مواضيع اليوم

الطريق إلى مرقدة

ديكران جمنجيان

2010-11-29 17:15:27

0

 

الطريق إلى مرقدة

وقعت في يدي صورة لمخطوط كتبه أحد الناجين من مذابح مرقدة التي نفذها الاتحاديون بالأرمن في العام 1915، فرسخت القصة في ذهني وسببت لي صدمة هائلة خاصة وان الصورة وقعت في يدي في بداية السبعينات، وكنت وقتذاك في مرحلة الشباب، ولدي اهتمامات كنت أعتقد أن لها المقام الأول، لأكتشف فيما بعد أنني كنت على خطأ، أما هذه الصورة المخطوط فإنها لم تبرح مخيلتي.

لقد كُتبت بالأرمنية ويتحدث صاحبها عن رحلة الإفناء التي سار في ركبها هو وأبناء قريته باتجاه الصحراء السورية، ويتحدث عن العطش ومصارعة الموت، والحظ الذي حالفه فنجا من هجمات الأكراد والشتا وقطاع الطرق الذين دفعوا للحرس بدل الإغارة على أفراد السوقية لأخذ ما يمكن أخذه وخاصة الجميلات والقاصرات صغيرات السن والأطفال، وهو يراقب المرحّلين في سوقيته والسوقيات الأخرى، والموت يحصدهم حصداً فيتناقص عددهم بعد كل حادث وكل تعرض وكل منعطف على الطريق، وكان يحسب الساعات والدقائق التي تفصله عن الموت، ولا يعرف هل سيكون الحظ بجانبه حتى النهاية.

علم أن وجهة السوقية النهائية هي مرقدة، وهي قطعة قاحلة من الصحراء السورية قريبة من دير الزور، وظنّ أن رحلة الشقاء ستنتهي في مرقدة، وكان يسأل الحراس كم بقي لنا للوصول إلى مرقدة، وكان لا يحصل على أي جواب فلقد استنفذ كل ما معه، وتحول إلى هيكل عظمي يجر نفسه جراً، وكان ينهض بسرعة إن وقع حتى لا يعالجه أحدهم بضربة سيف تفصل رأسه المتعب عن جسده الهزيل.

وفي النهاية وصلت السوقية إلى مرقدة، وسارع بعض الفرسان إلى الانسحاب في طريق العودة فلقد تم إنجاز المهمة الصعبة، وكان لا بد من الإيعاز إلى السوقية التالية بالتوقف والتريث، ريثما تتم إبادة أفراد السوقية الحالية.

وطُلب من الجميع الخلود إلى الراحة وافتراش الأرض حتى ينبلج الفجر، ونظر صاحب المخطوط إلى الأفق ووصف المكان بدقة مذهلة، فلقد كانت السوقية تتوقف بعد انتهاء الطريق المستوي، وعلى الحد الفاصل حيث تتغير ملامح الأرض فتصبح منحدرة تتوسطها الصخور.

وانبلج الفجر وارتفع صوت الآذان من مكان قريب لا بد أنه تجمع لمساكن طينية تعود إلى إحدى القرى العربية القريبة، والبعض غارق في النوم، وآخرون يعلوا أنينهم بسبب المرض، ولا تقسوا أعراض المرض وتشتد على المريض إلا في ساعات الفجر، وأطفال يبكون في حضن أمهاتهم من الجوع والعطش والإعياء، وفجأة وباندفاع جنوني أعملت الخيول حوافرها ببطون الأطفال وصدعت السيوف جماجم الكبار وانطلقت من البنادق بضع طلقات أجهزت على الذين حاولوا الفرار، أما صاحب المخطوط فلقد أصيب ولكن إصابته لم تكن قاتلة ونزف، ونزفت فوقه أجساد متعبة لم تلبث أن تحولت إلى جثث، وتصنَّع الموت ورأى بأم عينيه المزايا التي يقدمها المنحدر الذي تتوسطه الصخور، فلقد تناوب كل جنديان اثنان على حمل ضحية من اليدين والقدمين، حيث تتم الأرجحة ثم الرمي إلى المنحدر، وتم رمي صاحب المخطوط فوقع فوق الجثث وتلقى جثث أخرى وقعت فوقه، فنام قرير العين ونهض في منتصف الليل وزحف وهو يتحامل على جراحه، وأيقن أنه ابتعد قدر مسافة مناسبة بحيث لا يراه أحد، ورأى عيون الضواري وهي تلمع ليلاً وكان لا يخشاها ويمني نفسه بأنه إن هو استقر في بطونها فهي تفعل ذلك مدفوعة بعذر مقبول وهو الجوع، وبالتالي فإن هو مات الآن فإن ميتته مبررة، بل وبارّة.

