات أو المحبس وغيرها ليسلموا أنفسهم للوحدات العسكرية المغربية التي تتكلف باقتيادهم إلى أكادير ثم إلى الرباط. وقد اشتهر فندق "تيرمينوس" بالعاصمة الإدارية – قبل إقفاله باستقبال الكثير من العائدين، حيث كانوا يقيمون فيه. أما ذوي الحظوة في صفوف جبهة البوليساريو وأصحاب المواقع الرفيعة، فكان من السهل عليهم التحرك، وغالبا ما تكون جزر الكناري أو مدريد أو برشلونة أو باريس أو واشنطن هي المعبر إلى أرض الوطن.
كادت مختلف الروايات أن تجمع على أن الرحلة من جحيم مخيمات الحمادة إلى أرض الوطن، تنطلق من الرابوني التي تبعد عن مدينة الزويرات بـ 950 كلم، وتكلف كحد أدنى 3 آلاف دينار جزائري. وبعد الوصول إلى الديار الموريتانية (الزويرات)، تبدأ رحلة أخرى إلى نواديبو، مسافتها 650 كلم، وغالبا ما تتم عبر القطار. وقد قيل أنه عندما كان الراحل علي بوعيدة قنصلا بنواديبو كان يتكلف وعلى نفقته بنقل العائدين إلى مدينة الداخلة بواسطة الحافلات.
إن التاريخ قد يتضمن أحيانا مفارقات عريبة، ومنها أن مدينة الزويرات الموريتانية شهدت ميلاد جبهة البوليساريو يوم 20 مايو 1973 ، في عهد الرئيس الموريتاني المختار ولد دادة، لكن ابتداء من سنة 1988 أصبحت معبرا للعائدين إلى أرض الوطن ملبي نداء "الوطن غفور رحيم". وقد مرّ أقلب الفارين من جحيم مخيمات تندوف عبر مدينة الزويرات.
العائدون، ماذا أضافوا؟
لقد عاد عدد من قادة البوليساريو، لكن ماذا تغير في القضية من منظور القيمة المضافة التي قدمها هؤلاء؟
لقد كانت الدولة سخية معهم ومنحتهم الكثير، فماذا قدموا هم للوطن؟
إن أغلبهم تحركوا بعض الشيء حال عودتهم، لكن سرعان ما أصبحوا في خبر كان، ولم نعد نسمع عنهم شيئا يُذكر؟
العائدون "المؤسسون"
لاحظ الجميع حالة التمييع التي طالت صفة "المؤسس" في صفوف العائدين من مخيمات الحمادة إلى الوطن، وأضحى الكثير منهم يضفون على أنفسهم، دون وجه حق وبلا استحقاق، صفة "مؤسسي جبهة البوليساريو"، لا لشيء إلا لنيل حظوة واهتماما أكثر، وربما للفوز بتموقع رفيع. علما أنه من المعروف الآن، بالحجة والدليل، أن مؤسسي جبهة البوليساريو هو 21 نفرا لا أقل ولا أكثر، وهم الذين حضروا اجتماع مدينة الزويرات الموريتانية في 28 أبريل 1973 ، يوم الإعلان عن تأسيس البوليساريو وساهموا في بلورة البيان التأسيسي المعلن يوم 10 مايو 1973 ، أما الذين بادروا بوضع المبادئ الأولى والأهداف وخطط العمل في المؤتمر الأول لم يكن عددهم يتعدى الـ 25 نفرا، عاد منهم 5 إلى حد الساعة وهم:
- محمد عالي ولد الوالي ( عمر الحضرمي)
- نور الدين بلالي
- محمد سالم الدخيل
- البندير معيش
- البشير الدخيل
نعم عاد الكثير من أطر جبهة البوليساريو لكن ليسوا من المؤسسين، وقبلهم تألق نجم بعض الصحراويين و من هؤلاء يمكن ذكر،حسب التسلسل التاريخي، خليهن ولد الرشيد الذي في أحد أيام شهر مايو من سنة 1975 ، بعد قيام لجنة أممية بزيارة العيون قرّر الالتحاق بالعاصمة. وفي الثمانينيات (1989) عاد ماء العينين مربيه ربو الذي كان مسؤولا على إذاعة الانفصاليين وشغل مديرا لدائرة الإعلام ورئيس تحرير صحيفة "الصحراء الحرة"، وشغل بعد عودته منصب مستشار بوزارة الاتصال.
وفي هذه الفترة عاد كذلك إلى أرض الوطن بوركيبي ولد أحمد الزين، وكان ضابطا عسكريا برتبة قبطان في ما يسمى بـ "جيش تحرير الشعب الصحراوي" لمدة 13 سنة، كما كان قائد كتيبة في المعارك التي دارت رحاها بكلتة زمور في أكتوبر 1987 . ومن العائدات وقتئذ، سكينة بنت اللود، أرملة محمد خاطري ولد السعيد الجماني، التي التحقت بالوطن وعمرها يفوق 81 عاما، بعد قضاء 30 سنة بمخيمات تندوف.
ومن العادين في التسعينيات (1992) يمكن ذكر، على سبيل الاستئناس، البشير الدخيل، الذي شغل منصب رئيس اللدنة العسكرية بجبهة البوليساريو وأوّل سفير لها في سويسرا سنة 1976 ثم في ترشلونة. وعاد في نفس السنة محمد تقي الله ماء العينين الذي كان يشغل منصب رئيس شرطة المعسكرات بمخيمات تندوف.
وفي فجر القرن الواحد والعشرين، من بين العائدين، يمكن الإشارة إلى عبد الله ولد الغيلاني الذي كان وزيرا سابقا للصحة بالبوليساريو بين 1988 و 1989 ، وكان قد غادر المخيمات ليستقر بالديار الإسبانية قبل أن يعود إلى أرض الوطن سنة 2002 . وفي سنة 2003 التحقت بأرض الوطن كلثوم الخياط التي انخرطت بجبهة البوليساريو سنة 1975 وكانت مسؤولة عن قسم العلاقات الخارجية في اتحاد النساء الصحراويات، وهي التي خلفت كجمولة بنت أبى على الاتحاد المذكور ثم سارت على دربها والتحقت بالوطن بعدها بسنتين، وحظيت بالعضوية في الكوركاس.
ومن الدبلوماسيين العائدين يمكن ذكر، على سبيل المثال لا الحضر، نور الدين بلالي ولد البشير، وكان عضوا المكتب السياسي لجبهة البوليساريو وسفيرا لها في كل من سوريا وليبيا، عاد لأرض الوطن سنة 1989 ، وعيّنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني عضوا بالكوركاس. وهناك أيضا حسنا لمديمغ عضو سابق بالعلاقات الخارجية وممثل البوليساريو في جزر تاكناري. كما تمكن الإشارة إلى كل من سيداتي الغلاوي وعبد الرحمان ليبيك، فالأول كان ممثل سابق للبوليساريو في إيطاليا واليونان ومالطا والفاتيكان. أما الثاني فقد عُيّن، بعد عودته إلى الوطن، قنصل المغرب ببرشلونة.
بروفايل "ساندويش" بعض العائدين
1 - إبراهيم حكيم صاحب "سيكار دافيدوف"
شغل إبراهيم حكيم منصب وزير خارجية البوليساريو ثم وزيرا للإعلام، وعيّنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني سفيرا متنقلا بعد التحاقه بأرض الوطن.
منذ الوهلة الأولى، عُرف إبراهيم حكيم بشعره المتمرد المتناثر وهندامه الأنيق المنسجم المختار بعناية كبيرة، وخصوصا سيكار "دافيدوف" الذي لم يفارقه أين ما حلّ وارتحل.
منذ سنة 1980 طفا وجه إبراهيم حكيم كأبرز دبلوماسيي جبهة البوليساريو. علما أنه كان قبل هذا، أحد الموظفين السامين ضمن الإدارة الموريتانية، وعبر هذا المسار خبر ظروف العيش الرغيد ،تشبع بالعقلية الغربية وتأثر بها حتى النخاع، مما ساهم في بنية "لوكه" ومظهره ليبدو وكأنه مُقحم إقحاما مصطنعا في قلب جبهة البوليساريو، وظل يظهر كأنه سقط عليها من كوكب آخر، إذ لم يمت بشبه بأحد من عناصرها أو أحد من مخيمات الحمادة.
اضطلع إبراهيم حكيم، على امتداد عقد من الزمن، بمهمة وزير الخارجية للبوليساريو، وفي عهده تمكن الانفصاليون من تحقيق أهم انتصاراتهم وفتوحاتهم في المجال الدبلوماسي، حيث تمكن من جرّ 72 دولة إلى الاعتراف بالجبهة ودعم أطروحاتها الانفصالية خلال عقد ثمانينيات القرن الماضي. وبفضله تمكّنت البوليساريو من ولوج منظمة الوحدة الإفريقية وقتئذ، وذلك في سنة 1982. ويعتبر هذا الدبلوماسي المحنك، عضوا مؤسسا للمكتب السياسي لجبهة البوليساريو، وسبق أن اضطلع أيضا بمهمة وزير الإعلام خلال ثلاث سنوات.
شكّل التحاق إبراهيم حكيم بأرض الوطن يوم 11 غشت 1992 ضربة موجعة لجبهة البوليساريو التي أهدرت دمه وأمرت باغتياله كلما توفرت الفرصة في أي لحظة وحين. ومنذ عودته إلى المغرب عيّنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني سفيرا متنقلا مكلفا بملف الصحراء لينطلق لتنظيم اللقاءات الصحافية وإلقاء المحاضرات عبر العالم إلى أن أفل نجمه وأضحى منصبه اعتباريا ليس إلا ولم يعد يبدو له أثر.
2 – عمر الحضرمي الجلاد في عيون الكثيرين وكاشف مقولة الوالي "لقد أجرمنا في حق شعبنا"
هو محمد عالي ولد الوالي الذي عُرف ثارة بـ "محمد علي العضمي" وثارة أخرى بـ "عمر الحضرمي". إنه من الرعيل الأول وأحد مؤسسي جبهة البوليساريو، اضطلع مبكرا بمهمة مدير أمنها العسكري وما أدراك ما أمن الانفصاليين العسكري. تم اعتقاله على خلفية انتفاضة مخيمات تندوف سنة 1988 ، وبعد الإفراج عنه عُيّن ممثلا للبوليساريو بواشنطن سنة 1989 ، وهي ذات السنة التي عاد فيها إلى أرض الوطن.
سكبت عودة عمر الحضرمي الكثير من المداد، وظلت وسائل الإعلام المرئية تهتم به أكثر من غيره من العائدين وقتئذ. فهو الذي كشف أن الولي مصطفى السيد أسرّ له في آخر لقاء جمعهما قائلا : "لقد أجرمنا في حق شعبنا".
كان قد التحق بجبهة البوليساريو منذ البداية الأولى عندما كان لازال يتابع دراسته الجامعية بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط في مايو 1973 .
تكلف بمهمة إحداث مخيمات الحمادة بتندوف بين سنتي 1975 و1977 ، كما يُعتبر مهندس نظام مراقبة وتأطير ساكنتها. ظل يضطلع بمهمة المكلف بالعلاقات الخارجية إلى حدود سنة 1980 ، كما احتل العضوية فيما يُسمّى وقتئذ بالقيادة العامة لأركان "جيش تجرير الشعب الصحراوي"، وذلك إلى حدود عام 1982 . كان عمر الحضرمي آنذاك، المسؤول الأوّل عن الأمن العسكري بجبهة البوليساريو.
ومنذ بداية ثمانينيات القرن الماضي شرع عمر الحضرمي يدعو إلى إعادة النظر في نهج تسيير قيادة البوليساريو، وبعد انتفاضة مخيمات تندوف ألقي عليه القبض وأحتجز أكثر من 7 أشهر، من أكتوبر 1988 إلى مايو 1989. بعد الإفراج عنه اضطلع بمهمة تمثيل البوليساريو بالولايات المتحدة الأمريكية ، ومرّت 3 أشهر فالتحق بالمغرب يوم 9 غشت 1989 تلبية لنداء "الوطن غفور رحيم". وتم توظيفه بوزارة الداخلية، ثم عيّنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني عاملا على إقليم قلعة السراغنة، فعاملا على إقليم سيدي قاسم. وفي سنة 2002 عيّنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عاملا على إقليم السطات فواليا على جهة الشاوية ورديغة.
