الطبع والشخصية
الطبع هو مجموعة العوامل أو الاستعدادات الوراثية التي سوف تؤلف شخصية الإنسان , فيمثل الطبع الركائز الاساسية للشخصية أي العناصر الثابتة الموروثة بيولوجياً , والتي سوف تتكون منها الشخصية نتيجة ما يكتسب نتيجة ظروف الحياة وما بالتعلم والتربية . فالموروث البيولوجي هو ما يكون الطبع , والمكتسب أثناء الحياة هو الذي يحدد طبيعة وصفات الشخص أي شخصيته .
اشتقت كلمة طبع من كلمة بصمة أو علامة أو محفور ثابتة . اقترح " ابقراط " تصنيف الطباع وفقاً لنظرية الأخلاط التي كانت معتمدة ذلك الوقت في تكوين جسم الإنسان . فصنف الطباع حسب أخلاط جسم الإنسان الأربعه : الدم , اللنفا , المرة الصفراء , والمرة السوداء ؛ تقابلها الطباع الاربعه : الدموي , اللنفاوي ( البلغمي ) الصفراوي و السوداوي .. وذلك تبعا الطبع الطاغي لدى الشخص .
ولكن العصر الحديث هو الذي وضع الأنظمة الكبرى للطباع . فنجد عدة طرق لتحليل الطبع و وصفه . فبعضها يحلل الطبع عبر تكوين الانسان الجسماني , اما البعض الآخر فيستند إلى مراقبة التصرفات الناتجه عن تاريخ الفرد . وأهم مدارس علم الطباع والتي سوف نعتمد على أسسها التي بنت عليها تصنيف الطباع , هي التي أسسها استاذان هولنديان في جامعه " غرونينغ " , احدهما اختصاصي في علم النفس ويدعى " جيرار هيمنو " والذي خصص الجزء الأكبر لهذه الدراسة , و الآخر طبيب اختصاصي في الامراض النفسيه اسمه " اينود . ويرسما " . تناولت دراستهما فرز وتحليل نحو 2523 اختبارا نشرت مابين سنة 1906 و 1909 , وشكلت احد مناهل المعلومات الأساسية المتعلقه بعلم الطباع الذي نعرفه اليوم . فهي رصدت علامات ثلاث كعناصر اساسية وخمسة فرعية يتم تصنيف طبع الشخص حسبها . والأساسية هي :
الفاعلية أو الحيوية - الانغعالية - والترجيع البعيد .
والمكملة هي : سعة ساحة الشعور أو اتساع مجال الوعي , القطبية ( فينوس - أو مارس) , النهم , الاهتمامات الفكرية والذكاء , الاهتمامات الحسية
وقد لعب الفرنسي الشهير " رينيه لوسين " الفيلسوف و الاستاذ الشهير , دورا مهما , اذ رفع من شأن مادة علم الطباع عندما طور مفهومها بصورة ملفته , و نشر كتاباً بعنوان " مقالة في علم الطباع " عام 1945 .
تعرف هذه الطريقة اليوم باسم ( علم طباع هٍمنز - لوسين ) , او ( علم الطباع اللوسيني ) ,الواسع الانتشار في البلدان اللاتينية . كما تعرف ايضا بـ ( المدرسه الفرنسية - الهولندية في علم الطباع )
وقد ساهم الى جانب رينية لوسين " غاستون بيرجيه " الفيلسوف والاستاذ و مدير التعليم العالي في جامعه ايكس مارسيي في تطوير هذا العلم , مضيفا الى العوامل الاساسيه العوامل الخمسة الأخرى .
يتكون طبع الفرد حسب هذه المدرسة بشكل أساسي من العوامل الثلاثة الأساسية بالإضافة للعوامل الخمسة المكملة , وهذا يجعل مجال تصنيف طبع الشخص واسع جداً نتيجة امتلاكه نسب مختلفة من هذه العوامل الأساسية والمكملة . ولحصر مجال تحديد طبع الشخص أعتمدت العوامل الثلاثة الأساسية , وتتم تصنيف الطباع إلى ثمانية , لن نتكلم بالتفصيل عنها الآن .