كان لا يريد الموت تسديداً لتهمة ألصقت بشعبه، وكانت هذه التهمة المقرفة تدعوه للتقيؤ، بعكس رائحة الدم ورائحة الموت التي عششت في الخرق البالية التي التصقت بجسده، والأثمال الممتلئة بالدم المتيبس، كانت هذه التهمة لا تنطلي على أحد ولا على نملة واحدة من السرب الذي أشفق عليه فأرشده إلى الوكر، حيث دارت محاورة بينه وبين النمل اعتذر في نهايتها عن اضطراره لنبش وكر النمل للوصول إلى بعض الحبوب التي يدخرها أصحابها للشتاء، وأعتذر عن تصرفه الذي هو السبيل الأوحد للبقاء على قيد الحياة، فتفهم النمل دوافعه، أما التهمة التي ألصقت بشعبه فهي تتعلق بالأرمن الذين يعيشون في ظل روسيا وقيصرها والذين انخرطوا في جيوش القيصر على قلة عددهم وسارو في ركب الجيش لمحاربة السلطنة العثمانية.

حيث طُلب من أرمن تركيا الإيعاز إلى هؤلاء بالتمرد على قيصرهم والانضمام إلى أرمن تركيا ونقل أنفسهم إلى الموقع الآخر، وكان هذا المطلب صعب التحقيق ولا طاقة لأحد به، وهذا هو حال الدول الصغيرة التي يضيع استقلالها فيقع شعبها في ظل تبعيتين متخاصمتين، فتكون النتيجة وخيمة، عند أول بارقة حرب أو عداوة بين الدولتين الكبيرتين.

فهل في الدنيا عاقل واحد أو مجنون يصدق بأن أرمن تركيا يستطيعون التأثير على أرمن روسيا فيقنعوهم بالتخلي عن قيصرهم والانضمام إلى الدولة العثمانية، التي دخلت الحرب في معسكر الحلفاء بقصد قصم ظهر روسيا لمرة واحدة وإلى الأبد.

ولو فرضنا جدلاً بأن أرمن تركيا يجترحون المعجزات و يستطيعون تأليب أرمن روسيا على قيصرهم، فهل يمكننا أن نتصور بأن أرمن روسيا القيصرية هم سُذجْ إلى درجة أنهم لا يقدرون عواقب هذه الفعلة، لأن القيصر سيعمد إلى اجتثاثهم وإبادة أصولهم وفروعهم وكل ما يذكّر روسيا وقيصرها وشعبها بهم.

ولأن المخرز لا تقاومه العين ولأن العين لا قبل لها بالمخرز ولأن الرأس مستند إلى الجدار بل ومسمّر عليه ولأن المخرز قد انطلق بدون أدنى أمل في التوقف أو تغيير الوجهة فما عليك إلاّ الاستسلام والإذعان للأمر الواقع والصلاة والتضرع إلى الخالق باللطف في القدر وليس ردّه، لأن من يضيع استقلاله فإنه قد خسر وبشكل مسبق كل شيء لذلك فإن كل الحكمة تتجلى في مقولة موتوا في أمكنتكم وهذا أفضل من أن تشهدوا ضياع استقلال بلدكم، وضاع الأرمن مرتين الأولى عندما شهدوا ضياع استقلال بلدهم، والثانية عندما تقاسمهم قيصر روسيا من جهة وسلاطين آل عثمان من جهة أخرى، فتم تحويلهم إلى حقول تجارب ونظريات عصية على أدنى حدود الفهم وأقل موجبات المنطق.

شكر صاحب المخطوط النمل، لأنهم منحوه متابعة الحياة دون أن يشنفوا أذنيه، بكلمة كافر، على الرغم من أنه أتى على مدخراتهم كلها، وودعوه منصرفين إلى العمل من جديد فهو بنظرهم إنسان يدفع عن نفسه الموت، وبالتالي فإنهم جمعوا في قلوبهم كل الإنسانية التي فقدت في قلوب الغير الذين أضافوا إلى قلوبهم الخاوية كلمة كافر.

وتوفي الكافر في فريزنو في الولايات المتحدة وأخرج أولاده مخطوطه وسيرته الذاتية للعلن، فأرهقني ذلك أيما إرهاق وأنا مثل ذكر النمل في ذلك السرب لا تنطلي عليَّ تلك التهمة التي ألصقت بشعبي، ولا أجد حرجاً في منح الغير كل ما أدخره من القمح إذا وقع في فخٍ قسري مماثل وكانت فيه بعض الكرامة والقليل من الصدق والشهامة.

وذهبت إلى مرقدة مع الذاهبين بعد تسعة وسبعون سنة من إغلاق هذا المسلخ،1994 وعلمت أن هناك وفود جاءت من حلب ومن اللاذقية ومن لبنان والأردن، ذهبت لأعيش مشاعر صاحب المخطوط عن قرب وبعد انصراف الجلاوذة، فأدركت سخف المقارنة وتفاهتها.

