على قاعدة: "الطريق إلى طهران يمر من بكين":
الصين: لا للعقوبات على إيران....أميركا: نعم لبيع سلاح لتايوان!
ممدوح الشيخ
تايوان وإيران والدالاي لاما أوراق مساومة ...والمواجهة أكبر!
تحرك أميركي واسع لإزالة العقبة الصينية من طريق "مواجهة طهران"
بكين: لا للعقوبات على إيران....واشنطن: نعم لبيع سلاح لتايوان!
الصين رفضت فرض عقوبات على إيران... وردت على السلاح الأميركي لتايوان بـ "عقوبات"!
المشكلة أن الصين تجيز لنفسها التشدد لحماية أمنها ومصالحها... ولا تجيز لأميركا أن تفعل!!
بعد التفاؤل الكبير بدعوة أوباما للحوار وزيارته بكين... الصلف الصيني يفتح الباب لتصعيد أميركي
"العصا" الأميركية بوجه بكين قد تخالف ما هو متوقع وتكون عامل تسهيل لا عامل تعقيد
برنار كوشنير عن قرار الصين وقف العلاقات العسكرية: "إنها مسالة زيارات لضباط وأحيانا لجنرال.. هذا كل شيء"
لم تكن مفاجأة للمحللين السياسيين أن تطرح واشنطن ورقة تايوان في هذا التوقيت، ولم يكن جديدا أن تلوح في وجه الصين بورقة الدالاي لاما، فالأشهر القليلة الماضية شهدت تحركا أميركيا واسعا لإزالة العقبة الروسية من طريق بناء تحالف دولي متماسك لفرض عقوبات دولية أكثر صرامة على إيران. وقد نجحت أميركا باستخدام ورقتي العلاقات الروسية الأطلسية وبناء توافق ثنائي بشأن المناطق المحيطة بروسيا، أن تدفع الموقف الروسي باتجاه قبول "مبدأ" فرض عقوبات أشد على إيران. بينما في المقابل – وبعد قمة أميركية صينية – ما زالت بكين تشكل شرخا في الإجماع الدولي حول النظام الإيراني.
تابييه مقابل طهران
وقبل أيام أعلنت الصين أنها لا ترى داعياً لفرض عقوبات على إيران معتبرة أن "أفضل سبيل لحل المشكلة هو الحوار"، وهي بموقفها هذا أفشلت بالفعل مشروع قرار دولي جديد كان قيد التشاور لفرض عقوبات دولية على طهران. وليؤكد الأميركيون الأهمية الكبيرة للملف الإيراني في السياسة الخارجية الأميركية فقد تم الرد بـ "صفعة" مؤلمة بكل معنى الكلمة هي إنفاذ صفقة سلاح كبيرة لتايوان التي كانت – ولسنوات – ورقة ضغط قابلة للاستخدام كلما اقتضت الضرورة، بدلا من إبقاء الصفقة قائمة واتخاذ قرار بتجميدها كما دأبت إدارات أميركية متعاقبة، قررت إدارة أوباما – بعد نفاد صبرها – تأكيد قدرتها على الرد بالمثل، والطريف أن الصين التي ترفض فرض عقوبات علة إيران ردت على الموقف الأميركي بـ "عقوبات"!.
ودون أن تلزم نفسها باللجوء لـ "الحوار" كما تصر في الملف الإيراني، قررت تعليق مبادلاتها العسكرية مع أميركا إضافة لعقوبات مناسبة حيال الشركات الأميركية المعنية. وفي تناقض تام مع موقفها الرافض لفرض عقوبات على إيران تردد وسائل الإعلام الصينية نغمة واحدة مفادها أنه "ليس هناك دولة تستحق الاحترام تقف مكتوفة اليدين في الوقت الذي يتعرض فيه أمنها القومي للخطر وتضار مصالحها الأساسية". ويأتي الإعلان عن الصفقة في وقت حساس للعلاقات الأميركية الصينية حيث ما زال الجانبان منقسمين بشأن قضايا التجارة وسياسات العملة وحقوق الإنسان، لكن دعم الولايات المتحدة لتايوان يظل الأمر الأكثر إثارة للجدل في تاريخ العلاقات بين الجانبين، واستدعاء الملف الأكثر إثارة الآن بالتحديد يعني على الأرجح أن أميركا جادة في إزالة العقبة الصينية من طريقها للمواجهة مع إيران.
الدالاي وورقة التبت
وفي تصعيد آخر على مسار موازٍ أعلن أن مسؤولين صينيين أبلغوا مبعوثي الدلاي لاما الزعيم الروحي للتبت أنه لا تنازل عن سيطرة الصين على التبت، وأن الحكم الشيوعي عاد بالفائدة على المنطقة الجبلية. وحسب مصادر صينية فإن المحادثات التي جرت في الصين مع ممثلين حكومة التبت في المنفي "لم تحقق تقدما يذكر"، وثو تأكيد ثانٍ لحقيقة أن الصين تعتبر أن من حقها أن تتشدد لأقصى درجة في مواجهة ما يهدد أمنها ومصالحها، بينما أميركا لا يجوز لها أن تفعل!!
ومن المقرر أن يقوم الدالاي لاما بزيارة لأميركا في الشهر الجاري تستمر 10 أيام، فيما لم يؤكد المتحدث باسمه ما إذا كان سيجري محادثات مع الرئيس أوباما.
ويصر الصينيون كما يبدو من ردود فعلهم إزاء مشكلتي تايوان والتبت على التمسك بمفهوم لسيادة الدولة تجاوزه المجتمع الدولي، وهو ما يجعل النظام الصيني يعتبر نفسه على رأس تحالف دولي يضم إيران والسودان وسوريا وكوريا الشمالية، حتى لو لم يكن لهذا الحلف هيكل تنظيمي محدد. وحسب دو كينجلين رئيس إدارة جبهة العمل الموحدة بالحزب الشيوعي الصيني فإن المفاوضات لن تكلل بالنجاح إلا في حال تخلى الدالاي لاما عن سياسته الساعية إلى "حكم ذاتي حقيقي" للتبت.
وعلى ما يبدو فإن الصين نجحت خلال السنوات الماضية في تعزيز روابطها مع الأنظمة التي تتبنى موقفها لتصبح مصالحها الاقتصادية مرتبطة ارتباطا مباشرا ببقاء بعض أسوأ الأنظمة في العالم، فالمصالح الصينية في قطاع النفط في إيران والسودان – مثلا – يدفع بكين لاتخاذ موقف الدفاع عن هذه الأنظمة مهما كانت درجة سوء ممارساتها داخليا أو إقليميا أو دوليا.
والصفقة قد لا تضيف كثيرة لصورة الخلاف العميق بين أميركا والصين لكنها تعني الكثير فيما يتصل بالاستراتيجية التي يرجح أن تعتمدها واشنطن. وبخاصة في ظل تفاؤل كبير بانتخاب أوباما الداعي للحوار. وتعتبر العودة الأميركية إلى منطق التصعيد نتيجة طبيعية للسلوك الصيني المتصلب في ملفات شديدة الأهمية. والصفقة بهذا المعنى جزء من سلسلة خطوات تصعيدية تطوي صفحة التقارب التي بدأها أوباما، بعد أن زار بكين ورفض لقائه زعيم التبت الروحي الدالاي لاما العام الماضي وأطلق اجتماعات هي الأرفع مستوى بين الجانبين منذ عودة العلاقات الثنائية في 1979.
وتلميح البيت الأبيض باستعداد أوباما للقاء الدالاي لاما خلال زيارته المقبلة لواشنطن، وتلويح عملاق الإنترنت "غوغل" بسحب عقوده من الصين، وتأكيد أوباما في خطاب "حال الاتحاد" أن واشنطن ستفرض إجراءات حمائية أكبر وضرائب على الشركات الأميركية التي تستثمر في الخارج، كلها تعد أدوات أميركية لبناء "توازن جديد" مع بكين. والعلاقات بين البلدين يحكمها اعتباران أساسيان: قانون 1979 للعلاقات مع تايوان، وبمقتضاه تلتزم واشنطن بدعم دفاع تايوان، وإعلان عام 1982الذي تعهدت فيه أميركا بتخفيض مبيعاتها من الأسلحة لتايوان تدريجيا.
والعلاقة بين الصفقة والموقف الصيني من العقوبات على إيران بعد ليس غائبا، فقد قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إن هذا النزاع بين الصين وأميركا سيعقِّـد عملية السعي لانضمام بكين لفكرة فرض عقوبات دولية على إيران، لكن "العصا" الأميركية قد تخالف ما هو سائد في الخطاب التحليلي لتكون عامل تسهيل. وهذا الضغط الأميركي المزدوج يبرره – زمنيا – الرغبة الأميركية الفرنسية في استثمار الرئاسة الفرنسية لمجلس الأمن حاليا.
طهران تقبل عرض الغرب
ورغم أن تضخيما جرى للرد الصيني إلى حد وصفه بأنه "تكشير عن أنياب"، فإن الوزير الفرنسي علق عليه قائلا: "وقف العلاقات العسكرية بين الدولتين ليس بالأمر الكبير، إنها مسالة زيارات لضباط وأحيانا لجنرال، هذا كل شيء". وكانت بكين قطعت علاقاتها العسكرية بالولايات المتحدة لأكثر من سنة، بعدما سلمت إدارة الرئيس السابق جورج بوش تايوان في تشرين الأول/ أكتوبر) 2008 شحنة أسلحة قيمتها 6.5 بلايين دولار.
وقد يكون القرار الإيراني الأخير قبولها مسودة اتفاق جنيف لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج تأكيدا لصوابية الرؤية الأميركية التي يمكن تلخيصها بعبارة: "الطريق إلى طهرن يمر ببكين"، ما قد يعني أن واشنطن لديها رؤية واضحة لكيفية دفع والأمور للأمام في الملف النووي الإيراني.. عبر الضغط الجدي على بكين!
والقبول الإيراني المفاجئ جاء على لسان الرئيس محمود أحمدي نجاد شخصيا الذي أكد في تصريح للتلفزيون ضرورة توقيع اتفاق تسلم إيران بمقتضاه اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 3.5 % لتخصيبه في حدود 20 %. وتقضي مسودة اتفاق جنيف بنقل نحو 70 % من اليورانيوم الإيراني لروسيا لتخصيبه ثم لفرنسا لتحويله إلى وقود قبل إعادته لإيران.
التعليقات (0)