لاأحد يُنكر ما (للقاعدة الشعبية) من أهمية في المجتمعات أوالدول ، بل إنها هي المتحكمة بأنظمة الحكم وبأجهزة الحكومات ، وكل ذلك لما يتمتع به (جمهور الشارع) من تراص ، ومن وحدة في صفوفه ، وأيضا لما يُعرف عنه من الثورات ، والإنتفاضات التي غالبا ما تخلط أوراق الحكومات وتبعثرها ، وحتى وإن لم تتمكن من الوصول إلى تحقيق مطالبها ، فإن الحكومات ستعيد النظر - حتما - في سياساتها تجاه شعوبها ... وما دام الأمر كذلك فلماذا ترضى الشعوب العربية - تحديدا دون جميع شعوب الأرض - بالرضوخ لقسوة أنظمتها ، والإنصياع لأوامرها (التألهية) التي تجعل منهم خدما وعبيدا ؟ .. ولماذا لاتنتفض في فوضى عارمة تجعل الحكومات العربية تعيد تقييم مرؤوسيها ، وتستفيق من ترهات نرجسياتها ؟ .. أسئلة كثير لكنها جميعا تحمل إجابة واحدة : (الذل والهوان)..
نعم إنه الذل والهوان ما يحمل الشعوب العربية على الركون إلى الزوايا ، والهمس بهشاشة أنظمتها ، وفدائح تجاوزاتها في الظلمات ، دون القدرة على الخروج بتلك الإحتجاجات إلى النور ، والصراخ بها علنا في الشوارع ... نعم إنه الجبن والإستكانة .. و .. و .. وكل نقاط الضعف التي جعلت من رؤسائها يحكمون قبضاتهم على كل شيء ، وحتى على المصائر والأرواح ..
وطبعا شماعة (القدر) هي ما يعلق عليها أغلب العرب قبوعهم في الحضيض ، بحكم أن أغلبهم مسلمون يتلون مما يتلون من آيات القرآن قوله تعالى : ( .. وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم ..) .. وهو قرآن واحد ، لكن تفاسيره تختلف بين الحاكم والمحكوم ، مع أنهما يتفقان على مفهوم [الطاعة] بشكل عجيب ..!؟ ..
فالحاكم يعتقد بأن الله منحه السلطة المطلقة الغير محددة الآجال ولا الصلاحيات .. وبأنه إصطفاه ليكون خليفته في عباده الذين عليهم واجب (الطاعة العمياء) ! .. والمحكوم يعتقد بأن ولي الأمر المقصود في الآية هو في مرتبة الأنبياء المعصومون عن الخطأ ، والخروج عليه - حتى وإن جار - يعتبر ضربا من ضروب الكفر والزندقة ، بالتالي له عنده حق (الطاعة العمياء) كذلك ! ..
وبالتركيز على الإسلام ، نجد أنه لم يقف حاجزا أمام إرتفاع أصوات الشعوب المنادية بتغيير أنظمة الحكم في دول تتخذه شعارا ، ومنهاجا لسياساتها الداخلية وحتى الخارجية ، كما هو الحال بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ، فالشارع الإيراني أثبت بحق أن (الخروج عن الطاعة) أمرا جائزا ، إذا تعلق الأمر بالصلاح والفساد السلطوي ، والفوضى أيضا جائزة إذا كانت على أسس متعلقة بمصير شعب برمته ... وهذا ما لم تفهمه الشعوب العربية بعد ، فإلى متى ؟!.
ــــــــــــــــــ
التعليقات (0)