كان الطوز يحيط بالبولمن الذي يقلنا يحجب الرؤية من النوافذ دون أن يتمكن من اختراق عيوننا، وكنا نسخر من هواء الصحراء الملتهب ونكسحه بمكيفات البولمان التي كانت تعمل بالطاقة القصوى، ونضع أمامنا كل الطعام والشراب والماء المثلج، بعكس صاحب المخطوط الذي كان يتقلب على الجمر في هذا السعير يهرب من قاتليه وهو يحمل جراحه، يتمنى أن يحصل على رشفة ماء يغلي.

في دير الزور دخلنا كنيسة الشهداء وهي كنيسة جميلة تخفي تحتها مقبرة، وقد أرسلت أرمينيا التي كانت سوفياتية وقتذاك، هدية متميزة بمناسبة بناء هذه الكنيسة والهدية هي شاهدة قبر حجرية نقش عليها الصليب وهو شعار عذابات المسيحيين، مسيحيو الشرق في العام 1915 وخاصة الأرمن ومثلهم السريان والكلدان والآشوريون الذين اجبروا على الاشتراك في وليمة تحوي طبق واحد مترع بالسم الزعاف.

في واجهة الكنيسة لوحة جدارية نقش عليها بالعربية العبارة التالية:
شيد هذا الصرح المقدس تخليداً لذكرى شهدائنا وتمجيداً للصداقة بين الشعبين الأرمني والعربي وعرفاناً بفضل الجمهورية العربية السورية في نصرة الشعب الأرمني.

وكانت هذه اللوحة الجدارية هي أقل ما يمكن من موجبات الاعتراف بالفضل، فضل العرب عموماً والسوريون خصوصاً، الذين قدموا للأرمن المأوى و الحماية و المدرسة والكنيسة والهوية وجواز السفر، وقاسموهم رغيف الخبز والزاد في يوم محنتهم الرهيب في العـ1915ـام.

في القبو زرنا المتحف وفيه واجهة أرضية محاطة بالزجاج والسلاسل المعدنية وفيها نباتات مزروعة لن تعيش أبداً إلاَّ في قلوبنا، نباتات تتم سقايتها بدموعنا وبالصلاة وبالبخور والدعاء لأن يتغمدها الله بواسع رحمته بعد أن استكثر عليها القتلة حفنة من التراب فتركت هكذا في العراء جماجم محطمة بعضها مثقوب إثر طلقات نارية وبقايا فكوك وأسنان محطمة وقفص صدري وعظام السواعد وفقرات ظهرية وحرقفية وعجزية، وعظام الأقدام وعظام فخذ وسلاميات أصابع ، حتى جاءت سيول الصحراء فغمرتها بالطين والأوحال في محاولة خجلة ترتعد الفرائص لفظاعة وقسوة قلوب مرتكبيها.

في المتحف صور وثائقية التقطها بعض الضباط الألمان وكانوا حلفاء للأتراك في الحرب العالمية الأولى، تصور الأرمن هذا العدو الخارق الذي لم تنفع معه إلاَّ الإبادة، تصور الأطفال الذين تحولوا إلى هياكل عظمية، تصور الجريمة المروعة التي يندى لها الجبين.

التقطت بعض الصور، وكانت هناك لوحة مكتوبة بالعربية، ومذيلة باسم فائز الغصين، يطيب لي أن أنقل ما ورد فيها نقلاً حرفياً:
(هل يأتي رجال الحكومة التركية 1، بدليل ضعيف، يجيز لهم هذا العمل، ويحجون به الأمة الإسلامية 2، التي تنكر ذلك عليهم وتأباه، كلا والله انهم لا يجدون كلمة واحدة يتكلمون بها أمام أمة تأسست شرائعها على العدل وبنيت أحكامها على الحكمة والعقل، أيجوز لهؤلاء الأغرار3، الذين يدعون انهم هم أركان دولة الإسلام والخلافة، وهم حماة المسلمين، مخالفة أوامر الله، ومخالفة القرآن،ومخالفة أحاديث رسول الله، مخالفة الإنسانية، والله انهم فعلوا أمر لتأباه الإسلامية، وجميع المسلمين وجميع أمم الأرض من إسلام ونصارى ويهود ومجوس والله انه لأمر فظيع لم يسبقهم لمثله أحد 4 من الأمم التي تعد نفسها من الأمم المتمدنة - فائز الغصين 5

1 ـ بالواقع كانت تسمية السلطنة العثمانية هي التسمية الوحيدة المعتمدة في العام 1915 على الرغم من الانقلاب الذي أدى إلى عزل السلطان الأحمر عبد الحميد الثاني، وتنصيب سلطان صوري بدلاً عنه.

