تطير واضح.. وتوجس وتذمر وغضب معلن.. هو ما تبديه بعض القوى الرسمية والشعبية في المنطقة تجاه هوية الحراك الشعبي البحريني المنادي بالاصلاح والعدالة والمساواة..
غضب قد نجد له ما يبرره من خلال التخوف الاقرب الى الذعر من تدخل قوى اقليمية في الشأن البحريني الداخلي بما قد يقوض ويزعزع من ثبات ورسوخ مؤسسة الحكم المتقادمة في البلاد..هذا التدخل الذي تجلى من خلال شجب وادانة التدخل السعودي في البحرين وعلو صوت التصريحات والمناشدات الصادرة من مسؤولين ايرانيين مطالبة المنظمات الدولية والعربية والاسلامية بالتدخل لايجاد ارضية قد تؤدي الى حلول ومقاربات معقولة وممكنة للازمة في البحرين..
نفس هذه التصريحات يبدو انها اثارت عين القدر من الغضب في الجانب الآخر الذي لا يرى فيها مبررا لاجتياح البلاد بالدبابات والمدرعات والاعتداء على المواطنين واعتقال اقطاب المعارضة بسم الحفاظ على نقاء عرقي مفترض لاقلية حاكمة مستندة على اغلبية اخرى خارج حدودها..
ولكن المثير للاسف..والمأساوي في كل هذه المقاربات..والمحير..هو ذلك الضعف المشين الذي تعاني منه الذاكرة العربية في تعاطيها مع موضوعة الحراك الشعبي العربي الذي يعصف بالعروش التي طال تعتقها على رقاب الناس ويبدو انه اينع اوان قطافها..ضعف اقرب الى الغياب احسنت المؤسسة الرسمية العربية استغلاله تجاه توجيه الرأي العام لاتخاذ مواقف مضادة للانتفاضات الشعبية العربية وربطها بالاصطفافات الفئوية والطائفية المريبة..
فليس من الصعب ملاحظة ان نفس الاطراف التي تتدخل الان في البحرين تحت رايات مقاومة المد الطائفي المعكر للوئام المجتمعي لبلدان الخليج هي التي وقفت بالضد من جميع الحركات الاحتجاجية الشعبية التي اجتاحت المنطقة ..ومناهضتها بالمال والبنون والتشويش الاعلامي على اهداف ومنطلقات الجماهير في تحقيق تطلعاتها بالحرية والمساواة والتنمية..ولم يكن انتماء وتقليد الغالبية الساحقة من مواطني تلك البلدان للمذاهب الاربعة المكونة للطائفة السنية الكريمة.. سببا كافيا لهذه الانظمة لتفهم حاجة الشعوب الى اطلاق مشروعها الوطني المؤدي الى بناء دولة المؤسسات والعدالة..
ان رفع واعلاء رايات الطائفية لم يكن الا حلقة –وان كانت اشدها بؤسا- من مسلسل الثورة المضادة التي تستهدف الحراك الشعبي في الاصل من بين حلقات قد خلت وفشلت الانظمة في تمريرها مثل الفوضى المصاحبة للتغيير والاستقرار والامن المرادف للاستبداد او التذكير المذل للغرب بالخدمات الجليلة التي تقدمها الدول القمعية في عمليات الحرب على الارهاب..
ان القوى الشعبية العربية التي اثبتت نقاءها الثوري..والتي استطاعت بصمودها ونضالها العظيم ان تسقط دفاعات الاستبداد العربي وتخندقاته حول استهداف الحراك الشعبي ودمغه بشتى التهم المسقطة لطهارة نضاله العظيم ..مطالبة الان ان تسقط رهانات هذه الثمالة المترسبة في قاع التهاوي المنتظر لاجداث النظم الديكتاتورية الخاوية..وتسحب بتوحدها وثباتها ورقة التحشيد الطائفي من الايادي المرتعشة لقوى الاستبداد العربي ..التي لم يبق لها الا التشبث باثارة نعرات التمييز المجتمعي لادامة وجودها وتسلطها على رقاب المجتمع..
نرنو بأمل الى الروح الطيبة المتأصلة في ضمير ووجدان الشعوب الحرة التي حملت اكفانها على اياديها معلية ومنادية بقيم الحرية والعدالة التي طال تعطش هذه الارض الطيبة لها.. في تبديد النوايا السيئة المبيتة للانظمة منتهية الشرعية تجاه نضالات القوى الثورية العربية..والمضادة للمشروع الوطني الجامع المبني على قيم المواطنة الحرة والمساواة والعدالة وحقوق الانسان.
التعليقات (0)