الطربوش والبرطوش
في سباق الرئاسة السودانية
لابد من التنويه قبل كل شي أنه ما من مواطن سوداني إلا ويتمسك بالأحزاب السياسية بوجه عام والطائفية التقليدية بوجه خاص . وبوصف هذه الأحزاب التقليدية أشجاراً معمرة ذات جذور عميقة في حديقة الديمقراطية خلال الفترة التي واكبت النضال من أجل الإستقلال ولا تزال ... وأن الطائفية بما لها وما عليها تظل أيضا بوابات جديرة بالحفاظ عليها في أسوار هذه الحديقة..... وحيث لا يزال هناك من هو على قناعة متأصلة بأطروحاتها .. ولكن التمسك بها لغرض تطويرها عبر الإنتقاد الإيجابي لمساراتها وممارساتها شيء ... والإنقياد الأعمى والإرتهان لها شيء آخر يظل موضع خلاف لن ينتهي .... ولا نرجو له أن ينتهي على مر العصور والأجيال القادمة.
ثم ينبغي التعريف بأن الطائفية السودانية تختلف في جوهرها عن الطائفية في دول عربية أخرى مثل لبنان والعراق ؛ لأن الطائفية السودانية ليست مذهبية . وإنما عبارة عن بيوتات دينية / سياسية تنتمي جميعها إلى المذهب السني وهي أقرب في ممارساتها الروحية إلى الطرق الصوفية منها إلى الطائفية ولكن درج السياق السوداني على إطلاق مسمى الطائفية عليها مجازاً.
...........
ومنذ أن تم الإعلان عن فتح باب الترشيح لإنتخابات رئاسة الجمهورية فقد أثلج الصدر البداية الجادة التي شهدتها لائحة المرشحين وعلى رأسهم عمر البشير عن المؤتمر الوطني والصادق المهدي عن الأمة و محمد إبراهيم نقد عن الشيوعي ومبارك الفاضل عن التجديد ....
وعلى نسق هذا الدفع الجاد لهذه الأحزاب مجتمعة بالرموز والقيادات إلى حلبة السباق ، كنا نتوقع أسماء أخرى من قبيل محمد عثمان الميرغني أو أحد أبنائه. وكذلك كنا نتوقع الترابي و اركو ميناوي وحتى سيلفاكير .
ولكن ومع ارتفاع سخونة انتخابات رئاسة الجمهورية وإقتراب موعدها فوجيء الناخب السوداني بالترابي يعمد إلى إيلاج "عبد الله دينق" في القائمة عن قصد وخبث تدبير على سبيل الممالحة والمفاكهة .... كما فوجئنا بزعامة الحزب الإتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل ترمي رؤوسنا بطربوشها ...... وكذا الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان تخلع تحت أنوفنا برطوشها.
وقد فهمنا في البداية أن مداعبة وملاعبة الترابي مع المفوضية من جهة ثم إنفعال الحزب الإتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل ، والحركة الشعبية الإنفصالية بقذف الطرابيش وخلع البراطيش إنما يهدف إلى إظهار الإحتجاج والسخرية والتقليل من شأن هذه الإنتخابات ، وإلى درجة الرغبة في وأدها بوصفها حسب مزاعمهم مُسَوّمَة عند مفوضيتها ، ومحسومة سلفا لمن بيده الحل والعقد على الأرض والقشلاق ومفاتيح خزائن قارون . وليس بيد تلك القوى الوهمية في ساحات وعوالم الإنترنت الإفتراضية ومنتديات الحوار الألكتروني.
ومن خلال جولة سريعة على حالتي "ياسر عرمان" مرشح الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان ، و"حاتم أفندي السر" مرشح الإتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل ؛ يمكننا الوقوف على الملاحظات الآتية:
حالة الحركي ياسر عرمان :
حالة الحركي ياسر عرمان لاتحتاج إلى بيان وتبيين أو حتى عقل حيوان لفهم خفاياها وأبعادها ؛ لاسيما وقد دلّ البيان الذي رافق إنطلاق حملته الانتخابية من أمام منزل البطل "علي عبد اللطيف" بالموردة .. دلّ على تشوهات وجه وإفلاس مضمون ياسر عرمان ، أثناء محاولة طرحه لنفسه كمرشح لحركة جهوية عنصرية إنفصالية لا ينتمي إليها ؛ وإنما هو محض "مَنْدُكُرّو" طفيلي ودخيل عليها لسبب عرضي فرضه عليه خروجه هاربا بجلده وعنقه من قبضة المحاكمة الجنائية وحبل المشنقة في مرحلة سابقة طائشة من عمره ....... وهو إن شاء أو ابى يظل من غير ابناء هذه الحركة القبلية الجهوية عظما ونخاعا وعصبا ولحما ودما ...... ولأجل ذلك ترك شعب جوبا ويامبيو ونيمولي وملكال حياءاً من واقع وضعه المزري الفاضح حين لم يجد مدخلا للحديث معهم وإليهم والتفاعل معهم ومع قضاياهم وتطلعاتهم (كجنوبي أصيل). وإنكفأ لشماله يتمحك ويتحكحك وينكرش في حوائط وأشواك الموردة ويتمرغ في تراب أزقتها ببيان يذكرنا فحواه بأدبيات الروابط الطلابية الجهوية...... ويؤكد أيضا أن العرجاء لمراحها .... ولكن وللأسف فقد أضاع ياسر عرمان المراح وملامح المراح لأنه لجّ وفجَرَ في العداء والخصومة تجاه أهله ؛ ومضى متماهيا مع الغرباء إلى أبعـد مما هو مطلوب منه.
ثم أنه وعند محاولته (إستغلال) إسم وشهرة "علي عبد اللطيف" فقد تعزز الإنطباع عنه بنزعته الدائمة تجاه الإتكاء على زخم الغير وركوب الموجات وطلب الحماية والإنطلاق من وراء ظهور الرجال الأقوياء.... ولكنه هذه المرة نجده قد أبعـد النجعة وأخطأ المفصل ؛ لأن علي عبد اللطيف واقع وحال ، وجون قرنق وسيلفاكير وباقان أموم وغيرهم من رؤوس التمرد شيء وحال وواقع آخر .... فعلي عبد اللطيف جيء بأجداده إلى الشمال منذ عهد التركية السابقة عام 1821م ... وولد هو وأبيه وجده وترعرعوا في الشمال وإنقطعت علاقتهم بالجنوب .... ولأجل ذلك أصبح شماليا وإسمه "علي" وإسم أبيه "عبد اللطيف" وليس قرنق أو ميار ديت ولا مشار... وكان وفق قناعات اللواء الأبيض يرغب في إستقلال السودان عن بريطانيا تمهيداً للإتحاد مع مصر ....
فأين أجندة اللواء الأبيض هنا من أجندة الحركة الشعبية الإنفصالية الحقيقية التي تعمل للإنفصال عن شمال السودان ناهيك عن الوحدة مع مصر؟.... وأين أجندة اللواء الأبيض من أجندة الحركة الشعبية المرتمية في أحضان الهيمنة الأمريكية والبريطانية؟ ....
ومن ناحية أخرى هل نسي ياسر عرمان أو تناسى أن الحركة الشعبية رفضت الإعتراف بالجنوبيين الذين نزح أجدادهم إلى الشمال قبل عام 1955م وإعتبرتهم شماليين ، وأصرت على عدم إدراج أسمائهم ضمن من يحق له التصويت في إستفتاء تقرير المصير ؟؟
ثم أن علي عبد اللطيف لم يتزعم تمردا عنصريا ضد الشمال وأهل الشمال ... ولم يقتل رجالهم ويعيق شبابهم ويأتم أطفالهم ويغتصب فتياتهم ويرمل نسائهم ويحرق ويصادر ممتلكات تجارهم بتعليمات وأجندة غربية إستعمارية وكنسية صليبية...... فما هو وجه العلاقة والشبه بين علي عبد اللطيف والحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان؟ .....
وأضح أن الأمر لا يعدو تصرف أحمق غير مدروس من جانب ياسر عرمان ولا يعدو كونه "فيلم هندي" و "سلبطة" ...... و "تلقيح جتت" كما يقول المصريين....... وحيث ننصح ياسر عرمان أن يلعب غيرها لأن مثل هذه المزايدات النمطية الممجوجة والحركات الرخيصة مكشوفة ولا تخيل حتى على البلهاء.
ومن جهة أخرى فإن حالة الشمالي ياسر عرمان ربما تطرح في جانبها المظلم تساؤلا (يسهل الإجابة عليه) حول مدى اليأس والإحباط الذي أصاب بعض الشباب من الجنسين في الشمال ، والتنازع النفسي المُمَزّق (بكسر الزين) للشخصية ، حين يتجه الفرد إلى دخول وممارسة السياسة من "الباب المجاني" ، دون أن يكون على إستعداد لدفع الثمن المطلوب من صبر على الجوع والحرمان ومعاناة البناء لبنة فوق لبنة والصمود على المبدأ. وإرتياد سجون وتعرض لتعذيب وتشريد وحرمان مثلما كان عليه حال الساسة الرواد العظام ؛ فيرتمي بدلا عن ذلك وفي سبيل الحصول على الحماية والحصانة والحفاظ على سلامته في أحضان الغير ويتماهى في خدمتهم والإستسلام "مفعولا به" لممارسة العهر السياسي في حقه .... ثم يمضي نحو الأعمق لمجرد ملء بطنه وجيبه والحرية الإستثنائية (وفق تفاهمات نيفاشا) في ممارسة بعض النشاط الدونكيشوتي للظهور بمظهر البطل الشجاع كذّابْ الزَفـّة والمناضل الجسور تحت ظلالهم وفي حماية أسنة رماحهم .... ودون أن يدرك أن مثل هكذا حبال يتعلق بها قصيرة ودائبة لن يستمر تعلقه بها طويلا ؛ لاسيما وأن إنفصال الجنوب على الأبواب ، ومما يؤدي إلى إنسحاب الحركة الشعبية نهائيا من ساحة الشمال . وما قد يستتبع ذلك لاحقا من ضرورة مطاردة فلولها من الحركيين الشماليين ، على قناعة منطقية من أهل الشمال بأن هؤلاء خونة ومحل شكوك غير موثوق بهم ، و طابور خامس يهدد نخاع الأمن القومي الشمالي لمصلحة أطماع وتطلعات دولة الجنوبي غدا ولا ريب.
لقد خرج ياسر عرمان يساريا يتحسس عنقه من الخرطوم ثم عاد إليها حركياً يحبو تحت أقدام جون قرنق .... وغدا حين ينفصل الجنوب وينفض سامر الحركة الشعبية في الشمال ؛ فحتما سيتسلل ياسر عرمان سريعا إلى الخارج ..... ووفقاً لهذا المنحى التبعي الذي بات خبيراً وموهوباً فيه ، فلربما لن يمضي وقت طويل حتى نسمع به يردح في جبال النوبة أو نراه عائداً للخرطوم في داخل الجيب الخلفي لبنطلون مالك عقار الفضفاض ... وقد يأتي في جراب حركة العدل والمساواة ، وربما في الجيب الداخلي لصديري الشرق . وقد لا نستغرب إذا إختفى ثم بحثنا عنه ووجدناه مختبئا في رحال مِنّي أركُو مينّاوي .... فهل يكون مثل هذا الحرباء محل ثقتنا ؟؟ وهل يصلح هكذا دائرة مفرغة لا مبدأ له ، وحلزون سابح على ظهره في بركة الماء وزاحف على بطنه في العراء لتقلد منصب رئاسة الجمهورية؟
حالة حـاتم أفندي الـسِّـرْ :
وحالة الحركي عرمان وإن كانت تغيظ وترفع ضغط الدم لدى البعض من عامة شعب الشمال وتؤدي إلى أمراض القلب وتصلب شرايين الإناث قبل الذكور ، وذلك بوصفه يتسلق حوائط غيره وأنموذج للسياسي الخائف التايه الحيران حين يفشل في أرضه ووسط مجتمعه . فيذهب يتمحك ويحتمي بغـير بني جلدته ، ويصبح غرابا غريبا لدى الطرفين لا سامع أو مسمع ..... ولا شبيه أو مشـابه . فإن حالة المحامي حاتم أفندي السر تبدو بالفعل هي الأخرى جديدة وغريبة على إنتخابات رئاسة الجمهورية . حين يرضى شخص حقوقي متعلم مثقف أن يكون ألعـوبة في أصابع مولاه هكذا في وضح النهار وعلى عينك يا تاجر ودون خجل وحياء أو مواربة. بل وفي غاية الفرح والإنبساط والجزل خلال محاولته البائسة إقناعنا أن ننتخبه للبلاد رئيسا يفترض أن تكون له اليد الطولى والكلمة الفصل في مصيرنا ؛ يعلو ولا يعلى عليه.
أن حالة حاتم أفندي السر في "الحزب الاتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل" تظل الأكثر جذبا للنظر والتحليل لنهج زعيمه المطلق "مولانا" و "سيدنا" و " ولي النعم" محمد عثمان الميرغني . والذي يختلف التكتيك والأسلوب لديه عن النسق الذي كان عليه والده المرحوم علي الميرغني طيب الله ثراه. فقد كانت زعامة الطائفة الختمية في عهد السيد علي الميرغني وحفاظا على مكانتها الروحية تكتفي بلعب دورها في السياسة المحلية ، وكذا في تلبية التبعية والإنقياد الأعمى لمصر من خلف ستار. تاركة خشبة "مسرح العرائس" لغيرها من الحزبيين نجوم مؤتمرالخريجين العام من أمثال علي عبد الرحمن وميرغني حمزة وأحمد السيد حمد مؤسسي حزب الشعب عام 1956م ..... ولكن يبدو أن تغييب الموت لهؤلاء النجوم وتشتيت وتدجين وإستقطاب الإتحاد الإشتراكي إبان عهد نميري على نحو خاص لما تبقى من بدلاء جلساء على دكة الإحتياطي وجيل الصف الثاني ..... كل ذلك أغرى الخلف بعد السلف فيما بعد للدخول بثقله جهارا نهارا في منتصف دائرة الضوء على خشبة المسرح لتحريك الأراجوزات من أتباعهم ومطاياهم.
محمد عثمان الميرغني زعيم الطائفة الختمية
ولكن مشكلة خلف اليوم مقارنة بسلف الأمس الطائفي أنه يعود إلى الساحة الداخلية من بلاج العجمي بالأسكندرية وهو لا يملك في جعبته السياسية سوى المايوه ، وما يزعم أنه "كان سيكون" إتفاقا على وشك التوقيع مع جون قرنق في أسمرا لإنهاء مشكلة الجنوب لولا إنقلاب عمر البشير الذي قلب عليهما "مائدتهما المستديرة".
في تلك الليلة التعبوية السياسية للحزب الاتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل التي إختار لها دائرة شرق النيل ببحري . وبعد إنتظار طويل لم نسمع منهم سوى عبارات وكلمات رنانة طنانة من قبيل "كنا" و "ليت" و "ياريت" ..... فهذا على ما يبدو جل ما قاموا بتحقيقه من إنجازات منذ إنتفاضة ابريل 1985م وحتى تاريخه ......
ولعله ليس مصادفة أن يبلغ الضعف وقلة الحيلة وإنعدام التوجهات وموهبة التنظير بهذا الحزب مبلغا يجعله لا يستطيع حتى أن يردد في أدبياته كلمات من قبيل (سـوف) و (سنفعل) مكتفيا فقط بـ "كنا" و "ياريت" و "ليتنا".
وفي الليلة تلك التي تم إحياؤها في دائرة شرق النيل حين إختلط حابل الطربوش بنابل البرطوش وعلى نهج إنجازات "ياريت" والبكاء على اللبن المسكوب. تبادل ياسر عرمان ممثلا عن الحركة مع غيره من "الحيران الأفرنجية" وأرباب المعاش السياسيين العويل والبكاء والنحيب والردحي على ما كان يمكن أن يكون لو لم يقلب عليهم البشير في نهاية يونيو 1989م مائدة التمر المسوس في أرتريا .... تلك المائدة التي لم يعلن عنها في حينه ولم يدعى إليها أحد من الأحزاب الأخرى ثم قتل جون قرنق الجالس قبالتها من جانب آخر ، وغاب عنها الشهود بالتالي وشفافية التوثيق وفاعلية الزمان وخصوصية المكان المناسب .... وبوجه عام لم يراها ولم يسمع بها أو يأكل فيها أحد ....... ولا أظنها سوى فبركة إنتخابية وهذيان سياسي على نسق أحلام ديك الحَـبَـشْ ليس إلا ّ ، ودون أن ترقى إلى مستوى أحلام ديك بقامـة زلوط .
وبالطبع فإنه ليس يخفى على أحد أن كلمة "يا ريت" هذه من عمل الشيطان يوسوس بها إبليس في قلب الإنس والجان ليجعلوا منها حائط مبكى لفشلهم وحبلا يعلقون عليه غسيل إحباطهم وتوقف الزمان ومحدودية المكان في مخيلتهم ....... وما من أحد بات يرغب الآن أو يرضى بأن يظل حبيسا لوعود جوفاء مثلما فعل أجداده وخضعـوا لمثلها منذ عام 1944م
ثم أنه و في بروش ورحال ومركب "يا ريت" هذه يمكن كيل وشحن كل البضائع المزجاة والتالفة والأغذية الفاسدة والمعلبات منتهية الصلاحية وحتى المخلوط منها بدهن الخنزير ..... وإطلاق العنان للخيال كي يشطح كما يشاء ولم لا ؟ ... فكلمة "يا ريت" هي ببلاش .. وكما يقول المثل الخديوي الأصل : "أبـُو بـَلاشْ كَـتـَّرْ مِـنّـوُ".
إن حالة الاتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل ينطبق عليها المثل القائل : "تمخض الجبل فولد فأرا" ..... فبعد مسيرات وضربات نوبة وترديد هتافات على وقع صنجات تمجد الأسياد والخلفاء والطائفة والقبيلة والرهط والبطون والأمعاء والأفخاد من عامة التابعين والسالكين ؛ خرج علينا الحزب أو بالأحرى الطائفة المالكة للحزب بـ "تعيين" الحوار الأفرنجي "حاتم أفندي السر" مرشحا عنهم لرئاسة الجمهورية ..... والطريف أن "حاتم أفندي السر" لم يكذب الخبر . فخرج علينا أول ما خرج بمنطق كفر وحالة تبعية وضعف وخنوع منهجي منضبط لا يمكن أن يرقى صاحبه حتى لتقلد منصب رئيس سوق تمبول ؛ ومنها قوله بين كل حين وآخر وجملة وأخرى "إنّ إرادة مولانا" ... وإنّ "مشيئة سيدنا" .... يقصد بذلك زعيم طائفة الختمية محمد عثمان الميرغني ..... فهل يعقل أن يعتلي شخص كهذا منصب رئيس الجمهورية؟ .... ولأجل من ولتمثيل من يرتقيه ؟
ثالثة الأثافي :
وقبل أن يجف ريق أمر "مولانا" و "سيدنا" ترشيح حاتم أفندي السر لمنصب رئيس الجمهورية . تواترت الأنباء مؤخرا بأن هناك خططا يجمد بموجبها "حاتم أفندي السر" ترشيح نفسه كي تمنح جماهير "الاتحادي الديمقراطي الخديوي الأصل" أصواتها للحركي ياسر عرمان فيرتع ويلعب ويزداد بذلك كيل بعير ؛ رغم أنه مرشح الجنوب الذي يقف على أبواب الإنفصال..... وهي صفقة إن تمت ودفعت ثمنها الحركة الشعبية ، فستكون إستنساخا سودانيا ذكيا لصفقة بيع الترماي للصعيدي في قلب ميدان العتبة.
منتهى الإحباط وفجوات الغربال والإهتزاز والإستهزاء والإستخفاف الذي كان ولا يزال الشعب منذ عهد الإستقلال يأكله بالملعقة والكوريق ، ويعاني من أوجاعه بعابيص وخوازيق وترديات بالجملة والقطاعي من أحزاب طائفية وراثية هزيلة أجادت الهرب والتخلي عنه عند كل منعطف تاريخي وكلما حمي الوطيس .... وإليها يرجع "الفضل" في كل ما وصلنا إليه من تخلف وتحنيط وتصلب يكاد يصبح عصيا على الحل لولا رحمة من اللطيف الخبير ....... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
التعليقات (0)