انتشرت ظاهرة التسول بشكل مهول في المغرب ، فكما أنه عندنا بين كل مقهى ومقهى توجد مقهى ، يمكن القول أيضا أنه مع كل متسولين هناك متسول إضافي –إن صح التعبير-
إنها أسهل حرفة بامتياز ، وكل من لا حرفة له ووجهه صحيح يمكن أن يمتهنها بسهولة وماعليه سوى أن يدير وجهه مكان قفاه ليصبح متسولا ، فهناك الكثير ممن كانت بالأمس القريب تمنعهم العفة ، صاروا محترفي تسول .
أعرف والد طبيبة طالما اشتكت من تصرفاته ، بحيث رغم غناه ورغم أن ابنته طبيبة وتمتلك فيلا والأموال الكثيرة لازال يمد يده للناس من أجل استجداء بعض الدراهم التي تصير مساء كل يوم عشرات إن لم نقل مآت ، والمسكينة تحاول فضح حقيقة والدها كلما التقته في أحد الشوارع ممتهنا مهنة التسول.
أعرف بعض المتسولين الذين يعتبرون هذه الحرفة مجرد خضرة فوق الطعام ، بحيث أنهم لا يمتهنونها حتى يعودون من العمل ويضربون الكاسكروط فالدار على خاطر خاطرهم ثم يخرجون للساعات الإضافية .
لقد صار بعض الشباب يمتهنون التسول عبر القيام بحملة تشطيب الأزقة ، لكن بمجرد ما يأخذون الصدقة من أهل الحي يتركون ركاما من الأزبال التي جمعوا لتذروه الرياح من جديد ويعود الحي إلى سابق عهده بالتلوث.
هناك متسول والله ما كيتزاكل حتى ياخد شي حاجة بحيث يلح على كل السيارات المارة من ملتقى الطرق ، و يستغل كونه خريج جامعة ، فيوظف كل الطرق ابتداءا من الإضحاك وانتهاءا بالتباكي والشكوى.
إن السبب الرئيسي وراء تفشي هذه الظاهرة الخطيرة كون الكثير يتعاطفون مع المتسولين ويشجعونهم على هذه البلية ظنا منهم أنهم أهل للصدقة في حين أن أبناء المتصدق أولى بالصدقة من المتسول.
بعد انقضاء عيد الأضحى بيوم مر الكثير من المتسولين بحينا ، ولما همت إحدى قريباتي بالتصدق على أحدهم ، أخبرتها بحقيقتهم ، وقد صدق حدسي حين رأيت امرأة تنتظر إحدى المتسولات في راس الدرب وأمامها أربع قفات مملوءة عن آخرها باللحم الطري ،الذي جمعته من حي واحد والذي ستبيعه بنصف ثمنه أو أقل للجزارين .إذن من يستحق الصدقة هل الذي اشترى الحولي بالسلف أم هذا اللي كياكلو بارد .
إن الأحق بالصدقة هو كل من يكتري غرفة مع الجيران وله عائلة من عدة أفراد، منهم من ينام فوق الماريو- إذا توفر-، ومنهم من يشد النوبة مع إخوته فيظل في حراسة إلى أن يستيقظ أحد إخوته الصغار ليشغر مكانه.
الأحق بالصدقة هو كل مسنة ليس لها معيل أو أرملة ، وليس كل من يقف بباب المسجد مستجديا المارة يستحق الصدقة ، إننا كمتصدقين فقط نزيد الشحمة على ظهر المعلوف ، لذلك علينا قبل أن نعطي الصدقة أن نمنحها لمستحقها.
هناك بعض الطلبة أو بالأحرى أغلبهم يستحقون الصدقة فمنحة الدولة لا تكفي حتى للنقل المدرسي ، فما بالك بباقي متطلبات الجامعة الكثيرة ، والتي تزداد يوما عن يوم . هؤلاء أحق بالصدقة من الطلابة اللي كيدخلوا الزبابل ديال لفلوس يوميا على ظهر عباد الله الغافلين. إيوا فيقو شويا الله يجازيكم بخير فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " لست بالخب ولا الخب يخدعني" ، ماسي غير الشماتة اللي جا يدير ليكم نوض أونوض.
حسن الخباز
التعليقات (0)