مواضيع اليوم

الظاهرة الحضرمية … (مقال الكاتب ورجل الاعمال المعروف نجيب الزامل)

رشيد القحص

2009-06-23 18:03:42

0

لأمر عملي وتجاري ذهبت مع زميل الى جدة , منذ قرابة عقد من الزمن , لمقالبلة احد كبار التجار السعوديين من ذوي الاصول الحضرمية , ومازال يطلق عليهم اسم التجار الحضارمة . وكان لهذا الرجل ولأعماله سمعة مدوية , وقد يكون من صور المبالغة ما كان يعتقده الكثيرون بأنه الثري الاول في المدينة , وجدة مدينة ينشط في كنفها اكبر الاسمناء التجارية السعودية , تارجنا كان من كبار مستوردي الاغذية , ومن كبار اصحاب العقارات والاملاك وفروعه واسمه يصدمان نظري منذ الطفولة , ولنعطه هنا اسما غير حقيقي , ليسهل الحديث عنه وليكن “باخير” .
عندما نزلت الى المدينة كان من السهل الاستدلال على احد ابراج با خير الضخمة , والجميع كان يقول لنا تجدون “العم باخير” ., وهذه صفة من اخلاقيات الحضارمة , حيث “العم” كلمة الاحترام والتبجيل , وليس كلمة “شيخ” الدارجة في الخليج - وان تغيرت الان مع الاجيال - تجدونه في السوق .
وذهبنا الى السوق في باطن المدينة والى مقر بائعي الغذية , وبحثنا عن مقر فخم يحمل اسم با خير , ولم نجد الا دكانين غائرة صغيرة مثل الكهوف الضيقة !
أسر احدهم الي ان (مكتب با خيرهو ذاك) ولهول الواقعة علينا طبعا _كان الدكان جحرا حرفيا - نزلنا الدرجات الرطبة الضيقة واوقفنا مباشرة حائط صغير من علب الاغذية المحفوظة , وخلفه شيخ ثابت الجنان , عميق التقاطيع سمح الابتسامة , صغير البدن ويلمع في عينية ذكاء ودهاء لا يخفيان , افادنا ان هذا مقره منذ كان , والى ان يكتب الله أمرا مقضيا .
ودار بيننا نقاش غير طويل , ولكن ادركت على الفور انني مع واحد من اعظم المحنكين في الاعمال , لم افز منه بشيئ , ولو بقيت قليلا … لنجح في بيعي واحدة من العلب التي امامه .
با خير الذي لن انساه في جلسته الصامدة كاحدى لوحات مدارس الرسم التاثيري كان عصارة حضارة وعقلية وفلسفة حضرموت ربما كانت واحدا من اكثر التيارات نجاحا ولبسا وغموضا .
وفي المرحلة الثانوية كان تلميذا صامتا , وعلى شفتيه ابتسامة كانها خلقت معه , ويحمل شعرا كثا غزيرا , اسمه الاول عمر ولو انتحلت لعائلته اسما على النهج الحضرمي لما ترددت ابدا في تسميته “عمر باعقل” فقد كان يتمتع بعقل عظيم , واحد من اذكى من رأيت في حياتي حتى الان .
لم يكن يدهشنا بل كان يدهش المعلمين , حيث كان بسهولة فائقة يفوق كل واحد منهم , وفي تخصصه ومجاله اما نحن , فم نكن اصلا ندرك ما يقول !!
حياة با عقل كانت مليئة بمصادمات الحياة المؤلمة , من تلك التي تصلح ميلودراميات وحزائنيات حست الامام المخرج المصري الشهير , لم يدرج في مراحل التعليم , ولكن عندما تبناه احد رجال الاعمال , سلمه مكتب خدمئات ضئيل , “فقط ليمنحه المساعدة” وفي اعوام قليلة صار هذا المكتب واحدا من انجح المكاتب المثبلة في البلاد .
ان الظاهرة الحضرمية جديرة بالدراسة والتمحيص ووجه التشابع بينها وبين “الدياسبورا الصينية” اي الشتات الصيني , كثيرا من ناحية الترابط الإثني , والتجمع الحمائي , وتسيير الاعمال تواترا في الشبكة العرقية , ومع اختلاط وتزاوج الاجيال الجديدة من الحضارم , بدأت الخصوصة الحضرمية في الأفول , وانا ارجوا غير ذلك , لأن اجابات كثيرة لم نحصل عليها من اسئلة تطوف حول الجماعات الحضرمية .
هناك شيئ يميزهم كعرق من ناحية انثربولوجية وفسيولوجية .
الحضارك تفوقوا على اعتى جماعات الاعمال في جزر الهادي البعيدة , وهم العصب الصينية , ورسخوا اعمالهم وحضارتهم ومعها دينهم ومبادئهم . ومازال السجل الحضرمي الفردي يزخر بأكثر الافراد ذكاء وفي اكثر من مجال , وليس الاعمال والتجارة فقط ثم لا ادري لمذا كان المطرب يشدو في “بنات المكلا”

نجيب الزامل
رجل اعمال سعودي / الدمام _ السعودية
في زاويته ( الرأي)




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !