الطلاق .. الغير موثق

الطلاق …. وبدون وثيقه

في وطننا العربي تنتشر حالات الطلاق بصوره غير مسبوقه هذه الأيام … وتشير الاحصائيات المتعدده الي أن هذه المعدلات في ازدياد مستمر بل أن احدي هذه الاحصائيات أشارت الي وقوع "خمس" حالات طلاق في الدقيقه الواحده في الوطن العربي اجمالا

وانتشرت "الدراسات" التي قام بها متخصصون ومراكز بحثيه ومؤسسات مجتمعيه لبحث هذه الظاهره المتناميه والوقوف علي أسباب حدوث الطلاق .. من ايذاء بدني .. الي تدخل أسري .. الي توقف عن الانفاق .. الي غيبه لمده طويله .. الي خيانه زوجيه .. الي هجر الفراش .. الي عدم الانجاب .. الي أخر هذه الاسباب التي لن تكفي هذه المقاله لسردها جميعها وهذا ليس موضوعنا الأن وانما موضوعنا هو طلاق أخر "طلاق غير موثق" طلاق بدون "وثيقه طلاق"!!!!!!!!!

نعم هذا النوع من الطلاق منتشر ومتغلغل داخل مجتمعاتنا ولكن الضوء غير مسلط عليه ولا يلتفت اليه الكثيرون وكأنه نار يغطيها الرماد فلا تراها الأعين وان كنا نحس بحراره منبعثه منها تلفح وجوهنا ولكننا لا نري لهيبا نري رمادا فقط فنغلق الأعين ونصم الأذان وننام ملئ جفوننا وكأنه ليس بالامكان أبدع مما كان والأمر كله لا يعنينا من قريب أو بعيد!!!!!…....                                                        

وما نحن بصدده اليوم هو حاله "الأزواج المطلقين" أي الأزواج الذين يحيون معا داخل منزل واحد وهم في نظر كل المجتمع المحيط بهم "متزوجين" بينما هم في حقيقه الأمر "مطلقين" ولكن بغير "وثيقه طلاق" تثبت فعليه هذا الطلاق .... وهذا النوع منتشر في مجتمعاتنا العربيه أكثر بكثير من الطلاق المعلن ... ولو أجرينا احصاء فعلي له لوجدنا أن اثنين من كل ثلاث أسر علي أقل تقدير بها هذا النوع من "الطلاق الغير موثق…...

و"الطلاق" بصفه عامه يحدث لتضرر أحد طرفي العلاقه أو تضرر كلاهما من الأخر .. وفي موضوعنا اليوم سواء كان المتضرر أحد طرفي العلاقه الزوجيه أو كلاهما .. فنجده لايسعي الي الانفصال واللجوء الي "الطلاق الرسمي" ولكن يمكث فيما يسمي "عش الزوجيه" الي أن يفصل "الله" عري هذا الزواج بالموت ... وأحيانا كثيره يتأخر "الموت" الذي هو كل أمال وأحلام الطرف المتضرر أو كلاهما .. فتطول فتره "الاعتقال" هذه داخل جدران المنزل وربما ينفذ "الصبر" في وقت من الأوقات وتكون النتيجه "جريمه قتل" تتناقلها الجرائد ووكالات الأنباء والكل يتحسر علي هذه الجريمه البشعه وعلي ما أل اليه حال المجتمع .. ولكن لا أحد يغوص في القاع ليتبين الحقيقه التي نتعامي عنها كلنا حتي أصبحت اليوم منطقه محظور الدخول اليها أو الحديث عنها بأي حال وتوجيه الانظار شطر أخر.....

وسبب هذا النوع من الطلاق هو "استحكام النفور" بين الزوجين .. أي أصبح أحد الطرفين أو كلاهما "نافر" ”كاره" ”رافض" .. وقل ما شئت من المرادفات المؤديه لنفس المعني .. للطرف الأخر .. وأسباب هذا النفور كثيره جدا يصعب حصرها ولكن أهمها هو "السلوك الشخصي" سواء كان في .. التعامل اليومي بين الطرفين .. أو في العلاقه الحميمه .. أو في ردود الافعال حيال المواقف والازمات .. أو المظهر الشخصي .. أوالنظافه الشخصيه أوالنظافه المنزليه .. أوالشح المادي .. وغيرها الكثير .. ولكن ما يهمنا هو حدوث "النفور" سواء منذ بدء العلاقه الزوجيه أو استحكامها بمرور الأيام مع استحاله السعي للطلاق للاسباب الاتيه

الوضع الاسري أو العائلات حيث أن كثير من العائلات تري أن الطلاق من أكبر الكبائر وأنه لم تحدث حاله طلاق بالعائله تحت أي مسمي أو سبب

وجود أطفال يجب التضحيه من أجلهم لأن لاذنب لهم وسيكونون هم ضحيه هذا الطلاق

عدم وجود مصدر دخل للمرأه تستطيع من خلاله الانفاق علي نفسها أو أولادها ان كان لديها أولاد بعد الطلاق

الخوف من نظره المجتمع للمرأه المطلقه وكونها فريسه سهله لكل الذئاب الجائعه لتنهش لحمها حتي ولو بالكلام والنظرات ذات المغزي

صعوبه الزواج المره الثانيه بالنسبه للزوج نظرا للتكاليف الباهظه والمغالاه في المهور وصعوبه الحصول علي مسكن

الشعور الداخلي "بالدونيه" سواء الشكليه أو الجسميه أو الجنسيه أو المهنيه أو الأسريه والتي توجد يقين داخلي بتندر فرص الزواج للمره الثانيه

استحاله حدوث الطلاق طبقا للمنظور الديني لغير المسلمين

ولكل هذه الأسباب يمتنع الطرف أو الطرفين النافرين عن مجرد التفكير في الطلاق الرسمي بالرغم من كونهم مطلقين فعليا ومنفصلين جسديا وفكريا أمام "الله" ... وليس أمام الناس ليبقي الحال متجمد علي ما هو عليه وتبقي أمام الناس صوره أو اطار مزركش لمنزل .... وصوره أسره هيكليه أمام المجتمع ولكن خلف الأبواب المغلقه لا توجد أسره .. ولا يوجد منزل .. ولا يوجد تراحم .. ولا توجد موده .. ولا سكينه .. ولا ايناس .. ولا ألفه .. لينشأ وينتج عن ذلك الوضع أطفال أقل ما يوصفوا بأنهم "معقدين" "محطمين" نفسيا ومعنويا ليشبوا فيما بعد ويكونوا هم قاده هذا الوطن في المستقبل