إن مدرسة علم الطباع الهولندية الافرنسية كما ذكرنا اعمدت أهم الأسس الموروثة ( في نظر روادها ) والتي تحدد طبع الشخص وهي : الفاعلية أو الحيوية والنشاط – الانفعال – الترجيع البعيد أو الوقع . سنركز على ما نراه موروث أساسي ومهم من العوامل التي اعتمدتها هذه المدرسة , والذي يمكن التأكد من إرجاعه لأسسه البيولوجية والفزيولوجية التي تورث .
الملاحظ أن الفاعلية أو الحيوية , وكذلك الانفعال يمكن إرجاعهم إلى أسس بيولوجية موروثة ,فأسس الفاعلية والانفعال موروثة وليست مكتسبة لذلك , وتأثير الحياة والحياة الاجتماعية عليهم متواضع جداً , وهما من أهم عوامل الطبع . يمكن التحكم بالفاعلية بالتربية ضمن حدود صغيرة جداً, وبالعقاقير والمنشطات والأغذية ( وضمن حدود معينة ) ولكن عندما تنتهي تأثيراتها يعود الوضع كما كان عليه بالإضافة لامكانية حدوث إحباط أو يأس . وكذلك يمكن التأثير على شدة الانفعالات والتحكم بها بالكحول والوشروبات والمخدرات والعقاقير . . , وهذا له سلبياته في أغلب الأحيان .
أما الترجيع البعيد أو الوقع , فهو غير واضح أساسه البيولوجي العصبي لأنه يتداخل مع عوامل تورث اجتماعياً أي مكتسبة وليست موروثة بيولوجياً , لذلك يمكن التحكم بهذا العامل بالتربية والتعليم . يمكن استبداله بعامل " زمن فترة بقاء التأثيرات الحسية والعاطفية والانفعالية " بالإضافة لزمن فترة تكرار الإدخال لساحة الشعور . فهتين الخاصيتين موروثتان ولا تكتسب .
والملاحظ أن تأثير مقدارالفاعلية وكذلك مقدارالانفعال , على تشكل شخصية الفرد وتحديد مجمل مسار حياته وغالبية مناحيها , هو الأقوى والأهم والحاسم . أما الترجيع البعيد فتأثيره أقل وإن كان قوياً .
والقطبية ( مارس – فينوس ) لها أسس بيولوجي موروثة . وكذلك الذكاء وأسلوب أو طريقة التفكير , ( تسلسلي سببي منطقي – أم تفرعي أي متوازي ) . وأيضاً ( النهم ) له أسس بيولوجية موروثة .
تعريف الفاعلية أوالحيوية :
هي كمية الطاقه العضوية التي يتمتع بها الفرد , وتستعمل هذه الطاقه في افعال غالبا ما تكون مثمرة , فالفرد الفعال أو الحيوي انتاجة الطاقة لديه يكون وفير وغزير , فهو دائم الحركة والنشاط , اما الانسان غير الحيوي أو غير الفعال فيمتلك مخزونا ضعيفا من الطاقه العضوية , وهو يستنفذ طاقته بسرعة .
والفاعلية بحسب علم الطباع ليست الافعال المحمومة او التقلب الناتج عن الانفعاليه , بل الاستعداد الطبيعي العميق و الخلقي الذي يدفع الانسان الى التصرف . ان المعيار لتقدير الفاعلية هو تصرف الفرد امام العقبات . فالفرد الفعال هو الذي تقوي المصاعب من عزيمته و تدفعه للمواجهه , اما غير الفعال فهو الذي تثبط عزيمته اي مواجهة صعبة . فالفعال هو ذلك المثابر , وفي بعض الحالات قد تكون العقبة سببا لاهتمامه بامر ما كان لفت انتباهه لولا تلك العقبة . فالفعال لا يتعب بسهولة , وقادرا على استعادة طاقاته العضوية بسرعه بعد المجهود الكبير . انه يبحث دائما عن الحركة .
اما غير الفعال فيتصرف بصعوبة . و سرعان ما يستولي عليه التعب أو الملل . وهو غير قادر على استعادة طاقاته بسرعه .
الفالعلية طاقه قيّمة تنشط مجمل وظائف الطبع . انها تشجع الاندفاع و تعطي الثقه بالنفس و تقوي روح المغامرة والبحث . و تشجع الفاعلية ايضا البشاشه و التفاؤل على عكس ضعف الفاعلية التي تؤدي الى الكآبة والتشؤم .
قد يجهد الانسان نفسه لسببين مختلفين . اولهما الانفعالية , و الاخر الفاعلية . و في الحالتين سوف يبدو للوهلة الاولى فعالاً , لكنه لن يكون فعالاً اذا نتجت افعاله عن أنفعالات تحفزه وتنشطه لأنه عند زوال تلك الانغعالات سوف تخمد طافته ويتوقف .
والفعال هو : جريئ - مثابر - دائم الانشغال - واثق من نفسه- عملي , فالإنجازات الواسعة والنجاح والتفاؤل والمرح والسعادة وقلت العقد النفيسة . . كل هذا يمكن أن تساعد بشكل كبيرالفاعلية العالية لدى الفرد في تحقيقه .
وكذلك ضعف الفاعلية ( أو الكسل ) هو من أهم عوامل قلت الإنجاز وعدم الرضى والتشاؤم . .
يمكننا أن نلاحظ بوضوح قوة تأثير الفاعلية لدى الأطفال , فعندما يكونوا في قمة طاقتهم و نشاطهم يكونوا مرحين متفائلين يتحملوا الفشل أو الخسارة ويعاودوا المحاولة ليحققوا إنجازاتهم , ولكن عندما يستنفذوا طاقتهم يصبحوا ملولين ومحبطين ويسهل بكاؤهم وحزنهم , وغالباً ما يسعوا للنوم ليستعيدوا طاقتهم . وهذا ما يدل بوضوح على تأثيرات الواسعة للفاعلية والطاقة العالية .
والفاعلية العالية لها القدرة على السيطرة على الانفعالات وضبطتها ( ضمن حدود معينة ) . والتأثيرات السلبية للدماغ الحوفي( مثل التردد والوسوسة وغيرها ) تظهر بشكل واضح عندما تضعف الفاعلية , وبالتالي تضعف هذه التأثيؤات عندما تقوى الفاعلية .
إن كمية إنتاج الطاقة للفرد أي مقدار فاعليته تؤثر بشكل كبير على حالته الفزيولوجية والعصبية وبالتالي النفسية والفكرية , فزيادة إنتاج الطاقة لدى الفرد تجعله يتقبل الفشل , لشعوره بأن لديه القدرة على إعادة المحاولة وتحقيق النجاح , وغالباً الفعال يحقق النجاح من المرة الأولى في الأوضاع السهلة , أما في الأوضاع الصعبة فهو أيضاً غالباً ما يحقق النجاح وإن كان بمحاولات متعددة فهو نادراً ما ييأس . لذلك الفعال واثق بنفسه ومتفائل ويصعب وصوله لحالات اليأس أو الإحباط .
فالندم والتردد والوسوسة بالإضافة للكثير من مسببات الأمراض والعقد النفسية التي تنتج بشكل أساسي عن قوة تأثيرات الدماغ الحوفي وشدة الانفعالات , يمكن للفاعلية العالية التعامل معهم والسيطرة عليهم بشكل كبير . والفعّال جسمياً هو على الغالب فعال عصبياً أيضاً , فهو له القدرة على التحكم بشكل كبير في مدخلات ساحة الشعور لديه .
أن التصميم القوى والاستمرارية ( والعناد ويباسة الراأس . . . ) من أهم خصائص الفعال , وهو غالباً يستطيع السيطرته على ألامه وانفعالاته .
تعريف الانفعال :
إن الوظيفة الأساسية للانفعالات هي رفع جاهزية وقدرة الفعل والاستجابة , إلى الدرجة التي تعتبر مناسبة وفعالة في مواجهة ما يتعرض له الكائن الحي , وهي موجودة فقط لدى الحيوانات الراقية بدأً من الثدييات . فهناك انفعالات أساسية نشترك بها مع الثدييات الراقية والرأسيات, وهي انفعال الغضب والخوف والحب. . ., وهي انفعالات أساسية قديمة لدينا . وقد نشأت لدينا نتيجة حياتنا الاجتماعية انفعالات جديدة وهي خاصة بنا , فهي تكونت نتيجة العلاقات الاجتماعية , و الحضارة والثقافة والعقائد . . . , فقد نشأت وتطورت أنواع كثيرة من الانفعالات نتيجة لذلك .
والانفعالات دوماً تكون مترافقة مع أحاسيس خاصة بها , وهناك انفعالات إخبارية مثل الدهشة والتعجب والترقب والضحك, وهناك انفعالات مثل الحب والحنان والصداقة, والزهو, الغيرة, الحسد , والكراهية....., وكل هذه الانفعالات ترافقها أحاسيس معينة خاصة بكل منها.
وأحاسيس الانفعالات لا تنتج عن واردات أجهزة الحواس فقط , فهي تنتج بعد حدوث تفاعلات وعمليات في الدماغ والذاكرة بشكل خاص , وتقييم الوضع , بالإضافة إلى عمل وتأثيرات الغدد الصم , فالغضب لا يحدث لدينا إلا بعد معالجة فكرية , والتي تتأثر بالذاكرة وما تم تعلمه , وهناك تأثير متبادل بين الدماغ والغدد الصم, ويمكن المساعدة في إحداث الانفعالات باستعمال تأثيرات كيميائية وفسيولوجية . فهناك الأحاسيس الناتجة عن انفعالات النصر أو الفوز والنجاح , أو الهزيمة والفشل, وغيرها .
فالانفعالات تنتج الطاقات الجسمية والعصبية , وتجهز الجسم لمواجهة الظروف التي أدت لانتاج تلك الانفعالات , وهي مصدر إضافي للفاعلية . فالفرد الانفعالي هو الذي تكون لديه العناصر والعوامل الجسمية والعصبية التي تنتج الانفعالات , بسهولة وسرعة , فهو ينفعل بقوة وبسرعة وسريع الاثارة .
اما غير الانفعالي فهو ليس كذلك على العكس يتمتع بطاقه انفعالية متدنية , انه عادة : هادئ , رصين . .
قد يكون الشخص " حساسا " دون ان يكون " انفعاليا " .
أسس الانفعالات الفزيولوجية .
كما ذكرنا ان الانفعالات مرتبط بالجهاز العصبي الخاص بالغدد الصماء الموجوده في الدماغ المتوسط . عندما يلتقط الدماغ تاثيرا معينا تسري آثاره في الجسد بواسطة الجهاز العصبي الانبائي .
في هذا الوقت , وحسب الشخص , سوف يترجم الانفعال بطريقه لا يمكن السيطرة عليها , إما عبر تسارع الحركات " الاثارة " , و إما عبر الشعور بالشلل و الجمود " الكبت " .
الاحساس هو فقط نوع من الاعلام , و اما طريقة التعامل مع هذه المعرفه فهي التي ستحدد الانفعال . و الانفعال في الواقع هو نوع من التعبير , لذلك فإن احساسا ما قد لا يؤدي الى الانفعال . و نستنتج من هنا ان الانفعالي حساس بالتاكيد , اما الحساس فليس بالضرورة انفعاليا .
اذا قلنا ان الاحساس يتولى التقاط المعلومات والانفعال يتولى نقلها فان التاثر هو الهدف المقصود الوصول اليه . و هذا الهدف قد يكون . متجها نحو الذات , مما يعطيه معنى المجهول " لقد اثر فينا امر ما . أو متجها نحو الاخرين , مما يعطيه معنى الفعل .
وهناك فرق بين الانفعال والتاثر . ان شخصا ( سواء رجلا او امرأة ) غير انفعالي , قد يكون شديد التاثر قوي الاحساس و مرهفا ولكنه لا ينفعل بسهولة . ان مثل هذا الشخص يتمتع بالهدوء ولا يمكن اخافته او اقلاقه بسهوله ولا حمله على الانفعال , غير انه في الوقت عينه يشعر بالحنان و الحزن والالم المعنوي و الشفقه , اي انه يمتلك قلبا كبيرا .
في المقابل قد نقع على شخص انفعالي ( سريع الغضب , غير صبور , حساس .. ) ولكنه قاسي القلب جاف العاطفة و متصلب الرأي .
الترجيع البعيد
ذو الترجيع البعيد أو الترصني : هو الشخص الذي يكون " وقع " الانطباع لديه بطيئا وثابتا و عميقا .
وذو الترجيع القريب أوالفطري : هو الشخص الذي يكون " وقع " الانطباع عليه سريعا ويزول بسرعة.
ان الوقع " وقع التصورات " بالرغم من مظهره المعقد , انه يعني السرعه التي تظهر بها ردة فعل الفرد اتجاه عوامل يواجهها ويعني ايضا مدة ردة الفعل هذه , وبقاء التأثر و ردة الفعل .
يمكننا تشبيه الوقع بنابض نضغطه على دفعات متتاليه الى ان تؤدي حركه خاطئة الى انفراجه بصورة فجائية ’ و وفقا لردة فعل الشخص , يمكننا التحدث عن وقع سريع " فطري " اذا كانت رده الفعل فورية " ينفرج النابض فورا " , او عن وقع بطيئ " ترصني " اذا اتت ردة الفعل بعد فترة طويلة " النابض لاحقا .
فسريعي التأثر ردة فعلهم فورية عند مواجهتهم امرا محزنا او مفرحا , هذا النمط من الاشخاص يسمى في
علم الطباع النمط الفطري او البدائي . والشخص في هذه الحاله يستجيب بسرعه , اي ان ردة فعله تاتي في اللحظة الاولى . اما الانفعال فلا يدوم بل ينسى .
يفضل الاشخاص سريعي التأثر العيش في اللحظة الراهنه دون التفكير في المستقبل . وهذا امر يساعد في انفتاحه على الاخرين , لكنه يؤدي الى عدم الاستقرار في عواطف الشخص وعلاقاته .
سريع التأثر أوالفطري شخص تواق دائما الى التغيير . يحب المفاجآت , يمكن ارضاؤه بسرعه و تزول احقاده بالمصالحه . هو سريع الاندماج في الاوضاع المختلفه , ولديه القدرة على التاقلم مع المتغيرات حتى الغير منتظرة بليونه و مرونه . غير ان شدة احساسه بتقلبات بيئية قد تؤدي به الى حاله من عدم الاستقرار .
ذلك كله يجب الا يدفعنا الى الخلط بين النموذج سريع التأثر و النموذج الانفعالي
فسريع التأثر هو :- مندفع - غير مستقر - لجوج أو غير صبور - يرضى بسرعه- غير حقود
أما بطيئ التأثر أو الترصيني فيعتبر اكثر اتزانا في ردات فعله من الشخص الفطري " السريع التاثر " . يستطيع البقاء لفترة طويلة تحت تاثير انطباع معين , فتتراكم الاحداث عنده قبل ان تظهر ردة فعله . هذا الميل الى الانفعال بعد فوات الاوان يتلاءم في علم الطباع مع الفئة التي سنتكلم عنها هنا . فالترصني , اي الذي تظهر ردة فعله في وقت لاحق فيبقى انفعاله ولا ينساه بسهولة . فهو يهتم بنتائج افعاله ؛ يفضل التفكير قبل التصرف . يحتفظ لمدة طويلة بذكرى انطباع معين , ويظل مرتبطا بذكرياته القديمة , لذلك لا يمكن ان يرضى بسهولة . وعلى عكس الشخص الفطري . فهو مستقر ومخلص في صداقاته و عواطفه . يحتاج الى الاستقرار و يشعر بالامان في الرتابة . يوصف عادة الترصني بانه " جاد " طبيعته حذرة , ويميل الى الانطواء على ذاته . هو رزين - منظم- مستقر- حذر- رتيب
بالنسبة للنمط الترصني " اي البطيئ التأثر " , الخبرة هي التراكم الناتج عن انفعالات تلقوها , ما اسهل الكتابه على الرمال ولكن ما نكتبه سرعان ما يمحى وما اصعب الحفر على الرخام ولكن ما نحفره يبقى ابدا .
أما الفطري : قد يلتقى الشتائم , فيهتز وينفعل لها و ينفعل فورا و بشدة , وبنسى بعدها كل شيئ .
علاقة الترجيع البعيد بالأسس الفزيولوجية الموروثة , والمكتسب أثناء الحياة .
علاقته بطول فترة بقاء التأثيرات الحسية والعصبية والانفعالية . فالعامل الأساسي الموروث للترجيع البعيد هو طول أو قصر زمن بقاء التأثيرات العصبية وبقاء جريان التيارات العصبية فيى الدماغ ( أي طول زمن بقاء الطنينات الحسية ) . أما علاقة الترجيع البعيد بالتربية والتعلم وظروف الحياة , فهي قوية وإن كان تأثيرات الحياة والتربية يلزمها وقت طويل لتترسخ , فكلنا عندما نتقدم في السن نصبح بعيدي الترجيع وإن كان بنسب متفاوته تابعة لما مورثناه بيولجياً .
عوامل الترجيع البعيد :
1 – شدة الحساسية أو التأثر , وبالتالي شدة الأحاسيس , وشدةاللذة والألم
2 – فترة زمن بقاء التأثيرات الحسية والعصبية والانفعالية .
3 – فترة زمن تكرار إعادة الادخال لسحاة الشعور , هل هي بضعة دقائق أم بضعة ساعال أم بضعة أيام .
4 – قوة الذاكرة وقوة الذكاء , أوالقدرة على التعلم أي عدد مرات التكرار لحدوث التعلم , وهذا تابع أيضاً لقدرات العقل والذكاء . فالترجيع البعيد هو تعلم نتيجة تأثيرات ظروف الحياة والسعي للتوافق معها , وهو أيضاً يدل على شدة الذكاء .
5 – قوة أو شدة الرغبة والنهم للأحاسيس اللذيذة والسعيدة , أو قوة السعي لملذات الحياة والابتعاد عن ألامها ومآسيها .
6 – طريقة التقييم وسلم الأفضليات التي يعتمدها الفرد .
7 – مقدار الصبر والتحمل الفرد للأوضاع والظروف الصعبة أو المؤلمة . . , وهذا بالتالي تابع لشدة التأثر وشدة الأحاسيس والانفعالات
8 – الملل وحب التغيير والتجديد , شدة المحافظ المحافظة وعدم التعير .
9 – القدرة على التاقلم مع المتغيرات حتى غير المنتظرة بليونه و مرونة
من ملاحظة تعدد عوامل وأصول الترجيع البعيد , نجد أنه مرتبط بعوامل موروثة ومكتسبة ومتداخلة مع بعضها في تأثيراتها . وهذا يجعله عامل غير أساس للطبع لأنه معمل مركب موروث ومكتسب , بعكس الفاعلية والأنفعال فهما عاملان أسسهم غالبتها العظمى موروثة
تأثيرات خصائص الدماغ الحوفي والتي تكون أساسية موروثة في تحديد طبع الفرد , ومنها :
1 – طريقة التقييم التي يعتمدها الفرد , وطريقة التعامل مع النجاح أو الفشل .
2 – قوة الأحاسيس والمشاعر وبشكل خاص أحاسيس اللذة أوأحاسيس الألم , وقوة المشاعر الناتجة عن النجاح أو الفشل .
3 - زمن بقاء التأثيرات وطول زمن فترة تكرار دخولها إلى ساحة الشعور .
4 – مقدار قوة الانفعالات وأبعاد تأثيراتها .
5 – تأثير طريقة التفكير , أكانت تسلسلية أم تفرعية , على طريقة معالجة الأمور , وطبيعة ذكاء الفرد .
6- تأثير سعة ساحة الشعور .
عندما يكون لدى الفرد الدماغ الحوفي تأثيره قوي وواسع , بالإضافية لانفاعلية قوية , وفاعليته متوسطة أو ضعيفة , تكون الادارة والقيادة بيده , وبالتالي تأثير اللحاء متواضع . وعندما تقوى الفاعلية يكون هذا على حساب قوى وتأثيرات الدماغ الحوفي فتضعفها بشكل واضح ,
طباع المرأة وطباع الرجل
أن مدرسة الطباع الهولندية الفرنسية لم تتطرق إلى فروق الطباع بين المرأة والرجل , مع أن هناك فروق أساسية في طباع لك منهما . فهناك فروق أساسية موروثة ناتجة عن خصائص الأنثى والمميزة عن خصائص وهي يؤدي لفروق أساسية وهامة لطباع لك منها . أهمها : المرأة ترجيعها البعيد أكثر من الرجل , وفاعليتها تتأثر كثيراً بانفعالاتها , وتقيماتها , التي تكون مختلفة بشكل كبير عن تقيمات الرجل . . .
إلى أي مدى نستطيع التأثير على ما هو موروث وبالذات على الطبع . وما هي عوامل الطبع التي يمكن التأثير عليها بواسطة التربية والتعلم , أو بواسطة التغذية والأدوية . وإن كان ضمن حدود معينة .
مثال : يمكن أن تعوض قوة الانفعال ( ضمن حدود معينة ) ضعف الفاعلية , فكثير من الانفعالات تستنفر طاقات وقدرات الجسم والفكر التي يمكن أن تعوض ضعف الفاعلية , ولكن عند انتهاء تأثير الانفعال تعود فتنخفض الطاقة والقدرات التي ولدها الانفعال , وعندها يمكن أن يحدث الإحباط أو التشاؤم أو اليأس أو الكأبة , أو الشعور بالخسارة ,عدم الإنجاز .
مثال : تأثير الكحول والمخدرات على الدماغ الحوفي وبالتالي على الشخصية نتيجة تأثيرها على طريقة التقييم , وتأثيرها على زمن بقاء التأثيرات وتكرار دخولها ساحة الشعور فتخفض هذا الزمن , وترفع طاقة وفاعلية الجسمية والعصبية وتزيد التفاؤل , فتمنح السروروالسعادة المؤقتة .
وكذلك تأثثر القهوة والشوكلاتة والسكريات وبعض أنواع الأطعمة والمشروبات , وتأثير الأدوية العصبية وغيرها .
مثال آخر : الاحفالات والرقص الجماعي والغناء . . كلها هدفها رفع الفاعلية وإشاعة التفاؤل والانشراح والسعادة .
وكذلك العبادات وتقوصها تمنح المشاعر والأحاسيس المريحة وتولد حالات نفسية متفائلة وسعيدة وخاصة إذا كانت جماعية وذلك لحدوث انتقال وتضخم للحالات النفسية السعيدة والمتفائلة , بين المتعبدين أو المصلين .
وخلال الحياة والتقدم بالعمر ونتيجة الحياة الاجتماعية تحدث ضغوط تؤدي إلى :
زيادة الفاعلية لدى الفرد وإن كانت هذه الزيادة ضمن حدود معينة , فصفة الكسل مزمومة جداً , بالإضافة إلى أن غالبية أمور الحياة تستدعي زيادة الفاعلية .
تناقص الانفعالية أو السيطرة عليها وخاصة الانفعالات الغريزية القوية والتي ليس لها داعي .
زيادة الترجيع البعيد .
التعليقات (0)