الصيام ام الصوم ....؟؟؟

 ارسل لي احد الاخوة قائلا :
كتب الله علينا الصيام فقال تعالى (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) 

 وأيضآ يقول عن السيده مريم  : (فكلي وأشربي وقري عينآ فإما ترين من البشر أحد فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا)

 من هذه الأية التي تتحدث عن السيدة مريم ادرك أن الصيام قديما كان بالإمساك عن الكلام فقط دون الإمساك عن الطعام والشراب . والله تعالى يقول أنه كتب علينا الصيام كما كتبه على الأوائل الذين منهم السيدة مريم ابنت عمران المعنية بالأية فهل هذا يعني أنه علينا أن نصوم بذات الحيثية التي صام بها الأوائل أي أن نباشر الطعام والشراب ونمسك عن الكلام اماذا ؟؟؟؟

قـلـت :

الـصـوم والـصـيام  ينتميان لنفس الجذر اللغوي لكن الفرق هو بالحرفين(ي) و (و) , فحرف(ي) و حرف (و) يلعب كل منهما لعبة لوحده هنا  !!

فـ (ي) تعطي دلالات ماديه ولها علاقة بالجانب المادي.

 و (و) يعطي دلالات معنوية ولها علاقة  بالجانب المعنوي.

وهي قريبة من كلمة ( ريح ) و( روح) حيث نلاحظ  ذات الحرفين ي+ و 

فـ (ريح ) بـ (ي) معاني مادية (جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ) الريح التي نعرفها

 و لكن:

 الروح بـ (و) معانيها معنويه فهي نفحات ايمانية و عطاء الهي ربوبي من الله تعالى ونلاحظ انها تأخذ البعد المعنوي و ليس المادي.

 و كذلك كلميـتـيـنا ... صيام و صوم

فـالصيام بحرف ( ي ) هنا نمتنع عن الماديات من الاكل و الشراب و الجنس وهي مصداق الايه (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ)

 ولم يقل الله تعالى (ثم اتموا الصوم الى الليل )

(ُاحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ) ولم يقل الله تعالى (احل لكم ليلة الصوم)

في حين ان الـصوم بـ (و) تمنع عن المسائل المعنوية مثل كلام وهي كما ترى ليس لها علاقة بالمادة وهذا مصداق للاية الكريمة :

(فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) ولم يقل الله تعالى (اني نذرت للرحمن صياما فلن...)

وعليه فسؤال الاخ الذي يقول فيه:

 (فهل هذا يعني أنه علينا أن نصوم بذات الحيثية التي صام بها الأوائل أي أن نباشر الطعام والشراب ونمسك عن الكلام) ؟؟؟؟

يكون جوابه  هو ان الله تعالى كـتـب علينا (الصيام) ولم يكتب علينا (الصوم ) فقال :

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

 ولم يقل الله تعالى ( كتب عليكم الصــوم كما كتب على الذين من قبلكم)

لذلك فنحن لا نمتنع عن الكلام كما امتنعت السيدة مريم عن الكلام ولو قال تعالى

( كتب عليكم الصوم) لكان صيامنا يكون عن الكلام  ( صوم وصمت عن الكلام ) فقط و ليس امتناع عن الاكل و الشراب ولكان صيامنا هو عن التواصل المعنوي مع الاخرين فالكلام بالنهاية هو تواصل معنوي مع الاخرين ,

 في حين اننا في  الصيام بـ (ي) نمتنع عن الاكل و الشراب  و عن التواصل المادي مع الاخرين مثل الجنس و غيره !

اخيرا :

صياما مقبولا.... وليس صوما مقبولا !!!!

فرقد المعمار