ظل عمر الحضرمي في عيون الجميع جلاد جبهة البوليساريو، وقد ورد اسمه أكثر من مرّة في اللائحة السوداء للجنة الأممية للصليب الأحمر بفعل نهج تعامله مع الأسرى المغاربة المدنيين والعسكريين لدى جبهة البوليساريو خلال حرب الصحراء. وقد تأكد أنه كان من بين المسؤولين على تعذيب، سواء الأسرى أو معارضي البوليساريو والتنكيل بهم.
وقد قيل أن صداقة جمعته مع فؤاد عالي الهمة، منذ أن كان هذا الأخير بوزارة الخارجية، في حين كانت علاقته بإدريس البصري متوترة إلى حد التشنج الدائم والمستمر حسب أحد العالمين بهذه الأمور. كما تناسلت أخبار وقتئذ، مفادها أن عمر الحضرمي، لما كان عاملا على إقليم قلعة السراغنة كان يستقبل فؤاد عالي الهمة استقبالا خاصا ومدروسا، وقد حرص على التقرب منه منذ اندلق إلى علمه بأنه كان زميل جلالة الملك في الدراسة.
حسب رواية عمر الحضرمي نفسه، حيث قال : "بعد الإعلان عن نداء "الوطن غفور رحيم" اتصلت هاتفيا بالملحق العسكري للسفارة المغربية بواشنطن (...) وتم الاتفاق على موعد لقاء بفندق هيلتون (بواشنطن) (...) حملت معي بعض الوثائق والصور، منها واحدة بمعية المسؤول عن منظمة حماية اللاجئين وأخرى ألتقطت وأنا أفاوض الفرنسيين بعد أسرهم في عملية الزويرات (...) بعد هذا اللقاء اتصلت بالسفارة لترتيب إجراءات عودتي إلى الوطن (...) وكنت قد طلبت لقاء مع الجنرال عبد الحق القادري (...) لما عُدت إلى الوطن طُلب منّي إصدار بيان أوضح فيه حيثيات عودتي، وهو البيان الذي أذيع على التلفزة."
3 – كجمولة بنت أبي امرأة المواقف
ظهرت كجمولة بنت أبي كرمز من رموز المرأة الصحراوية الثورية التقدمية والمنفتحة. ومنذ التحاقها بالوطن سنة 1991، انخرطت بقوّة في مسار الدفاع عن القضية الوطنية الأولى.
التحقت كجمولة بأرض الوطن سنة 1991، وحظيت بالتعيين شمن المجلس الاستثماري لشؤون الصحراء (الكوركاس)، وانخرطت في الركح السياسي من بابه الواسع منذ الوهلة دون انتظار.
في بداية الألفية الثانية انخرطت في حزب الحركة الشعبية لكن سرعان ما غادرته في غضون سنة 2006 لتلتحق بحزب التقدم والاشتراكية لتصبح أحد برلمانييه وأيضا عضوا بمكتبه السياسي.
تلقت كجمولة، لما كان سنها لا يتجاوز بعد 14 ربيعا، تداريب عسكرية وتكوين ايديولوجي بالديار الكوبية عندما حلت بها لمتابعة دراستها. وبعد الدراسة جابت أطراف أطراف العالم مدافعة باستماتة عن الأطروحات الانفصالية سعيا لدعم "الجمهوري الوهمية".
ترأست كجمولة اتحاد النساء الصحراويات – الفرع النسوي لجبهة البوليساريو- وكانت آنذاك، خديجة بنت حمدي، زوجة رئيس الانفصاليين، محمد عبد العزيز، أحد أعضائه. كما تمكنت كجمولة من احتلال مقعد في المكتب السياسي لجبهة البوليساريو.
4- نور الدين بلالي رفع شعار "نحن جنود الحسن لتحرير الوطن" في بداية السبعينيات
يُعتبر نور الدين بلالي من أولئك الشباب الطين ساهموا في ميلاد جبهة البوليساريو، وكان قد اضطلع بمهمة السكرتير الخاص للولي مصطفى السيد. تعرف على هذا الأخير في غضون سنة 1968 بمدينة طانطان بعد المظاهرة التي دعت إليها جماعة من السباب بالعيون في ذات السنة. آنذاك حاول هؤلاء الشباب قيادة مسيرة نحو طرفاية ومنها إلى طنطان. ثم التقى معه ثانية بمدينة النواكشوط قبل الإعلان عن تأسيس البوليساريو بعشرين يوما.
كان عضوا في حزب تحرير الصحراء وضمن المجموعة التي اجتمعت بالوزيرات، ومنهم إضافة لما سبق ذكرهم أعلاه، حبيب الله ولد الكوري وسيدي ولد حيدوب خطري ووغيرهم، وهم من الجماعة التي فرّت إلى بير كندوز واعتقلهم رجال الأمن الموريتاني. كما ضمّ الاجتماع الجماعة الآتية من تندوف آنذاك، ومنهم محمد الأمين البوهالي، وآخرون وفدوا من مناطق أخرى ومنهم إبراهيم الغالي وامحمد ولد زيو والبشير سي. و حسب أكثر من مصدر،تم عقد الاجتماع التأسيسي لجبهة البوليساريو في نهاية أبريل 1973 بمنزل أحمد القايد صالح ولد بيروك (أحد أعضاء حزب تحرير الصحراء)، وأغلب الذين حضروه من أبناء أعضاء جيش التحرير الجنوب عانوا من سوء الاندماج، وهم الذين قادوا مظاهرات بمدينة طنطان، ومازال التاريخ يشهد أنهم رفعوا شعارات من قبيل "نحن جنود الحسن لتحرير الوطن"، لكن تعرضوا للتنكيل والقمع الشرس من طرف السلطات والقائمين على الأمور المحليين وقتئذ. لذا اضطروا إلى الفرار، وتوجهت ثلة منهم إلى تندوف، وأخرى لدأت إلى منطقة بير أم كرين وهناك اعتقلوا.
مما يتذكره، سبق لنور الدين بلالي أن قال: " حكى لي الشيخ خطري ولد الجماني، ما دار بينه وبين الولي مصطفى السيد في النقطة 75 من الحدود الوهمية بين الصحراء المستعمرة آنذاك والجزائر في غضون سنة 1975. وقد حضر الولي مصطفى السيد رفقة ضابط جزائري، الرائد عبد العالي(...) روى لي خطري ولد الجماني أنه قال للولي إن الصحراء أرض قاحلة يحدها البحر غربا والحمادة شرقا والصحراء الموريتانية جنوبا، وبالتالي إن منفذها الوحيد كان دائما يكمن في الشمال الذي كانت تأتي منه وتقصده القوافل التي بفضلها استقر الناس في الصحراء، حتى قبل مجيء الإسبان، الذين ربطوا مصير السكان بما كانوا يأتون به من وراء البحر (...) وسأل الوالي مصطفى السيد عن البديل في حالة خروج إسبانيا والانفصال عن المغرب، فقال له ولد الجماني، آنذاك سيكون مصير الأهالي هو الضياع. وعندما رد عليه مصطفى السيد مؤكدا أن على الصحراويين الاعتماد على أنفسهم، أردف ولد الجماني : "من يطلب من الناس الاعتماد على النفس في صحراء قاحلة – آنذاك طبعا- كمن يدعوهم إلى التهلكة"".
وعاد نور الدين بلالي إلى الوطن سنة 1989.
5 – لحبيب أيوب الذي نُعت بـ "جياب البوليساريو"
كان لحبيب أيوب قائد ما يُطلق عليه " القاعدة العسكرية الجنوبية" وهي أكبر منطقة لدى الانفصاليين، عاد إلى أرض الوطن سنة 2002. وسبق وأن نعته البعض بـ "جياب البوليساريو" (إحالة على الجنرال الفيتنامي جياب)، وهو ابن أحد كسّاب الإبل.
عمل الكومندار أيوب كضابط صف في الجيش الإسباني الاستعماري، وهذا ما أهله لقيادة المجموعة الأولى لمليشيات البوليساريو منذ 1974. خلال حرب الصحراء، سيما بين 1974 و 1980 ، حقق بعض الانتصارات في بعض المعارك وشارك في الهجوم على العاصمة الموريتانية، نواكشوط، سنة 1976 ، ومعارك المسيد في عشت 1979 و 1983.
كظي لحبيب أيوب بالعضوية بالسكرتارية العامة لجبهة البوليساريو، كما اضطلع بمهمة وزير "المناطق المحتلة" ضمن فريق "الجمهورية الوهمية".
ظل أيوب قريبا من محمد عبد العزيز، خصوصا وأنه ينتمي لإحدى القبائل المهمة في الصحراء. وقد شكلت عودته للوطن تلبية للنداء الملكي ضربة قاسية للانفصاليين، إذ تمكنت المخابرات المغربية من تخطيط بإحكام لتهريبه سريا عبر البرتغال، فإسبانيا ثم فرنسا قبل التحاقه بالمملكة.
لا يضطلع لحبيب أيوب حاليا بأي مهمة أو تكليف، وهو متفرغ لتسيير مصالحه الخاصة.
6 – حماتي رباني لا تخلو خطاباته من مقولات مأثورة وأبيات شعرية
من أهم أطر جبهة البوليساريو، تقلد رئاسة أكثر من وزارة في "الجمهورية الوهمية". ينتمي حماتي رباني لفئة المثقفين من أبناء الأقاليم الجنوبية، عُرف عنه أنه رجل مقوى وثقافة، لا تخلو خطاباته من مقولات مأثورة وأبيات شعرية أصيلة.
التحق حماتي رباني بجبهة البوليساريو سنة 1975 وبقي في صفوفها ثلاثة عقود. اصطلع بتدبير وزارة العدل من سنة 1986 إلى 1988، ويُقدّ من الذين عارضوا بقوّة وشدّة محمد عبد العزيز بعد انتفاضة ساكنة مخيمات تندوف سنة 1988. بعد إعفائه من الوزارة أصبح مندوبا سياسيا وتكلف بتنشيط خلية التفكير في مقتضيات وإجراءات إصلاح هياكل الجبهة.
مع حلول سنة 1995 كُلّف من جديد بوزارة العدل والشؤون الإسلامية إلى حدود عام 1999. ثم عُيّن سنة 2000 كاتبا عاما لوزارة الداخلية، وفي سنة 2003 اصطلع بمهمة وزير منتدب لدى الوزير الأول مكلفا بمديرية المراقبة والتفتيش، وهي الوظيفة التي زل يمارها إلى حدود التحاقه بالوطن في غضون شهر يونيو 2005.
يقد أصرّ حماتي ربّاني بشدة على عدم كشف الطريقة التي تمكن بها من الالتحاق بأرض الوطن . وبعد عودته عُيّن عاملا ملحقا بوزارة الداخلية.
7 – مصطفى بوه البرزاني "بوق البروباغاندا لصالح البوليساريو"
عرفه الجميع بلقب "بوق البروباغاندا لصالح البوليساريو" التي التحق بها وعمره لا يتجاوز 18 سنة. ومع حلول عام 1976 عُيّن مندوبا سياسيا للجيش. بعد فترة التحق بالجزائر العاصمة ليقود جريدة وإذاعة البوليساريو حيث تألق نجمه في مجال الإعلام والتواصل.
وفي سنة 1977 حظي البرزاني بمنصب مندوب العلاقات الخارجية، ليصبح وي العام الموالي (1978) أحد أعضاء المكتب السياسي لجبهة البوليساريو قبل اضطلاعه بمهمة المندوب السياسي للجيش فوليا على مخيم أوسرد ثم مخيم الداخلة. وما أن حلت سنة 1989، وفي أوج الجملة الدعائية الواسعة من أجل جلب الاعتراف بـ "الجمهورية الوهمية" تكلف البرزاني بالبروتوكول وزيارات الوفود الرسمية. ومع قرب نهاية الثمانينيات بدأ مصطفى بوه البرزاني يتوارى عن الأنظار وأفل نجمه بين صقور البوليساريو، خصوصا عندما بدأ يُقرّ أن المسار الذي تسير عليه جبهة البوليساريو أضحى غريبا عن المسار الواقعي ولم يعد يستجيب له.
وفي سنة 1991 التحق بأرض الوطن وتم توظيفه بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ليُعين سنة 2009 سفيرا للمغرب بأنغولا.
8 – ولد السويلم الذي دفعت عودته الخصوم لإصداربيان
احميدو ولد السويلم من "العيارات الثقيلة" التي غادرت تندوف وفكّت الارتباط مع البوليساريو بعد عودته سنة 2009. وقد ذكرنا التحاقه بالوطن بعودة إبراهيم حكيم وعمر الحضرمي، وبذلك يكون الكثير من القادة من جيل التأسيس قد لبّوا نداء الوطن. إن ولد السويلم من العائدين القلائل الذين حظوا باستقبال جلالة الملك.
وُلد ولد السويلم في حضن قبيلة أولاد دليم،يحظى بوزن في قبيلته، إذ ورثه عم والده، كما يتوفر على كفاءة وتجربة كبيرة. ويُعتبر من الرعيل الأول من الشباب الصحراوي الذين انتفضوا في وجه الاستعمار الاسباني ، ويجمع من يعرفونه أنه دبلوماسي .
يجلس اليوم أحمد ولد السويلم اليوم على كرسي جلس علية مغاربة من الغيار الثقيل تألقوا في الظل ومشهود لهم بالوزانة المكرية والصدقية المؤكدة والخبرة والكفاءة في مجالهم، منهم على سبيل المثال لا الجصر، عمر عزيمان وقبله محمد العربي المساري.
عاد أحمد ولد السويلم إلى الوطن عشية المفاوضات مع جبهة البوليساريو في السويد. زكان قد شغل عدة مناصب دبلوماسية بالشرق الأوسط ومستشارا لمحمد عبد العزيز.
عندما ألتحق بالمملكة أصدرت جبهة البوليساريو بلاغا موقعا وقتئذ من طرف بابا مصطفى سيد، رئيس ما يسمى مركز الساقية الحمراء للدراسات الاستراتيجية والسياسية شقيق النشير مصطفى سيد أحد المقربين من محمد عبد العزيز ومما جاء فيه " (...) يجب دعوة الأخصائيين النفسيين للنظر وفحص وتشخيص حالة العودة التي اكتسحت أطرنا منذ سنوات (...) وبهذه المناسبة ندعو قادة جبهة البوليساريو للخروج من قوقعتهم والتخلص من الفقعات التي يعيشون فيها للشروع فورا في إصلاحات جذرية قبل فوات الأوان (...)"
9- سيد القوم ماء العينين قيدوم العائدين
تضمن خطاب جلالة الملك الراحل الحسن الثاني الذي ألقاه بمدينة إفران بمناسبة الذكرى 13 للمسيرة الخضراء (6 نونبر 1988) النداء الأول للمغرر بهم، زمما جاء فيه:
" (...) في هذه السنة، ومن هذا المنبر أقول لجميع من لديهم النيات الحسنة ولجميع الذين تسري في دمهم ولو نقطة تربطهم بالمغرب إن الوطن غفور رحيم " .
قبل هذا الخطاب بثلاثة أشهر، أي يوم 15 غشت 1988، عاد إلى أرض الوطن، قادما من مخيمات تندوف سيد القوم ماء العينين، الذي كان قد أقتيد إليها قسرا بعد اختطافه من منطقة تيفاريتي ثي 24 أكتوبر 1975 حيث كان يعمل مدرسا هناك.
يقد استغل سيد القوم ماء العينين فرصة سفره إلى مدينة بشار بالديار الجزائرية، ليتسلل ليلا إلى مدينة فكيك عائدا إلى أرض الوطن قبل الإعلان عن النداء الملكي "الوطن غفور رحيم". ومنذ عودته امتهن التدريس.
التعليقات (0)