قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم.
فإن صلاح الأسرة هو الطريق الأمثل إلى صلاح المجتمع ، بل إلى صلاح الأمة كلها . وهيهات أن يصلح مجتمع وَهَنتْ فيه حبال الأسرة ، فالأسرة المؤمنة تربى الأجيال، وتخرج القادة والمصلحين , وتكون سبباً من أهم أسباب الرقي الإنساني .
ولقد امتنَّ اللّه سبحانه وتعالى بهذه النعمة؛ نعمة اجتماع الأسرة وتآلفها وترابطها . فقال عز من قائل: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ الطّيّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) ( ) .
إن الزوجين وما بينهما من وطيد العلاقة يمثلّان حاضر أمة ومستقبلها، ومن ثم فإن الشيطان حين يفلح في فَكِّ روابط أسرة فهو لا يهدم بيتًا واحدًا، ولا يحدث شرا محدودًا، وإنما يوقع الأمة جمعاء في أذى مُسْتعر وشرٍّ مستطير.
ولا يقوم بناء السعادةِ الزوجية إلا على ركنين أساسيين:
أحدُهما: جلبُ أسباب المودة، واستدامتُها.
والثاني: دفعُ أسباب الخلاف، ورفعُها.
وجلب أسباب المودة والسعادة لها سُبل كثيرة منها :
1ـ الاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين.
2- المودة والرحمة بين الزوجين .
2- الصراحة والوضوح بين الزوجين.
3- معرفة كل من الزوجين ما له وما عليه.
4- الاشتغال بعظائم الأمور والترفع عن سفاسفها.
5- الاحتكام إلى شرع الله عند الخلاف.
6- تلبية رغبات أحدهما للآخر على قدر المستطاع.
7- الحوار الهادئ والبناء.
8- التشاور فيما يخصهما من أمور.
9- طاعة الزوجة لزوجها وحسن معاشرة الزوج لزوجته.
10- قوامة الرجل وحنان المرأة.
وأما دفعُ أسباب الخلاف، ورفعُها. فإنه يحتاج ابتداء إلى معرفة أسباب الخلاف , ثم إلى البدء في وضع الحلول المناسبة لكل سبب .
وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". ( ) .
وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودِينَهُ فَزَوِّجُوهُ". ( ) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تخيروا لنطفكم ، فانكحوا الأكفاء،وأنكحوا إليهم . ( ) .
فهذه هي الكفاءة الحقيقية ، أما ما عدا ذلك من أمر الصناعة أو النسب، أو الحرية، أو الغنى، فهذا كله لا اعتبار له بميزان الله سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وحينما حث الإسلام على الاختيار على أساس الدين والخلق وطيب الأصل والمنبت , فلأن صاحب الدين والأصل الطيب أعون على استدامة الحياة الزوجية و أقرب إلى طيب العشرة فلا يصدر منه إلا العشرة الكريمة و الحياة الطيبة و إذا أحب أكرم و إذا أبغض لا يظلم .
قال رجل للحسن البصري:إن لي بنتا وإنها تُخطب ،فممن أزوجها ؟ فقال زوجها ممن يتقي الله فان أحبها أكرمها وان ابغضها لم يظلمها ( ).
( )الغزالي : إحياء علوم الدين 2/14).
وحذّر (ع) من تزويج شارب الخمر وقال: «من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها»( ).
وقال الامام جعفر الصادق (ع): «إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك، فان تزوجها لدينها رزقه الله عزّوجل جمالها ومالها»( ).
وقدّم رسول الله (ص) اختيار حسن الدين على حسن الوجه، فقال: «لا يختار حسن وجه المرأة على حسن دينها»( ).
( )سورة: النحل : الآية: 72 .
( )أخرجه البخاري (5090) ومسلم (1466).
( )أخرجه ابن ماجه (1967) والترمذي (1084).
( )الغزالي : إحياء علوم الدين 2/14).
التعليقات (0)