مواضيع اليوم

الصواريخ المجهولة والقنابل اللقيطة

ممدوح الشيخ

2009-04-20 01:12:51

0

 

ممدوح الشيخ

          كان العنف خلال النصف الثاني من القرن العشرين ظاهرة عربية بامتياز من الانقلابات العسكرية إلى الحروب الأهلية.. ..وصولا إلى موجات الإرهاب المتوالية من مصر للجزائر ومن المغرب لليمن.. ..ولكن الجديد أن العنف كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية تحول من كابوس إلى "لغز"!

          فجأة أصبح العنف الغامض ملمحا جديدا من ملامح المشهد السياسي العربي، من اغتيال الحريري وما تلاه من اغتيالات "لقيطة"، إلى صواريخ مجهولة تنطلق صوب إسرائيل من جنوب لبنان ولا يتبناها أحد، وهو أمر غير مألوف. وبعد سنوات من انحسار الإرهاب وما تلاه من مراجعات فقهية/ فكرية أعلنها التنظيمان الكبيران في مصر (الجماعة الإسلامية والجهاد) يبدد هذا السكون انفجار لقيط في ميدان الحسين بالقاهرة، ويبدو الأمر محيرا حتى بالنسبة لمحترفي التحليل السياسي والخبراء المتخصصين في ظاهرة الإرهاب.

          ورغم أن محاولات عديدة يبذل أصحابها جهدا ملموسا لتبديد الغموض إلا أن المحصلة ما زالت حتى الآن محدودة، فهناك أولا حاجة لبلورة "نموذج تحليلي"، حتى لا يتحول التفسير إلى عملية "تنجيم"! وعلى سبيل المثال، فقد بلور المتخصصون في تركيا نموذج "الدولة العميقة" (Deep State) للإشارة إلى قوة منظمة في تركيا: علمانية، متطرفة، نافذة، تتصرف بقسوة لتنفيذ أجندة سياسية محددة من وراء الستار.

          وحتى القبض على أعضاء تنظيم "أرجنكون" السري الذي تحكم بالإرهاب ووسائل أخرى في العملية السياسية في تركيا لسنوات، من وراء ستار، بقي النموذج التحليلي مجرد مصطلح سياسي لوصف فرض ضروري لفهم بنية الدولة التركية على نحو أفضل. وهذا الفرض له في الواقع العربي الكثير من الشواهد، ورغم هذا فإن المفهوم غائب. وفي نطاق أضيق رصد السياسي العراقي المعروف حسن العلوي هذه السمة في بنية نظام صدام حسين عندما لخص تجربته معه بمصطلح "دولة التنظيم السري"، والأمر نفسه مع اختلاف في التفاصيل يمكن رصد شواهده في دول عربية أخرى.

          وانتقال السياسة العربية إلى نفق السرية لم يقض فقط على الممارسات الحكومة بالدساتير والقوانين، بل أدى بالقدر نفسه إلى سقوط مقدرات شعوب عربية في يد قوى مجهولة، ومع هذا المنعطف أصبح من المنطقي البحث وراء هذه البنى عن أجندات سرية.

          وعندما تترك السياسة العربية

وعندما يصبح المستقبل العربي

في سجن المجهول مكبلين بإرادة الصواريخ المجهولة والقنابل اللقيطة، فإن الخطر يصبح أكبر مما يمكن السكوت عليه.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !