الطقس اليوم شديد الحرارة
قصة قصيرة لسعيف علي الظريف
الطقس هذا اليوم شديد الحرارة ، لم يستطيع أن يجد نسمة واحدة تغيثه في هذه الصباح الصيفي .كان يكاد لا يتلمس الطريق و عيناه تكاد أن توصدا من قوة أشعة الشمس ، كانتا على هيئة من الجحوظ تكاد ان تخرجا من مكانيهما وتفرا من سيل العرق الذي يحرقهما . كان بحق يكاد أن يجن. لم يعد يستطيع أن يتحمل هذا الجو ، أصبحت ثيابه ترشح بالعرق و التقزز .
ليس في الشارع ظل و لا شجرة واحدة . و لم يكن في نيته حقا أن يتوقف، فلم يبق
على الدوام الإداري سوى نصف ساعة و قد يكون بحق هذا اليوم في موعد مع الحظ العاثر.
كان بحق في بأس شديد، لا يكاد ينتهي شيء إلا بالتعب، يكاد يقضي من شدة التدحرج
و من شدة الخواطر التي تملأه حتى أطرافه. تمكنت منه الهواجس حتى جعلته بحق
تيها و كتلة من السأم .
كان على عجل ، أفاق قبل أن تفيق المدينة و ركب ما كان في استطاعته من نشاط و ما بقي عنده من إرادة حتى يكون أول القادمين إلى الإدارة.
كان يحس أن كل ما حوله بطيء يتثاءب أو يلهث. لم تكن أيدي ماسح الأحذية سريعة كالعادة، كان بطيئا كأنه يحاول أن يؤخره عن موعده و فكر مرات أن يسحب حذاءه و يجري دون أن يلتفت لكن عضلات الماسح المفتولة أثنته عن ذلك ،وحتى آلة الاكسبريس في مقهى النافورة إصابتها التؤدة وهي تعصر القهوة و كاد مرة أخرى أن يفلت لولا أنه دفع ثمنها مسبقا و قد تحامل على نفسه ليرتشفها بسرعة ....الكل هنا يتآمرون كان يكاد أن يصيح و يكاد أن يمسك الملف ليرميه في حاويات القمامة و لكن لهفته كانت اكبر من سيل الخواطر السوداء التي كانت تغمره .
كان منذ سنة على عجل ، منذ أن قبلت لجنة الدعم مشروع مسرحية تقدم بها منذ سبع ماة و تسع و ستين يوم كاملة كما كان يحب أن يعد دائما .لكن مرت سنة كاملة و هو يتجول بين مصالح الإدارة الكثيرة. و الطوابق المتراصفة بحسب السلم الو ظيفي . كان كأكثر المسرحيين يعيش من ريع الإدارة و من أحباس مقرراتها وقد تورط حقا مع بعض الممثلين الذين قبلوا أن يقوموا بادوار فيها مقابل أجر زهيد نسبيا و قد أكلتهم الفاقة وجاعوا .
كان يحاول أن يسرع أكثر إلى الإدارة، و هو يعجب من قلة الحركة في الشارع .كان هذا الشيء الوحيد الذي أحس انه يتناغم مع رغبته و يعينه على ربح دقائق كثيرة . و يزيد في حيويته .
وصل أخيرا ، كانت الابواب لا تزال مغلقة، كان مربض السيارات الإدارية يبدو فارغا . ازداد عجبه من هدوء غريب يلف الشارع و قد عهده لا يفرغ من السيارات ومن المارة.
لكنه شعر مرة أخرى بالرضا، سيكون أول الواصلين و سيجده الموظف على بابه قبل أن يصل . كانت التصورات تنعشه و هو يرى الموظف يفاجىء من وجوده مبكرا. كان يحس أن هذا الأمر سيزيد الضغط عليه لإكمال الملف، ولكن أكثر الأشياء التي كانت تبعث فيه الغبطة كانت صورة الموظف و هو يرقبه في انتصار بعد أن يأخذ الورقة الأخيرة في ملف ثقيل بالاستمارات . كان يكرهه بحق.
دقت الساعة التاسعة فتقدم نحو البوابة التي كانت مازالت مغلقة.نظر إلى حجرة الحارس فوجدته لا يزال يعد الشاي الصباحي. كان الحارس يعرفه جيدا لكن البغتة أصابته حين رآه فتقدم نحوه وكان وجهه يبدو مرتبكا قليلا .
- مرحبا سيدي ...كيف أخدمك
- لا شيء....لا شيء...كنت فقط انتظر أن تفتح الإدارة .
- لكن سيدي ....
صاح في وجهه فجأة و قطع عليه الحديث وقد أصبح وجهه مربدا و اكتحلت عيناه بسواد و تجهم....لكن ماذا.... من وصاك بي شرا... لابد انه عبد؟؟؟ اللعين...لا يريد ان يستقبلني...كيف يمكن أن تغلق الباب في وجهي .. من أنت حتى تردني على عقبي...ناد المدير أنا أريد أن ألاقيه فورا...أنت لا تعرفني ...أنا محا..أنا محا أيها اللعين ...كان اللعاب يتطاير من فمه و قد انقلب إلى حال من الغضب الجارف لكن صياح الحارس الذي انطلق فجأة مزمجرا رده الى صمت جبان.
- لكن سيدي اليوم عطلة رسمية !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
سعيف على الظريف 12/06/2009 الساعة الثالثة صباحا
التعليقات (0)