الطلاق لتفادي ظاهرة العنف الزوجي
ربما لا يخطر على البال أن العنف الزوجي خارج المجتمعات العربية والإسلامية يصل مداه دائما لمراحل قد لا يتخيلها العقل العربي والمسلم بوجه خاص ......
وفي حين يظل العنف الزوجي في المجتمع المسلم محدود في نسبة كبرى ساحقة بسقف الضرب والإهانات اللفظية . فإن سقف العنف الزوجي لدى الشعوب التي تعتنق وتدين بديانات سماوية أخرى أو أرضية يصل في معظمه إلى درجة القتل والتمثيل بالتقطيع والحرق والطبخ والإذابة بالكيماويات في بانيو الحمام سواء على يد الزوج أو الزوجة أو عن طريق إستئجار عصابات متخصصة .
متظاهرات في الهند يحملن لافتات تطالب بوقف العنف المنزلي (الزوجي)
وكذلك يمارسه في أحيان أخرى أهل الزوج (في الهند مثلا) عندما يكتشفون أن زوجة إبنهم عاقر أو تعاني من مرض عضال .. إلخ. وحيث تمنع تلك الديانات الهندوسية والبوذية الزوج من تطليق زوجته أو الزواج بأخرى إلا في حالة موت الزوجة التي على حبله....
وهنا تكمن الحكمة الإلهية التي حبا بها الله عز وجل خلقه حين جعل الطلاق مخرجا لحل الخلافات المستحكمة بين الطرفين. وكذلك الزواج من مثنى وثلاث ورباع حلا وأهون الشرين في أحوال كثيرة متعددة ، بدلا من الطلاق أو إتباع سبل الإجرام والبحث عن حلول بشرية فردية أو عائلية يائسة قاتلة.
وأما فيما يتعلق بإساءة القلة القليلة من الجهلة إستخدام حقوق الطلاق وتعدد الزوجات ؛ فهي تصرفات سيسألهم عنها المولى عز وجل يو م الحساب. وحيث يجب على علماء المسلمين والوعاظ التشديد على عدم تلاعب أمثال هؤلاء بالشرع ؛ خاصة وأن هناك من لا يعلم مغبة ما يرتكب من جرم وظلم في حق غيره سواء الزوجة أو أبنائها أو أهلها.
والجدير بالملاحظة أنه وفي المجتمعات غير الإسلامية بوجه عام فإن العنف الزوجي أو الممارسات الجنسية السادية وغير السوية لا يكون مبررا للطلاق الشرعي البائن بين الزوجين مثل ما هو الحال في الإسلام الذي يمنح القاضي حرية واسعة في التفريق بين الزوجين إذا ثبت أمامه إرتكاب أحدهما لجريمة العنف الزوجي بشتى أشكاله وأسبابه ، أو لمرض نفسي يكون الزوج مصاب به ولا تكتشفه الزوجة إلابعد فترة من زواجها به .....
وفي الغرب العلماني على سبيل المثال ينفصل الزوجان عن بعضهما . وربما يعيش كل واحد منهما مع شريك آخر في الحرام كحل وحيد لتجاوز صعوبة أو إستحالة قبول الكنيسة بالطلاق الشرعي بينهما. ولكن تبرز المشكلة حين يرغب أحدهما في الزواج من شريك آخر . فلا يكون أمامه من حل لتنفيذ مراده سوى موت الشريك الشرعي ..... وهو ما قد يدفع به للتفكير في قتله حلا لمشكلته.
الغريب أن القوانين الخاصة بتنظيم العلاقة الزوجية لدى غير المسلمين تنطلق من مفاهيم وقناعات غاية في الديماجوجية والسفاهة حين تفترض أن العلاقة الزوجية لا يجب أن تصل إلى مرحلة إستحالة التعايش نتيجة تراكم الخلافات وتقلب القلوب على مدى السنوات ، وغير ذلك من إفتراضات وضعية بشرية لا تتطابق مع واقع النفس البشرية وحقيقتها والإختلاف بين كل شخص وآخر ..... وما أدى إليه ذلك من لجوء للتحايل بشتى الطرق التي تصل إلى مرحلة القتل ...... وإذ لا يفهم مطلقا أو يستساغ أن يسمح المجتمع والقوانين المدنية والكنسية للزوجين أحدهما أو كلاهما بإتخاذ عشيق يعيش معه في الحرام تحت سقف واحد أمام الأطفال وفي حضور الأبناء . ولا يسمح في المقابل للزوجين بالطلاق والزواج الشرعي مرة أخرى. أو أن يتزوج الرجل بثانية وثالثة ورابعة.
عروس بوذية لا تزال في شهر العسل ......
إن المبرر الذي يستند إليه غير المسلمين في تحريم الطلاق أنه يضر بمستقبل الأطفال ونفسياتهم ..... حسنا فليكن الأمر كذلك .. ولكن السؤال الآخر في الإتجاه المعاكس يكون هو : وهل أدى تحريم الطلاق إلى إجبار الزوج أو الزوجة على الحياة السعيدة معا داخل منزل مشترك وتحت سقف واحد؟
الإجابة دائما هي لا .....
والواقع أن الزوج أو الزوجة سرعان ما يغادر أحدهما منزل الزوجية ...... والواقع الأكثر مرارة أيضا أن الزوجة التي غادر زوجها منزل الزوجية سرعان ما تجد لنفسها عشيقا تجلبه للحياة معها داخل المنزل ومعاشرتها في الحرام أمام أطفالها ..... وعادة ما تطال أعين هذا العشيق ويديه وجوارحه بنات عشيقته المراهقات فينال منهن على حين غرة سواء أكان هذا برضائهن أو بالحيلة والغدر عبر تقديم الخمر والمخدرات وتذويب الأقراص المنومة في أكواب الحليب والعصائر مستغلا تواجده معهن داخل المنزل ....
وكذلك يفعل الزوج حين يذهب للحياة مع عشيقة أخرى .. وربما كانت الزوجة هي التي تترك البيت وترحل فيأتي الزوج بعشيقة تعيش معه ويعاشرها في الحرام تحت سمع وبصر أطفاله وإدراكهم لما يجري ..... وهو ما يعني في النهاية إنعدام القدوة الحسنة وتشويه معنى الحياة الزوجية وقدسيتها في نظر هؤلاء الأطفال. وأن تصبح الممارسة الجنسية في نظرهم نزوة ورغبة شبيهة بقناعات البهائم والزواحف.
فاين هي الحكمة التي ساقها رافضوا الطلاق على زعم أنه يضر بالأطفال والمجتمع ؟
ونحمد الله أن الإسلام قد منح الزوجة المتضررة من العنف الزوجي فسحة الحق في طلب الخلع من زوجها بدلا من أن يجبرها على أن تظل مثل البيت الوقف إذا لم يكن يرغب في تطليقها عنادا ومكابرة .. وحيث راعى الشرع حقيقة أن بعض النساء لا يحتملن أن يتزوج عليهن أزواجهن زوجات أخريات بسبب ما يعانينه من الغيرة الجامحة . وبالتالي فإن لها الحق في هذه الحالة أن تطالب بالخلع .
خلاصة القول إذن أن شرائع ديننا الإسلامي الحنيف لم تترك شاردة وواردة إلا وجعلت لها المخرج القانوني الشرعي الواقعي السليم القابل للتطبيق. وكذلك الذي تحمد عواقبه ولا يرتد سلاحها خرابا على الفرد والمجتمع.... وهذا هو التفسير الشامل لمقولة أن الإسلام هو ديــن الفطــرة التي فطر الله عز وجل خلقه عليها.
التعليقات (0)