2ـ كان تعريف الأمة الإسلامية يطلق على مجمل شعوب السلطنة العثمانية من المشرق العربي إلى مغربه، ومن شماله إلى جنوبه، وشعوب البلقان وشرق أوروبا.

3ـ يقصد جمال باشا السفاح وطلعت باشا وأنور باشا، وأقطاب حكومة الاتحاد والترقي، أصحاب الفكرة الطورانية والبانتوركية.

4ـ تعتبر الإبادة التي طبقت بحق الأرمن ،جريمة إبادة الجنس الأولى في مطلع القرن العشرين وكانت الأفدح من حيث النتائج، حيث لم تعرف بعد الابادات الأكبر التي رافقت الحرب العالمية الثانية.

5ـ فائز الغصين هو: كاتب ومفكر وكان قائم مقام منطقة دير الزور وجاهر بمحبته للأرمن وطالب بإنصافهم وتحدى أوامر الباب العالي ووقف قدر طاقته في مواجهة القتلة ، وقدم للأرمن الملجأ والحماية.

خرجنا من الكنيسة ومررنا بالفرات الذي له قدسية في قلوب الأرمن، لأنه تحول إلى نعش ضم عشرات الألوف من أجساد شعبي، دخلنا أرض زراعية وشوارع فرعية وتحويلة، واتجهنا إلى مرقدة، والتقينا بالوفود التي جاءت للزيارة ولم نتوقع أن العدد سيبلغ هذا الكبر، تركنا البولمانات وانطلقنا كل واحدٍ في جهة، وفضَّلت أن أقتفي أثر صاحب المخطوط فصعدت إلى الأعلى، ونظرت إلى المنحدر فعشت نفس الحالة التي عاشها صاحب المخطوط، بحثت عن المغاور التي أتخمت بالكفار و سدت مداخلها بالحطب والقش والأعواد اليابسة و أضرم فيها النار، وهي نار الخلاص التي أتت على الناس في الداخل وحولتهم الى جثث متفحمة، نزلت حيث ألقي صاحب المخطوط إلى المكان الذي القي إليه، دخلت في المحاور التي دخل فيها التراكس عفوياً والذي توقف ثم انسحب بعد أن اكتشف أن أسنانه تغرز في عظام بشرية، كنت في أخدود عميق والعظام البشرية تحيط بي، رأيت قفص صدري وعمود فقري عالق في الطيب اليابس، رأيت جمجمة تنظر باتجاهي، تحاول أن تقول شيئاً، قربت أذني لعلي أسمع شيئاً، اقتربت أكثر فسمعت عبارة عتب، انطلقت عبر طبقات العظم المحطم، وتأكدت أنني سمعت وبنبرة منكسرة هذه السؤال : لقد وصلتم ولكن متأخرين جداً... صلوا لأجلنا.

تم وضع حجر أساس لبناء كنيسة صغيرة في المنحدر، لترقد هذه الأرواح بسلام، بعد أن قرر من قرر أنه لا ينفع مع الأرمن غير الإبادة، وبعد أن أكتشف أول إنسان قاتل بأن القتل في حد ذاته هو تلذذ ومتعة للبعض لا تضاهيها متعة أخرى، وهناك بالمقابل من يمد يده لليد الممدودة، في مبادرة سماح وتصالح وندم، وهذه أول خطوة في الطريق الصحيح.

بحثت عن وكر نمل فعثرت على واحد، فانحنيت لتقديم واجب الشكر و العرفان بالجميل، أخذت بعض سنابل القمح، وقطع عظمية صغيرة وأسنان بشرية، معي إلى بيتي، لأن سنابل القمح هذه ارتوت بما ارتوت به هذه الأرض من دماء شعبي في الأيام المروعة، وقطع العظم والأسنان ضممتها إلى صدري بحنان لتعويضها ولو بقدرٍ جد يسير، لتبقى في بيت أرمني أحاط بجزءٍ يسير من قصص هذه المذبحة المروعة عندما أدار العالم كله ظهره لشعبي.

في طريق العودة تم تسليم قائد البولمان كاسيت يحوي تراتيل كنسية وتحول البولمان بمن فيه إلى فرقة كورال تنشد ألحان جنائزية، وصمت الجميع فجأة بينما كانت مكبرات الصوت في البولمان ترسل رائعة الأب كوميداس الشهيرة Dzirani Dzar شجرة المشمش التي تتحدث عن الإبادة والمعروف أن شجرة المشمش تزهر في نيسان وقد أزهرت أرواح شهداء الأرمن في نيسان وستزهر في كل نيسان إلى اليوم الذي يحترم فيه الإنسان حق أخيه الإنسان في الحياة والمشاركة في ازدهار الإنسانية ورفعتها وبناء الأرض إلى أن يرثها وما عليها خالقها ومدبرها وهو أعدل العادلين وأرحم الراحمين.

آرا سوفاليان

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات