علي جبار عطية
انقلبتالمفاهيم فبينما كنا نتداول فكرة تقول ان (الصيف ابو الفقير) جاء عصر العولمة ليقول ان الفقير لافصل يناسبه طالما ظل فقيراً وخذ مثلاً حال الفقير وسط درجة حرارة تناهز الخمسين مئوية يتقلى في شهر النكسة (حزيران) بين نار الاسعار ونار الحر ونار الشوق الى متابعة مباريات كاس العالم الجارية في جنوب افريقيا ومن المفارقة ان كرة القدم تخلت عن الفقراء ايضا فبعد ان كانت رياضة الفقراء واللعبة الشعبية الأولى حولها الأثرياء الى رؤوس أموال وشركات اعلان ومصانع للتجهيزات الرياضية وقمصان للمشجعين ثم جاءت الضربة الكبرى باحتكار بث المباريات وشراء حقوق التشفير لسنوات طويلة لطويلي العمر!
أقف امام بائع البطيخ وأساله عن سعر البطيخة فيقول ان سعر الكيلو غرام الواحد الفا دينار وخمس مئة دينار أي ان البطيخة الجيدة سعرها عشرة الاف دينار أي تسعة دولارات امريكية حسب سعر الصرف في العراق فأقع في حيص بيص فقد كانت مدعيات طبقتنا الشعبية في السبعينيات ان الصيف ابو الفقير ومن لوازمه ان الفقير يمكنه ان يشتري رقية او بطيخة ليأكلها مع الخبز! وها هو البطيخ يتخلى عن الفقير!
وبالمناسبة فإن لفظ البطيخ يطلق ايضا على الرقي على اعتبار ان فاكهة الرقي تنسب الى منطقة (الرقة) في سوريا ومن امثالنا الطريفة قولهم (حظي اسود الا في الرقي فهو ابيض)!
فماذا تبقى من الصيف؟ الرطب وقد أصبح حكرا على الطبقات العليا من المجتمع.. هل نقول الانهار وقد جفت او ان النوم في السطوح صار تراثا بعد التخريب العشوائي للمساكن ببناء وحدات سكنية داخل البيت الواحد استيعابا لزيادة النمو السكاني او رغبة في جني الارباح من تقسيم الدار الى اقسام صغيرة وبيعها منفصلة!
لم يبق من صيفنا سوى النهار الطويل والشمس الساطعة والنوم من دون غطاء دولي بانتظار غيمة!.
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)